وعلى كل حال فإنّ البناء الفكري يستند في السلفية كلها إلى بنيتين أساسيتين هما :
١ ـ بنية السلفية العامة المرنة أو المفتوحة على الواقع بوعي وتعقّل.
٢ ـ بنية السلفية المذهبية الصلبة أو المغلقة على نفسها بتعصب وتحجّر.
والسلفية العامة المرنة نهضوية مفتوحة ، لأنّها استفادت من النهضة الأوروبية فجاءت على أيدي أولئك المصريين الذين ذهبوا إلى فرنسا وعادوا منها محمَّلين بالأفكار الثورية للثورة الفرنسية ، ومبهورين بالتقدم الحضاري الصناعي للبلاد الأوروبية ، فتفتحت على يدي الشيخ محمد عبده وتلاميذه.
أمّا السلفية المذهبية الصلبة ( النصوصية ) فإنّها تبلورت في مطلع القرن الماضي في البيئة النجدية البدوية في شبه الجزيرة العربية ، التي ارتبط اسمها المعاصر باسم ونتاج وعمل مؤسسها محمد بن عبد الوهاب ( ١١١٥ ـ ١٢٠٦هـ ) حيث غذّاها بهذه الأفكار المتحجرة على الماضين والمتجرِّئة على المقدسات ، لأنّها تحررت من فكرة تقديس الأماكن والأزمنة و الأشخاص ، حيث ضربت بكل أنواع التقديس بوجه الحائط ، فلا مقدسات لديهم إلا أنفسهم ، ورموزهم من السلفية.