أو الإرشاد إلى المصلحة ، فإنّ له فائدتين : أحدهما دفع التهمة عن الوليّ بأكل مال اليتيم وثانيهما سقوط الضمان لو أنكر القبض أو سقوط اليمين لو ادّعى الولي التلف بغير تفريط ، وظاهر الآية يقتضي عدم تصديق الوليّ في قوله إلّا بالبيّنة ، وبه قال الشافعيّ ومالك والحقّ فيه التفصيل كما قلناه ، وهو قبول قوله في التلف بغير تفريط ، وفي النفقة على الطفل بما جرت العادة به ، أمّا تسليم المال فلا يقبل قوله فيه إلّا بالبينة ، وهذا الأمر بالإشهاد من حسن نظر الله للأولياء وكمال لطفه في حقّهم.
قوله ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً ) أي كافيا في الشهادة عليهم بالدّفع ، كذا قيل والأولى أنّ معناه كفى بالله محاسبا فانّ الاشهاد في الظّاهر وأمّا براءة الذمة في الباطن فا [ نّ ا ] لله متولّيه يوم القيامة.
الثانية ( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً ) (١).
المأمور بتسليم أموالهم إليهم إمّا البالغون لما تقدّم في الآية الاولى وسمّاهم هنا يتامى تسمية للشيء باسم ما كان عليه لقرب عهدهم بالصّغر حثّا على أن يدفع إليهم أموالهم أوّل زمان بلوغهم ، ولذلك أمر بابتلائهم صغارا أو غير البالغين فيكون الحكم مقيّدا ببلوغهم وإيناس الرشد منهم قوله « وَلا تَتَبَدَّلُوا » أي لا تستبدلوا مثل لا تتعجلوا بمعنى لا تستعجلوا « والخبيث » المال الحرام و « الطيّب » المال الحلال وقيل المراد بالطيّب هنا ما أعدّ في الجنّة لمن عفّ عن مال الأيتام ، وقيل المراد بالخبيث الرّدي وبالطيّب الجيّد قال السدّي كانوا يجعلون الشاة المهزولة مكان السمينة قيل هذا تبديل لا استبدال اللهمّ إلّا أن يكون مكرمة مع الأصدقاء فيأخذ من الصّديق عجفاء ويعطيه من مال اليتيم سمينة.
__________________
(١) النساء : ٢.