______________________________________________________
وقال بعض الأفاضل هذا الجواب وأصل السؤال كلاهما باطل لأن لفظ « لو » لم يستعمل في فصيح الكلام في القياس الاقتراني ، وإنما يستعمل في القياس الاستثنائي ، المستثنى منه نقيض التالي (١) لأنه معتبر في مفهوم « لو » فلو صرح به كان تكرارا ، وكيف يصح أن يعتقد في كلام الحكيم تعالى وتقدس أنه قياس أهملت فيه شرائط الإنتاج ، فأي فائدة تكون في ذلك ، وهل يركب القياس إلا لحصول النتيجة؟ بل الحق أن قوله تعالى : « وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ » وارد على قاعدة اللغة ، وهي أن امتناع الشرط (٢) يعني أن سبب عدم الإسماع في الخارج عدم العلم بالخير فيهم من غير ملاحظة أن علة العلم بانتفاء الجزاء ما هي ، ثم ابتدأ قوله : « وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا » كلاما آخر على طريقة قوله عليهالسلام : « نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه » يعني أن التولي لازم على تقدير الإسماع ، فكيف على تقدير عدمه ، فهو دائم الوجود ، وهذه الطريقة غير طريقة أرباب الميزان الذين يستعملون لفظ « لو » في القياس الاستثنائي ، وغير طريقة أهل اللغة الذين يستعملونه لامتناع الجزاء لأجل امتناع الشرط ، وبناء هذه الطريقة على أن لفظ « لو » يستعمل للدلالة على أن الجزاء لازم الوجود في جميع الأزمنة مع وجود الشرط وعدمه ، وذلك إذا كان الشرط مما يستبعد استلزامه لذلك الجزاء ، ويكون نقيض ذلك الشرط أنسب وأليق باستلزامه ذلك الجزاء ، فيلزم استمرار وجود الجزاء على تقدير وجود الشرط وعدمه فيكون دائم الوجود في قصد المتكلم.
وقال التفتازاني : يجوز أن تكون الشرطية الثانية أيضا مستعملة على قاعدة
__________________
(١) كذا في النسخ وفي شرح مولى محمّد صالح هكذا : « المستثنى منه نقيض التالي لأنّها لامتناع غيره ولهذا لا يصرح باستثاء نقيض التالي لأنه مهتبر ... » ومنه يظهر وقوع السقط في نسخ الكتاب.
(٢) وفي الشرح المذكور هكذا « وهي أن « لو » لامتناع الجزاء لإجل امتناع الشرط.