يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً ) (١).
الطائفة أقلّها واحد والسلاح اسم لما يدفع به الإنسان عن نفسه والجمع أسلحة كخمار وأخمرة وأخذ الحذر كناية عن شدّة الاحتراز عن العدوّ بالاستعداد له واللام في « فَلْتَقُمْ » و « لْيَأْخُذُوا » للأمر وهي ساكنة باتّفاق القرّاء وأصلها الكسر فسكنت استثقالا و « أَنْ تَضَعُوا » موضعه إمّا نصب بنزع الخافض إي لا إثم عليكم في أن تضعوا فسقطت في بعمل ما قبلها ، أو جرّ بإضمار حرف الجرّ وقال « طائِفَةٌ أُخْرى » ولم يقل آخرون وقال « لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا » ولم يقل لم تصلّ فلتصلّ حملا للكلام تارة على اللّفظ واخرى على المعنى كقوله « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا » (٢) ولم يقل اقتتلا.
إذا تقرّر هذا فلنورد كيفيّة صلاة الخوف على ما قاله الفقهاء ثمّ نذكر ما في الآية من الفوائد فنقول : الخوف إذا انتهى إلى حال لا يمكن معها الاستقرار وإيقاع الأفعال بل إلى المسايفة والمعانقة صلّى الناس فرادى بحسب إمكانهم كما تقدّم وإذا لم ينته إلى ذلك فقد ذكروا ثلاثة أنواع (٣) :
__________________
(١) النساء : ١٠١.
(٢) الحجرات : ٩.
(٣) وذكر في التذكرة صورا أربع : هذه الثلاثة وأضاف إليها صلاة شدة الخوف. وفي شرح النووي على صحيح مسلم ج ٥ ص ١٢٦ : وروى أبو داود وغيره وجوها أخر في صلاة الخوف بحيث يبلغ مجموعها ستة عشر وجها ( أقول تجدها في ج ١ من سنن أبى داود ص ٢٨١ الى ص ٢٨٧ وذكر ابن العربي في أحكام القرآن ص ٤٩١ أنها تبلغ أربعا وعشرين صفة ذكر نفسه ثمان صفات.