تراثنا ـ العدد [ 140 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 140 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

ومن خلال الأبيات يذكر (تمر) الأحساء بلده التي أحبّها ، ويفضّله على ثمار الهند المعروفة بالخيرات.

كما يشير إلى وجود والده في الأحساء وأنّه يحنّ إليه حنين الخنساء إلى أخيها المقتول صخر ، ولا يغفل الإشارة إلى ربعه وأهله الذين يعزّهم وما لهم من مجد وفخر وغلبة على أعدائهم.

ومن شعره الكثير قصيدة بعث بها إلى الهند مراسلاً السيّد أحمد نظام الدين المدني ، جاء فيها(١) :

أحمد من صُعّد كعب أحمد

وذروة المجد وهام السؤدد

بالعلم والفضل وطيب المحتد

وهمّة تدوس فوق الفرقد

السيّد الندب الجواد الأوحد

مَن لا يحاط وصفه بالعدد

همّته مصروفة في مددي

ولم تفارق يده قطّ يدي

فمن جزيل فضله المجدّد

ولطفه بعبده محمّد

بليلة بها الزمان مسعدي

قد أسفرت عن صبح يوم واحدِ

أهداؤه العنب الذي مذاقه

ألذّ من وصل الحسان الخردِ

 أحلى من السكّر في الطعم وإن

تستشهد الشهد بذاك يشهد

لو قُلت لم تحوِ الجنان مثله

طعماً ولوناً وشذى لم أبعدِ

قد كان لطفاً أن يذوب عندما

تلمحه العين كذوب البرد

من نال شيئاً منه في زمانه

كأنّما نال حياة الأبد

__________________

(١) تاريخ الشيعة في الهند ٢ / ١٤٨.

٨١

كأنّما الشمس إذا ما طلعت

قد لبست من لونه المُورّد

ترى إذا رأيته شمس الضحى

طالعة في كرة الزبرجدِ

قد جاءنا من دوحة المجد التي

ما برحت أثمارها كالعسجدِ

٩ ـ السيّد عبد الله بن محمّد آل شبانه الحسيني الأحسائي البحراني (كان حياً سنة ١٠٨٢هـ) :

السيّد عبد الله بن السيّد محمّد بن السيّد عبد الحسين بن السيّد إبراهيم بن أبي شبانة الحسيني الأحسائي البحراني ، من أصول أحسائية هاجر إلى البحرين وأقام بها ، ثمّ رحل إلى الهند حالاًّ محلّ والده السيّد محمّد ليمارس الدور الديني والتربوي ، حتّى حظيا بمكانة سامية في المجتمع الهندي.

ذكره صاحب سلافة العصر ، أنّه ممّن اتّصل بوالده في الهند خلال القرن الحادي عشر ، فكانت بينهم علاقة وصحبة ، كما كان يقرض الشعر كوالده السيّد محمّد ، فكتب الكثير من القصائد المختلفة.

هاجر من الهند لطلب العلم فكتب إليه والده يتشوّق إليه ، ويحثّه على الجدّ والاجتهاد وسلوك طريق الرشاد(١) :

بُليت بدهر بالأفاضل غادرِ

وأنت على خلاّنه غير عاذرِ

وبعدك عنّي إن سلكت طريقة

تؤدّي إلى الرشد فليس بضائرِ

إن شأت أن أرضى عليك فلا تكن

إلى غير منهاج الصلاح بسائرِ

__________________

(١) تاريخ الشيعة في الهند ٢ / ١٤٨.

٨٢

عسى الدهر يوماً أن يلمّ شتاتهُ

ويقطع أسباب النوى والتهاجرِ

وذلك موكولٌ لرحمة راحم

ومنّةِ منان وقدرةِ قادرِ

ولله تدبير وللدهر رجعة

وللعسر تيسير بحكم المقادرِ

وما غُلقت أبواب أمر على امرئ

فصابرَ إلاّ فتّحت في الأواخرِ

تحيّة مشتاق وتسليم واله

إلى غائب بين الجوانح حاضرِ

وهي أبيات غاية في الجمال والروعة والعاطفة الجيّاشة التي تمثّل حنان وعطف الأبوّة ، والخوف على مستقبل الأبناء ، لذا يغدق عليهم بالنصح والتوجيه ، وفيها يعيش ألم الفراق وشدّة الشوق.

