تحدّث نفسك بالصباح. (١) ولا ريب أن هذها لأمور هي من أكثر خصوصيات الإنسان الذاتية ، وعندئذ فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو : ما هي هوية هذه الأعمال؟!
فإن قالوا : إن هذه الأمور من الرسالة ـ وهو واقع الحال ـ.
قلنا : فسيثبت قولنا : بأن الرسالة ترافق الذات حتى تجعلها في صورتها الكمالية قطعة مشابهة لها بشكل لا يفرّق بينها وبين الذات ، فمن أين جاء الفصل المزعوم بين الرسالة والذات؟!
وإن قالوا : ليس هذه الأمور من الرسالة بشيء ، وليس كل ما يفعله المعصوم عليهالسلام يمثل مورداً لعمل الأولى وترك الأقبح!!
قلنا : فإنها لا تخلو عندئذ من ان تكون غير حكيمة ، إما لخطئها في تحديد الصواب أو لخلوها من الهدف ، مما يستبطن وجود من هو أحكم من المعصوم عليهالسلام يستطيع أن يحدد الصواب ويحسن اختيار الهدف ، فالمقال عندئذ سيتحول إلى القول بأن الخالق الذي وهب العصمة إما ان يكون قد علم يوجود من هو أحكم من المعصوم ، وإما لم يكن يعلم.
فإن قالوا بعدم علمه ، فقد سلبوا عنه صفة العلم وهي من صفات عين الذات ، وإن قالوا : بأنه يعلم فقد سلبوا عنه صفة الحكمة التي جعلته يضع العصمة في غير موضعها ، ومن ثم ليسلبوا عنه صفة العدالة لأه رجّح بلا مرجّح! وهذا مالا يمكن لعاقل ان يتفوّه به!.
وباعتبار أن الفصل بين الشخصيتين الرسالية والذاتية للمعصوم عليهالسلام إنما يقوم على أساس الدخول في أعماق شخصية المعصوم عليهالسلام بما لا دليل علهي وهو ما لا يجوز إلا مع العثور على نص معصوم ، لأن كل ما يقال
____________________
(١) أمالي الطوسي : ٥٣٧ م١.