الفوائد الغرويّة

الشيخ إبراهيم المحقّق الرودسري

الفوائد الغرويّة

المؤلف:

الشيخ إبراهيم المحقّق الرودسري


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-6767-02-8
الصفحات: ١٥٦

من صلاة الظهر على نحو من صلاة العشاء الآخرة ، وكان يقرأ في الأولتين من صلاة العصر سرا ويسبح في الأخيرتين على نحو من صلاة العشاء.

ومنها : ما في كتاب عيون الأخبار بسنده إلى الضحاك أنه صحب الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى مرو ، فكان يسبح في الأخراوين يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ـ ثلاث مرات ، ثم يركع.

ومنها : ما عن محمد بن عمران العجلي أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام : لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ فذكر عليه‌السلام حديث المعراج وصلاة الملائكة خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. إلى أن قال : وصار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله تعالى ، فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة.

ومنها : ما في كتاب العلل عن محمد بن أبي حمزة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي شيء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : لأنه لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله تعالى فدهش ، فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فبتلك العلة صار التسبيح أفضل من القراءة.

ومنها : ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال : لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام. قال : قلت : فما أقول؟ قال : إن كنت إماما أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ـ ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع.

١٤١

ومنها : ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما ، فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر.

وغيرها من الأخبار المذكورة في مظانها التي دلالتها على أفضلية التسبيح بل على تعينه كالأخيرة ظاهرة ، فتدبر.

والثالث : ما يدل بعضه على أفضلية القراءة مطلقا وبعضه الآخر على أفضليتها في الجملة ، كما يظهر من ذكرهما ، لا منافاة بينهما لما تقدم الجواب عن مثله في القسم الثاني ، وهو كثير :

منها : ما رواه محمد بن حكيم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : أيما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال : القراءة أفضل.

ومنها : ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ، وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل.

ومنها : ما رواه الكليني عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين؟ فقال : الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح.

ومنها : ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة؟ فقال : بفاتحة الكتاب ولا يقرأ الذين خلفه ، ويقرأ الرجل إذا صلى وحده فيهما بفاتحة الكتاب.

وغيرها مما هو مثلها في الدلالة المذكورة في مظانها ، لكن لا منافاة بين القسم الأول والأخيرين المعين كل منهما لأحد فرديه ، فتدبر. وإنما هي بين الأخيرين ، ولا يمكن الجمع بينهما المتقدم على ما سواه مع إمكانه ، فلا بد

١٤٢

حينئذ من الرجوع إلى الترجيح بالصدور أو الجهة أو غيرهما مما هو مقرر ومرتب في محله.

ولا خفاء في أن القسم الثالث أقل عددا وضعيف سندا وموافق لمذهب العامة الموجب لطرحه والأخذ بما يخالفه المأمور به في قوله : خذ ما خالف العامة. فالقول بأفضلية القراءة مطلقا أو في الجملة مما لا وجه له.

ثم قد ظهر بما ذكرنا من الأقوال أن تخيير المصلي مطلقا في الركعتين الأخيرتين بين القراءة والتسبيح وجواز إتيانه بما شاء منهما ، مما لا خلاف فيه ، مع أنه مناف لما هو المصرح به من الكل في محله من أن التخيير لا يصار إليه إلا مع فقد المرجح مطلقا ، وإلا كما عرفته هنا فلا مجال له جدا. إلا أن يقال : إن التخيير هنا على خلاف الأصل ثبت بالإجماع ، فتبصر.

هذا كله ما ساعد عليه نظري ولعله مما ينبغي للتصديق والتحسين وهو الموفق والمعين.

