ذلك العمل ، والأمل منك في اليوم قد ضرّك في وجهين : سوّفت به في العمل ، وزدت في الهمّ والحزن ، أو لا ترى أنّ الدّنيا ساعة بين ساعتين ؟ ساعة مضت ، وساعة بقيت ، وساعة أنت فيها ، فأمّا الماضية والباقية (٥) فلست تجد لرخائهما لذّة ، ولا لشدّتهما ألماً ، فانزل السّاعة الماضية والسّاعة الّتي أنت فيها منزلة الضّيفين نزلا بك ، فظعن الرّاحل عنك بذمّه إيّاك ، وحلّ النّازل بك بالتّجربة لك ، فإحسانك إلى الثاوي يمحو إساءتك إلى الماضي ، فادرك ما أضعت باغتنامك فيما استقبلت ، واحذر أن تجتمع عليك شهادتهما فيوبقاك ، ولو أن مقبوراً من الأموات قيل له : هذه الدنيا [ من ](٦) أوّلها إلى آخرها نجعلها لولدك الذين لم يكن لك همّ غيرهم ، أو يوم نردّه إليك فتعمل فيه لنفسك ، لاختار يوماً يستعتب(٧) فيه من سيّىء ما أسلف ، على جميع الدّنيا يورثها لولده ومن خلفه ، فما يمنعك أيّها المفرّط المسوّف ؟ أن تعمل على مهل قبل حلول الأجل ، وما يجعل المقبور أشدّ تعظيماً لما في يديك منك ، ألا تسعى في تحرير رقبتك ، وفكاك رقّك ، ووفاء نفسك !؟ » .
[١٣٧٥٣] ٦ ـ الآمدي في الغرر : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنّه قال : « العاقل(١) من كان يومه خيراً من أمسه ، وعقل الذّم عن نفسه » .
وقال ( عليه السلام ) : « إنّ العاقل من نظر في يومه لغده ، وسعى في فكاك نفسه ، وعمل لما لا بدّ منه ولا محيص له عنه »(٢) .
وقال ( عليه السلام ) : « ولا تؤخّر عمل يوم إلى غد ، وامض لكلّ يوم
____________________________
(٥) ليس في المصدر .
(٦) أثبتناه من المصدر .
(٧) الاستعتاب : طلب الرجوع عن الذنب الى المرضي لله تعالى . ( لسان العرب ج ١ ص ٥٧٧ ) .
٦ ـ غرر الحكم ج ١ ص ٧٢ ح ١٨٢١ .
(١) في المصدر : الكيس .
(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢٣٨ ح ١٩٤ .