يا عيسى لا تستيقظن عاصيا ولا تستنبهن لاهيا وافطم نفسك عن الشهوات
______________________________________________________
القول بالمعصية.
قوله تعالى : « ولا قلبان » في صدور واحد أي لا تجتمع محبة الله ومحبة غيره من المال والجاه ، وزخارف الدنيا وشهواتها في قلب واحد ، فلا يتصور الجمع بينهما إلا بأن يكون لك قلبان وهو محال كما قال تعالى : « ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ » (١).
قوله تعالى : « وكذلك الأذهان » أي لا يجتمع شيئان متضادان في ذهن واحد ، كالتوجه إلى الدنيا ، والتوجه إلى الله ، والتوكل عليه والتوكل على الخلق ونحو ذلك ، ويحتمل أن يكون ذكر اللسان والقلب تمهيدا لبيان الأخير ، أي كما لا يمكن أن يكون في فم لسانان ، وفي صدر قلبان ، فكذا لا يجوز أن يكون في ذهن واحد ، خيالان متضادان يصيران منشأين لأمور مختلفة متباينة.
قوله تعالى : « لا تستيقظن عاصيا » أي لا تتوجه إلى تيقظ الغير ، والحال أنك عاص ، بل ابدأ بإصلاح نفسك قبل إصلاح غيرك ، وكذا الفقرة الثانية ، هذا إذا ورد الفعلان متعديين ، لكن أكثر اللغويين ذكروا البناء الأول لازما ، ولم يذكروا البناء الثاني فيحتمل أن يكون المراد لا تستيقظ استيقاظا لا يردعك عن المعاصي ، ولا استنباها مخلوطا باللهو والغفلة ، أو لا يكن استيقاظك وتنبهك عند الموت بعد العصيان واللهو ، ويحتمل أن يكون الأول لازما والثاني متعديا ، فيكون المعنى أتم وأكمل فتأمل.
قوله تعالى : « وافطم » أي اقطع « نفسك عن الشهوات الموبقات » أي المهلكات.
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٤.