طبقات المعتزلة

أحمد بن يحيى بن مرتضى

طبقات المعتزلة

المؤلف:

أحمد بن يحيى بن مرتضى


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: منشورات دار مكتبة الحياة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٩١

الطبقة السابعة

ابو عبد الله احمد (١) بن ابى دواد (٢) ، وآثاره مشهورة

ومن هذه الطبقة ثمامة بن الاشرس ويكنّى أبا معن النميري (١٣) ، وكان واحد دهره في العلم والادب وكان جدلا حاذقا

قال ابو القاسم : قال ثمامة يوما للمأمون : انا ابيّن لك القدر (٣) بحرفين وازيد حرفا للضعيف ، قال : ومن (٤) الضعيف ، قال : يحيى بن اكثم (٥) ، قال : هات! قال : لا تخلو افعال العباد من ثلاثة اوجه إمّا (٦) كلّها من الله ولا (٧) فعل لهم لم (٨) يستحقّوا ثوابا ولا عقابا ولا مدحا ولا ذمّا (٩) ، او تكون (١٠) منهم ومن الله وجب (١١) المدح والذمّ لهم جميعا ، او منهم فقط كان لهم الثواب والعقاب والمدح والذمّ ، قال : صدقت (١٤)

وقال (١٢) يوما للمأمون : اذا وقف العبد بين يدي الله يوم القيامة فقال الله

__________________

(١) ابو عبد الله احمد ب ج س ل : ابو عبد الرحمن م

(٢) دواد ب : داود ج س ل م

(٣) القدر ب ج س م : ـ ل

(٤) قال ومن ج س ل م : فقال ومن ب

(٥) اكثم ج : بلا نقط ب س ، اكتم ل م وكذلك فيما يأتي

(٦) اما ب ج س ل : + ان يكون م

(٧) ولا ج س ل : لا ب م

(٨) لم ب ج م : ولم س ل

(٩) ذما ب ج س ل : مذما م

(١٠) تكون م : يكون ج ل ، بلا فقط ب س

(١١) وجب ب ج س ل : بياض في م

(١٢) وقال ب ج س م : قال ل

(١٣) في هامش م : قوله ويكنى أبا معن ، قلت : وفي تاريخ بن خلكان في ترجمة يحيى الفراء الكوفي النحوي المشهور ما لفظه جاء ابو بشر ثمامة بن اشرس النميري المعتزلي الى آخر ما قال وهذا يقضي بان كنيته ابو بشر لكن الاشهر ما ذكره المؤلف رحمه‌الله تعالى ، انظر ابن خلكان ٢ ص ٣٣٨ س ١٢ ، وفي الفهرست لابن النديم (فوك لاهور) ٦٣ وهوتسما ٢٢١ أيضا : ابو بشر ثمامة بن اشرس النميري

(١٤) : راجع كتاب بغداد ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨

٦١

تعالى : ما حملك على معصيتي؟ فيقول على مذهب الجبر : يا ربّ انك خلقتني كافرا وامرتني بما لا اقدر عليه (١) وحلّت بيني وبين ما امرتني به ونهيتني عما (٢) قضيته عليّ وحملتني عليه ، أليس هو بصادق؟ قال : بلى ، قال : فان الله تعالى يقول : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) (٥ المائدة : ١١٩) أفينفعه صدقه؟ فقال (٣) بعض الهاشميين : ومن يدعه يقول هذا او يحتجّ به؟ فقال ثمامة : أليس اذا منعه من الكلام (٤) والحجّة يعلم انه منعه من ابانة عذره؟ ولو تركه (٥) لأبان عذره ، فانقطع

وقال (٦) ابو العتاهية يوما للمأمون : انا اقطع ثمامة ، فقال : عليك بشعرك (٩) فلست من رجاله ، فلما حضر ثمامة قال ابو العتاهية وقد حرّك يده (٧) : من حرّك يدي؟ قال : من أمّه زانية ، قال : يا امير المؤمنين شتمني (٨) ، قال ثمامة :

__________________

(١) عليه ب : ـ ج س ل م

(٢) عما ب ج م : على ما س ل

(٣) فقال ب : قال ج ل م ، وقال س

(٤) من الكلام ج س ل م : الكلام ب

(٥) تركه ج ل : ترك ب س م

(٦) وقال ج س ل م : قال ب

(٧) يده ب ج س ل : + وقال م

(٨) شتمني ب ج س ل : يشتمني م

(٩). (٨ ـ ص ٦٤ س ٢) : قال البيهقي في المحاسن ٤٩٣ / ١١ ـ ٤٩٤ / ٧ : قيل دخل ابو العتاهية على المأمون حين قدم العراق فانشده شعرا يمدحه به فأمر له بمال واقبل عليه يحدثه اذ ذكر ابو العتاهية القدريّة فقال : يا امير المؤمنين ما في الارض فيئة اجهل ولا اضعف حجة من هذه العصابة ، فقال المأمون : انت رجل شاعر وانت بصناعتك اعلم فلا تتخطاها الى غيرها فلست تعرف الكلام ، فقال : ان جمع امير المؤمنين بيني وبين رجل منهم وقف على ما عندي من الكلام ، قال ثمامة : فوجّه إليّ رسولا فلما دخلت قال : يا ثمامة زعم هذا انه لا حجّة لك ولا لاصحابك ، قلت : فليسأل عمّا بدا له ، فقال المأمون : سله يا اسماعيل ، قال : اقطعه يا امير المؤمنين بحرف واحد ، قال : شأنك ، فاخرج ابو العتاهية يده من كمه وحركها وقال : يا ثمامة من حرّك يدي هذه؟ قلت : حرّكها من أمّه زانية ، قال : فضحك المأمون حتى فحص برجله وتمرغ على فراشه وقال : زعمت انك تقطعه بكلمة واحدة ، فقال ابو العتاهية : شتمني يا امير المؤمنين ، قلت : ناقضت يا عاضّ بظر أمّه ، قال : فعاد المأمون في الضحك حتى خفت عليه من ضحكه وشدة ما ذهب به ثم قلت : يا جاهل تحرّك يدك وتقول : من حرّكها؟ فان كنت انت المحرك لها فهو قولي وان تكن الاخرى فما شتمتك ، فقال المأمون : يا اسماعيل عندك زيادة في الكلام فان الجواب قد مضى فيما سألت ، فما نطق بحرف حتى انصرف. ـ قابل أيضا تاريخ بغداد ٧ ص ١٤٧

٦٢

ترك مذهبه يا امير المؤمنين ، فقال له ابو العتاهية بعد ذلك : أما كانت (١) لك في الحجّة مندوحة غير السفه (٢)؟ فقال له : انّ خير الكلام ما جمع الحجّة والانتقام

وجاءه رجل من الحشويّة فقال له : دع مذهبك فلقد (٣) رأيت فيك رؤيا قبيحة ، فذهب بهم الى بيعة وسألهم : ما الذي ترون في القسّ (٤)؟ فذكروا المنامات (٥) العجيبة (٦) فاقبل على الحشوي وقال : تنصّر

وكان اخذه عن ابي الهذيل ، وله اقوال انفرد (٧) بها سنذكرها ان شاء الله تعالى

وكان اتّصل بالخلفاء وخدمهم ليتوصّل بذلك (٨) الى معونة اهل الدين ولذلك قد ينقل في (٩) كلامه بعض الهزل كقصّته مع رجل ادّعى للنبوة فارسله المأمون وآخر معه إليه ليفهما ما عنده فلما سألاه اظهار معجزة تدلّ على صدقه قال : نعم من شاء منكما فليأتني بأمّه لا حبلها تلد (١٠) الساعة ولدا سويّا يقوم بين ايديكما ، فقال ثمامة : امّا أمّي (١١) فقد ماتت منذ (١٢) مدّة لكن اخونا (١٣) هذا لعلّ أمّه باقية ـ يعني صاحبه (١٤) ـ فيأتي بها أليك ، وهذا (١٥) مجون كما ترى (١٩)

