الثامن : « قربة إلى الله » وهو غاية الفعل المتعبّد به ، والمراد بها موافقة إرادة الله تعالى سبحانه ، والتقرّب إلى رضاه قرب الشرف ، لا التشرّف.
ومعنى « لبّيك » : إجابة بعد إجابة لك يا ربّ ، وإخلاصا بعد إخلاص ، وإقامة على طاعتك بعد إقامة ، على اختلاف تفسيره.
ومعنى « اللهم » : يا الله.
وتتعيّن هذه اللفظة ، فلو بدّلها بمرادفها لم يجزئه. وكذا باقي ألفاظ التلبية.
وتكسر « إنّ » على الاستئناف ، وتفتح بنزع الخافض. والأوّل يقتضي تعميم التلبية ، والثاني تخصيصها ، فالأوّل أولى ، وهو معنى قول أبي العبّاس النحوي : من فتح خصّ ، ومن كسر فقد عمّ (١).
لطيفة :
قال بعض علمائنا : إنّ هذه التلبية جواب للنداء المذكور في قوله عزوجل : ( وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ ) (٢). وفيه تذكير بالميثاق القديم.
وفي « لا شريك له » إرغام لمعاطس الجاهليّة الذين كانوا يشركون الأصنام والأوثان بالربّ.
وفي تكرار لفظها بعث للقلب على الإقبال على خالص الأعمال ، وتلاف لما لعلّه وقع من إخلال ، كتكرار الركعات والتسبيحات والتكبيرات.
ويستحبّ الإكثار منها ، ومن التلبيات الأخر المستحبّة ، وخصوصا « لبّيك ذا المعارج لبّيك ». والباقي :
لبّيك داعيا إلى دار السلام لبّيك ، لبّيك غفّار الذنوب ، لبّيك أهل التلبية لبّيك ، لبّيك ذا الجلال والإكرام لبّيك ، لبّيك تبدئ والمعاد إليك لبّيك ، لبّيك تستغني ويفتقر إليك لبّيك ، لبّيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبّيك ، لبّيك إله الحقّ لبّيك ، لبّيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبّيك ، لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك ، لبّيك عبدك وابن عبديك لبّيك ، لبّيك أتقرّب إليك
__________________
(١) حكاه عنه في تذكرة الفقهاء ٧ : ٢٦٣ المسألة ١٩٨ ، والمغني لابن قدامة ٣ : ٢٥٨.
(٢) في المغني لابن قدامة ٣ : ٢٥٨ : « وقال جماعة من أهل العلم : معنى التلبية إجابة نداء إبراهيم عليهالسلام حين نادى بالحجّ ». والآية في سورة الحجّ (٢٢) : ٢٧.