بأدب إلهك الذي يتحنن عليك ترحما وبدأك بالنعم منه تكرما وكان لك في الشدائد لا تعصه يا عيسى فإنه لا يحل لك عصيانه قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قبلك وأنا على ذلك من الشاهدين.
يا عيسى ما أكرمت خليقة بمثل ديني ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي.
يا عيسى اغسل بالماء منك ما ظهر وداو بالحسنات منك ما بطن فإنك إلي راجع.
يا عيسى أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضا من غير تكدير وطلبت منك قرضا لنفسك فبخلت به عليها لتكون من الهالكين.
يا عيسى تزين بالدين وحب المساكين وامش على الأرض هونا وصل على
______________________________________________________
قوله تعالى : « إن أخذت بأدب إلهك » أي بالآداب التي أمرك بها إلهك أو تتخلق بأخلاق ربك ، وقال الجوهري : تحنن عليه : ترحم (١).
قوله تعالى : « ما أكرمت خليقة بمثل ديني » أي بشيء مثل ديني ، وضمير عليها راجع إلى الخليفة ، والظاهر أن المراد بالرحمة الجنة ، ويحتمل المغفرة.
قوله تعالى : « فيضا » أي كثيرا واسعا ، وفيه استعارة مكنية « والتكدير » ترشيح إذ الفيض يطلق على كثرة الماء وسيلانه ، والظاهر أن الغرض بهذا الخطاب أمة عيسى عليهالسلام كما ورد في القرآن آيات كثيرة المخاطب بها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد بها أمته كقوله تعالى « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » (٢) وأضرابها.
قوله تعالى : « تزين بالدين » أي بآثاره وأعماله وأخلاقه فإنها زينة المتقين ومن أحسن زينتهم حب المساكين والمعاشرة معهم.
قوله تعالى : « هَوْناً » قال الجوهري (٣) : الهون : السكينة والوقار ، وفلان
__________________
(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢٩٠٤.
(٢) سورة الزمر : ٦٥.
(٣) الصحاح : ج ٦ ص ٢٢١٨.