وعن ثمامة قال : كان (١٦) المأمون قد همّ بلعن (١٧) معاوية على المنابر (١٨) وأن يكتب (٢٠)

__________________

(١) كانت ب س ل : كان ج م

(٢) السفه ب ج س م : السفاهة ل

(٣) فلقد ب ج س ل : فقد م

(٤) القس ج ل : بلا نقط ب س ، القيس م

(٥) المنامات ب ج س ل : المقامات م

(٦) العجيبة ب ج ل م : القبيحة س

(٧) انفرد ج م : تفرد ب س ل

(٨) بذلك ج : ـ ب س ل م

(٩) في ج س ل م : + بعض ب

(١٠) تلد ب س ل م : فتلد ج

(١١) اما امي ب ج س م : ـ ل

(١٢) منذ ب ج ل : مذ س ، من م

(١٣) اخونا ج س ل م : اخي ب

(١٤) صاحبه ج : ـ ب س ل م

(١٥) وهذا ب ج س ل : هو م

(١٦) كان ب ج ل م : قد كان س

(١٧) بلعن ب ج س ل م ، يلعن كتاب بغداد

(١٨) على المنابر ب ج س ل م : ـ المحاسن وكتاب بغداد

(١٩) : قال البيهقي ٣٤ / ١٢ ـ ١٦ : ومنهم رجل تنبأ في ايام المأمون فقال للحاجب : ابلغ امير المؤمنين ان نبي الله بالباب ، فاذن له فقال ثمامة : ما دليل نبوتك؟ قال : تحضر لي امك فاواقعها فتحمل من ساعتها وتأتي بغلام مثلك ، فقال ثمامة : صلى الله عليك ايها النبي رحمة الله وبركاته اهون عليّ من احضارك أمّي ومواقعتها

(٢٠). (١٣ ـ ص ٦٧ س ٤) قابل كتاب المحاسن والمساوي ص ١٥١ س ٥ ـ ص ١٥٢ ص ١٥ وكتاب بغداد ص ٩١ س ٦ ـ ص ٩٣ س ٩

٦٣

بذلك كتابا يقرأ على الناس (١) قال (٢) : فنهاه (٣) يحيى بن اكثم عن ذلك وقال : يا امير المؤمنين انّ (٤) العامّة لا تحتمل ذلك سيّما (٥) اهل خراسان فلا (٦) تأمن ان تكون لهم نفرة (٧) فلا تدري (٨) ما (٩) عاقبتها ، والرأي ان تدع الناس على ما هم عليه في امر معاوية (١٠) ولا تظهر (١١) انك تميل الى فرقة من الفرق (١٢) ، فركن المأمون (١٣) الى قوله فلما دخلت (١٤) عليه قال : يا ثمامة قد علمت ما كنّا فيه ودبّرناه (١٥) في امر (١٦) معاوية وقد عارضنا تدبير هو (١٧) أصلح في تدبير المملكة وأبقى ذكرا في العامّة ، ثم اخبرني (١٨) ان يحيى (١٩) بن اكثم خوّفه العامّة (٢٠) فقلت (٢١) : يا امير المؤمنين والعامّة (٢٢) في هذا الموضع الذي وصفها (٢٣) به (٢٤) يحيى والله لو وجّهت (٢٥) انسانا على عاتقه سواد ومعه عصى لساق أليك (٢٦) بعصاه عشرة آلاف منها ، والله يا امير المؤمنين ما رضي الله ان سوّاها

__________________

(١) يقرأ على الناس ب ج س ل م : يقرأ يوم الدار وجفل الناس ـ كتاب بغداد ، في الطعن عليه ـ المحاسن

(٢) قال ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد

(٣) فنهاه ب ج ل م : فنها س ، ففثأه ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٤) انّ ب ج س ل م : ـ المحاسن

(٥) سيما ب ج س ل : وسيما ـ كتاب بغداد ، ولا سيما ـ المحاسن

(٦) فلا ب ج س م : ولا ل وكتاب بغداد والمحاسن

(٧) نفرة ب ج س ل م : + ونبوة لا تستقال ـ المحاسن

(٨) فلا تدري : فلا ندري م ، ولم تدر ج س ل ، فلا ندر ب ، ولا يدري ـ المحاسن ، وان كانت لم تدر ـ كتاب بغداد

(٩) ما ب ج س ل م : + يكون المحاسن

(١٠) في امر معاوية ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١١) تظهر ب ج س ل م : + لهم ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٢) الفرق ب ج س ل م : + فان ذلك اصلح في السياسة وآمن في العاقبة (آمن في العاقبة : ـ كتاب بغداد) فاجرى في التدبير ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٣) المامون ب ج س ل م : ـ المحاسن

(١٤) دخلت ج س ل م : دخل ب

(١٥) فيه ودبرناه ب ج س ل م : دبرناه ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٦) امر ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد

(١٧) تدبير هو ب ج س ل م : رأى هو ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٨) اخبرني ب ج س ل : اخبره ـ كتاب بغداد

(١٩) يحيى ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد

(٢٠) خوفه العامة ب ج س ل م : حذره واخبره بنفور العامة عن مثل هذا الرأي ـ المحاسن ، خوفه إياها واخبره بنفورها عن هذا الرأي ـ كتاب بغداد

(٢١) فقلت ب ج س ل م : فقال ثمامة ـ كتاب بغداد

(٢٢) والعامة ب ج س ل م : + عندك ـ المحاسن ، وهو اشبه

(٢٣) وصفها ب ج س ل م : وضعها ـ كتاب بغداد والمحاسن ، وهو اشبه

(٢٤) به ب ج س ل م : فيه ـ المحاسن

(٢٥) وجهت ب ج س ل م : بعثت إليها ـ المحاسن

(٢٦) أليك ب ج س ل م : + منك ـ المحاسن

٦٤

بالانعام حتى جعلها اضلّ منها (٢) فقال تعالى (٣) : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) (١) بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٢٥ الفرقان : ٤٤) والله يا امير المؤمنين لقد مررت منذ (٤) ايّام في شارع (٥) وانا اريد الدار فاذا انسان قد بسط كساءه وألقى عليه ادوية وهو قائم ينادي (٦) : هذا دواء (٧) لبياض العين (٨) والغشاوة والظلمة (٣١) ، وانّ احدى عينيه لمطموسة والاخرى (٩) موشكة (١٠) والناس قد اجتمعوا (١١) (١٢) فدخلت (١٣) في غمار (١٤) تلك العامّة (١٥) ثم قلت (١٦) : يا هذا ان (١٧) عينيك أحوج من (١٨) هذه (١٩) الاعين الى العلاج وانت تصف هذا الدواء وتخبر انه شفاء لوجع العين فلم (٢٠) لا تستعمله؟ فقال (٢١) : انا في هذا الموضع منذ (٢٢) عشرين سنة (٢٣) فما (٢٤) مرّ بي شيخ اجهل منك (٢٥) ، قلت (٢٦) : وكيف ذلك؟ قال (٢٧) : يا جاهل أتدري (٢٨) اين اشتكت عيني؟ قلت : لا (٢٩) ، فقال : اشتكت بمصر (٣٠)

__________________

(١) حتى جعلها ... كالانعام ج س ل م : ـ ب

(٢) منها ب س ل م : سبيلا ج والمحاسن ، + سبيلا ـ كتاب بغداد

(٣) تعالى ب ج س ل م : + أم تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٤) منذ ج م : مذ ب س ل وكتاب بغداد

