وأمّا أصحابنا فجمعوا بينهما بأنّه قبل الغسل جائز على كراهيّة وبعده لا على كراهية وقال بعض أصحابنا بقول الشافعيّ وليس بشيء لأنّ تفعّل قد جاء بمعنى فعل كالمتكبّر في أسمائه تعالى وكقولك تطعّمت الطعام بمعنى طعمته.
٦ ـ ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) الأمر هنا ليس للوجوب مطلقا بل قد يكون للوجوب كما لو كان قد اعتزلها أربعة أشهر آخرها أوّل رمان الانقطاع والغسل وكذا لو وافق انقضاء مدّة التربّص في الإيلاء والظهار وقد يكون للندب كما في اقتضاء الحال ذلك فهو إذا لمطلق الرّجحان واختلف في معنى « مِنْ حَيْثُ » قيل عن ابن عبّاس أنّه من حيث أمركم الله بتجنّبه وهو محلّ الحيض أعني القبل وقيل من حيث الطهر دون الحيض وقال محمّد بن الحنفيّة من قبل النكاح دون الفجور ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ ) عن النجاسات الباطنة وهي الذنوب ( وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) من النجاسات الظاهرة.
التاسعة ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ) (١).
إنّما للحصر معناه لا نجس من الإنسان غير المشركين (٢) والنجس مصدر في
__________________
(١) التوبة : ٢٨.
(٢) ظاهر الآية حصر أوصاف المشركين في النجاسة أي ليس لهم وصف إلا النجاسة فالحصر إضافي بالنسبة إلى الطهارة أي لا طهارة لهم فقول الفخر الرازي « حصر الله تعالى في هذه الآية الشريفة النجاسة في المشركين اى لا نجس غيرهم وعكس بعض الناس ذلك وقال لا نجس الا المسلم حيث ذهب الى ان الماء الذي استعمله المسلم في رفع الحدث مثل الوضوء والغسل نجس فالمنفصل من أعضائه من ذلك الماء حينئذ نجس بخلاف الماء الذي استعمله المشرك فإنه طاهر لعدم ازالة حدثه » باطل وأراد منه أبا حنيفة فإنه الذي ذهب الى ذلك على ما هو المشهور وفيه تعريض عظيم على ابى حنيفة حيث انه عكس ما قال الله تعالى مع أنه ليس في محله على ما عرفت. انتهى زبدة البيان.