الله لا يفيض العلم انتزاعا (١) .. إلخ. وها أنا ذا انفة على الدين ورعاية للحجج والبراهين أبيّن ما فيه على وجه يظهر لكلّ متأمّل.
قوله : نفوذ هذه التصرّفات التي ذكرناها إنما هو في غيبة الإمام عليهالسلام أما في حال ظهوره فلا ، لأنه إنما يجوز التصرّف فيها مطلقا بإذنه ، وعلى هذا فلا ينفذ شيء من تصرفات المتصرّف فيها استقلالا (٢).
أقول : لا خفي أنه أراد بالتصرفات التي أشار إليها البناء والغرس ونحو ذلك ، ولا شبهة في أن نفوذه على معنى كون البيع مثلا يصح فيه لا يتعلق بظهور الامام ولا غيبته لأن علّة النفوذ كون الآثار المذكورة مملوكة للمتصرف وهي أعيان لا يخرج عن ملكه الا بسبب شرعي ، وهذا لا يختلف الأمر فيه بين غيبة الامام وظهوره ، وهذا المؤلف قد سلم ذلك حيث علل في التنبيه الأول الجواز بقوله « قلت : هذا واضح لا غبار عليه يدل عليه ما تقدم من قول الصادق عليهالسلام : اشتر حقه فيها (٣) وأنه محرم لم يخرج عن ملك مالكه شيء من الأسباب الناقلة فيكون قابلاً لتعلق التصرفات ». فانظر أيها المتأمل الى تناقض كلام هذا الرجل وخبطه وعدم ضبطه ثم لا يرضى أن يتأخر حيث أخره القدر ، بل لا يزال يدعي الفضل والعلو فيه ، لكن هذا من ذاك كما في المثل السائر : السفينة في الدجلة كالملاح ، وقوله في التعليل « لأنه إنما يجوز التصرف فيها بإذنه مطلقا فلا ينفذ شيء من تصرفات المتصرف فيها استقلالا » كلام غير مربوط لأن عدم جواز التصرف لا يقتضي عدم جواز آثار التصرف ، فإن الغاصب لو غرس أو بنى جاز مع غرسه وبنائه ولا يزيد مرتبة ، هذا عن كون غاصبا. ثم إن كلامه هذا يبطله
__________________
(١) بحار الأنوار ـ ج ٢ ـ ص ٨٣ ـ كتاب العلم حديث ٨ من الباب ١٤ ـ نقلا عن تفسير العسكري ( عليهالسلام ) وفي المصدر لا يقبض ، بدل : لا يفيض.
(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ٥٣ ـ ٥٤.
(٣) تهذيب الأحكام ج ٤ ص ١٤٦ ضمن حديث من باب ٣٩ في الزيادات ـ حديث ٢٨ ـ ٤٠٦ وفيه اختلاف يسير.