(٥) شارع ب ج س ل م : + الخلد كتاب بغداد والمحاسن ، ولعله الصواب

(٦) ينادي ب ج س ل م : + عليها ـ كتاب بغداد

(٧) دواء ب ج س ل م : الدواء ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٨) لبياض العين ب ج س ل م : + والعشاء ـ كتاب بغداد ، للبياض في العين ـ المحاسن

(٣١) والظلمة ب ج س ل م : + وضعف البصر ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٩) والاخرى ب ج س ل م : وفي الاخرى ـ كتاب بغداد

(١٠) موشكة : موشوكة ب ج س ل م ، مؤلمة ـ المحاسن

(١١) والناس قد اجتمعوا ب ج س ل م : وقد تألبوا عليه وانجفلوا (لعله احتفلوا) إليه فنزلت عن دابتي ـ المحاسن

(١٢) اجتمعوا ب ج س ل : + عليه م ، انثالوا عليه واجفلوا (لعله احتفلوا) إليه يستوصفونه فنزلت عن دابتي ناحية ـ كتاب بغداد

(١٣) فدخلت ب ج س ل م : ودخلت ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٤) في غمار ب ج س ل م : بين ـ المحاسن

(١٥) العامة ب ج س ل م : الجماعة ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٦) ثم قلت ب ج س ل م : فقلت ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٧) ان ب ج س ل م : ارى كتاب بغداد والمحاسن

(١٨) من ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد والمحاسن

(١٩) هذه ب ج س ل م : ـ المحاسن

(٢٠) فلم ب ج س ل م : فما بالك يا هذا ـ المحاسن

(٢١) فقال ب ج س ل م : قال ـ المحاسن

(٢٢) مند ب ج س م : مذ ل

(٢٣) عشرين سنة ب ج س ل م : عشر سنين ـ كتاب بغداد

(٢٤) فما ب ج س ل م : ما ـ كتاب بغداد

(٢٥) فما مر بي شيخ اجهل منك ب ج س ل م : ما رايت شيخا قط اجهل منك ولا احمق ـ المحاسن

(٢٦) قلت ب ج س ل م : فقلت ـ كتاب بغداد

(٢٧) قال ج س ل م : فقال ب

(٢٨) أتدري ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد

(٢٩) لا ب ج س ل م : + ادري ـ كتاب بغداد

(٣٠) فقال اشتكت بمصر ب ج س ل م : قال بمصر ـ كتاب بغداد والمحاسن

٦٥

عين اشتكت بمصر (١) كيف ينفعها دواء بغداذ (٢)؟ قال (٣) : فاقبلت (٤) الجماعة وقالوا (٥) : صدق الرجل (٦) انت جاهل (٧) ، فقلت : لا (٨) والله ما علمت ان عينه (٩) اشتكت بمصر (١٠) ، فما تخلّصت (١١) منهم (١٢) الّا (١٣) بهذه الحجّة (١٤) ، فضحك المأمون وقال : ما لقيت العامّة منكم (١٦) ، قلت (١٥) (١٧) : ما (١٨) لقيت من الله (١٩) اكثر (٢٠) ، قال : أجل

قال (٢١) القاضي عن ابي الحسن (٢٢) في كتاب المشايخ في سبب اتّصال ثمامة بالخلفاء ان محمد بن سليمان قطع يدي عيسى الطبري وكان زاهدا متكلّما في عبّاد الله الصالحين فلما بلغ ثمامة قال : قتلني الله إن لم أقتله ، وكان ثمامة قد تفرّد (٢٣) بالعبادة (٢٤) ، فاتّصل بالرشيد وتمكّن منه لعلمه وفضل ادبه الى ان عادله في طريق مكّة فكان يملأ اذنيه علما وادبا الى ان حجّ معه وحوّله بتدبيره الى طريق البصرة في منصرفه وهجم به على سلاح لمحمد بن سليمان فكان من الرشيد ما كان

ومن هذه الطبقة عمرو بن بحر الجاحظ ، وكنيته ابو عثمان ، قال ابو

__________________

(١) عين اشتكت بمصر ب ج س ل م : ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٢) كيف ... بغداد ب ج س ل : وكيف ... بغداد م ، ـ كتاب بغداد والمحاسن

(٣) قال ب ج س ل م : ـ المحاسن

(٤) فاقبلت ب ج س ل م : + على تلك ـ كتاب بغداد ، فاقبل على ـ المحاسن

(٥) وقالوا ب ج س ل م : فقالوا ـ كتاب بغداد ، فقالت ـ المحاسن

(٦) الرجل ب ج س ل م : والله ـ المحاسن

(٧) جاهل ب ج س ل م : + وهموا بي قال ـ كتاب بغداد ، + وهموا بي ـ المحاسن

(٨) لا ب ج س ل م : ـ المحاسن

(٩) عينه ب ج س : عينيه ل م

(١٠) بمصر ب ج س ل م : + قال ـ كتاب بغداد

(١١) فما تخلصت ب ج س ل : فتخلصت ـ المحاسن

(١٢) منهم ج س م : عنهم ب ل

(١٣) الا ب ج س ل م : ـ المحاسن

(١٤) الحجة ب ج س ل م : + قال ـ المحاسن

(١٥) ما لقيت ... قلت : ـ المحاسن

(١٦) ما لقيت العامة منكم ب ج س ل م : ما القيت منك العامة ـ كتاب بغداد

(١٧) قلت ب ج س ل م : قال ـ كتاب بغداد

(١٨) ما ب ج س ل م : الذي ـ كتاب بغداد

(١٩) الله ب ج س ل م : + جل ذكره من سوء الثناء وقبح الذكر ـ المحاسن وكتاب بغداد (ـ جل ذكره)

(٢٠) اكثر ـ كتاب بغداد والمحاسن : اكبر ب ج ل ، بلا نقط س م

(٢١) قال ج س ل م : ـ ب ، قلت ـ المحاسن

(٢٢) الحسن ب ج ل م : الحسين س

(٢٣) تفرد ب ج م : انفرد س ل

(٢٤) بالعبادة ج : للعبادة ب ل م ، للعباد س

٦٦

القاسم : وهو كنانيّ من صلبهم ، قال المرتضى : بل هو مولّى لهم ، اخذ عن (٦) النظّام ، قال ابن يزداذ : وهو نسيج وحده في جميع العلوم جمع بين علم الكلام (١) والاخبار والفتيا والعربية وتأويل القرآن وايّام العرب مع ما فيه من الفصاحة ، وله مصنّفات كثيرة نافعة في التوحيد وإثبات النبوّة وفي الامامة (٢) وفضائل المعتزلة وغير ذلك

قال ابو علي : ما أحد يزيد على ابي عثمان ، وأغري بشيئين : كون المعارف ضرورية والكلام على الرافضة (٧)

قال الجاحظ : قلت لأبي يعقوب الخريمي (٣) من خلق المعاصي؟ قال : الله ، قلت : فمن عذّب عليها؟ قال : الله ، قلت : فلم؟ قال : لا ادري والله (٨)

وروي انه كان في حداثته مشتغلا بالعلم وأمّه تموّنه فجاءته يوما بطبق عليه كراريس فقال : ما هذا؟ قالت : هذا الذي تجيء به ، فخرج مغتمّا وجلس في الجامع ومويس (٤) بن عمران (٩) جالس فلما رآه مغتمّا قال له : ما شأنك؟ فحدّثه الحديث ، فأدخله المنزل وقرّب إليه الطعام (٥) وأعطاه خمسين دينارا ، فدخل السوق واشترى الدقيق وغيره وحمله الحمّالون الى داره فانكرت الامّ ذلك وقالت : من اين لك هذا؟ قال : من الكراريس التي قدّمتها إليّ