١٤٣

فائدة

[ما ترثه الزوجة من تركات زوجها]

ما يوجب الإرث في الشريعة اثنان : النسب والسبب ، والثاني أمور :

منها : الزوجية الموجبة للتوارث بين الزوج والزوجة ، فالكلام فيها : تارة في الزوج وأخرى في الزوجة وأنها كغيرها من الوارث لا فرق بينهما ، أو تحرم مما يتركه زوجها في الجملة ، وثالثة في تعيين ما تحرم منه الزوجة من الأموال ، ورابعة في تعيين من يحرم منها وأنه ما هي؟

فتوضيح المرام فيها في مقامات أربعة :

أولها في الأول ، ويرث من جميع ما تركته زوجته مطلقا ذا ولد كان منها أو لا. يدل عليه ـ مضافا إلى ما في الرياض وغيره من أنه مما قام عليه إجماع المسلمين كافة ولا خلاف فيه بينهم ـ عمومات الكتاب والسنة مع اختصاص المخصص لها مما تأتي الإشارة إليه بالزوجة لا مجال فيه للريب والشبهة.

والثاني في الثانية التي فيها قولان :

أحدهما : إنها كغيرها من الورثة لا فرق بينهما ، وهو المحكي عن الإسكافي.

وثانيهما : حرمانها في الجملة مما تركه زوجها في الجملة ، وهو المنسوب إلى من سواه من فقهاء الإمامية. بل قيل : إنه كالحبوة من متفردات مذهبهم

١٤٤

جدا.

وكيف كان يدل على الأول بعد عموم الكتاب والسنة ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل : هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئا أو يكون ذلك بمنزلة المرأة؟ فقال : يرثها وترثه وكل شيء ترك وتركت.

لكنه مع احتمال أن يكون المراد من الزوجة فيه ذات ولد من زوجها ، كما ذهب إليه من تأتي إليه الإشارة ، والغض عن أن العموم من جانبها كعموم الكتاب وغيره مخصص بما يأتي ذكره من المعتبرة المفصلة ، موافق لمذهب العامة ومخالف لما اتفق عليه الإمامية من حرمانها في الجملة مما يتركه زوجها في الجملة كما عرفته ، فلا محيص عن حمله على التقية. فالمتعين هو القول الثاني. وقد ظهر مما ذكرنا ما هو مدركه من الإجماع والمعتبرة الآتية ، ولا مجال فيه للريب والشبهة.

وثالثها في الثالث الذي فيه أقوال :

أحدها : ما عن علم الهدى قدس‌سره من حرمان الزوجة مما تركه زوجها مطلقا من الرباع وغيره كالآلات والأبنية عينا لا قيمة.

وثانيها : ما عن المفيد وابن إدريس والنافع وكشف الرموز من حرمان الزوجة من رباع الأرض خاصة عينا وقيمة ، ومن الآلات والأبنية عينا لا قيمة.

وثالثها : ما عن المشهور من حرمان الزوجة من الأرض نفسها مطلقا ، سواء كانت بياضا أم مشغولة بزرع أو شجر أو بناء أو نحوها عينا وقيمة ومن الأبنية والآلات عينا لا قيمة.

١٤٥

ورابعها : ما استجوده الشهيد قدس‌سره في المسالك من حرمان الزوجة من نفس الأرض مطلقا بياضا كانت أو مشغولة ، كان الشاغل بناء أو غيره عينا وقيمة ، ومن الآلات والأبنية والأشجار عينا لا قيمة. ونسبه إلى أكثر المتأخرين ، وجعله مغايرا للقول الثالث ، ومنع اتحادهما بعد نسبته له إلى الأكثر مستظهرا له من تتبع عباراتهم.

إلا أنه مما لا وجه له ، لأنه مضافا إلى منافاته لما استجوده في الروضة حيث قال فيها بعد كلام له بما هذا لفظه : ولو حمل كلام المصنف هنا وكلام الشيخ ومن تبعه على ما يظهر من معنى الآلات ويجعل قولا برأسه في حرمانها من الأرض مطلقا ومن آلات البناء عينا لا قيمة وإرثها من الشجر كغيره كان أجود ، أن الأشجار إما داخلة في عقار الأرض كما عن جماعة من أهل اللغة أو ملحقة بالآلات كما عن القواعد والدروس وأكثر المتأخرين ، بل في الرياض أنه مذهب فخر الدين مدعيا هو ووالده والصيمري وغيرهم أنه المشهور ، بل الظاهر منهم أنه لا خلاف فيه على المشهور. ومنه ظهر ما في استظهار المسالك وأن ما اعتمد عليه هنا مما لا ينهض بإثباته دليل.

