تراثنا ـ العددان [ 105 و 106 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 105 و 106 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٧٨

الحاصل عندهم هو الزهد والتورّع ورياضة النفس وشدّة التعلّق بمحبّة الله تعالى وأهل البيت عليه‌السلام ، ولربّما حصل الإفراط والغلوّ من عوامّ الناس المقلّدين لأمثال هذا الشيخ والذين تحكم أفعالهم ظواهر الاُمور من غير تمييز لمعاني الكلام أو تدقيق لمفاهيمه ، والذي قد يتحمّل صاحب عبء الفهم الخاطىء له من قبلهم بالرغم من عدم تأييده لأفكارهم وأفعالهم المتعلّقة بهذا الأمر.

قال الخونساري في روضات الجنّات (١) معقّباً على ترجمة الشيخ رجب البرسي وما نسب إليه من الإفراط والغلوّ :

«... إلا أنّه سامحه الله تبارك وتعالى فيما أفاد ، لمّا كان أوّل من جلب قلبه إلى تمشية هذا المراد وسُلب لبَّه على محبّة أهل بيت نبيّه الأمجاد ، ولم يكن من المقلّدة الذين هم يمشون على أثر ما يسمعونه ويقبلون من المشايخ كلّما يدعونه ولا يستكشفون عن حقيقة ما يشرعونه ، ويكونون بمنزلة عبدة الأصنام الذين اتبعوا أسلافهم المستقبلين إليها في عبادتهم من غيربصيرة لهم بأنّ ذلك العمل من أولئك إنّما كان لتذكّر عبادات من كان على صور تلك الأصنام من قدمائهم المتعبّدين كما ورد عليه نصّ المعصوم عليه‌السلام ، فمن المحتمل إذن في نظر من تأمّل أن يكون هو الناجي المهدي إلى سبيل المعرفة بحقوق أهل البيت عليهم‌السلام ومقلّدوه مُقلَّدون بسلاسل النقمة على كلّ ما لهجوا به عليه في حقّ أولئك من كيت وكيت ...».

وفاته :

لم أعثر على تاريخ ولادته أو وفاته وإنّما كان حيّاً عام ٨٠١هـ. وهو وقت فراغه من تأليف كتاب مشارق الأمان قدّس الله روحه الطاهرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) روضات الجنّات ٣/٣٤١.

٢٦١

١٩٢ ـ الشيخ صالح بن العرندس.

هو العالم الفاضل والأديب الشاعر من مشاهير شعراء العلماء وأكابر الأفاضل الأدباء. ذكره الشيخ الأميني في الغدير(١) قائلاً :

«الشيخ صالح بن عبد الوهّاب بن العرندس الحلّي الشهير بـ : ابن العرندس ، أحد أعلام الشيعة ومن مؤلّفي علمائها في الفقه والاُصول ، وله مدائح ومراثي لأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام تنمّ عن تفانيه في ولائهم ومناوأته لأعدائهم ، ذكر شطراً منها شيخنا الطريحي في المنتخب وجملة منها مبثوثة في المجاميع والموسوعات ، وعقد له العلاّمة السماوي في الطليعة ترجمة أطراه فيها بالعلم والفضل والتقى والنسك والمشاركة في العلوم ...».

وذكره الشيخ علي كاشف الغطاء في الحصون المنيعة(٢) قائلاً :

«الشيخ صالح بن عبد الوهّاب الحلّي المعروف بـ : ابن العرندس وهو جدّه ، كان عالماً فاضلاً كاملاً ماهراً في الفقه والاُصول ومشاركاً في غيرها تقيّاًناسكاً أديباً شاعراً ، لم يشاهد له من الشعر إلاّ في مدح الأئمّة عليهم‌السلام ، توفّي حدود ٩٨٠هـ تقريباً في الحلّة ودفن فيها وقبره في محلّة الطاق معروف مشهور».

وجاء في أعيان الشيعة(٣) :

«الشيخ صالح بن عبد الوهّاب بن العرندس الحلّي المعروف بـ : ابن العرندس ، توفّي حدود سنة ٨٤٠هـ في الحلّة ودفن فيها وله قبر يزار ويتبرّك به ، كان عالماً فاضلاً مشاركاً في العلوم تقيّاً ناسكاً أديباً شاعراً».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغدير ٧/١٣.

(٢) الحصون المنيعة ٩/٢١٢.