__________________

(١) علم الكلام ب ج م : العلم والكلام س ل

(٢) وفي الامامة ج س ل م : والامامة ب

(٣) الخريمي ـ الغرر : الحرمي ب ج س ل ، الحرى م

(٤) مويس ـ القاموس وغيره : موسى ب ج س ل م ، مونس ن ، وفي الملل والنحل مويس ومونس وموسى

(٥) الطعام ب ج س ل : طعاما م

(٦) قال في الغرر والدرر ١ ص ١٩٤ : فاما الجاحظ فهو ابو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب مولى لأبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ثم الفقيمي ، وفي تاريخ بغداد ١٢ ص ٢١٣ س ١ ـ ٢ : ... وهو كناني قيل صلبيه وقيل مولى ، وراجع الفصل لابن حزم ٥ ص ١٩٥ س ١٥

(٧) كون المعارف ضرورية : الملل للشهرستاني ص ٥٢

(٨) غرر الفوائد ودرر القلائد ١ ص ١٩٦ س ٧ ـ ٨

(٩) في القاموس : ومويس كأويس ابن عمران متكلم

٦٧

ثم اتّصل بعد ذلك بابن الزيّات فأقطعه اربع مائة جريب في الاعالي ، قال الحاكم : وهي تعرف بالجاحظية الى الآن

قال المبرّد : سمعت الجاحظ (١) يقول : احذر ممّن (٢) تأمن فانك حذر (٣) ممّن تخاف ، قال (٤) المبرّد : قال الجاحظ يوما : أتعرف مثل قول إسماعيل بن القاسم (١٥) شعرا (من الطويل) :

ولا خير في من لا يوطّن نفسه

على نائبات الدهر حين تنوب

قلت : نعم قول كثيّر ومنه اخذ (من الطويل) :

فقلت لها يا عزّ كلّ مصيبة

اذا وطّنت يوما لها النفس ذلّت

(١٦) وكان مختصّا بابن الزيّات منحرفا عن احمد بن ابي داود (٥) فلما قتل ابن الزيّات (١٧) حمل الجاحظ مقيّدا من البصرة وفي عنقه سلسلة وعليه قميص سمل فلما دخل على القاضي احمد بن ابي دواد (٦) قال (٧) : ما علمتك الا متناسيا للنعمة كفورا للصنيعة معدنا (٨) للمساوئ وما فتّني (٩) باستصلاحي (١٠) لك ولكن الأيّام لا تصلح منك لفساد طويّتك ، ورداءة طبيعتك (١١) ، وسوء اختيارك (١٢) ، وغالب (١٣) ضغنك (١٤) ، فقال الجاحظ :

__________________

(١) الجاحظ ب ج س ل : + يوما م

(٢) ممن ب ج س ل م : من ـ الغرر والدرر

(٣) حذر ب ج س ل م : على حذر ـ الغرر والدرر

(٤) قال ب ج س ل : + لى م والغرر والدرر

(٥) دواد ب : داود ج س ل م

(٦) فلما قتل ... دواد ب ج ل م : ـ س

(٧) دواد قال ب ج س ل م : + والله ـ الغرر وزهر الآداب ومعجم الادباء

(٨) معدنا ب ج س ل م : معددا ـ زهر الآداب ومعجم الادباء

(٩) فتنى ـ زهر الآداب والغرر ومعجم الادباء : فتنتنى ب ج س م ، فتنتنى ل

(١٠) باستصلاحي ب س ل م : باصطلاحي ج

(١١) طبيعتك ب ج س ل م : داخلتك ـ زهر الآداب ، دخيلتك ـ الغرر ومعجم الادباء

(١٢) اختيارك ب س ل م : اختبارك ج

(١٣) وغالب ب ج س ل م : وتغالب ـ زهر الآداب ومعجم الادباء

(١٤) ضغتك ـ آرنولد : طعنك ب م ، ظغنك ج ل ، طنعك س ، طبعك ـ الغرر والدرر ومعجم الادباء ، طباعك ـ زهر الآداب

(١٥) راجع غرر الفوائد ١ ص ١٩٦ س ٦

(١٦) راجع غرر الفوائد ص ١٩٦ س ١٨ ـ ٢١

(١٧). (٩ ـ ص ٧٠ س ٥) راجع زهر الآداب ٢ ص ١٨٣ س ١ ـ ٩ وغرر الفوائد ١ ص ١٩٥ س ١٣ ـ ١٩٦ س ٥ ومعجم الادباء ٦ ص ٥٨ س ١٨ ـ ص ٥٩ س ١٨

٦٨

خفّض (١) عليك ايّدك الله فو الله لأن يكون لك الامر عليّ خير من ان يكون لي عليك ، ولأن أسيء وتحسن احسن في الاحدوثة عنك (٢) من ان أحسن فتسيء (١١) ، ولأن تعفو عنّي في (٣) حال قدرتك (٤) أجمل بك (٥) من الانتقام منّي (٦) ، فقال : احمد الله (٧) ما علمتك الّا كثير تزويق الكلام (٨) ، فحلّ عنه الغلّ والقيد وأحسن إليه وصدّره في المجلس وقال : هات الآن يا أبا عثمان حديثك (٩)

ومات الجاحظ سنة خمس وخمسين ومائتين في ايّام المهتدي

ومن هذه الطبقة عيسى بن صبيح ، وكنيته ابو موسى بن المردار (١٠) ، قال ابن الاخشيذ : هو من علماء المعتزلة ومن المقدّمين فيهم ، وكان ممّن اجاب بشر

__________________

(١) خفض ب ج م : حفظ س ل

(٢) في الا حدوثة عنك ـ الغرر والدرر وزهر الآداب : في الا حدوثة عليك ب ج س ل م ، عنك ـ معجم الادباء

(١١) فتسيء ـ زهر الآداب ومعجم الادباء والغرر والدرر : وتسىء ب ج س ل م

(٣) في ب ج س ل م : على ـ زهر الآداب

(٤) قدرتك ب ج س ل م : + على ـ زهر الآداب

(٥) بك ب ج س ل م : ـ معجم الادباء

(٦) منى ب ج س ل م : + فعفا عنه ـ زهر الآداب

(٧) احمد الله ب ج س : احمد ل م ، ابن ابي دواد قبحك الله فو الله ـ الغرر والدرر ، له ابن ابي دواد قبحك الله ـ معجم الادباء

(٨) الكلام ب ج س ل م : اللسان ـ الغرر والدرر

(٩) فحل عنه ... حديثك ب ج س ل م : وقد جعلت بيانك امام قبلك ثم اضطغنت فيه النفاق والكفر ، يا غلام صر به الى الحمام وامط عنه الاذى ، فاخذت عنه السلسلة والقيد وادخل الحمام واميط عنه الاذى وحمل إليه تخت من ثياب وطويلة وخف فلبس ذلك ثم اتاه فصدره في مجلسه ثم اقبل عليه وقال : هات الآن حديثك يا أبا عثمان ـ الغرر والدرر ، وقد جعلت ثيابك امام قلبك ثم اصطفيت فيه النفاق والكفر ما تاويل هذه الآية : وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه أليم شديد ، قال تلاوتها تاويلها اعز الله القاضي ، فقال : جيئوا بحدّاد ، فقال : اعز الله القاضي ليفك عني او ليزيدني ، فقال : بل ليفك عنك فجىء بالحداد فغمزه بعض اهل المجلس ان يعنف بساق الجاحظ ويطيل امره قليلا فلطمه الجاحظ وقال : اعمل عمل شهر في يوم وعمل يوم في ساعة وعمل ساعة في لحظة فان الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة ، فضحك ابن ابي دواد واهل المجلس منه وقال ابن ابي دواد لمحمد بن منصور وكان حاضرا : انا اثق بظرفه ولا اثق بدينه ، ثم قال : يا غلام صر به الى الحمام وامط عنه الاذى واحمل إليه تخت ثياب وطويلة وخفا ، فلبس ذلك ثم اتاه فتصدر في مجلسه ثم اقبل عليه وقال : هات الآن حديثك يا أبا عثمان ـ معجم الادباء

(١٠) المردار ب س م : المزدار ج ل.

