راجعتك وصبرت على الأثرة ، وإن شئت تركتك ، فقالت : بل راجعني وأصبر على الأثرة ، فراجعها بذلك الصلح روي ذلك عن الباقر عليهالسلام.
وقيل إنّ سودة بنت زمعة زوجة النبيّ صلىاللهعليهوآله خشيت أن يطلّقها رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : لا تطلّقني وأجلسني مع نسائك ولا تقسم لي واجعل يومي لعائشة ، فنزلت الآية عن ابن عباس رضياللهعنه (١) وقد تقدّم معنى خوف النشوز والاعراض وفي الآية دلالة على جواز الصّلح عن ترك القسمة ، وجعل عوض الصلح منفعة.
ثمّ قال « وَالصُّلْحُ خَيْرٌ » و « خير » يحتمل أن يكون هنا أفعل التفضيل ، أي خير من الفرقة. ويحتمل أن تكون جملة معترضة أي خير عظيم أو خير من الخيرات كما أنّ الخصومة شرّ من الشرور.
قوله « وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ » جملة معترضة أيضا ، ولذلك لم يجانس ما قبلها ، والجملة الأولى مرغّبة في الصّلح ، والثانية لتمهيد العذر في المماكسة ومعنى إحضار الأنفس الشحّ كونها مطبوعة عليه ، فلا يكاد تسمح المرأة بالاعراض عنها والتقصير في حقّها ، ولا الرّجل بالإمساك لها والإنفاق عليها مع كراهية لها وتمام الآية ظاهر.
التاسعة ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى ) (٢).
أي أسكنوهنّ مكانا من سكناكم قوله « مِنْ وُجْدِكُمْ » أي من وسعكم ممّا تطيقون ولا تضاروهنّ في السّكنى لتضيّقوا عليهنّ فتلجئوهنّ إلى الخروج ، و
__________________
(١) راجع الدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ ، مجمع البيان ج ٣ ص ١٢٠.
(٢) الطلاق : ٦.