ولعلّه نستفيد من الأبيات أنّ السيّد الابن عبد الله كان في رحلة طلب العلم من خلال كلام والده :

وبعدك عنّي إن سلكت طريقة

تؤدّي إلى الرشد فليس بضائرِ

كما يمكن تخمين أمر آخر أنّ الرحلة كانت لبلاد البحرين حيث يتتلمذ على أعلامها ، ومنها أخذ لقب (البحراني) الذي ارتبط باسمه ، وهو أمر لا نجده في والده ، وإنّما نجد الشوق والحنين إلى وطنه (هَجَر) الأحساء ، ويذكر تمرها ونخيلها.

قال فيه أحد معاصريه : «السيّد عبد الله بن محمّد بن عبد الحسين الحسيني البحراني [من] المعاصرين .. فاضل شاعر أديب».

ومن شعره يصف جواداً(١) :

__________________

(١) تاريخ الشيعة في الهند ٢ / ١٥٣.

٨٣

أحجل يعبوب له غرّة

تهزأ بالصبح إذا يسفرُ

طلق يمين فيه باليمن قد

تطابق المَخبر والمنظرُ

مطهّم أقود رحب المطا

فعم طويل باعه طمرُ

مقلّد نهد سليم الشظا

مؤدّب ما راعه محضرُ

أطوع للفارس من نعلهِ

عاداته بالسبق لا تنكرُ

طرفٌ يراه الطرفُ في ركضه

خاطف برق لم يكد يبصرُ

يغادر الريح إذا ما جرى

حسرى بأذيل السفا تعثر

١٠ ـ الشيخ عبد الوهّاب بن محمّد الأحسائي (كان حياً سنة ١٠٩٨هـ) :

الشيخ عبد الوهاب بن محمّد بن عبد الوهاب الأحسائي من أعلام الأحساء في القرن الحادي عشر ، ومن البيوتات العلمية الأحسائية المهاجرة ، سكن مدينة المنامة بالبحرين لفترة من الزمن ، كما يحتمل أنّه هاجر إلى مدينة شيراز التي عاش فيها ابنه الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد الوهاب بن محمّد الأحسائي الشيرازي ، كانت وفاته بعد سنة (١٠٩٨هـ).

يظهر من خلال تعليقه على عدد من الرسائل العلمية للأعلام الكبار أنّه من أهل العلم البارزين الذين كانت لهم مكانة في وسطهم الاجتماعي ، تتلمذ على يديه ابنه : الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد الوهاب الأحسائي الشيرازي ، ومن المؤكّد أنّه تلقّى عليه غيره ولكن شحّت المعلومات عن حياته فلم نستطِع معرفة أسمائهم.

كما أنّه شخصية نشيطة وذات همّة عالية ، فقد نسخ مجموعة كبيرة من

٨٤

الكتب خلال فترة زمنية تمتدّ إلى ثلاثين سنة ، بين عامي (١٠٦٨ ـ ١٠٩٨هـ) ، وهذا يؤكّد جودة نسخه ، وإتقانه ، وجمال خطّه ، ممّا يجعل هناك طلباً على منسوخاته لثقة أهل العلم بما تسطّره يداه وتكتبه أنامله.

ويظهر أنّه عاش لفترة في الهند في منطقة (حيدر آباد) بالهند(١).

عرفنا ممّا نسخ عدّة كتب وهي :

ـ الكافية الشافية : لمحمّد بن مالك الطائي ، وكان الفراغ من نسخه وكتابته سنة (١٠٦٨هـ) (٢).

ـ اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية : للشهيد الأوّل ، محمّد مكّي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨هـ) ، انتهى من نسخه (١٤ جمادى الثانية ١٠٥٤هـ) ، وهي نسخة فيها حواش وتعليقات وتصحيحات من الناسخ(٣).

ـ غرر الفوائد ودرر القلائد : للسيّد الشريف المرتضى علي بن الحسين (ت ٤٣٦هـ) ، وتاريخ النسخ (يوم الجمعة ١٢ جمادى الأولى لعام ١٠٧٥هـ) ، في المنامة بالبحرين ، وعلى النسخة تعاليق للشيخ علي بن عبد الحسين بن عاشور البحراني(٤) ، كما عليها عدّة تملّكات لعدد من أعلام البحرين وهم(٥) :

__________________

(١) أعلام الهند ٢ / ٦٧.