وكيف كان ، استدل للقول الأول : بأن الجمع بين عمومات الإرث وما أجمع عليه الأصحاب من الحرمان بتخصيص الثاني بالبعض خاصة لا بالعين والقيمة معا يقتضيه جدا.

وفيه ـ مضافا إلى أن التصرف في المجمع عليه بما ذكر مما يفتقر إلى دليل مفقود ظاهرا وأنه مخالف لصريح كلمات الأصحاب لأنها كما يظهر بالرجوع إليها صريحة في حرمان الزوجة من الأرض مطلقا عينا وقيمة ـ أن مستندهم فيه في الحقيقة هو المعتبرة المفصلة الآتية الدالّة على حرمانها من الأرض

١٤٦

مطلقا عينا وقيمة ، يشهد عليه استشهادهم كالأخبار الآلات والآنية من حيث القيمة خاصة ، فالمصير إلى القول الأول مما لا وجه له جدا.

واستدل للقول الثاني بأمور :

أحدها : إن الأمر في المقام يدور بين كثرة التخصيص وقلته ، والمتعين في مثله هو الثاني.

وثانيها : إن حرمان الزوجة مطلقا أو في الجملة من التركة كذلك خلاف الأصل ، لا بد فيه من الاقتصار على المتيقن ، وهو الرباع لا غيرها.

وثالثها : الروايات المعتبرة الكثيرة التي منها رواية العلاء عن محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ترث المرأة البطون ولا ترث من الرباع شيئا.

ومنها : رواية بريد الصانع قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا.

ومنها : ما أشار إليه في الرياض من الصحيح : لا ترث النساء من عقار الدور ولكن يقوّم البناء والطوب ويعطى ثمنها أو ربعها.

وغيرها مما هو مثلها في الدلالة المذكورة في مظانها ، لكنها غير مجدية : أما الأول فلأنه مسلم إذا لم يكن عليه دليل ، وإلا كما هنا ـ وهو المعتبرة الآتية ـ فلا إشكال في لزوم التخصيص وإن كثر ، ولا خلاف فيه ظاهرا.

ومنه ظهر ما في الثاني أيضا ، مضافا إلى ما أشار إليه في الرياض من كفاية المظنون في مثله أيضا وعدم لزوم الاقتصار في مثله بالمتيقن خاصة ، فتدبر.

وأما الثالث وهو المعتبرة المذكورة فلأنها لا تنفي الرباع ولا تدل على الانحصار أيضا ، بل هي بالنسبة إلى الزيادة ساكتة ، فتنهض بإثباتها المعتبرة

١٤٧

الآتية من دون أن يعارضها شيء. واشتمالها على ما لا يقول به أحد من الأصحاب مما تأتي الإشارة إليه لا يضر بالاستناد إليها كما لا يخفى.

فظهر مما ذكرناه أن المتعين من الأقوال هو الثالث ، يدل عليه مضافا إلى ما عرفته من عدم الدليل على ما سواه ما وعدناه غير مرة من الروايات المعتبرة لكثيرة التي منها ما رواه الفضلاء الخمسة زرارة وبكير وفضيل وبريد ومحمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما‌السلام : أن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض ، إلا أن يقوّم الطوب والخشب قيمته فيعطى ربعها أو ثمنها.

ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : إن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك وتقوّم الشقص والأبواب والجذوع والقصب فيعطى حقها منه.

ومنها ما رواه محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا. قال : قلت : كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا؟ فقال : ليس لها منه نسب ترث به ، وإنما هي دخيل عليهم ، فترث من الفرع ولا ترث من الأصل ، ولا يدخل عليهم داخل سببها.

ومنها : ما رواه بريد الصانع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن النساء هل يرثن من الأرض؟ فقال : لا ولكن يرثن قيمة البناء. قال : قلت : إن الناس لا يرضون بذا. قال : إذا ولينا فلم يرضوا ضربناهم بالسوط ، فإن لم يستقيموا ضربناهم بالسيف.

ومنها : ما رواه طربال بن رجاء عن أبي جعفر عليه‌السلام : إن المرأة لا

١٤٨

ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا ، وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع البيت مما ترك ، ويقوّم الشقص والجذوع والقصب فيعطى حقها منه.

