القبطي ، وهو الذي يتناسب أيضاً مع تعريضه بالاضلال المبين للشيطان ، ومعه يغدو طلبه للمغفرة واضحاً ، فهي مغفرة واضحاً ، فهي مغفرة تستهدف محو أو تخفيف الآثار الاجتماعية الناجمة عن ذلك ، ولهذا أوكلها إلى الله وطلبها منه ، لأنه الماسك لأزمّة القلوب ، وقد جاءت الاستجابة الإلهية فورية مقرونة بالرحمة لتأكيد هذا المفهوم من دون أن تتصاحب هذه المغفرة بعمل معين لجلبها سوى دعائه عليهالسلام.
٦ ـ نصب الشيطان لأيوب عليهالسلام : وتطرح الآية الكريمة : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) (١) مجالاً للعقول الضيقة كي تؤسس عليها فهماً للقدح بعصمة الأنبياء عليهمالسلام ، فالنبي أيوب عليهالسلام هو من يقول : إن الشيطان قد أصابه بنصب وعذاب ، ولا شيطان مع العصمة.
وأمر هذه الشبهة هينٌ جداً ، لا سيما ونحن نستمع إلى القرآن الذي يصفه بأوصاف محببة كما في قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٢) ، ومع ملاحظة أن جهد الشيطان الرجيم الذي يتحدث عنه النبي أيوب عليهالسلام هنا هو جهد مادي ، باعتبار أن الجهد الروحي خارج قدرة الشيطان لما أشرنا إليه سابقاً ، إذن لا مجال لتصوّر مساس نصب الشيطان وعذابه بروح أيوب عليهالسلام وبشخصيته المعنوية ومقامه النبوي ، وإنما هو أمر عارض من الخارج ، هذا إن قلنا بأن الشيطان هنا هو إبليس (لعنه الله) ، ولكن الظاهر حمله على غير إبليس من مفردات الشيطنة ، فهو إلى السبب المؤدي لمرضه عليهالسلام أقرب منه إلى أي شيء آخر ، فالعرب تسمّي كل خبيث من الجن أو الإنس أو الدواب بالشيطان (٣) ، ويؤكد هذا المعنى أن
____________________
(١) ص : ٤١ ـ ٤٢.
(٢) ص : ٤٤.
(٣) لسان العرب ١٢١ : ٧.