(٣) أعيان الشيعة ٣٦/٢٣٨.

٢٦٢

وذكره الخاقاني في شعراء الحلّة(١) قائلاً :

«هو الشيخ صالح بن عبد الوهّاب الحلّي الشهير بابن العرندس من مشاهير شعراء عصره ، لم نعثر على ولادته ولم يذكرها أحد من أعلام المؤرّخين غير أنّهم تطرّقوا إلى موجز حياته باُسلوب مقتضب ، في حين أنّ شاعريته تستوجب العناية به من مؤرّخي عصره ... إلى قوله : ولقد سها صاحب الحصون أو فات عليه تشخيص عام الوفاة نظراً إلى ما ذكره صاحب الطليعة وصاحب الغدير ، وكلاهما معروفان بقوّة البحث والتتّبع والتدقيق».

مؤلّفاته :

حكى الخاقاني(٢) أنّ الشيخ آغا بزرك الطهراني ذكر لابن العرندس في كتابه الضياء اللامع في عباقرة القرن التاسع مؤلّفاً باسم كشف اللئالي وخطبة للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام قالها يوم أن جيء به للبيعة في المسجد بعد وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم).

أقول :

ومن أهمّ آثاره الخالدة شعره الكثير في مدح ورثاء أهل البيت عليهم‌السلام ، والشيخ ابن العرندس قد ذكرنا له ترجمة ضافية في كتابنا المزارات ومراقد العلماء في الحلّة الفيحاء ، ومن قصائده الخالدات قصيدته في رثاء أهل البيت والحسين عليهم‌السلام والتي مطلعها :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شعراء الحلّة ٣/١٠٣.

(٢) شعراء الحلّة ٣/١١٢.

٢٦٣

طوايا نظامي في الزمان لها نشر

يعطّرها من طيب ذاكركم نشر

يقول الشيخ الأميني في الغدير(١) عند ذكره لهذه القصيدة :

«ومن شعر شيخنا الصالح رائية اشتهرت بين الأصحاب أنّها لم تقرأ في مجلس إلاّ وحضره الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه ...».

وقد ذكر هذه القصيدة بكاملها الشيخ فخر الدين الطريحي في كتابه المنتخب(٢) ، وإليك بعض أبياتها :

طوايا نظامي في الزمان لها نشر

يعطّرها من طيب ذاكركم نشر

قصائد ما خابت لهنّ مقاصد

ظواهرها حمد بواطنها شكر

مطالعها تحكي النجوم طوالعاً

فأخلاقها زهر وأنوارها زهر

عرائس تجلي حين تجلي قلوبنا

أكاليلها درٌّ وتيجانها تبر

حسان لها حسّان بالفضل شاهد

على وجهها بشر يدين لها بشر

أنظّمها نظم اللئالي وأسهر الليالي

ليحيى لي بكم وبها ذكر

فيا ساكني أرض الطفوف عليكم

سلام محبٍّ ماله عنكم صبر ..

ومن قصيدة أُخرى ذكرها له الشيخ الطريحي أيضاً في المنتخب(٣).

نوحوا أيا شيعة المولى أبا حسن

على الحسين غريب الدار والوطن

وابكوا عليه طريحاً بالطفوف على

الرمضاء مختضب الأوداج والذقن

وابكوا على صدره بالطفِّ ترضضه

خيول أهل الخنا والحقد والإحنِ

وابكوا على رأسه بالرمح مشتهراً

إلى يزيد اللعين الفاجر اللكِنِ

وابكوا بنات رسول الله بين بني

اللئام يُشهرن في الأمصار والمدن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغدير ٧/١٣.

(٢) المنتخب ٢/١٢٨.

(٣) المنتخب ٢/٣٠.

٢٦٤

وابكوا على السيّد السجّاد معتقلاً

في أُسره مُستذلاًّ ناحل البدن ..

وفاته :

توفّي الشيخ ابن العرندس وعلى أشهر الأقوال حدود عام ٨٤٠هـ ، وانفردالشيخ يوسف كركوش في تاريخه(١) من أنّ وفاة ابن العرندس كانت في عام ٩٠٠هـ ، والله سبحانه العالم

١٩٣ ـ الشيخ عبد الله بن مقداد السيوري :

جاء في روضات الجنّات (٢) في ذيل ترجمة الشيخ المقداد بن عبد الله السيوري ما نصّه :

«... وقال صاحب رياض العلماء : للمقداد ولد يسمّى عبد الله ابن الشيخ شرف الدين أبي عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمّـد بن الحسين ابن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي المشهدي النجفي ، قال : وهو الذي ألَّف له المقداد كتاب الأربعين حديثاً ، وله تلميذ أجازه في ثاني جمادى الآخر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، وهو الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن العلالا».

