وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ما من مؤمن إلا وله باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه وذلك قوله تعالى :
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ).
فصل :
مما ذكر في تأويل قول الله عزوجل :
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) الدخان : ١٩ (١).
اعلم أن هذه الآية نزلت في قوم فرعون الذين أهلكهم الله عزوجل وأورث أرضهم ونعمهم غيرهم وفيها وجوه :
أحدها ما ورد به الخبر الذي قدمناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر البابين اللذين لكل مؤمن يصعد من أحدهما عمله وينزل من الآخر رزقه وأنهما يبكيان عليه بعد موته ومعنى البكاء هاهنا الإخبار عن الاختلال بعده كما يقال بكى منزل فلان بعده.
قال مزاحم العقيلي :
بكت دارهم من أجلهم فتهللت |
|
دموعي فأي الجازعين ألوم |
أمستعبرا يبكي من الهون والبلى |
|
وآخر يبكي شجوه ويهيم |
فإذا لم يكن لها ولا للقوم الذين أخبر الله تعالى ببوارهم مقام صالح في الأرض ولا عمل كريم يرفع إلى السماء جاز إن يقال (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ).
وقد روي عن ابن عباس رحمهالله أنه قيل له وقد سئل عن هذه الآية أوتبكي السماء والأرض على أحد فقال نعم مصلاه في الأرض ومصعد عمله في السماء
__________________
(١) أنظر الكلام على هذه الآية في أمالي المرتضى م ١ صلى الله عليه وسلم ٤٩ ـ ٥٥.