الرزق وتلا هذه الآية : « إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها
______________________________________________________
وكان يترك للمساكين ما أخطأه المنجل وما في أسفل الأكداس وما أخطأه القطاف (١) من العنب وما بقي من البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت ، فكان يجتمع لهم شيء كثير ، فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال ، فحلفوا ليصرمنها داخلين في وقت الصباح خفية عن المساكين « وَلا يَسْتَثْنُونَ » أي لم يقولوا إنشاء الله في يمينهم فأحرق الله جنتهم.
وقال البيضاوي « وَلا يَسْتَثْنُونَ » ولا يقولون إنشاء الله وإنما سماه استثناء لما فيه من الإخراج غير أن المخرج به خلاف المذكور ، والمخرج بالاستثناء عينه أو لأن معنى لا أخرج إنشاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد ، أو لا يستثنون حصة المساكين كما كان يخرج أبوهم « فَطافَ عَلَيْها » على الجنة « طائِفٌ » بلاء طائف « مِنْ رَبِّكَ » مبتدأ منه.
وقال في المجمع : أي أحاطت بها النار « فاحترقت » أو طرقها طارق من أمر الله « وَهُمْ نائِمُونَ » قال مقاتل : بعث الله نارا بالليل إلى جنتهم فأحرقتها حتى صارت مسودة فذلك قوله « كَالصَّرِيمِ » أي كالليل المظلم ، والصريمان الليل والنهار لانصرام أحدهما عن الآخر ، وقيل : كالمصروم ثماره أي المقطوع ، وقيل : أي الذي صرم عنه الخير فليس فيه شيء منه ، وقيل : أي كالرملة انصرمت من معظم الرمل ، وقيل : كالرماد الأسود « فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ » أي نادى بعضهم بعضا وقت الصباح « أَنِ اغْدُوا » أي بأن اغدوا « عَلى حَرْثِكُمْ » الحرث الزروع والأعناب « إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ » أي قاطعين النخل « فَانْطَلَقُوا » أي فمضوا إليها « وَهُمْ يَتَخافَتُونَ » يتسارون بينهم « أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ » هذا ما كانوا يتخافتون به « وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ » أي على قصد منع الفقراء « قادِرِينَ » عند أنفسهم وفي اعتقادهم على منعهم وإحراز
__________________
(١) المِنجل : آلة من حديد يقضب بها الزرع ( داس ). والكُدس بضمّ الكاف : الحبّ المحصود المجموع. وقطف الثمر : جناه.