مُعْرِضُونَ » (١)
______________________________________________________
« وَهُمْ مُعْرِضُونَ » لعنادهم انتهى.
ويمكن أن يكون غرضه عليهالسلام تأويل الآيات بالإمامة بأن يكون المراد بقوله : « أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ » في إمامة علي عليهالسلام ثم قال : « لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ » إمامة علي عليهالسلام وبطلان أئمة الضلال بأصرح مما في القرآن « وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ » كذلك وهم على هذه الشقاوة « لَتَوَلَّوْا » صريحا وارتدوا عن الدين ظاهرا ، ولم تكن المصلحة في ذلك ، فلذا لم يسمعهم كذلك ، وبالجملة لا بد أن يكون المراد بالإسماع إسماعا زائدا على ما لا بد منه في إتمام الحجة إما بزيادة التصريح ، أو بالألطاف الخاصة التي لا يستحقها المعاندون.
وأورد ههنا إشكال مشهور وهو أن أمير المؤمنين المذكورتين في الآية بصورة قياس اقتراني ينتج : لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهذا محال ، لأنه على تقدير أن يعلم الله فيهم خيرا لا يحصل منهم التولي بل الانقياد ، وقد ظهر من كلام البيضاوي لذلك جواب. والجواب الحق أنه ليس المقصود في الآية ترتب قياس اقتراني حتى يلزم أن يكون منتجا مشتملا على شرائط الإنتاج ، وليس مشتملا عليها لعدم كلية الكبرى ، إذ قوله تعالى : « وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا » ليس المراد أنه على أي تقدير أسمعهم لتولوا ، بل على هذا التقدير الذي لا يعلم الله فيهم الخير لو أسمعهم لتولوا ولذا لم يسمعهم إسماعا موجبا لانقيادهم ، والجملة الثانية مؤكدة للأولى ، أي عدم إسماعهم في تلك الحالة ، لأنه لو أسمعهم لتولوا ، ويحتمل أن يكون في قوة استثناء نقيض التالي فيكون قياسا استثنائيا.
وينسب إلى المحقق الطوسي رحمهالله أنه أجاب عن هذا الإشكال بأن المقدمتين مهملتان وكبرى الشكل الأول يجب أن تكون كلية ، ولو سلم فإنما ينتجان لو كانت الكبرى لزومية وهو ممنوع ، ولو سلم فاستحالة النتيجة ممنوعة ، لأن علم الله تعالى فيهم خيرا محال ، إذ لا خير فيهم ، والمحال جاز أن يستلزم المحال.
__________________
(١) سورة الأنفال : ١.