١٩٤ ـ الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي.

هو العالم الفاضل والفقيه الكامل الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي الحلّي من أشهر تلامذة الشيخ ابن فهد الحلّي. ذكره صاحب روضات الجنّات (٣) عند عدِّه لتلامذة ابن فهد الحلّي قائلاً :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الحلّة ٢/١٠٧.

(٢) روضات الجنّات ٧/١٧١.

(٣) روضات الجنّات ١/٧٣.

٢٦٥

«ومنهم الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي صاحب كتاب تحفة الطالبين في أُصول الدين وكتاب الفرائد الباهرة ، وكان عالماً فاضلاً فقيهاً متكلماً من أكابر تلامذة أحمد بن فهد الحلّي».

وجاء في الذريعة(١) إلى تصانيف الشيعة :

«كفاية الطالبين في الفقه للشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي الحلّي تلميذ أبي العبّاس أحمد بن فهد الحلّي ...».

وقال السيّد محمّـدصادق بحر العلوم في تعليقته على رجال بحر العلوم(٢) وعند ذكره لتلامذة الشيخ ابن فهد الحلّي :

«... ومنهم الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي الحلّي صاحب كتاب تحفة الطالبين في أُصول الدين وكتاب الفرائد الباهرة ، وكان عالماً فاضلاً فقيهاً متكلّماً من أكابر تلامذة أحمد بن فهد الحلّي كما ذكره الميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء».

١٩٥ ـ الشيخ علم بن سيف الحلّي :

هو الفاضل الجليل الشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي صاحب كتاب كنز جامع الفوائد ودافع المعاند. ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتاب الذريعة(٣) قائلاً :

«كنز جامع الفوائد ودافع المعاند هو بعينه جامع الفوائد (٥ : ٦٦) الذي مرّأنّه للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي ، انتخبه واختصره في ٩٣٧ هـ. من كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة ١٨/٩٢.

(٢) الفوائد الرجالية ٢/١٠٩.

(٣) الذريعة ١٨/١٤٩.

٢٦٦

تأليف السيّدشرف الدين علي الاسترآبادي الغروي ...».

أقول :

لم يذكر تاريخ ولادته أو وفاته إلاّ أنّه كان حيّاً في عام ٩٣٧هـ وهو تاريخ إكمال كتابه ، والله سبحانه العالم.

١٩٦ ـ الشيخ علي الشفهيني.

هو الفقيه العالم والأديب الشاعر أبو الحسن علاء الدين الشيخ علي ابن الحسين الحلّي الشفهيني. قال عنه صاحب أمل الآمل(١) :

«الشيخ علي التفهيني الحلّي ، فاضل ، شاعر ، أديب ، له مدائح كثيرة في أمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام ...».

وذكره الشيخ الأميني في الغدير(٢) قائلاً :

«أبو الحسن علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلّي الشهيفي المعروف بابن الشهفية ، عالم فاضل وأديب كامل ، قد جمع بين الفضيلتين : علم غزير وأدب بارع بفكر نابغ ونظر صائب ونبوغ ظاهر وفضل باهر ، وجاء في الطليعة من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقصائده الرنّانة السائرة الطافحة بالحجاج الزاهية بالرقايق المشحونة بالدقايق المتبلّجة بالمحسّنات البديعية على جزالة في اللفظ وحصافة في المعنى ومتانة في الاُسلوب وقوّة في المبنى ورصانة في النضد ورشاقة في النظيم في مدايح أمير المؤمنين ومراثي ولده الإمام السبط أعدل شاهد لعبقريّته وتقدّمه في محاسن الشعر وثباته على نواميس المذهب واقتفائه أثر أئمّة دينه عليهم‌السلام ، ولشيخنا الشهيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أمل الآمل ٢/١٩٠.

(٢) الغدير ٦/٣٦٥.