٦٩

ابن المعتمر ، ومن جهة ابي موسى انتشر الاعتزال ببغداذ ، ويقال إنّه كان من احسن عبّاد الله قصصا وافصحهم منطقا واثبتهم كلاما

وروي ان أبا الهذيل وقف عليه فبكى وقال : هكذا شهدنا (١) اصحاب واصل وعمرو (٤)

ويسمّى راهب (٢) المعتزلة (٥) ، ولما حضرته الوفاة شكّ فيما في يده فأخرجه قبل موته الى المساكين تحرّزا وإشفاقا ، وهو استاذ الجعفرين وناهيك بهما علما وورعا

ومن هذه الطبقة مويس (٣) بن عمران الفقيه ، ذكر ابو الحسين انه كان واسع العلم في الكلام والفتيا وكان يقول بالإرجاء

ومنهم محمد بن شبيب ، وكنيته ابو بكر ، وله كتاب جليل في التوحيد ، ولمّا قال بالإرجاء تكلّم عليه المعتزلة بالنقض فقال : انما وضعت هذا الكتاب في الإرجاء لاجلكم فامّا غيركم فاني لا اقول ذلك له

ومنها محمد بن إسماعيل العسكري ، وكان من اروع الناس واعلمهم ، قال : وكان شديد الشكيمة في دين الله حتى انه اتاه كتاب من السلطان فقال : هذا الكتاب أهون عليّ من هذا التراب ، واخذ العلم عن ابي عامر الانصاري

ومنها ابو يعقوب يوسف بن عبد الله بن اسحاق الشحّام من اصحاب ابي الهذيل ، وإليه انتهت رئاسة المعتزلة في البصرة في وقته ، وله كتب في الردّ

__________________

(١) شهدنا ب ج م : اشهدنا س ل

(٢) راهب ب ج س ل : زاهد م

(٣) مويس ب ج س ل م : موسى ـ هامش م

(٤) : قال الخياط في الانتصار ص ٦٧ س ٨ ـ ١٣ : ولقد اخبرنا بعض اصحابنا ان أبا الهذيل حضر مجلس ابي موسى وسمع قصصه بالعدل وحسن ثنائه على الله ووصفه له بالاحسان الى خلقه والتفضل على عبيده واساءتهم الى انفسهم وتقصيرهم فيما يجب لله عليهم فبكى وقال : هكذا شهدت مجالس اشياخنا الماضين من اصحاب ابي حذيفة وابي عثمان رضوان الله عليهم

(٥) راهب المعتزلة : انظر الملل والنحل ١٨ ، ٤٨ والفرق ١٥١ وغيرهما

٧٠

على المخالفين وفي تفسير القرآن ، وكان من أحذق الناس في الجدل وعنه اخذ ابو علي

قال ابو الحسن (١) : سألت أبا علي عن عذاب القبر فقال : سألت الشحّام فقال : ما منّا احد انكره ، وانما (٢) يحكى ذلك عن ضرار (٣) (١٢)

وروي ان الواثق امر ان يجعل مع اصحاب الدواوين رجال من المعتزلة ومن (٤) اهل الدين والطهارة والنزاهة لإنصاف المتظلّمين من اهل الخراج فاختار القاضي ابن (٥) ابي دواد (٦) أبا يعقوب الشحّام فجعله ناظرا على الفضل بن مروان فقمعه وقبض يده عن الانبساط في الظلم

قال القاضي عبد الجبّار : كان من اصغر غلمان ابي الهذيل واعلمهم وعاش ثمانين سنة

ومنها علي الاسواري (٧) ، قال ابو القاسم : وكان من اصحاب ابي الهذيل واعلمهم (٨) فانتقل الى النظّام ، وروي انه صعد بغداذ لفاقة لحقته فقال النظّام : ما جاء بك؟ فقال : الحاجة ، فأعطاه الف دينار وقال له (٩) : ارجع من ساعتك ، فقيل إنه خاف ان يراه الناس فيفضّل عليه

ومنها ابو الحسين (١٠) محمد بن مسلم (١١) الصالحي ، وكان عظيم القدر في علم الكلام وكان يميل الى الإرجاء وله في ذلك مناظرات مع ابي الحسين الخيّاط

__________________

(١) الحسن ج م : الحسين ب س ل

(٢) وانما ج ل م : انما ب س

(٣) ضرار ج س م : + بن عمرو ب ل

(٤) ومن ج ل م : من ب س

(٥) ابن ب س ل م : احمد بن ج

(٦) دواد ب : داود ج س ل م

(٧) علي الاسواري : ابو علي الاسواري ـ المخطوطات جميعها

(٨) واعلمهم ج س ل م : ـ ب

(٩) له ب س ل م : ـ ج

(١٠) الحسين ب ج س ل : الحسن م

(١١) محمد بن مسلم ب ج س : ـ بن مسلم م ، ـ ل

(١٢) وانما يحكى ذلك عن ضرار : انظر الانتصار ١٢٢ وغيره

٧١

ومنها صالح قبّة ، وسيأتي بيان سبب (١) تسميته (٧) بذلك ، وله كتب كثيرة ، وخالف الجمهور في امور منها كون المتولدات (٨) فعل الله ابتداء وكون الادراك معنى (٩)

ومنها الجعفران ، اوّلهما جعفر بن حرب ويكنّى أبا الفضل ، قال محمد ابن يزداذ : كان جعفر بن حرب واحد دهره في العلم والصدق والورع والزهد والعبادة ، وله كتب كثيرة في الجليّ من علم الكلام والدقيق ، وبلغ من زهده في آخر عمره ان ترك ضياعه وماله وكلّ ما ملك وتعرّى وجلس في الماء في بعض الانهار حتى مرّ به بعض اصحابه وكساه قميصا ، وانما فعل ذلك لانّ اباه كان من اصحاب السلطان ، واعتزل الناس في آخر عمره وترك الكلام في الدقيق وأقبل (٢) على التصنيف في الجليّ الواضح مثل كتاب الايضاح ونصيحة العامّة والمسترشد والمتعلّم واصول الخمس وما اشبه ذلك (١٠)

وكان ينسخ ذلك ويدفعه الى امرأة (٣) ويأمرها ان تبيعه بكل ما يطلب منها ويشتري منها الكاغذ بقدر ما يحتاج إليه ويشتري بباقي ذلك قوت نفسه وعياله وكان (٤) ذلك (٥) الى ان توفي رحمه‌الله تعالى

قال ابو القاسم عن ابي الحسين الخيّاط قال : حضر جعفر مجلس الواثق (١١) للمناظرة فحضر وقت (٦) الصلاة فقاموا لها وتقدّم الواثق فصلّى بهم وتنحّى جعفر

