موجود للمعدوم. بل نقول : إنه لا يخلو أن (١) ما يوصف به المعدوم ويحمل عليه إما أن يكون موجودا وحاصلا للمعدوم أو لا يكون موجودا حاصلا له ، فإن كان موجودا وحاصلا للمعدوم ، فلا يخلو إما أن يكون في نفسه موجودا أو معدوما ، فإن كان موجودا فيكون للمعدوم صفة موجودة ، وإذا كانت الصفة موجودة ، فالموصوف بها موجود لا محالة ، فالمعدوم موجود ، وهذا محال ، وإن كانت الصفة معدومة ، فكيف يكون المعدوم (٢) في نفسه موجودا لشيء؟ فإن ما لا يكون موجودا في نفسه ، يستحيل (٣) أن يكون موجودا للشيء.
نعم قد يكون الشيء موجودا في نفسه ولا يكون موجودا لشيء آخر ، فأما إن لم تكن (٤) الصفة موجودة للمعدوم فهي (٥) نفي الصفة عن المعدوم ، فإنه إن لم يكن هذا هو النفي للصفة عن (٦) المعدوم ، فإذا نفينا الصفة عن المعدوم ، كان (٧) مقابل هذا ، فكان وجود الصفة له ، وهذا كله باطل.
وإنما نقول : إن لنا علما بالمعدوم ، فلأن المعنى إذا تحصل في النفس فقط ولم يشر (٨) فيه إلى خارج (٩) ، كان المعلوم نفس ما في النفس فقط ، والتصديق الواقع بين المتصور من جزأيه هو أنه جائز في طباع (١٠) هذا المعلوم وقوع نسبة له معقولة إلى خارج ، وأما في هذا (١١) الوقت فلا نسبة له ، فلا معلوم غيره.
وعند القوم الذين يرون هذا الرأي ، أن في جملة ما يخبر عنه ويعلم أمورا لا شيئية لها في العدم ، ومن شاء أن يقف على ذلك فليرجع إلى ما هذوا به من أقاويلهم التي لا تستحق فضل الاشتغال بها.
__________________
(١) لا يخلو أن : لا يخلو ب ، ج ، ص ، م
(٢) المعدوم : للمعدوم ط
(٣) يستحيل : فيستحيل ج
(٤) لم تكن : لا تكون م
(٥) فهى : فهو ج ، م
(٦) للصفة عن : ساقطة من ط ، طا
(٧) كان : وكان ط
(٨) يشر : يشير م
(٩) خارج : الخارج ج ، ص ، ط
(١٠) طباع : طبائع ج ، ص ، ط ، م
(١١) وأما فى هذا : وفى ب ، ج ، ص ، م.