(٢) معجم المخطوطات النجفية : ٦٨٥.

(٣) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) ٢٧ / ٤٧٤.

(٤) التراث العربي في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ٤ / ١٢٩.

(٥) موقع بانك اطلاعات كتب ونسخ خطي ، عن فهرس مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ٢ / ٤٠٠.

٨٥

١ ـ محمّد بن شريف الدين عام (١٢٠٩هـ).

٢ ـ جلال بن خليفة بن محمّد بن غانم ، ونعمة الله بن مرهون بن حسين بن راشد البلادي البحراني بتاريخ (١٧ رمضان عام ١١٠٤هـ).

٣ ـ وفي صفحة أخرى تملّك علي بن هاشم بن علي بن هاشم بن علي الحسيني الموسوي الستراوي البحريني.

ـ الذريعة إلى أصول الشريعة : للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي البغدادي (ت ٤٣٦هـ) ، وتاريخ الفراغ من النسخ (ليلة الأحد ١١ صفر لعام ١٠٩٨هـ) ، وهي نسخة مصحّحة عليها تعليقات ، بعضها من الناسخ(١) ، ممّا يدلّل على علوّ كعبه العلمي ، وعليها حواش من الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني ، وقد أخذ النسخة أمانة من ابن الناسخ ومالكها الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد الوهاب الأحسائي(٢).

١١ ـ الشيخ أحمد بن عبد الله الرّبيعي الأحسائي(كان حياً سنة ١١٣٧هـ) :

الشيخ أحمد بن عبد الله الرّبيعي الأحسائي (من أعلام القرن الثاني عشر) ، ومن الشعراء الأدباء ، هاجر إلى الهند وسكن مدينة (بندر سورنت) ، والتي يعيش فيها خليط من العرب والفرس إضافة إلى سكّانها الأصليّين ، وهي من المناطق التي نشط العلماء فيها ومن المدن التي تستقطب الأعلام إليها.

__________________

(١) التراث العربي في مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي ٣ / ٦٦.

(٢) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) ١٦ / ١١٨.

٨٦

ورد ذكره في نزهة الجليس فقال في حقّه : «الشيخ الكامل العالم العامل الصفيّ الوفيّ الشيخ أحمد بن عبد الله الربيعي الأحسائي» ، وقد رآه المصنّف في مدينة (بندر سورانت) سنة (١١٣٧هـ) ، وقد سمع منه شعراً وقد ذكر بعضه (١) :

عبدٌ بقيد الذنب أصبح موثقاً

يثني على مَن في يديه عنانه

والله ما استوفى القليل من الثَّنا

لو أنَّ كلَّ الكائنات لسانه

١٢ ـ الشيخ محمّد الأحسائي (كان حياً سنة ١١٧٥هـ) :

الشيخ محمّد الأحسائي ، عَلَم أحسائي ينتمي للمذهب الحنفي ، من أعلام الأحساء المهاجرة إلى الهند ، نسخ كتاباً واحداً في الفقه الحنفي لأحد أعلام الهند خلال القرن الثاني عشر الهجري هو :

ـ جامع أشتات الوهم (فقه حنفي) : للشيخ إبراهيم بن حسين بن أحمد ابن بيري زاده (١٠٩٩هـ) (٢) ، فرغ من كتابته ونسخه سنة (١١٧٥هـ) ، والنسخة موجودة في (رضا رامبور).

أبعاد النشاط العلمي في الهند :

تميّز الوجود الأحسائي في الهند بالإيجابية والفاعلية ، رغم قلّة من عرفنا منهم ممّن كانت له إقامة في الهند سواء لفترة دائمة أو محدودة ، وقد اتّخذ نشاطهم جوانب وأبعاداً مختلفة يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

__________________

(١) نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس : ٣٩٦ ، أعلام هجر ١ / ٣٥٩ ، أعلام الهند ١ / ١٣٢.

(٢) فهرس آل البيت ٣ / ٤٩.