__________________

(١) سبب ج س ل : ـ ب م

(٢) واقبل ب ج س م : فاقبل ل

(٣) امرأة : كذا في الاصول ولعله امرأته

(٤) وكان ل م : فكان ب ج س

(٥) ذلك ج س ل : كذلك ب م

(٦) فحضر وقت ب ج س ل م : وحضرت ـ الفهرست

(٧) بيان سبب تسميته : انظر كتاب رياضة الافهام في لطيف الكلام لابن المرتضى ورقة ٥٣ ب س ٢٢ ـ ٢٣ ، وفي مقالات الاشعري ٤٠٧ : فما تنكر ان تكون في هذا الوقت بمكة جالسا في قبة قد ضربت عليك وانت لا تعلم ذلك لان الله سبحانه لم يخلق فيك العلم به هذا وانت صحيح سليم غير مئوف؟ قال : لا انكر ، فلقّب بقبة

(٨) المتولدات : مقالات الاشعري والفهرست والملل والنحل ٤٤ والفصل لابن حزم ٥٩ ـ ٦٠

(٩) كون الادراك معنى : رياضة الافهام لابن المرتضى ، باب الادراك ، ورقة ٥٣ ب

(١٠) راجع الفهرست (فوك لاهور) ٦٦

(١١). (١٤ ـ ص ٧٤ س ٨) الفهرست (فوك لاهور) ص ٦٥ س ١٩ ـ ٦٦ س ٧

٧٢

فنزع خفّيه (١) وصلّى وحده ، وكان اقربهم إليه يحيى بن كامل فجعلت الدموع (٢) تسيل من عينيه (٣) خوفا على جعفر من القتل ، قال (٤) : ثم لبس جعفر خفّيه (٥) وعاد الى المجلس وأطرق (٦) ثم اخذوا في المناظرة فلما خرجوا قال له القاضي (٧) احمد بن ابي دواد (٨) : ان هذا (٩) لا يحتملك على هذا الفعل فان عزمت عليه فلا تحضر مجلسه ، فقال (١٠) جعفر : ما (١١) اريد الحضور لو لا انك تحملني عليه (١٢) ، فلما كان (١٣) المجلس الثاني نظر (١٤) الواثق (١٥) ثم قال (١٦) : اين الشيخ الصالح؟ فقال ابن ابي دواد (١٧) : ان به السلّ وهو يحتاج الى ان يتّكئ (١٨) ويضطجع (١٩) ، قال (٢٠) الواثق : فذاك ، ولم يحضر (٢١) جعفر بعد ذلك الى مجلسه (٢٢)

قيل وجمع المأمون بين ابي الهذيل وبين زاذان نجت الثنوي فجرت بينهما مناظرة ، قال جعفر : فبلغني المجلس لانّي لم احضر فصرت الى زاذان بخت فدخلت على (٢٣) شيخ له هيئة وجمال فجلست إليه وأعدت عليه المجلس فقال : المجلس كما بلغك الّا أنّ المجلس لكم والرئيس إمامكم وفي دون هذا يلحق الحصر وتعزب الحجّة ، فقلت : فأنا اسألك عن المسألة التي سألك عنها ابو الهذيل حتى تجيبني ، فقال لي : قبل كل شيء ينبغي للعاقل ان ينصف في القول كما يجب عليه ان يحسن في الفعل ، فقلت له : صدقت فخبرني من وعظك

__________________

(١) خفيه ج : خفه ب س ل م

(٢) الدموع ب ج س ل م : دموعه ـ الفهرست

(٣) من عينيه ب ج س ل م : على خده ـ الفهرست

(٤) قال ج س ل م : ـ ب

(٥) خفيه ج : خفه ب س ل م

(٦) واطرق ب ج س ل م : فاطرق الواثق ـ الفهرست وهو اشبه

(٧) القاضي ب ج س ل م : ـ الفهرست

(٨) دواد ب : داود ج س ل م+ لجعفر ـ الفهرست

(٩) ان هذا ب ج س ل م : + السبع ـ الفهرست

(١٠) فقال ب ج س ل م : قال ـ الفهرست

(١١) ما ب ج س ل م : لا ـ الفهرست

(١٢) عليه ب ج س ل م : + قال له : فلا تحضر قال ـ الفهرست

(١٣) كان ب ج س ل م : + في ـ الفهرست

(١٤) نظر ب ج س ل م : + إليهم ـ الفهرست

(١٥) الواثق ب ج س ل م : + ففقد جعفرا ـ الفهرست

(١٦) ثم قال ب ج س ل م : فقال ـ الفهرست

(١٧) ابن ابي دواد ب : ابن ابي داود ج س ل م ، له احمد ـ الفهرست

(١٨) ان يتكئ ب ج س ل م : ـ الفهرست

(١٩) ويضطجع ب ج س ل م : الاضطجاع ومجلس امير المؤمنين يرتفع عن ذلك ـ الفهرست

(٢٠) قال ب ج س ل : فقال م

(٢١) يحضر ب ج س ل م : يعد ـ الفهرست

(٢٢) بعد ذلك الى مجلسه ب ج س ل م : ـ الفهرست

(٢٣) على ج ل م : الى ب س

٧٣

بهذه الموعظة ، النور؟ فهو مستغن عنها لأنه لا خير في العالم الّا منه ولا (١) يكون منه الشرّ البتّة ، أم الظلمة؟ فلا يكون منها (٢) الخير ابدا وهي مطبوعة على الشرّ فلا معنى لهذا الوعظ ، قال : ثم قال لي : انت غافل عمّا عليك في هذا الباب ، انّ من مذهبك ان الله تعالى قد وعظ قوما يعلم انهم لا يتّعظون ، ويأمرهم بالخير ويعلم انهم لا يفعلون ، وأرسل إليهم ويعلم انهم يكذّبون ، فليس بمستنكر أن اعظ من لا يقبل الوعظ ولا يكون منه الخير ، قال جعفر : بل انت غافل لأنك لا تعلم كيف قولنا لأنا نقول إن الله قد أقدر من امره بالخير عليه فهل تقول في الظلمة إنها تفعل الإقدار على الخير؟ فقال : أوليس من مذهبكم ان الكافر لا يقدر ان يؤمن والمؤمن لا يقدر ان يكفر؟ قال جعفر : ليس هذا من مذهبنا ومن قال بهذا (٣) من أمّتنا (٤) فهو (٥) شرّ حالا منك عندنا ، فانقطع وقمت

ويقال إن جعفرا كان في صغره يمرّ على اصحاب ابي موسى فيعبث بهم ويؤذيهم فشكوا الى ابي موسى فقال : اجتهدوا ان تصيروه الى مجلسي ، فلما صار الى مجلسه وسمع كلامه وعظته مرّ حتى دخل في الماء عاريا من ثيابه وبعث الى ابي موسى ليبعث إليه ثيابا فلبسها ولزم أبا موسى فخرّج في العلم ما عرف به

ومن كلامه ان يقول : المؤمن بمنزلة التاجر البصير العاقل الذي ينظر ايّ التجارة اربح واسلم لبضاعته فيقصد إليها ، كذلك المؤمن الذي لا يزال متصرّفا في اعمال البرّ فرائضها ونوافلها والاستعانة عليها بطلب الحلال من المعاش مع ما قد اباح الله من الاستمتاع في غير محرّم ثم يكون شديد الاشفاق والوجل يخشى ان يكون مقصّرا ويخاف ان يكون ذلك التقصير مهلكا له عند الله لأنه لا يدري هل ادّى حقوق الله وهل راعى (٦) حدوده ولعلّه قد ضيّع بعض

