تكبر دونه وتواضعت الأشياء لعظمته وانقادت لسلطانه وعزته وكلت عن إدراكه طروف العيون وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق الأول قبل كل شيء ولا قبل له والآخر بعد كل شيء ولا بعد له الظاهر على كل شيء بالقهر له والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها لا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة « هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ » أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلها لا بمثال سبق إليه ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدأ ما أراد ابتداءه وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن والإنس ليعرفوا بذلك ربوبيته وتمكن فيهم طاعته.
نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها ونستهديه لمراشد أمورنا
______________________________________________________
النقص إلى الكمال ، ولا يزال في الدارين هابطا في دركات النقص والوبال.
« لعظمته » أي عند عظمته أو عنده بسبب عظمته ، والاحتمالان جاريان فيما بعده « طروف العيون » جمع طرف وهو تحريك الجفن بالنظر أو جمع طارف بمعنى طامح ، وفي الفائق : طرفت عينه أي طمحت « والظاهر على كل شيء » أي الغالب عليه بالقهر له على الإيجاد والإفناء ، وإجراء كل ما أراد فيه.
« هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ » أي مستحق لأن تعبده وتخضع له السماوات وما فيها وتتواضع لعظمته وتنقاد لسلطانه وعزته لربوبيته لها « وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » أي مستحق لأن تخضع له وتعبده الأرض وما فيها وما عليها وتنقاد لسلطانه وعزته « أتقن » أي أحكم ما أراد من خلقه متعلق بأراد أو بيان لما « من الأشباح » بيان لما على الأول ولخلقه على الثاني ، ويحتمل أن تكون من الأولى تبعيضية ، والأشباح : الأشخاص المتغايرة والصور المتباينة النوعية والشخصية.
« لا بمثال » في التوحيد بلا مثال ، أي لا في الخارج ولا في الذهن « سبق » أي ذلك المثال « إليه » تعالى ، أو سبق الله إلى ذلك المثال ، وربما يقرأ على بناء المفعول أي سبق غيره تعالى إلى خلق ذلك المثال ، « ولا لغوب » أي تعب ، ويمكن إرجاع ضمير