٨٧

الدراسة والتدريس :

من الأمور المألوفة في الأوساط العلمية أنّه ما إن تأتي شخصية علمية بارزة حتّى يلتفّ حولها طلاّب العلم للتتلمذ عليها وينتهلوا من مَعين علومها ، بل إنّ طلاّب العلم في كثير من الأحيان يرحلون إلى بعض المراكز العلمية والمدارس الدينية ويعطونها أولوية على غيرها ، لا لكونها الخيار الوحيد لديهم أو الأقرب لمسقط رأسهم ، وإنّما لوجود عَلَم من الأعلام ، قد شقّت شهرته الآفاق ، فتدفعهم الرغبة للتتلمذ عليه والتوجّه لهذه البلاد عن غيرها.

والأعلام الأحسائيّون يشملهم البعدان سواء التدريس كالشيخ أحمد بن محمّد بن عبد الله السبعي الذي هو من فقهاء الطائفة وأعلامها البارزين ، مضافاً إلى كونه في بلاد بعيدة كالهند يعطيه حظوة ومكانة كبيرة يجعل العشرات من طلاّب العلم هناك يلتفّون حوله محاولين استثمار وجود مثل هذه القامة العلمية بينهم ، فكان منهم السيّد علي العلوي بن شمس الدين محمّد بن الحسن الحسيني اللايجي من السادة الأجلاّء الرؤساء بالهند ، وقد طلب منه شرح كتاب الألفية والتتلمذ عليه من خلاله ، فكان من ثمار هذا الدرس كتاب الأنوار العلوية في شرح الألفية(١).

ونجد إشارات للمكانة العلمية لعدد من الأعلام الأحسائيين المهاجرين ، ومثل هذه الأمور ممّا تكشفه عادة الدروس العلمية ومحاضر الدرس ، فكان منهم : السيّد محمّد بن السيّد عبد الحسين بن السيّد إبراهيم بن أبي شبانة الحسيني

__________________

(١) معجم المؤلّفات الشيعية في الجزيرة العربية ١ / ٢٤٥.

٨٨

الهجري الذي قيل في وصفه : «عَلَم العلم ومناره ، ومقتبس الفضل ومستناره ، فرع دوحة الشرف الناضر ، المقرّ بسموّ قدره كلّ مناضل ومناظر. أمّا العلم فهو بحره الذي طما وزخر».

وهذا يؤكّد على علمه ومكانته وأنّه ممّن كشفت دروسه عن علمه وفضله ، فجعله مثار إعجاب العلماء والفضلاء.

ومنهم الشيخ محمّد شريف بن الشيخ عبد الغني بن الشيخ خضر لحسائي ساكن مدينة (حيدر آباد) بالهند ، فقد التقى بالسيّد الفقيه الرحّالة علي خان بن أحمد المدني ، وقد تتلمذ عليه في الهند ، ودرس عليه بعض مصنفاته.

الكتابة والتأليف :

لا نعلم الكثير عن المصنّفات الأحسائية هناك ، وضياع معظم التراث الأحسائي هناك ، وعدم معرفته ، وما وصلنا النزر اليسير ، ولكنّ الذي نعلمه إنّ الشيخ أحمد بن محمّد السبعي قد صنّف الأنوار العلوية في شرح الألفية(١) ، في الهند ، ولا يبعد أن ترك غيره.

نسخ الكتب :

يعدّ نسخ الكتب وكتابتها من الأبعاد العلمية التي يوليها العلماء اهتماماً كبيراً في حياتهم العلمية ، فالكتاب هو حياتهم ومصدر ثقافتهم ، لذا لا غنى للعالم عن

__________________

(١) معجم المؤلّفات الشيعية في الجزيرة العربية ١ / ٢٤٥.

٨٩

الكتاب ، ففيه يدرس ومنه يتعلّم ، وبه يبني ثقافته وعلومه.

ونسخ الكتب ما هو إلاّ لغرض الإحياء والبناء الذاتي الذي دأب عليه العلماء ، وقد مرّ سابقاً التفصيل في هذا الموضوع.

