لأن بلوغ الأحرار يوجب رفع الحكم المذكور في تخصيص الاستيذان بالأوقات الثلاثة وأما بلوغ الأرقّاء ، فالحكم باق كما كان في التخصيص لأجل بقاء السبب المذكور.
قوله « مِنْ قَبْلِهِمْ » معناه كالّذين بلغوا من قبلهم وهم الأحرار البالغون لا الّذين ذكروا من قبلهم في قوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) (١) » كما قال الزمخشريّ والطبرسيّ لعدم القرينة في هذه الإضمار ، وأمّا قرينة البلوغ فموجودة وهي قوله « وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ ».
وظنّ قوم أنّ الآية منسوخة ، وليست كذلك قال ابن جبير : يقولون : هي منسوخة ، لا والله ما هي منسوخة لكنّ النّاس تهاونوا بها ، وقيل للشعبيّ : إنّ الناس لا يعملون بها ، فقال : الله المستعان.
الخامسة ( وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢).
المراد به اللّاتي يئسن من المحيض والولد ، ولا يطمعن في نكاح لكبر سنّهنّ فقد قعدن عن التزويج لعدم الرغبة فيهنّ ، والمراد بالثياب ما يلبس فوق الخمار من الملاحف وغيرها ، فإنّه رخّص لهنّ وضع هذه الثياب للأجانب لعدم رغبتهم فيهنّ وزوال التهمة والتبرّج : التبرّز ، وهو من الأفعال اللّازمة.
قوله « غير » هو نصب على الحال من « أن يضعن » والمعنى أنّهنّ إذا خرجن
__________________
(١) النور : ٢٧.
(٢) النور : ٦٠.