هذا الموقف الذي يستحق الإعجاب والتقدير
، يكشف العمق السلوكي لروّاد مدرسة أهل البيت عليهمالسلام
، ويعطي درساً لا ينسى في وجوب رعاية حقوق وحرمة الوالدين.
وتجدر الاشارة إلى أن الإمام زين
العابدين عليهالسلام كان يدعو
لوالديه ، ويشير إلى عظم حقهما عليه ، فيقول : « يا الهي أين طول شغلهما بتربيتي ؟ وأين شدة تعبهما في
حراستي ؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة عليّ هيهات ما يستوفيان مني حقهما ،
ولا أدرك ما يجب عليَّ لهما ، ولا أنا بقاضٍ وظيفة خدمتهما
» .
وفي دعاء آخر تضمنته الصحيفة السجادية ،
يقول عليهالسلام : « اللّهم اجعلني أهابهما هيبة
السّلطان العسوف ، وأبرّهما برّ الأم الرّؤوف ، واجعل طاعتي لوالديّ وبرّي بهما أقرّ
لعيني من رقدة الوسنان ، وأثلج لصدري من شربة الظّمآن حتّى أُوثر على هواي هواهما
» .
وقد سلك بقية الأئمة عليهمالسلام هذا المسلك نفسه ، وعملوا على استئصال
كلّ ما من شأنه الحطّ من مكانة الوالدين ، ومن الشواهد الدالة على ذلك : عن
ابراهيم بن مهزم قال : خرجت من عند أبي عبدالله عليهالسلام
ليلةً ممسياً فأتيت منزلي بالمدينة وكانت أُمّي معي ، فوقع بيني وبينها كلام
فأغلظت لها. فلمّا أن كان من الغد صلّيت الغداة وأتيت أبا عبدالله عليهالسلام ، فلما دخلت عليه ، قال لي مبتدئاً : «
يا أبا مهزم ،
مالك ولخالدة أغلظت في كلامها البارحة ؟ أما علمت أنّ بطنها منزل قد سكنته ، وأنّ
حجرها مهد قد غمزته ،
__________________