ـ الاتّصال بالعلماء ومجالسهم :

استطاعت الهند عبر سلاطينها وملوكها استقطاب عدد من الأعلام من إيران والعراق ولبنان والمدينة المنوّرة والأحساء وغيرها من المعمورة ، إضافة إلى أعلام الهند المحلّيّين وكان بينهم الفقهاء والأعلام الكبار. وقد تواصل علماء الأحساء مع بعض هؤلاء الأعلام الذين ورد ذكر بعضهم هنا وهناك عرفنا منهم :

ـ الشيخ أحمد بن محمّد السبعي الذي له علاقة بتلميذه السيّد علي العلوي ابن شمس الدين محمّد بن الحسن الحسيني اللايجي ، الذي هو من أعلام الهند المحلّيّين.

ـ السيّد محمّد بن عبد الحسين بن أبي شبانه ، وكانت له علاقة وصحبة مع العلاّمة السيّد أحمد نظام الدين المدني المقرّب من سلطان الهند.

ـ الشيخ محمّد شريف بن عبد الغني لحسائي ، والذي على علاقة وطيدة مع أستاذه العلم البارز السيّد علي خان بن أحمد المدني.

هذه العلاقة وغيرها تتضمّن ملتقيات ثقافية وعلمية حيث تعجّ مجالس العلماء بإثارة المسائل العلمية فيتمّ النقاش والحوار ، ومثل هذه المجالس عادة ذات فائدة علمية كبيرة لما يعرضه العلماء من نكات علمية قد لا يراها البعض في

٩٠

الكتب ، كما أنّها ذات نفع كبير على الطلبة يتعلّمون من خلالها الحوار العلمي وكيفية النقض والإبرام.

الدعوة والإرشاد :

وهو من أبرز مهامّ العلماء وأدوارهم ، فمن تكاليفهم الشرعية تعريف الناس بمعالم دينهم ، من الأحكام الشرعية والأمور المبتلى بها الناس ، إضافة إلى معالجة وحلّ مشاكلهم في مختلف جوانب الحياة.

الأدب والشعر :

كان للهند وجمالها الخلاّب أوقع أثر في صقل الروح الأدبية والشعرية في حياة الأعلام الأحسائيّين ، فكان منهم الشعراء والأدباء ، فكتبوا الشعر في مختلف الحقول الأدبية والدينية ، نورد نزراً منها :

فممّا قاله الشيخ محمّد بن عبد الله السبعي في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام (١) :

أترى وقوفك في رسوم ديار

تقضي به وطراً من الأوطارِ

أو أنَّ مهراقَ الدموع بِمنزل

عاف تبلّ به غليلاً واري

إنّي أُعيذك أن تجود بمدمع

في رسم دار دارسِ الآثار

هيهات ما إهراق دمك بالذي

يشفي الغليل من الزناد الواري

أعرفتُ مثلك في الوقار وفي الحِجا

يبكي الديار بلا حجاً وَوَقار!

__________________

(١) أعلام هجر ١ / ٤٠٣.

٩١

أرأيت مثلك بعد شيب عذاره

يُمسي ويصبح خالقاً لعذار!

أرأيت مثلك يرتضي الدنيا له

داراً وما الدنيا بدار قرار!

لا ترتضي الدنيا وإن هي أقبلت

نفسُ اللبيب فكيف في الإدبار

سلها عن الماضين من عشقها

ماذا بهم فعلت على التكرارِ

ومن شعر السيّد محمّد بن عبد الحسين بن أبي شبانه الأحسائي ، على طريقة أهل الحال(١) :

لعمري لقد ضلّ الدليل عن القصد

وما لاح لي برق يدلّ على نجدِ

فبتُّ بليل لا ينام ومهجة

تقلب في نار من الهمِّ والوجدِ

وقلت عسى أن أهتدي لسبيلها

بنفحة طيب من عرار ومن رندِ

فلمّا أتيت الدير أبصرت راهباً

به ثملٌ من خمرة الحبِّ والودِّ

فقلت له أين الطريق إلى الحمى

وهل خبرٌ من جيرة العلم الفردِ

فقال وقد أعلى من القلب زفرةً

وفاضت سيول الدمع منه على الخدِّ

لعلّك يا مسكين ترجو وصالهم

وهيهات لو أبلغت نفسك بالكدِّ

إذا زمرة العشّاق في مجلس الهوى

نشاوى غرام من كهول ومن مردِ

ألم ترَ أنّا من مدامة شوقهم

سكارى ولم نبلغ إلى ذلك الحدِّ

 فكم ذهبت من مهجة في طريقهم

وما وصلت إلاّ إلى غاية البعدِ

فقلت أأدنوا ، قال من كلّ محنة

فقلت أأرجوا ، قال شيئاً من الصدِّ

ألم ترَنا صرعى بدهشة حبّهم

نقلّب فوق الترب خدّاً إلى خدِّ

__________________

(١) تاريخ الشيعة في الهند ٢ / ١٥٢.

