من بيوتهنّ بالزينة الّتي يجب سترها من الحليّ وثياب التجمل ، لا يترخّص لهنّ وضع ثيابهنّ « وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ » أي العفاف بالستر خير لهنّ لأنّ وضع ثيابهنّ رخصة لهنّ فتركها خير ، وفي ضمنه أنهنّ لو تبرّجن بغير زينة لا جناح عليهنّ إذا لم يضعن ثيابهنّ ، والباء في « بزينة » ليس للتعدية ، بل للمصاحبة وذلك لأنّ خروجهنّ بالزينة يدل على أنهنّ متبرّجات وداعيات للشوابّ إلى التبرّج لا طالبات لحاجاتهنّ.
السادسة ( يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (١).
قال المعاصر : في هذه دلالة على أنه إذا خطب المؤمن القادر على النفقة يجب إجابته وإن كان أخفض نسبا وكذا يجب على الوليّ إلّا مع العدول إلى الأفضل من الخاطبين ، وعندي في دلالتها على ذلك نصّا أو ظاهرا نظر ، أمّا النصّ فظاهر وأمّا الظاهر فلأنّ دلالتها ظاهرا ليس إلّا على تساوي الأشخاص من حيث المادّة والصورة النسبيّة ، وأنّه لا فضل لأخذ على غيره إلّا بالتقوى ، وذلك ليس بنفسه دالّا على وجوب الإجابة عند الخطبة بل مع انضمام دليل آخر إليه وهو قوله صلىاللهعليهوآله في خطبته لمّا قال : يا أيّها الناس هذا جبرئيل يخبرني أنّ البنات كالثمر وأنّ الثمر إذا أدرك ولم يقطف فسد ، كذلك البنات إذا بلغن ولم يزوّجن فسدن. فقالوا لمن نزوّج يا رسول الله؟ قال الأكفاء قالوا : وما الأكفاء؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه فزوّجوه ، (٢) فدلّ على أرجحية الأتقى على غيره في المنزلة وأنه إذا تعارض خاطبان متساويان في الدّين استحبّ إجابة الأتقى منهما لقوله « إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ».
__________________
(١) الحجرات : ١٣.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٣٣٧.