أعظمهم عند الله شأناً » (١).
إنَّ للجلوس آداباً وأحكاماً ، وللجليس حقوقاً وعليه التزامات. ولما كان الإنسان يتأثر بجليسه سلباً أو ايجاباً ، ويكتسب من أخلاقه ، ويكون وسطاً ناقلاً لآراءه ، إهتم الإسلام بموضوع الجليس ، فقد روي عن الإمام علي عليهالسلام انه كان يقول : « جليس الخير نعمة ، وجليس الشرّ نقمة » (٢).
وعلى العموم توصي مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بمجالسة العلماء ، ومزاحمتهم بالرّكب ، ومجالسة الحلماء لكي يزداد الإنسان حلماً ، ومجالسة الأبرار الذين إذا فعلت خيراً حمدوك ، وإنْ أخطأت لم يعنّفوك ، وكذلك مجالسة الحكماء ؛ لما فيها من حياة للعقول ، وشفاء للنّفوس. وأيضاً مجالسة الفقراء ؛ لكي يزداد الإنسان شكراً. كما نجد نهياً عن مجالسة الأغنياء الذين أطغاهم الغنى فأصبحوا أمواتاً وهم أحياء ، ونهياً عن مجالسة الجهلاء ، وأهل البدع والأهواء ، وضرورة الفرار منهم كما يُفر من المجذوم.
ومن الطبيعي أن للجليس الصالح حقوقاً ، يغلب عليها الطابع المعنوي ، وهي عبارة عن آداب العشرة الحسنة معه ، أدرجها الإمام السجاد عليهالسلام في رسالة الحقوق وهي : « وحقّ جليسك أن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك إلاّ بإذنه ، ومن تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير اذنك ، وتنس زلاّته ، وتحفظ خيراته ،
__________________
(١) بحار الانوار ٧٥ : ١١٧.
(٢) ميزان الحكمة ٢ : ٦٠.