صادِقِينَ » (١) وقال عز وجل : « أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » أم « طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ » (٢) أم « قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ
______________________________________________________
يشاركونهم في هذا القول « فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ » في دعواهم إذ لا أقل من التقليد ، قال البيضاوي : قد نبه سبحانه في هذه الآيات على نفي جميع ما يمكن أن يتشبثوا به من عقل أو نقل أو وعد أو محض تقليد على الترتيب تنبيها على مراتب النظر وتزييفا لما لا سند له « أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » المانعة من دخول الحق فيها.
قيل : تنكير القلوب لأن المراد قلوب بعض منهم ، وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها ، لا تجانس الأقفال المعهودة.
أم « طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ » هذا من كلامه عليهالسلام اقتبسه من الآيات وليس في القرآن بهذا اللفظ ، و « أم » منقطعة في مقابلة قوله : « والقرآن يناديهم » أي ختم الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ما في متابعة القرآن وموافقة الرسول من السعادة ، وما في مخالفتهما والقول بالرأي من الشقاوة.
أم « قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ » هذا أيضا اقتباس ، وفي القرآن « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ » أي سماع انقياد وإذعان فكأنهم لا يسمعون أصلا وبعد ذلك في القرآن : « إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ » أي شر البهائم « عِنْدَ اللهِ » « الصُّمُ » عن الحق « الْبُكْمُ » عنه « الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ » الحق فقد عد من لم يعمل بالآيات ولم يتفكر فيها شر البهائم ، لإبطالهم عقولهم التي بها يتميزون عنها ، ومن جملة تلك الآيات ما دل على المنع من القول في الدين بالرأي والاختيار وبعد تلك الآيات قوله : « وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً » قال البيضاوي : سعادة كتبت لهم أو انتفاعا بالآيات « لَأَسْمَعَهُمْ » سماع تفهيم « وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ » وقد علم أن لا خير فيهم « لَتَوَلَّوْا » ولم ينتفعوا به أو ارتدوا بعد التصديق والقبول
__________________
(١) سورة القلم : ٤٢ ـ ٣٧.
(٢) سورة محمد ( ص ) : ٢٣.