وغيرها مما هو مثلها ، التي دلالتها على القول الثالث مما لا يعتريه الريب والشبهة.

واشتمال بعضها على ما لا يقول به أحد ـ كما يظهر بالتأمل في متنها ـ مما لا يضر بالاستناد إليها ، كما مرت الإشارة إليه ، فتدبر.

ثم إن لفظ الأبنية والآلات المشتمل عليهما عبارة الأصحاب والمعتبرة ، ليس لهما حقيقة شرعية ولا متشرعة ، بل هما باقيتان على معناهما العرفي ، والمرجع فيهما هو العرف لا غيره ، ومع اختلافه أو توقفه يؤخذ بالغالب على الأول وباستصحاب حكم المخصص على الثاني ، فتدبر.

ولا فرق في الأولى بين ما كان متخذا للسكنى أو لغيرها كالحمام والرحى ونحوهما ، كما لا فرق في الأول بين ما كان مسكنا للزوج أو لغيره بالفعل أو بالقوة بخلاف الثانية فإن المراد منها هو المثبتة في البناء خاصة لا المنقولة ، فإن الزوجة ترث من عينها مطلقا. لا خلاف فيه ظاهرا ، بل في الرياض وغيره عليه الإجماع حاكيا له عن الصيمري أيضا.

ثم في كيفية التقويم وجوه ثلاثة :

أحدها : ما عن الصيمري ، وهو أن تقوّم الأرض مجردة عن البناء والغرس أولا ثم تقوّم مبنية مغروسة ، فتعطى حصتها من تفاوت القيمتين.

لكنه مما لا ينبغي المصير إليه ، إذ يمكن زيادة قيمة الأرض بملاحظة ما فيها من الغرس والبناء ، مع أن استحقاق الزوجة لهذه الزيادة ينافي ما دل على

١٤٩

حرمانها من الأرض عينا وقيمة من المعتبرة المتقدمة.

وثانيها : ما اختاره في المسالك والرياض والجواهر ، وهو أن تقوّم الأبنية والآلات باقيتين في الأرض مجانا إلى أن تفنيا ، فيقدران كأنهما في ملك الغير على وجه لا يستحق عليها أجرة ، فتعطى الزوجة قيمة ما عدا الأرض.

وعلّله في الجواهر بأنهما كانتا في الأرض كذلك بحق.

لكنه عليل ، لأن كونهما فيها كذلك في حياة الزوج لا يستلزم بقاءهما فيها كذلك بعد وفاته ، بل هذا يفتقر إلى دليل مفقود في المقام ، بل هو على خلافه كما سيظهر ، فلا ينبغي المصير إليه أيضا.

وثالثها : أن تقوّم الأبنية والآلات باقيتين في الأرض بأجرة إلى أن تفنيا فتعطى حصتها مما عدا الأرض.

وهو الأظهر ، لأنها لا ترث من الأرض مطلقا ، فيكونان في غير ملكها الموجب للأجرة ، كما هو مقتضى الجمع بين الحقين أيضا.

ودعوى مخالفته لظاهر المعتبرة ـ كما في الجواهر ـ ممنوعة ، لعدم ورودها لبيان كيفية التقويم ، بل هي راجعة إلى العرف المساعد لما اخترناه جدا.

ومن هنا ظهر ما وعدنا ظهوره أيضا ، فتدبر.

وفي كون دفع القيمة عزيمة أو رخصة ـ وبعبارة أخرى : وهل هو على وجه الاستحقاق أو المعاوضة ـ قولان ، ذهب في الرياض إلى الثاني وفي الجواهر والمسالك إلى الأول ، وهو الأظهر لظهور المعتبرة المتقدمة فيه.

والقول بأن سبيلها سبيل الأوامر الواردة في مقام توهم الحظر الغير المفيد لذلك سواها كما في الرياض ، لا وجه له.

١٥٠

وزاد صاحب الجواهر قدس‌سره على ما استدللناه للأول وجها آخر ، حيث قال : بل لعل الأول لا يخلو عن قوة ، خصوصا بعد ملاحظة أنه كقيم المتلفات ، باعتبار تنزيل حرمان الشارع لها من العين وتخصيص من عداها بها منزلة إتلافه عليها فيضمنوا لها القيمة.