٩٢

فكم طامع في حبّهم مات غصّة

وقد كان يرضى بالمحال من الوعدِ

وهذا البعد يطول بنا لو أردنا الاسترسال في جوانبه وأبعاده وإنّما أردنا ذكر عيّنات بسيطة تفي بالغرض.

والنتيجة التي نختم بها حديثنا إنّ الوجود الأحسائي في الهند أمتاز بالفاعلية والعطاء رغم شحّ المصادر وقلّة المعلومات ، ولكن أردنا إعطاء نظرة عامّة عن الوجود الأحسائي في الهند الذي امتدّ لعدّة قرون ، وإبراز ما كان لهم من دور.

٩٣

المصادر

١ ـ أعلام الأحساء في العلم والأدب من الماضين في سبعة قرون ، ابتداء من عام ٨٠٠ هـ : آل رمضان ، جواد بن حسين ، الطبعة الأولى : ١٤٢٢هـ / ٢٠٠١م.

٢ ـ أعلام الهند : الطريحي ، محمّد سعيد ، مؤسّسة البلاغ ، الطبعة الأولى: ١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م.

٣ ـ أعلام هجر من الماضين والمعاصرين : الشخص ، السيّد هاشم بن محمّد ، مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلامية : قم المقدّسة ، الطبعة الثالثة : ١٤٣٠هـ ـ ٢٠٠٩م.

٤ ـ البداية والنهاية : ابن كثير ، إسماعيل بن عمر ، دار المعارف : بيروت ، الطبعة الأولى : ١٤١٠هـ ـ ١٩٩٠م

٥ ـ تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام : المرتضى ، السيّد علي بن الحسين ، تحقيق : فارس حسّون كريم ، بوستان كتاب : قم ، الطبعة الأولى : ١٤١٨هـ.

٦ ـ تاريخ الخليج وشرق الجزيرة العربية المسمّى إقليم بلاد البحرين في ظلّ حكم الدويلات العربية (٤٦٩ ـ ٩٦٣هـ / ١٠٧٦ ـ ١٥٥٥م) : خليل ، د محمّد محمود ، مكتبة المدبولي : القاهرة ، الطبعة الأولى : ٢٠٠٦م.

٧ ـ تاريخ الشيعة في الهند ، أكاديمية الكوفة : الطريحي ، محمّد سعيد ، هولندا ، الطبعة الأولى : ١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م.

٩٤

٨ ـ تاريخ الشيعة في الهند ، ملوك حيدر آباد : الطريحي ، محمّد سعيد ، الطبعة الأولى : ١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م ، نشر أكاديمية الكوفة : هولندا.

٩ ـ التراث العربي في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي الحسيني : جمع وإعداد : الإشكوري ، السيّد أحمد ، نشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : قم ، الطبعة الأولى (د. ت).

١٠ ـ الحج إلى مكّة المكرّمة من شبه القارة الهندية (١٥٠٠ ـ ١٨٠٠م) : مايكل ن. بيرسُون ، ترجمة : د. معراج تواب مرزا ، د. بدر الدين يوسف محمّد أحمد ، مركز تاريخ مكّة المكرّمة والمدينة المنورة : مكّة المكرّمة ، الطبعة الأولى : ١٤٣١هـ.

١١ ـ درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة : المقريزي ، تقي الدين أحمد بن علي (٦٧٧ ـ ٨٤٥ هـ / ١٣٦٥ ـ ١٤٤٢م) ، حقّقه وعلّق عليه الدكتور محمود الجليلي ، دار الغرب الإسلامي : بيروت ، الطبعة الأولى : ١٤٢٣هـ / ٢٠٠٢م.