٢٦٧

الأوّل معاصره المقتول سنة ٧٨٦هـ. شرح إحدى قصائده ، وهي الغديرية الثانية المذكورة ، ولمّا وقف المترجم على ذلك الشرح فخر به ومدح الشارح بمقطوعة ...».

ومن قصائده التي ذكرها له الأميني في الغدير(١) وهي في مدح أمير المؤمنين عليه‌السلام قوله :

يا روح قدس من الله البديء بدا

وروح أُنس على العرش العليِّ بدا

يا علّة الخلق يا من لا يقارب خير

المرسلين سواه شبهه أبداً

يا سرّ موسى كليم الله حين رأى

ناراً فآنس منها للظلام هدى

ويا وسيلة إبراهيم حين خبت

نار ابن كنعان برداً والضرام هدا

أنت الذي قسماً لولا علاك لما

كلّت لدى النحر عن نحر الذبيح مُدى

ولا غدا شمل يعقوب النبيِّ مع

الصدِّيق مشتملاً من بعد طول مدى

آية بك لولا أنت ما كشفت

مسرّة الأمن عن قلب النبيِّ صدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغدير ٦/٣٦٤.

٢٦٨

ولا غدت عرصات الكفر موحشةً

يبكي عليهن من بعد الأنيس صدى

يا من به كمل الدين الحنيف وللـ

إسلام من بعد وهن ميله عضدا

وصاحب النصِّ في خمٍّ وقد رفع النـ

ـبيُّ على رغم العدا عضدا

أنت الذي اختارك الهادي البشير أخاً

وما سواك ارتضى من بينهم أحداً

أنت الذي عجبت منه الملائكة في

بدر ومن بعدها إذ شاهدوا أُحداً ..

وذكر له يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) شعراً يتفجَّع به على الأهل والأحبّة ويذكر غدر الزمان وظلمه له قائلاً :

أبكي اشتياقاً كلّما ذكروا

وأخو الغرام يهيجه الذكر

ورجوتهم في منتهى أجلي

خلفاً فأخلف ظنّي الدهر

وأنا الغريب الدار في وطني

وعلى اغترابي ينقضي العمر

ويقول من قصيدة أُخرى له :

وقد كنت أبكي والديار أنيسة

وما ظعنت للضاعنين قفول

فكيف وقد شطّ المزار وروّعت

فريق التداني فرقة ورحيل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الحلّة ٢/٨٦.

٢٦٩

وما النفع فيها وهي غير أواهل

ومعهدها ممّن عهدت محيل

تنكّر منها عرفها فأهيلها

غريب وفيها الأجنبيّ أهيل

وفاته :

لم أعثر على ولادته أو وفاته ضاعف الله حسناته ، وقد أشار الشيخ يوسف كركوش إلى هذا الأمر قائلاً : (١)

«وكلّ ما في الأمر أنّه عاش في النصف الثاني من القرن الثامن والنصف الأوّل من القرن التاسع الهجري ، وقبره معروف بمحلّة المهدية».

١٩٧ ـ الشيخ جمال الدين الخليعي.

هو العلامة الشاعر والأديب البارع الفاضل الشيخ أبو الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز بن أبي محمّـد الخليعي الموصلي الحلّي. ذكره الأميني في الغدير(٢) قائلاً :

«أبو الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز بن أبي محمّـد الخلعي (الخليعي) الموصلي الحلّي ، شاعر أهل البيت عليهم‌السلام المفلّق ، نظم فيهم فأكثر ومدحهم فأبلغ ، ومجموع شعره الموجود ليس فيه إلاّ مدحهم ورثاؤهم ، كان فاضلاً مشاركاً في الفنون قويّ العارضة رقيق الشعر سهله ، وقد سكن الحلّة إلى أن مات في حدود سنة ٧٥٠هـ ودفن بها وله هناك قبر معروف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الحلّة ٢/٨٩.

(٢) الغدير ٦/١٢.

٢٧٠

ولدمن أبوين ناصبيّين.

ذكر القاضي التستري في المجالس ص ٤٦٣ وسيّدنا الزنوري في رياض الجنّة في الروضة الاُولى أنّ أُمّه نذرت أنّها إن رزقت ولداً تبعثه لقطع طريق السابلة من زوّار الإمام السبط الحسين عليه‌السلام وقتلهم ، فلمّا ولدت المترجم وبلغ أشدّه ابتعثته إلى جهة نذرها ، فلمّا بلغ إلى نواحي (المسيّب) بمقربة من كربلاء المشرّفة طفق ينتظر قدوم الزائرين ، فاستولى عليه النوم واجتازت عليه القوافل فأصابه القتام الثائر ، فرأى فيما يراه النائم أنّ القيامة قدقامت وقد أُمر به إلى النار ولكنّها لم تمسَّه لما عليه من ذلك العثير الطاهر ، فانتبه مرتدعاً عن نيّته السيّئة واعتنق ولاء العترة وهبط الحائر الشريف ردحاً».

