على أنا لا ننكر أن يقع بهذا أو ما يشبهه (١) ، مع (٢) فساد مأخذه ، تنبيه بوجه ما على الشيء ، ونقول : إن معنى الوجود ومعنى الشيء متصوران في الأنفس ، وهما معنيان. فالموجود (٣) والمثبت والمحصل أسماء مترادفة على معنى واحد ، ولا نشك في أن معناها قد حصل في نفس من يقرأ هذا الكتاب.
والشيء وما يقوم مقامه قد يدل به على معنى آخر في اللغات كلها ، فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو ، فالمثلث حقيقة أنه مثلث ، وللبياض حقيقة أنه بياض ، وذلك هو الذي ربما سميناه الوجود الخاص ، ولم نرد به معنى الوجود الإثباتي. فإن لفظ الوجود يدل به أيضا على معاني كثيرة ، منها الحقيقة التي عليها الشيء ، فكأنه ما عليه يكون الوجود الخاص للشيء.
ونرجع فنقول : إنه من البين أن لكل شيء حقيقة خاصة هي ماهيته ، ومعلوم أن حقيقة كل شيء الخاصة به غير الوجود الذي يرادف الإثبات ، وذلك لأنك إذا قلت : حقيقة كذا موجودة إما في الأعيان ، أو في الأنفس (٤) ، أو مطلقا يعمها (٥) جميعا ، كان لهذا معنى محصل مفهوم. ولو قلت : إن حقيقة كذا ، حقيقة كذا ، أو أن حقيقة كذا حقيقة ، لكان حشوا من الكلام غير مفيد. ولو قلت : إن حقيقة كذا شيء ، لكان أيضا قولا غير مفيد ما يجهل ، وأقل إفادة منه أن تقول : إن الحقيقة شيء ، إلا أن يعنى بالشيء ، الموجود ، كأنك قلت : إن حقيقة كذا حقيقة موجودة. وأما إذا قلت : حقيقة آشيء ما (٦) ، وحقيقة ب شيء آخر ، فإنما صح (٧) هذا وأفاد (٨). لأنك تضمر في نفسك أنه شيء آخر مخصوص مخالف
__________________
(١) يشبه : يشبه ط ، م
(٢) يقع ... مع : ساقطة من م
(٣) فالموجود : والموجود ب
(٤) الأنفس : النفس ب
(٥) يعمها : يعمهما ب ، ج ، ص ، ط
(٦) ما : ساقطة من ج
(٧) صح : يصح ص ، ط
(٨) وأفاد : فأفاد م.