١٢ ـ الدويلات العربية (٤٦٩ ـ ٩٦٣هـ / ١٠٧٦ ـ ١٥٥٥م) : خليل ، د محمّد محمود ، مكتبة المدبولي : القاهرة ، الطبعة الأولى : ٢٠٠٦م.

١٣ ـ العثمانيون وشرق شبه الجزيرة العربية (إيالة الحسا) : الوهبي ، الدكتور عبد الكريم ابن عبد الله المنيف ، ٩٥٤ ـ ١٠٨٢هـ / ١٥٤٧ ـ ١٦٧١م ، مطابع الحميضي : الرياض ، الطبعة الأولى : ١٤٠٥هـ ـ ٢٠٠٤م.

١٤ ـ فتوح البلدان : البَلاذُري ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود ، دار ومكتبة الهلال : بيروت ، الطبعة الأولى :١٩٨٨م.

١٥ ـ فهرس آل البيت : مؤسّسة آل البيت للفكر الإسلامي ، الأردن : عمان ، الطبعة الأولى : ١٤٢٥هـ ٢٠٠٥م.

٩٥

١٦ ـ فهرس دنا : درايتي ، مصطفى ، مكتبة موزة ومركز أسناد مركز شورى إسلامي : مشهد ، الطبعة الأولى : ١٣٨٩هـ. ش.

١٧ ـ فهرس مختصر للمخطوطات في مجلس الشورى الإسلامي ، كتابخانة موزة ومجلس الشورى : السيّد محمّد الطباطبائي ، طهران ، الطبعة الأولى : ١٣٨٦هـ. ش.

١٨ ـ الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : الدرايتي ، إعداد مصطفى ، نشر سازمان أسناد وكتابخانه ملي جمهوري إسلامي إيران : قم ، الطبعة الأولى : ١٣٩٠هـ. ش.

١٩ ـ مجلّة تراثنا.

٢٠ ـ مجلّة المورد : سنة ١٣٥٨هـ ، العدد (٣٠) ، أسامة ناصر النقشبندي ، مقال : مخطوطات الخزانة العمرية في مكتبة المتحف العراقي ، بغداد.

٢١ ـ مجلّة الواحة : العدد (٣٧) ، السنة الحادية عشرة ، الربع الثاني : ٢٠٠٥م ، مقال : من نسّاخي الكتب في الأحساء ، للكاتب : أحمد عبد الهادي محمّد صالح.

٢٢ ـ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار : العمري ، أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي (المتوفّى : ٧٤٩هـ) ، المجمع الثقافي ، أبو ظبي ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٣ هـ.

٢٣ ـ المشجّر الوافي : أبو سعيدة ، السيّد حسين الموسوي ، مؤسّسة البلاغ : بيروت ، الطبعة الخامسة : ٢٠١١م.

٢٤ ـ معجم المخطوطات النجفية : زوين ، د. محمّد ، د. مشكور العوادي ، د. حسين عبد العال ، السيّد هاشم المحنك ، مركز دراسات جامعة الكوفة ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : قم ، الطبعة الأولى : ١٤٣٣هـ ـ ٢٠١٢م.

٢٥ ـ معجم المؤلّفات الشيعية في الجزيرة العربية : الشيخ حبيب آل جميع. مؤسّسة البقيع لأحياء التراث : بيروت. الطبعة الأولى : ١٤١٧هـ ـ ١٩٩٧م.

٩٦

٢٦ ـ منتظم الدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين : التاجر ، محمّد علي بن أحمد ، تحقيق : الشيخ ضياء بدر آل سنبل ، مؤسّسة طيبة لإحياء التراث : قم ، الطبعة الأولى : ١٤٣٠هـ.

٢٧ ـ نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس : الموسوي ، السيّد العبّاس المكّي الحسيني ، المطبعة الحيدرية : النجف الأشرف ، الطبعة الأولى :

١٣٨٧هـ ـ ١٩٦٧م.

