( وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) قيل هو أن يأكل قدر كفايته وما لا بدّ له منه وقيل على قدر عمله وقيل أقلّ الأمرين ، وهو أجود لقوله تعالى ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) ولا ريب أنّ هذا أحسن ، وفي الحديث أنّ رجلا قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله إنّ في حجري يتيما أفآكل من ماله؟ قال : بالمعروف غير متأثّل مالا ولا واق مالك بماله ، فقال : أفأضربه؟ قال : ممّا كنت ضاربا منه ولدك (٢).
وعن ابن عبّاس أنّ وليّ يتيم قال له أفاشرب من لبن إبله؟ قال إن كنت تبغي ضالّتها وتلوط حوضها وتهنأ جرباها وتسقيها يوم ورودها فاشرب غير مضرّ بنسل ولا ناهك في الحلب (٣).
وروى محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ له يتيم في حجره أيخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال إن كان يلوط حياضها ويقوم على مهنتها ويرد نادتها فليشرب من ألبانها غير منهك للحلاب ولا مضرّ بالولد (٤).
٩ ـ الغنيّ : ذو الملاءة ، وظاهر الآية يقتضي عدم جواز أخذه شيئا من مال اليتيم على عمله لقوله « فَلْيَسْتَعْفِفْ » أي يعف كما قلناه والأمر للوجوب ، وهل يجب على الفقير إذا صار غنيّا رد ما أخذه حال فقره أم لا؟ قال بعض المفسّرين نعم ، والأولى عدم الوجوب ويحمل ما ورد من ذلك على الندب أو على أخذه زائدا عن مستحقّه فيجب رده حينئذ ، وأمّا ما أخذه بحقّ فقد ملكه والأصل البراءة من وجوب الردّ.
١٠ ـ إذا دفع الوليّ إلى اليتيم المال ، فليشهد عليه بقبضه ، وهو على الندب
__________________
(١) الانعام : ١٥٢ وأسرى : ٣٤.
(٢) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عمر كما في الدر المنثور ج ٢ ص ١٢٢.
(٣) رواه الطبرسي في مجمع البيان ج ٣ ص ١٠
(٤) أخرجه في الوسائل ب ٧٢ من أبواب ما يكتسب به ح ٦