قال : فقال عمر بن الخطاب : صدقت يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إن علياً كما ذكرت ، وفوق ما وصفت ، ولكني أخاف عليك خصلة منه واحدة.
قال له أبو بكر : ما هذه الخصلة التي تخاف علي منها منه؟.
فقال عمر : أخاف أن يأبى القتال القوم ، فلا يقاتلهم ، فإن أبى ذلك ، فلن تجد أحداً يسير إليهم (١) إلاَّ على المكروه منه. ولكن ذر علياً يكون عندك بالمدينة ، فإنك لا تستغني عنه ، وعن مشورته. واكتب إلى عكرمة الخ .. » (٢).
وبعد .. فأن يجدوا أمير المؤمنين عليهالسلام قائداً عسكرياً ، يراه الناس تحت أمرهم ، وفي خدمتهم أحب إليهم من أن يجدوه منافساً قوياً ، يحتج عليهم بأقوال ومواقف النبي صلىاللهعليهوآله في حقه (٤).
وأما عن مشورة أمير المؤمنين على عمر في ما يرتبط بحرب الفرس ، فإنما كان يهدف منها إلى الحفاظ على بيضة الإسلام ، كما يظهر من نفس نص كلامه
__________________
١ ـ هذه الكلمات تدل على مدى ما ككان يتمتع به أمير المؤمنين من احترام وتقدير لدى الناس جميعاً ، بحيث لو لم يقاتل لم يقاتل أحد من الناس!! وإن كانوا ربما لا يقاتلون معه لو أرادهم على ذلك.
٢ ـ الفتوح لابن أعثم ج ١ ص ٧٢.
٣ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ٧٨.
٤ ـ وقد قال المحقق البحاثة الشيخ علي الأحمدي الميانجي هنا ما يلي : إنه هل يمكن للخليفة الذي عزل خالد بن سعيد بن العاص عن امارة الجيش ، لميله إلى علي عليهالسلام ـ هل يمكن ـ أن يرغب في تولية علي عليهالسلام هنا؟! اللهم إلا أن يكون هناك تخطيط بأن يقوم بعرض ذلك عليه ، فإن قبله ، فإن ذلك يكون تأييداً لخلافتهم ، ثم يعزلونه إيذاناً منهم للناس بعدم كفايته .. فيربحون في الحالتين .. أو يقال : إن الظروف في عهد أبي بكر تختلف عنها في عهد عمر.