الدليل الخامس عشر : آية الشراء
قال الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادٍِ ) (١).
إنّ قصّة الشراء قصّة مشهورة وهي معروفة بليلة المبيت ، وهي فداء أعظم صاحب ، وأعظم مؤامرة في التاريخ أجراها أخبث قريش وأنذلهم وأشقاهم ضدّ الرحمة للعالمين الصادق الأمين ، ففداه ابن عمّه ، وتغطّى بغطاه فداءً لأعظم خلق الله وهو الرسول محمّد صلىاللهعليهوآله ، والقصّة أترك تفصيلها على كتب أهل السنة ، فلنقرأ معاً هذه القصّة ، ولكن ليس للتسلية ، وإنّما للتدبّر والتأمّل والتعلّم.
إنّ النبي صلّى الله عليه وآله لما أمر بالهجرة عند اجتماع الملأ من قريش على قتله ، ولم يتمكّن من مظاهرتهم بالخروج عن مكّة وتعمية خبره عنهم ليتم له الخروج على السلامة منهم ، ألقى خبره إلى ابن عمّه علي عليه السلام ، واستكتمه إياه ، وكلّفه الدفاع عنه بالمبيت على فراشه من حيث لا يعلمون أنّ علياً البائت على الفراش ويظنون أنّه النبي عليه السلام.
فوهب أمير المؤمنين نفسه لله وبذلها دون نبيه وابن عمّه ، وبات علي على فراش النبي ص مستتراً بإزاره ، وجاء القوم الذين تآمروا على قتله ، وقد مكروا فيما بينهم أن يكون قتلته من كلّ قبيلة ليتفرّق دمه بين القبائل ، فيذهب دمه بين
__________________
١ ـ البقرة (٢) : ٢٠٧.