٩٧

من أعلام النجف الأشرف

المولى الإسترآبادي النجفي (ت٨٣٧هـ)

(إجازاته وإنهاءاته)

ميثم سويدان الحميري الحلّي

بسم الله الرحمن الرحیم

مقدّمة:

عُرفت النجف الأشرف منذ القدم أنّها جامعة علمية، ضمّت من العلماء الأعلام عدداً كبيراً، فقصدها طلاّب العلوم ؛ لينهلوا من مَعِينها العذب الذي لا ينضب، فتخرّج فيها عدد غفير جدّاً من العلماء الأعلام، ممّن تسنّموا مقاليد القيادة في أمور الدين والدنيا، منهم مَن حاله أشهر من أن تعرف، ومنهم من صار في طيِّ النسيان، ولم يعر ف عن حاله إلاّ اليسير غير المشهور، ومن هؤلاء الأعلام المغمورين المولى الشيخ علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي النجفي (ت٨٣٧هـ)، علَم من أعلام الطائفة الحقّة، ومن رجالات الإجازة والاجتهاد، أقرأ في علوم شتّى وأجاز عدداً من أعلام طلبته.

٩٨

ذكَرَتْه كتب التراجم بنحو الإشارة إلى بعض جوانب حياته العلمية، ذاكرةً بعض إجازاته لتلاميذه، فلأجل ذلك عزمت على جمع تلك الإشارات، وتقييد ما نالته يدي ممّا له صلة به، عسى أن أكون قد قدّمت لهذا العَلَم المغمور من الخدمة شيئاً يذكر.

اسمه ولقبه:

هو زين الدين علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي (ت٨٣٧ هـ) (١)، أحد كبار علماء الإمامية في النجف الأشرف في النصف الأوّل من القرن التاسع الهجري.

قرأ عليه جملة من أعلام الطائفة، منهم السيّد نظام الدين تركة بن تاج الدين ابن جلال الدين عبد الله الحسيني (ق٩)، قرأ عليه كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة ابن المطهّر الحلّي (ت٧٢٦هـ)، وكذا قرأ عليه جعفر بن أحمد بن الحسن المكّي (ق٩).

وقرأ عليه كتاب تحرير الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي كلٌّ من: السيّد حسن بن حمزة الموسوي النجفي (كان حيّاً سنة ٨٦٤هـ)، والسيّد سلطان بن الحسن الحسيني الشجري القمّي النجفي (كان حيّاً سنة ٨٣٨هـ)، وقرأ عليه الأوّل منهما قطعةً من الدروس الشرعية في فقه الإمامية للشهيد الأوّل (ت٧٨٦هـ)، وقرأ

__________________

(١) تنظر ترجمته في: رياض العلماء ٣ / ٣٧٢، ٤١١، و٤ / ١٩٠، وطبقات أعلام الشيعة ٦ / ٨٨، وموسوعة طبقات الفقهاء ٩ / ١٥١ ـ ١٥٢.

٩٩

عليه الثاني كتاب قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام للعلاّمة الحلّي، وغيره من الكتب.

وقرأ عليه بعض تلامذته كتاب الرجال لابن داود الحلّي (كان حيّاً سنة ٧٠٧هـ).

ويروي عنه كلٌّ من: رضي الدين عبد الملك بن إسحاق الفتحاني القمّي الكاشاني (ق٩)، ومحمّد بن شجاع الأنصاري الحلّي (كان حيّاً سنة ٨٣٢هـ)، ذكر ذلك في كتابه نهج العرفان(١).

له حاشية وإفادات كثيرة على كتاب تحرير الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي(٢).

شيوخه:

قرأ ـ رحمه الله ـ على جملة من أعلام عصره، وشيوخ زمانه، منهم:

١ ـ رضي الدين أبو سعيد الحسن بن ضياء الدين عبد الله بن مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن علي الأعرج الحسيني (ق٨)، الراوي عن ابن خال والده فخر المحقّقين (ت٧٧١هـ) (٣).

٢ ـ خاتمة المجتهدين أبو طالب جمال الدين محمّد بن عميد الدين عبد

__________________

(١) ينظر: طبقات أعلام الشيعة ٦ / ٨٢، ٨٨، ١١٨.

(٢) ينظر: الذريعة ٦ / ٣٢ رقم ١٤٥.

(٣) ينظر: غوالي اللآلي ١ / ١٠ ؛ رياض العلماء ١ / ٢٢٣ ؛ طبقات أعلام الشيعة ٥ / ٤١، و٦ / ٣٠.

١٠٠