طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ » (١).
______________________________________________________
ما في جنتهم ، وقيل : على حرد أي على جد وجهد من أمرهم وقيل : على حنق وغضب من الفقراء ، وقيل : قادرين مقدرين موافاتهم الجنة في الوقت الذي قدروا إصرامها فيه ، وهو وقت الصبح « فَلَمَّا رَأَوْها » أي رأوا الجنة على تلك الصفة « قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ » ضللنا عن الطريق فليس هذا بستاننا ، أو لضالون عن الحق في أمرنا فلذلك عوقبنا بذلك ، ثم استدركوا فقالوا « بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ » أي هذه جنتنا ولكن حرمنا نفعها وخيرها لمنعنا حقوق المساكين ، وتركنا الاستثناء.
« قالَ أَوْسَطُهُمْ » أي أعدلهم قولا أو أفضلهم وأعقلهم ، أو أوسطهم في السن « أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ » كأنه كان حذرهم سوء فعالهم فقال لو لا تستثنون لأن في الاستثناء التوكل على الله والتعظيم لله والإقرار على أنه لا يقدر أحد على فعل شيء إلا بمشيئة الله فلذلك سماه تسبيحا ، وقيل : معناه هلا تعظمون الله بعبادته واتباع أمره ، أو هلا تذكرون نعم الله عليكم فتؤدوا شكرها بأن تخرجوا حق الفقراء من أموالكم أو هلا نزهتم الله عن الظلم واعترفتم بأنه لا يظلم ولا يرضى منكم بالظلم ، وقيل : أي لم لا تصلون ، ثم حكي عنهم أنهم « قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ » في عزمنا على حرمان المساكين من حصتهم عند الصرام أو أنه تعالى منزه عن الظلم فلم يفعل بنا ما فعله ظلما ، وإنما الظلم وقع منا حيث منعنا الحق « فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ » أي يلوم بعضهم بعضا على ما فرط منهم « قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ » قد علونا في الظلم وتجاوزنا الحد فيه ، والويل غلظ المكروه الشاق على النفس « عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها » أي لما تابوا ورجعوا إلى الله قالوا لعل الله يخلف علينا ويولينا خيرا من الجنة التي هلكت « إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ » أي نرغب إلى الله ونسأله ذلك ونتوب إليه مما فعلناه « كَذلِكَ الْعَذابُ » في الدنيا للعاصين « وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ».
__________________
(١) سورة القلم : ٢٨ ـ ١٩.