لكنه لا يخلو عن مناقشة بل منع ، لعدم الملازمة بين إتلاف الشارع وضمان الورثة ، بل هذا يفتقر إلى دليل مفقود في المقام ، بل الاعتبار على العدم كما لا يخفى.

وكيف كان تظهر الثمرة بين القولين في إجبار الورثة على دفع القيمة وعدمه وفي إجبار الزوجة على أخذ العين مع رضاء الورثة وعدمه ، وفي جواز تصرف الورثة في العين قبل دفع القيمة وعدمه ، وغيرها مما هو مثلها ، فتدبر.

رابعها في الرابع ، وفي كونه مطلق الزوجة كانت ، فإن ولد من زوجها أولا أو الأخير خاصة؟ قولان ، ذهب في الرياض إلى الأول ناسبا له إلى الكليني والمفيد والمرتضى والشيخ والحلبي وغيرهم من المحققين أيضا ، ونسب الثاني إلى الصدوق وأكثر المتأخرين المحققين أيضا.

وما يستدل به للثاني أمور ثلاثة :

أحدها : إن الأمر في المقام دائر بين كثرة التخصيص وقلته ، والمتعين في مثله هو الثاني كما هو مذكور في محله.

وثانيها : رواية ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة في النساء : إذا كان لهن ولد أعطين من الرباع.

وثالثها : الجمع بين المعتبرة المختلفة في أصل الحرمان وعدمه بالكلية ،

١٥١

بحمل الأولى على غير ذات الولد والثانية على ذات الولد. لكنها غير مجدية :

أما الأول : فللزوم التخصيص وإن كثر إذا ساعده الدليل كما هنا وستأتي الإشارة إليه.

وأما الثاني : فلأنه مقطوع غير مسند إلى الإمام ، ولا اعتبار بمثله.

وقياسه بالمرسل في انجباره بالشهرة ونحوها مع الفارق لا وجه له جدا كما أشار إليه صاحبا الرياض والجواهر أيضا.

وأما الثالث : فلاحتياجه إلى شاهد مفقود في مقام. مضافا إلى إمكان الجمع بوجه آخر أيضا ، وهو حمل ما دل على عدم الحرمان بالكلية على التقية ، كما مرت الإشارة إليه في المقام الأول.

فظهر أن المتعين هو القول الأول ، ويدل عليه ـ مضافا إلى ما عرفته من عدم الدليل الوافي على الثاني وإلى ما عن الخلاف من الإجماع على الأول ـ إطلاق المعتبرة المتقدمة ، مع ترك الاستفصال في بعضها وعموم التعليل ووجه الحكمة في بعضها الأخرى. ومنه ظهر ما وعدنا إليه الإشارة ، فتبصر.

ثم لو اجتمعت ذات الولد وغيرها وقلنا باختصاص الحرمان بالثانية ورثت الأولى كمال الثمن في رقبة الأرض ، من غير مشاركة أحد من الورثة معها ، ومن دون دفع شيء إلى الثانية أيضا ، كما ورثت أيضا كماله من عين الآلات والآنية ، لكن عليها للأخرى نصف ثمن قيمتها كما لا يخفى.

هذا كله ما ساعد عليه نظري ولعله مما ينبغي للتصديق والتحسين وهو الموفق والمعين.

١٥٢

فهرس الكتاب

تقديم .........................................................................  ٥

ترجمة المؤلف ...................................................................  ٧

فائدة

الفرق بين التعريف بالحد وبالرسم

أقسام المعرّف .................................................................  ١٢

التعاريف لغوية ولفظية .........................................................  ١٢

التعريف بالرسم والرسمي ........................................................  ١٣

فائدة

تعريف الفقه وما يرد عليه من الإشكال

الفقه في اللغة والاصطلاح ......................................................  ١٤

إطلاقات العلم ...............................................................  ١٤

ما يطلق عليه الحكم ...........................................................  ١٥

الإشكال على تعريف الفقه ....................................................  ١٩

تقسيم الأحكام الشرعية إلى ثلاثة أقسام .........................................  ٢٠

تعريف الأدلة الشرعية ومناقشته .................................................  ٢٣

الدليل عند الأصوليين .........................................................  ٢٤

