المحيض يجيء مصدرا كالمجيء والمبيت واسم زمان واسم مكان فالمحيض الأوّل مصدر لا غير لعود الضّمير إليه لقوله هو أذى أي مستقذر وأمّا الثّاني فيحتمل المصدر فيكون فيه تقدير مضاف أي في زمان الحيض ويحتمل اسم الزمان أو المكان فلا يحتاج إلى تقدير مضاف. ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ ) أي لا تجامعوهنّ عرفا لا لغة حتّى يطهّرن بالتّشديد على قراءة حمزة والكسائي أي يغتسلن وقرأ الباقون بالتّخفيف أي ينقين من الدّم وحيث ظرف مكان.
إذا عرفت هذا ففي الآية أحكام.
١ ـ إنّ الحيض نجس لقوله أذى وهو المستقذر وهو إجماع أهل العلم.
٢ ـ إنّ نجاسته مغلّظة لقوله « هُوَ أَذىً » مبالغة فيه بالقذارة بالإتيان باسم الظّاهر أوّلا ثمّ بالضّمير الّذي كنى به عنه ثمّ بتنكير خبره ووصفه بالأذى وكلّ ذلك أمارة غلظة نجاسته فيجب إزالة قليله وكثيره عندنا وإلّا لما كان لغلظته فائدة زائدة وكذا النّفاس لأنّه حيض كان محتبسا.
٣ ـ إنّ دم الحيض من الأحداث الموجبة للغسل لإطلاق الطّهارة المتعلّقة به وقد تقدّم أنّ ذلك يراد به الغسل وأقلّ مدّته الّتي يصير بها موجبا للغسل عندنا ثلاثة أيّام وأكثره عشرة وبه قالت الحنفيّة وقال الشافعي : أقلّه يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما.
٤ ـ وجوب اعتزال النّساء في مكان الحيض (١) وهو القبل أي ترك مجامعتهنّ
__________________
(١) قال في مجمع البيان : في هذه الآية دلالة على وجوب اعتزال المرأة في حال الحيض وفيها ذكر غاية التّحريم ويشتمل ذلك على فصول أحدها ذكر الحيض واقلّه وأكثره وعندنا أقلّه ثلاثة أيّام وأكثره عشرة أيّام وهو قول أهل العراق وعند الشّافعي وأكثر أهل المدينة أقلّه يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما وثانيها حكم الوطي في حال الحيض فانّ عندنا ان كان في أوّله يلزمه دينار وان كان في وسطه فنصف دينار وان كان في آخره فربع دينار وقال ابن عبّاس عليه دينار ولم يفصل وقال الحسن يلزمه بدنة أو رقبة أو عشرون صاعا وثالثها غاية تحريم الوطي واختلف فيه فمنهم من جعل الغاية انقطاع الدّم ومنهم من قال إذا توضّأت أو غسلت فرجها حلّ وطيها عن عطا وطاوس وهو مذهبنا وان