__________________

(١) ولا ب ج ل م : وما س

(٢) منها ب ج م : منه س ل

(٣) بهذا ج س م : به ب ، هذا ل

(٤) امتنا ب س م : ايمتنا ج ل

(٥) فهو ب س ل م : ـ ج

(٦) راعى ب ج ل : رعا س م

٧٤

ذلك وقصّر فيه تقصيرا اسخط الله وأحبط عمله ويرجو مع ذلك ان لا يكون كذلك وأن يكون دأبه على (١) التوبة والاستغفار مما يعلم ومما لا يعلم من كل صغير وكبير ولا يزال كذلك في ذلك حتى يأتيه امر الله فيصير الى ارحم الراحمين

والثاني (٢) ابو محمد جعفر بن مبشّر الثقفي ، وكان مشهورا بالعلم والورع ، (٦) قال الخيّاط : سألت (٣) جعفر بن مبشّر عن قوله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (١٦ النحل : ٩٣ ، ٣٥ فاطر : ٨) وعن الختم والطبع فقال : انا مبادر الى حاجة ولكنّي ألقي أليك جملة تعمل عليها : اعلم انه لا يجوز على احكم الحاكمين ان يأمر بمكرمة ثم يحول دونها ولا ان ينهى عن قاذورة ثم يدخل فيها وتأوّل الآيات بعد هذا كيف شئت

قال ابن يزداذ : ولقد بلغ في العلم والعمل هو وجعفر بن حرب حتى كان يضرب بهما المثل فكان يقال : علم الجعفرين وزهدهما كما يضرب (٤) المثل (٥) في حسن السيرة بالعمرين (٧)

وروي أن جعفر بن مبشّر اضرّت به الحاجة حتى كان يقبل القليل من زكاة اخوانه فحضره يوما بعض التجّار فتكلّم بحضرته في خطبة نكاح فأعجب به ذلك التاجر فسأل عنه فأخبر بمسكنته فبعث إليه بخمس مائة دينار فردّها ، فقيل له : قد عذرناك في ردّ مال السلطان للشبهة وهذا تاجر ماله من كسبه

__________________

(١) على ب ج ل م : ـ س

(٢) والثاني ب ج ل م : الثاني س

(٣) سألت ج م : سل ب س ، سال ل

(٤) فكان يقال علم الجعفرين وزهدهما كما يضرب س ل م : ـ ب ، ـ فكان يقال ج

(٥) المثل ب ج س م : ـ ل

(٦) في هامش م : في المواقف هكذا جعفر بن جعد بن مبشر بن حرب انتهى واظنه قد وهم فخلط اسم ابي جعفر بن حرب وجعله باسم جدّ لجعفر بن مبشر والله اعلم ، بل قد خطر ببالي انه خلط الجعفرين (في الاصل : العجفرين) وان لفظ جعد ليس جعدا وانما هو جعفر لان جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب كثيرا ما يذكران معا لانهما في عصر واحد وعلى حال واحد فكأنه اراد ان يقول جعفر ابن مبشر وجعفر بن حرب او نحو هذا فسبق القلم حتى وقع ما تراه ولا اصل له والله اعلم

(٧) راجع الانتصار ٨١ ـ ٨٢

٧٥

فلا (١) وجه لردّك ، فقال جعفر : انه استحسن كلامي أفتراني (٢) ان آخذ على دعائي الى الله وموعظتي ثمنا؟ لو لم اكن فعلت هذا ثم ابتدأني لقبلت

وروي ان بعض السلاطين وصله بعشرة آلاف درهم فلم يقبل وحمل إليه بعض اصحابه بدرهمين من الزكاة فقبل ، فقيل له في ذلك فقال : ارباب العشرة آلاف احقّ بها مني وانا احقّ بهذين الدرهمين لحاجتي إليهما وقد ساقهما الله إليّ من غير مسئلة وأغناني بهما عن الشبهة والحرام

ولقد قال الواثق لاحمد بن ابي دواد (٣) : لم لا تولّي اصحابي القضاء كما تولّي غيرهم؟ فقال : يا امير المؤمنين ان اصحابك يمتنعون من ذلك وهذا جعفر بن مبشّر وجّهت إليه بعشرة آلاف درهم فأبى ان (٤) يقبلها فذهبت إليه بنفسي واستأذنت فأبى ان يأذن لي فدخلت من غير اذن فسلّ سيفه في وجهي وقال : الآن حلّ لي (٥) قتلك ، فانصرفت عنه فكيف أولي القضاء مثله؟

ومنها ابو عمران موسى بن (٦) الرقاشي ، حكي (٧) الخيّاط عن البلخي (٨) وابي زفر انهما قالا : ما رأينا احدا اعلم بالكلام منه ، فقيل لأبي زفر : سبحان الله وقد رأيت أبا الهذيل وأبا موسى وصالحا الاسواري (٩) وتقول هذا؟ فقال : كان ابو عمران يجيب في المسألة الطويلة (١٠) بسطر واحد بجواب يفهمه العالم والجاهل وكان يحرّم المكاسب ويزعم ان الدار دار كفر (١٢)

ومنها عبّاد بن سليمان (١١) ، وله كتب معروفة وبلغ مبلغا عظيما وكان من اصحاب هشام الفوطي ، وله كتاب يسمّى الابواب نقضه ابو هاشم

__________________

(١) فلا ب ج س م : ولا ل

(٢) أفتراني ب س ل م : افترى لي ج

(٣) دواد ب ل : داود ج س م

(٤) فأبى ان ب ج ل م : فلم س

(٥) لي ب س ل م : ـ ج

(٦) موسى بن ج س م : بن موسى ل ، بياض في ب

(٧) حكى ب ج س ل : + ابو الحسين م

(٨) البلخي : البلحي ب م ، البجلي ج س ل

(٩) وصالحا الاسواري ب ج س ل م ، ولعله وصالحا والاسواري

(١٠) الطويلة ج س ل م : الواحدة ب

(١١) سليمان ب ج م : سلمان س ل

(١٢) دار كفر : راجع مقالات الاشعري ٤٦٢ وغيره

٧٦

ومنها ابو جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي ، قال ابن يزداذ : كان عالما فاضلا ، وله سبعون كتابا في الكلام ، قال ابو القاسم عن ابي الحسين الخيّاط قال : كان الاسكافي (١) خيّاطا وكان (٢) عمّه وأمّه (٣) يمنعانه من الاختلاف في طلب العلم (٤) ويأمرانه بلزوم الكسب فضمّه جعفر بن حرب الى نفسه (٥) وكان يبعث الى أمّه كل (٦) شهر عشرين درهما حتى بلغ (٧) ، قال ابو القاسم عن ابي الحسين (١٣) الخيّاط : مات الاسكافي في سنة اربعين ومائتين

ومنها غيرهم كأبي عبد الله الدبّاغ ويحيى بن بشر الارّجاني (٨) من اصحاب ابي الهذيل ، وروي عنه القول بتناهي الحركات ، وروي انه تاب من ذلك

ومنها ابو عفّان النظّامي من اصحاب النظّام

ومنها زرقان (٩) من اصحاب النظّام أيضا ، وله كتاب المقالات ، قال ابو (١٤) الحسين الخيّاط : حدّثني الادميّ قال : احضر (١٠) الواثق يحيى بن كامل وأمر زرقان ان يناظره فناظره في الإرادة حتى الزمه الحجّة ثم ناظره الواثق بنفسه فألزمه الحجّة فقال الادمي : يا امير المؤمنين قامت (١١) حجّة الله عليه فان تاب والّا فاضرب عنقه

ومنها عيسى بن الهيثم الصوفي (١٢) ، وهو الذي تمثّل عند موت جعفر بن حرب بقول الشاعر (من الكامل) :