وفي الكنى والألقاب(١) للشيخ عبّاس القمّي :

«ذكر القاضي نور الله في المجالس في شعراء الشيعة جمال الدين الخلعي الموصلي ولم يذكر اسمه ولا عصره ، وذكر أنّ والديه كانا ناصبيّين ولم يكن لهما ولد ذكر ، فنذرت أُمّه إن ولد لها ذكر تبعثه على قتل زوّار الحسين بن علي عليهما‌السلام من أهل جبل عامل الذين يعبرون الموصل ، فولد لهما الخلعي ، فلمّا بلغ السعي بعثته أُمّه على ما نذرت ، فنام فرأى في المنام ماصرفه عن ذلك ودلَّه على الحقِّ والهداية ، فاستبصر واختار مجاورة الحسين عليه‌السلام والاشتغال بمدح أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام ...».

وجاء في تاريخ الحلّة :

«أبو الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز بن أبي محمّـد الخليعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الكنى والألقاب ٢/١٩٩.

٢٧١

الموصلي أصلاً والحلّي مسكناً ومدفناً ، شاعر مجيد سامي الخيال ، يمتاز بسلاسة الاُسلوب ورقَّة المعاني ، وله مشاركة في الآداب والفنون ...».

أقول :

وعن قصّة تسميته بالخليعي ذكر الأميني في الغدير(١) قائلاً :

«ففي دار السلام للعلاّمة النوري نقلاً عن كتاب حبل المتين في معجزات أمير المؤمنين للسيّد شمس الدين محمّـد الرضوي أنّ المترجم لمّادخل الحرم الحسيني المقدّس أنشأ قصيدةً في الحسين عليه‌السلام وتلاها عليه ، وفي أثنائها وقع عليه ستار من الباب الشريفي ، فسمّي بالخليعي أو الخلعي ، وهو يتخلّص بهما في شعره».

وذكر الشيخ جعفر النقدي في كتابه الأنوار العلوية(٢) هذه القصّة قائلاً :

«فمن ذلك ما شاع وذاع وذكره جماعة في مؤلّفاتهم وهي قصّة الخُليع الشاعر المعروف وابن حمّاد ، وتفصيلها أنّ الشاعر المعروف بالخليعي نظم قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنشدها بباب الروضة المقدّسة ، فاُكرم من قبل أمير المؤمنين عليه‌السلام بخلعة غرّاء وقعت على كتفه ، وهي ستر من باب الروضة».

وذكر الشيخ حرز الدين في مراقد المعارف(٣) :

«إنّه ـ أي الخليعي ـ بعد أن أدركته العناية الإلهية ذهب إلى كربلاء خلف الزائرين يعتذر من سيّد الشهداء عليه‌السلام مؤمناً بولاء عليٍّ وأولاده المعصومين عليهم‌السلام ، ويروى أنّه نظم مضمون رؤياه في بيتين هما قوله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغدير ٦/١٣.

(٢) الأنوار العلوية : ٢٦٨.

(٣) مراقد المعارف ١/٢٨٣.

٢٧٢

 

إذا شئت النجاة فزر حسيناً

لكي تلقى الإله قرير عين

فإنّ النار ليس تمسُّ جسماً

عليه غبار زوّار الحسين»

وللشيخ الخليعي قدس‌سره شعر كثير مبثوث في المجاميع الشعرية المختلفة والتي منها كتاب المنتخب(١) للشيخ الطريحي ، وقد أثبت له عدّة قصائد ، منها :

هاج حزني وهاج حرّ لهيبي

وشجاني ذكر القتيل الغريب

وجفت مقلتي كراها وسحّت

سحب أجفانها بدمع سكوب

وقليلٌ لمن يمثل مولاه

لدى الطفِّ ذا جبين تريب

فيض دمع على الخدود وتسهاد

جفون قرحى وطول نحيب

كربلا كم تركت عندي كروباً

برزايا تذيب حبَّ القلوب

كم هوى في ثراك من بدر تَمٍّ

وأضرّ النوى بغصن رطيب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (١) المنتخب ١/١١٣.

