طريّا والطعام ما كان مملوحا.
قوله « مَتاعاً » بمعنى تمتيعا كالسراح بمعنى التسريح والسلام بمعنى التسليم وهو مفعول له أي أحلّ لكم تمتيعا أي لأجل تمتيعكم وانتفاعكم والسيّارة المسافرون يتزوّدون من السّمك طريّا وقديدا وصيد البرّ ما يبيض ويفرخ في البرّ وإن كان يعيش في بعض الأوقات في الماء.
ثمّ اعلم أنّه لا خلاف [ في ] أنّ ما صاده المحرم فهو حرام عليه وعلى غيره من محرم آخر وأمّا ما صاده المحلّ فعندنا يحرم أيضا على المحرم وبه قال ابن عمر وابن عبّاس وقال عطا ومجاهد وابن جبير : لا يحرم إلّا أن يدلّ عليه أو يشير إليه وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وعند مالك والشافعيّ وأحمد : لا يباح له ما صيد لأجله وكذا الخلاف فيما صاده المحرم قبل إحرامه وما قلناه في المسئلتين دليله ظاهر فانّ المراد بالصيد هنا المصيد لا الاصطياد وإلّا لزم أن لا يحرم ما صاده المحرم لكنّه يحرم بلا خلاف وقد تقدّم هذا.
واعلم أنّ مذهب أصحابنا أنّه يحرم على المحرم مطلقا مصيد البرّ اصطيادا وأكلا وذبحا وإشارة ودلالة [ عليه ] وإغلاقا وبيعا وشراء وتملّكا وإمساكا وإغراء للحيوان به ويمكن أن يستدلّ على ذلك كلّه بقوله « وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً » وعلى هذا يظهر أنّه لا تكرار لتحريم الصيد على المحرم بل المذكور ثانيا أعمّ.
فائدة : الحرم يحرّم أيضا ما حرّمه الإحرام من المصيد إلّا أكل ما صيد خارج الحرم فإنّه مباح للمحلّ في الحرم ويمكن أن يستدلّ على الحكم الأوّل بالآية الاولى وهي قوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ » لعموم حالتي الإحرام ودخول الحرم وغيرهما فيخرج الثالث بالإجماع فيبقى الأوّلان داخلين تحت العموم ومنهم من استدلّ بقوله « وَأَنْتُمْ حُرُمٌ » وبقوله « ما دُمْتُمْ حُرُماً » فانّ الحرم جمع حرام ويقال رجل حرام ومحرم ، وأحرم إذا أهلّ بالحجّ أو العمرة