عقبة ، عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليهالسلام اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله عز وجل قال لنبيه صلىاللهعليهوآله « إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » (١) وقال « أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » (٢) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول
______________________________________________________
« اجعلوا أمركم هذا » أي دينكم ودعوتكم الناس إليه « لله » بأن تدعو الناس إليه في مقام تعلمون رضا الله فيه ، ولا تدعوا في مقام التقية فإنه نهى الله عنه « ولا تجعلوه للناس » بإظهار الفضل وحب الغلبة على الخصم والعصبية فتدعوهم في مقام التقية أيضا فيعود ضرره عليكم وعلينا « فإنه ما كان لله » أي خالصا لوجهه تعالى « فهو لله » أي يقبله الله ويثيب عليه أو ما كان لله في الدنيا فهو لله في الآخرة ومالهما واحد « فلا يصعد إلى السماء » أي لا يقبل ، إشارة إلى قوله تعالى : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ » (٣).
« ولا تخاصموا بدينكم » أي لا تجادلوا مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة بإلقاء الشبهات الفاسدة لا ظهور الحق فإن المخاصمة على هذا الوجه يمرض القلب بالشك والشبهة والأغراض الباطلة وإن كان غرضكم إجبارهم على الهداية فإنها ليست بيدكم كما قال تعالى لنبيه : « إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ » وقال : « أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ ».
وقوله عليهالسلام : ذروا الناس ، يحتمل أن يكون المراد به أن غرضكم من المجادلة إن كان ظهور الحق لكم فلا حاجة لكم إلى ذلك فإن حقيتكم أظهر من ذلك فإنكم أخذتم دينكم عن الله بالآيات المحكمات ، وعن رسول الله بالأخبار المتواترة
__________________
(١) سورة القصص : ٥٦.
(٢) سورة يونس : ٩٩.
(٣) سورة فاطر : ١٠.