بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا وبينا أبي القاسم محمد ، وعلى الهداة الميامين من آله الطيبين الطاهرين.
يكاد يكون مفهوم العصمة من المفاهيم اللصيقة بالمجتمع الحضاري ولازمة له ، فتكاد لا تجد مجموعة حضارية إلاّ ووجدت لديها رمزاً معصوماً ، ولربما أكثر من ذلك ، فبعضها يتخذ من رئيس القبيلة معصوماً لا يردّ عليه ولا يخطّأ بشيء ، وبعضها يتخذ رئيس الكهنة أو الرهابنة كرموز معصومة ، وبعضها قد تجده يقدّم كتاباً معيناً بعنوانه الكتاب المعصوم متخذاً من نصوصه كمرجعية عليا لأنظمة المجتمع ، وفي المجتمعات الحضارية الدينية تجد العصمة مكوّناً أساسياً من المكوّن الحضاري لهذه المجتمعات ، فالنبي معصوم ، والوحي المنزل عليه معصوم ، وكتابه معصوم أيضاً وهكذا ، ولا يتوقف الحال عند المجتمعات القديمة ، بل تراه يمتد حتى في مؤسسات الدولة والمجتمع الحديثة ، فهناك الدستور الذي يقدّم كمرجعية لا تقبل الجدل ، فرغم أنه يقدّم بعنوانه نتاج فكر نسبي غير إنه سرعان ما يحصل على الاطلاق حالما يأخذ صورته الحاكمة ، ورغم أنهم قد يبدّلونه أو يعدّلونه ، إلاّ إنك تجدهم يتوخون في عملية التبديل والتعديل نفس الهدف الذي وضع له