وفي الطبقات الكبرى لابن سعد : ( حدّثنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقي المكي ، حدّثنا مسلم بن خالد ، حدّثني زياد بن سعد ، عن محمّد بن المنكدر ، عن عائشة قالت : ( ياليتني كنت نباتاً من نبات الأرض ولم أكن شيئاً مذكوراً ) (١) ، وعن عمارة بن عمير قال : ( كانت عائشة إذا قرأت هذه الآية : ( وقرن في بيوتكن ) بكت حتّى تبل خمارها ) (٢).
لكن السؤال هو : هل يبرر ذنب قتل الصحابة أنّ عائشة خدعوها بأنّها ليس هذا المكان هو الحوأب؟! وعلى فرض صحّة ذلك ، فهي تعرف من هو علي ومنزلته من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتعرف أنّه مع الحق والحق معه ، ومن نازعه فهو على باطل كائناً من كان.
وإن فرضنا صحّة توبتها فهي لمّا أقدمت على حرب أمير المؤمنين تعرف من هو علي ، وماذا قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتعلم انه سيكون قتلى فهل ينفع الندم لو صح ( إنّما التوبة على الله للذين يعملون السؤ بجهالة ثمّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيما * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حتّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ .. ) (٣).
فهل تقاس من تمنّت أنّها لم تكن شيئاً مذكوراً بمن قال عندما ضُرب : ( فزت ورب الكعبة )؟!
فالنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية ، وأمّا غير المطمئنة فهي تندم
__________________
١ ـ الطبقات الكبرى ٨ : ٧٦
٢ ـ الطبقات الكبرى ٨ : ٨١.
٣ ـ النساء (٤) : ١٧ ـ ١٨.