التعاسر التضايق ، وهنا أحكام :
١ ـ وجوب [ كون ] السكنى للمطلّقات إجمالا من غير بيان كونه رجعيّا أو بائنا لكنّ السنّة الشريفة بيّنت ذلك فنقول : المطلقة الحائل إمّا رجعيّة وسيأتي بيان الرّجعي إن شاء الله ، فهذه يستحقّ الإنفاق والإسكان كما كانت ، مدّة العدّة ، ويدل عليه إطلاق الآية ، وإمّا بائنة فقال أبو حنيفة لها أيضا النفقة والسكنى ، وهو مرويّ عن عمرو ابن مسعود وقال الشافعي إنّ لها السّكنى لا غير ، وقال الحسن وأبو ثور إنّه لا سكنى لها ولا نفقة ، وهو مذهب أصحابنا نقلا عن الأئمّة عليهمالسلام وأيضا نقل ذلك من طريق الجمهور عن الشعبيّ والزّهري في قضيّة فاطمة بنت قيس ، فيكون إطلاق الآية مخصوصة بالمطلّقة الرجعيّة.
٢ ـ أنّه يجب أن يكون المسكن ممّا يليق بها كافيا لينتفي المضارّة المنهيّ عنها بقوله « وَلا تُضآرُّوهُنَّ ».
٣ ـ المطلقة الحامل تستحقّ السكنى والنفقة إجماعا ، بائنا كانت أو رجعيّة لإطلاق الآية من غير تقييد.
ثمّ اختلف الفقهاء في نفقة الحامل البائن ، هل النفقة لها أو للحمل؟ فقيل :
النفقة للحمل إذ لولاه لما كان لها شيء ، فقد دار الوجوب مع الحمل وجودا وعدما وهو الأقوى ، وقيل : للحامل بشرط الحمل ، ويظهر الفائدة في مسائل كثيرة منها عدم وجوب قضائها على الأوّل ، ومنها وجوبها على الجدّ وغير ذلك.
٤ ـ أنّ الحامل إذا وضعت وانقضت عدّتها لا يجب عليها إرضاع الولد وسقطت نفقتها بخروج العدّة ، فإن تبرّعت بإرضاع الولد فلا بحث وإلّا يجب على الأب أجرة رضاعه لقوله تعالى ( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) وفيه دلالة على جواز الاستيجار على الرضاع قوله « وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ » أي ليأمر بعضكم بعضا بالجميل في إرضاع الولد بأن لا يقع بخس على الوالد : بأن يؤخذ منه أزيد من الأجر ، ولا الوالدة بأن ينقص من أجرها ، ولا الولد بأن يرضع أقلّ من المقدّر الشرعيّ.