٢٧٣

لهف نفسي على ابن بنت رسول الله

يدعو وماله من مجيب

قائلاً ليس في الأنام ابن بنت

لنبي غيري فلا تغدروا بي

هل على بدعة ابحتم دمي أم

كنت قصّرت ساهياً عن وجوب

لهف قلبي لطفله فوق كفّيه

بصدر ظام ونحر خضيب ..

وذكر له الأميني في الغدير قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه‌السلام نذكر هنا بعض أبياتها الرائعة :

قد رقى المصطفى بخمٍّ على

الأقتاب لا بالوني ولا الحصر

اذ عاد من حجّة الوداع إلى

منزله وهي آخر السفر

وقال يا قوم إنّ ربي قد

عاودني وحيه على خطر

إن لم أُبلّغ ما قد أُمِرتُ به

وكنت من خلقكم على حذر

وقال إن لم تفعل محوتك من

حكم النبيّين فاخشَ واعتبر

٢٧٤

إن خفت من كيدهم عصمتك

فاستبشر فإنّي لخيرُ منتصر

أقم عليّاً عليهم علماً

فقد تخيّرته من البشر

ثمّ تلا آية البلاغ لهم

والسمع يعنو لهامع البصر

وفاته :

أقول :

كانت وفاة الشيخ الخليعي رضي‌الله‌عنه حدود عام ٨٥٠هـ على أشهر الأقوال ، أي : منتصف القرن التاسع الهجري تقريباً. أمّا ما ذكره الشيخ الأميني قدس‌سره من أنّ وفاة الخليعي كان عام ٧٥٠هـ فمسألة فيها نظر ، لأنّ الشيخ الخليعي كان معاصراً لابن حمّاد الشاعر الذي جرت بينهما المفاخرة ولم يكن معاصراً للفقيه كمال الدين بن حمّاد الليثي الواسطي كما ظنّ الشيخ الأميني ذلك ، وهذا باعتقادي محلّ الاشتباه عنده ، والله سبحانه العالم.

١٩٨ ـ الشيخ علي بن منصور المزيدي.

جاء في تاريخ الحلّة(١) ليوسف كركوش ما نصّه :

«الشيخ علي بن منصور بن الحسين المزيدي ، كان فاضلاً فقيهاً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الحلّة ٢/١٢.

٢٧٥

معاصراً للشيخ أحمد بن فهد الحلّي. ذكر صاحب الرياض أنّه كان حيّاً في سنة ٨٧٧ هـ ، لأنّه وجد كتباً كانت بخطّه في هذا التاريخ».

١٩٩ ـ الشيخ ابن حمّاد الحلّي.

هو الشاعر الأديب الفاضل الشيخ أبو الحسن محمّـد المعروف بابن حمّاد ، ورد ذكره في العديد من كتب التراجم الخاصّة برجال الشعر والأدب ، وممّن ذكره الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) قائلاً : «أبو الحسن محمّـد المعروف بابن حمّاد بالتشديد على وزن شدّاد ، كان فاضلاً أديباً وشاعراً مجيداً ، كان معاصراً للخليعي وله معه مساجلات شعرية ...».

وللشيخ ابن حمّاد الشاعر شعر كثير مبثوث في المجاميع الشعرية والتي منها كتاب المنتخب(٢) للطريحي ، وقد ذكر له عدّة قصائد وكلّها في مديح النبيِّ وآله المعصومين ورثائهم عليهم‌السلام ، وإليك بعض هذه القاصائد :

كفاك بخير الخلق آل محمّـد

أصابهم سهم المصائب أجمعا

تخطّفهم ريب المنون بصرفه

فأغرب بالإرزاء فيهم وأبدعا

وقفت على أبياتهم فرأيتها

خراباً اراباً قفرة الجوِّ بلقعا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الحلّة ٢/١٠٣.

(٢) المنتخب ٢/١٦١.