كيفية حصول التعبد ..........................................................  ٢٥

١٥٣

فائدة

تعريف أصول الفقه والمناقشة فيه

تعريف علم أصول الفقه .......................................................  ٢٩

تعريفه بمعناه الإضافي ..........................................................  ٢٩

تعريفه بمعناه العلمي ...........................................................  ٣٠

موضوع علم الأصول ..........................................................  ٣٣

تشقيقات في العرض الذاتي .....................................................  ٣٨

فائدة

حكم الجاهل القاصر والمقصر في الأحكام

الاختلاف في معذورية الجاهل بالحكم الشرعي ....................................  ٤١

تقسيم الجاهل إلى ملتفت وغافل ................................................  ٤١

عدم جواز العمل بالأصل قبل استفراغ الوسع .....................................  ٤٣

مؤديات الطرق الشرعية ........................................................  ٤٥

الخلاف في الحكم الوضعي أو التكليفي ..........................................  ٤٦

العمل بالاحتياط في العبادة .....................................................  ٤٨

حكم الجاهل القاصر ..........................................................  ٥٨

حكم الجاهل الغافل ...........................................................  ٥٩

لا يجوز العمل بالأصل في الشبهة الحكمية......................................... ٦١

معذورية الجاهل بالحكم وضعا لا تكليفا ..........................................  ٦٩

شروط العمل بالأصل .........................................................  ٧٣

المناقشة مع الفاضل التوني ....................................................... ٧٤

١٥٤

فائدة

اقتضاء الأمر للإجزاء

اختلاف الأصوليين في اقتضاء الأمر للإجزاء ......................................  ٨٢

النزاع في الاقتضاء منحصر في الأمر الشرعي الظاهري ..............................  ٨٣

مسألة الاقتضاء لفظية لا عقلية .................................................  ٨٤

معنى الإجزاء اللغوي ...........................................................  ٨٦

المناقشة مع صاحب الفصول ...................................................  ٨٨

فائدة

ورود الأسباب المتعددة على مسبب واحد

الخلاف في تداخل الأسباب ....................................................  ٩٥

كيفية عنوان البحث ..........................................................  ٩٥

ما يراد من السبب ............................................................  ٩٦

معنى ورود الأسباب على المسبب هو تعلقها به ....................................  ٩٧

السبب إما قابل للتكرار أو غير قابل له ..........................................  ٩٩

المراد من تداخل الأسباب .....................................................  ١٠٢

المسألة إما وجدانية أو برهانية .................................................  ١٠٣

تداخل الأسباب معرفات أو مؤثرات ...........................................  ١٠٦

مناقشة الأقوال في المسألة .....................................................  ١١٢

الخطابات المتكررة الابتدائية ...................................................  ١١٧

فائدة

اشتراط قدرة تسليم العوضين في صحة البيع

الدليل على اشتراط قدرة التسليم في البيع .......................................  ١٢١

١٥٥

الدليل على عدم اشتراط القدرة ...............................................  ١٢٦

لا فرق في اعتبار القدرة بين المالك والوكيل ......................................  ١٢٧

الشرط إما واقعي أو علمي ...................................................  ١٣٠

فائدة

حكم قراءة المأموم في صلاة الجماعة

الاختلاف في المسألة ........................................................  ١٣٣

القراءة إذا كانت الصلاة إخفاتية ............................................... ١٣٣

القراءة إذا كانت الصلاة جهرية ...............................................  ١٣٦

الأحاديث الواردة في أفضلية التسبيح مطلقا .....................................  ١٤٠

الأحاديث الواردة في أفضلية القراءة مطلقا ......................................  ١٤٢

فائدة

ما ترثه الزوجة من تركات زوجها

ما يوجب الإرث في الشريعة النسب والسبب ....................................  ١٤٤

إرث الزوج من جميع ما تركته زوجته ............................................  ١٤٤

مناقشة مع الشهيد في المسالك ................................................  ١٤٦

الروايات الواردة في المسألة ....................................................  ١٤٧

المراد من لفظة الأبنية والآلات .................................................  ١٤٩

دفع القيمة للزوجة عزيمة أو رخصة .............................................  ١٥٠

***

١٥٦