لذلك الشيء الآخر ، كما لو قلت : إن حقيقة آوحقيقة ب حقيقة أخرى. ولو لا هذا الإضمار وهذا الاقتران جميعا لم يفد ، فالشيء يراد به هذا المعنى.
ولا يفارق لزوم معنى الوجود إياه البتة ، بل معنى الموجود يلزمه دائما ، لأنه يكون إما موجودا في الأعيان ، أو موجودا في الوهم والعقل ، فإن لم يكن كذا لم يكن شيئا.
وأن ما يقال : إن الشيء هو الذي يخبر عنه ، حق ، ثم الذي يقال ، مع هذا ، إن الشيء قد يكون معدوما على الإطلاق ، أمر يجب أن ينظر فيه. فإن عني بالمعدوم المعدوم في الأعيان ، جاز أن يكون كذلك ، فيجوز أن يكون الشيء ثابتا في الذهن معدوما في الأشياء (١) الخارجة. وإن عني غير ذلك كان باطلا ، ولم يكن عنه خبر البتة ، ولا كان معلوما إلا على أنه متصور في النفس فقط. فأما أن يكون متصورا في النفس صورة تشير إلى شيء خارج فكلا.
أما (٢) الخبر ، فلأن الخبر يكون دائما عن شيء متحقق في الذهن. والمعدوم المطلق لا يخبر عنه بالإيجاب ، وإذا أخبر عنه بالسلب أيضا فقد جعل له وجود بوجه ما في الذهن. لأن قولنا : « هو » (٣) ، يتضمن إشارة ، والإشارة إلى المعدوم ـ الذي لا صورة له بوجه من الوجوه في الذهن ـ محال. فكيف (٤) يوجب على المعدوم شيء؟
ومعنى قولنا : إن المعدوم « كذا » ، معناه أن وصف « كذا » حاصل للمعدوم ، ولا فرق بين الحاصل والموجود. فنكون كأنا قلنا : إن هذا الوصف
__________________
(١) الأشياء : الأعيان ط
(٢) أما : وأما ص
(٣) هو : ساقطة من ط
(٤) فكيف : وكيف ب ، م.