٢٧٦

وإنّ لهم في عرصة الطفّ وقعةً

تكاد لها الأطواد أن تتزعزعا

غزتهم بجيش الحقد أُمّة جدِّهم

ولم ترع فيهم من لهم كان قد رعا

كأنّي بمولاي الحسين وصحبه

وجيش ابن سعد حولهم قد تجمّعا

وقد قام فيهم خاطباً قائلاً لهم

ولم يك من ريب المنون ليجزعا

ألم تأتني يا قوم بالكتب رسلكم

يقولون عجّل نحونا السير مسرعا

وإنّا جميعاً شيعة لك لا نرى

لغيرك في حقِّ الإمامة موضعاً ..

ومن قصيدة أُخرى قوله :

يا بني المصطفى السلام عليكم

ما أقلّ الغصون طيراً طروبا

هدّني الحزن بعدكم مثل ماهدّ

من الحزن يوسف ويعقوبا

ولقد زاد ذكر زيد غليل

حين أضحى على الكناس صليبا

٢٧٧

ثمَّ أذري من بعد قبر ونبش

وحريق بين الرياح نهيبا

أمّة السوء لم تجازوا رسول الله

فيكم إذ لم يزل متعوبا

كلّ يوم تهتكون حريماً

من بنيه وتقتلون حبيبا ..

وفاته :

لم أعثر على تاريخ ولادته أو وفاته إلاّ أنّه من معاصري الشيخ الخليعي المتوفّى عام ٨٥٠هـ كما مرَّ آنفاً ، والله سبحانه العالم.

وللبحث صلة ...

٢٧٨

مناهج الفقهاء

في المدرسة الإمامية

(٣)

السـيّد زهير الأعرجي

لقد استعرضنا في الأعداد السابقة مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية ، فتطرّقنا إلى منهج الفقه الإستدلالي الموسوعي ، ومنهج المختصرات ومنهج الفقه المقارن ونستأنف البحث هنا :

٤ ـ منهج الشرح الاستدلالي :

مقدّمة :

يعتمد الشرح الاستدلالي على تبيين مقصد الماتن عن طريق الشرح والاستدلال المفصّل للروايات وتشخيص السند وعرض أقوال الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين والإفتاء بالحكم الشرعي الصحيح عند المصنِّف حسب الدليل العلمي ، وليست هناك حدود أو قيود للتفريعات الفقهية في هذا المنهج ، فقد يناقش الشارح الأدلّة الشرعية نقاشاً مبسوطاً على مدى صفحات طويلة.

طبيعة الشرح الاستدلالي :

لا شكّ أنّ النصوص المختصرة الدالّة على الدقّة والاختصار تنفع في

٢٧٩

موارد عديدة ، منها : سهولة حمل الكتاب في السّفر والحضر ، وقلّة مؤونته فيمايتعلّق بالنسخ والطباعة. ومع أنّ وصول المكلّف إلى الحكم الشرعي أيسرفي المختصر إلاّ للشّرح الاستدلالي مكانته العلمية في عالم المعرفة الدينية ، فالفقيه لا يكتفي بكتاب مختصر بل يريد أن يستكشف آراء بقية الفقهاء ويوازن بينها ويستفيد من الرأي الصحيح ويطرح الشاذّ النادر ويبحث عن سند الرجال وتوثيق الروايات ويناقش الدليل فيفنّد الأضعف ويأخذ بالأقوى ، ويساعد الشرح على إشباع البحث من زوايا علمية متعدّدة ، خصوصاً عندما تتشعّب المسائل ويتعقّد الترتيب العلمي للأفكار.

وعلى طول تاريخ الفقه الإمامي فقد فازت مجموعة من الكتب المختصرة الدقيقة في المدرسة الإمامية بشرف الشرح الاستدلالي ، ومنها : كتاب اللمعة الدمشقية للشهيد الأوّل ، وقواعد الأحكام وإرشاد الأذهان للعلاّمة الحلّي ، وشرائع الإسلام والمختصر النافع للمحقّق الحلّي ، فتوالت عليهاالشروح الاستدلالية.

كتب الشرح الاستدلالي :

١ ـ رياض المسائل للسيِّد عليّ الطباطبائي (ت ١٢٣١ هـ).

٢ ـ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني (ت٩٦٥هـ).

٣ ـ مسالك الأفهام للشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ).

٤ ـ مجمع الفائدة والبرهان للأردبيلي (ت٩٩٣ هـ).

٥ ـ جامع المقاصد في شرح القواعد للشيخ الكركي (ت ٩٤٠ هـ).

٦ ـ مصباح الفقيه للشّيخ الهمداني (ت ١٣٢٢ هـ).

٢٨٠