__________________

(١) الاسكافي ب ج س ل م : + اولا ـ الفهرست

(٢) وكان ب ج س ل م : وكان ـ الفهرست

(٣) عمه وأمه ب ج ل : أمه وعمه س م ، ابوه وأمه ـ الفهرست

(٤) العلم ب ج س ل م : الكلام ـ الفهرست

(٥) الى نفسه ب ج س ل م : إليه ـ الفهرست

(٦) كل ب ج ل م : في كل س

(٧) حتى بلغ ما بلغ ب ج س ل م : بدلا من كسبه ـ الفهرست

(٨) الارجاني : الارجائي ـ المخطوطات جميعها

(٩) زرقان ب ج م : ورقان س ل

(١٠) احضر ب م : حضر ج س ل

(١١) قامت ب س ل م : فانت ج

(١٢) الصوفي ب س ل م : الطوفي ج

(١٣) الفهرست (فوك لاهور) ٦٦

(١٤) راجع الفهرست لابن النديم (فوك لاهور) ٥٨

٧٧

خلت الديار فسدت غير (١) مسوّد (٢)

ومن الشّقاء تفرّدي بالسّؤدد

فقيل له : يكفي الله ذلك بأبي جعفر الاسكافي ، وكان عيسى من اصحاب جعفر بن حرب وصحب أبا الهذيل

ومنها ابو سعيد احمد بن سعيد الاسدي ، قال ابو الحسن (٣) بن (٤) زفرويه (٥) في كتاب المشايخ : كان احفظ الناس للفقه (٦) والحديث (٧) واسناده كإسناد جعفر بن مبشّر الّا ما اختصّ به عن اصحاب الحسن واصحاب ابن عيّاش (٨) ، وكان من اشدّ الناس على المجبرة والمشبّهة وما كان يضعف الّا في الوعيد ، ثم صار في أرّجان (٩) وهي بلد معروف فناظر يحيى بن بشر الأرّجاني (١٠) فقال بالوعيد حتى قال : إن عشت لأصنّفنّ (١١) فيه الكتب ، وكان يقول : قنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصبح وابو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ستّ سنين بعد الركوع وستّ سنين قبل الركوع لما بدن ، وله كتاب شرح الحديث

__________________

(١) غير ب س ل م : كل ج وفي الهامش غير

(٢) مسود ب ج س ل م : مدافع ـ شرح الحماسة للمرزوقي ، وفي ملاحظة ٣ : كذا في التيمورية ... وفي سائر النسخ : مسود

(٣) الحسن ج م : الحسين ب س ل

(٤) بن ب ج م : ـ س ل

(٥) زفرويه ب ج س : رفروانه ل م

(٦) للفقه ب ج ل م : بالفقه س

(٧) والحديث ج س ل م : ـ ب

(٨) عياش ج : بلا نقط ب س م ، عباس ل

(٩) أرّجان ـ معجم البلدان : أرجا ـ المخطوطات جميعها

(١٠) الارجاني : الارجائي ـ المخطوطات

(١١) لاصنفن ج ل م : لاصنعن ب س

(١٢) في شرح الحماسة كتاب المراثي ٨٠٥ ـ ٨٠٧ :

نهل الزمان وعل غير مصرد

من آل عتاب وآل الاسود

من كل فياض اليدين اذا غدت

نكباء تلوى بالكنيف الموصد

فاليوم اضحوا للمنون وسيقة

من رائح عجل وآخر مغتد

خلت الديار فسدت غير مدافع

ومن الشقاء تفردى بالسودد

الشعر لرجل من خشعم ، انظر ص ٨٠٥ ، ملاحظة ٢ : وخشعم هو افتل بن انمار بن اراش بن عمرو بن لحيان بن عمرو بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان. نهاية الأرب (٢ : ٣١١ وما قبلها) ، على ان البيت الرابع من ابيات الحماسة نسبه ياقوت في رسم (البقيع) الى عمرو بن النعمان البياضي ... ونسبه الجاحظ أيضا الى حارثة بن بدر في البيان ٣ : ٢١٩ ، ٣٣٦

٧٨

الطبقة الثامنة

ابو علي محمد بن عبد الوهّاب الجبّائى ، قال ابو بكر احمد بن علي وهو الذي سهّل علم الكلام ويسّره وذلّله وكان مع ذلك فقيها ورعا زاهدا جليلا (١٣) نبيلا ولم يتّفق لأحد من إذعان سائر طبقات المعتزلة له بالتقدّم (١) والرئاسة بعد ابي الهذيل مثله بل ما (٢) اتّفق له هو أشهر امرا واظهر اثرا ، وكان شيخه أبا (٣) يعقوب الشحّام ولقي غيره من متكلّمي زمانه ، وكان على حداثة سنّه معروفا بقوّة الجدل ، حكى القطّان انه اجتمع جماعة لمناظرة فانتظروا رجلا منهم فلم يحضر فقال بعض اهل المجلس : أليس (٤) هنا من يتكلّم؟ وقد حضر من علماء المجبرة رجل (٥) يقال له صقر (٦) فاذا غلام ابيض الوجه زجّ نفسه (٧) في صدر صقر وقال له : اسألك؟ فنظر إليه الحاضرون وتعجّبوا من جرأته (٨) مع صغر سنّه ، فقال له : سل! فقال : هل (٩) الله تعالى يفعل العدل؟ قال : نعم ، قال : أفتسمّيه بفعله العدل عادلا؟ قال نعم ، قال : فهل (١٠) يفعل الجور؟ قال : نعم ، قال : أفتسميه جائرا؟ قال : لا ، قال : فيلزم ان لا تسميه بفعله العدل (١١) عادلا ، فانقطع صقر (١٢) وجعل الناس يسألون : من هذا الصبي؟ فقيل : هو غلام من جبّاء ، قيل وكان مع علمه حسن التواضع

__________________

(١) بالتقدم ب ج س م : بالتقديم ل

(٢) مثله بل ما ب ج ل م : مثل ما س

(٣) أبا ب ج ل م : ابو س

(٤) أليس ج س ل م : ـ ب

(٥) رجل ب ج م : + منهم س ل

(٦) صقر ج : بلا نقط ب م ، صفر س ل

(٧) نفسه ج م : بنفسه ب س ل

(٨) جرأته ب س ل م : جرأته ج ، + على صقر م

(٩) فقال هل ج س ل م : فقال له هل ب

(١٠) فهل ب ج س ل : ـ ج

(١١) بفعله العدل ج س ل : بفعل العدل ب

(١٢) صقر ج س : بلا نقط ب م ، صفر ل

(١٣) الفهرست لابن النديم (هوتسما) ٢٢٤

٧٩

وسأله بعض (١) المجبرة : ما الدليل على وعيد اهل الصلاة؟ قال : الحدود والاحكام ، قال : الخالديّ : فان التائب يحدّ ، قال ابو عليّ : ذلك امتحان ، فسكت الخالدي

وسأل البركانيّ أبا عليّ فقال : ما تقول في حديث ابي الزناد (٢) عن الاعرج عن ابي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها ، فقال ابو علي : هو صحيح ، قال البركاني (٣) : فبهذا الاسناد (٤) نقل حديث : حجّ آدم موسى (١٢) ، فقال ابو علي : هذا الخبر باطل ، فقال البركاني : حديثان باسناد واحد صحّحت احدهما وابطلت الآخر ، قال ابو علي : لأنّ القرآن يدلّ على بطلانه وإجماع المسلمين ودليل العقل ، فقال : كيف ذلك؟ قال ابو علي : أليس في الحديث ان موسى لقي آدم في الجنّة فقال : يا آدم انت ابو البشر خلقك الله بيده واسكنك جنّته واسجد لك ملائكته أفعصيته؟ فقال (٥) آدم (٦) : يا موسى أترى هذه المعصية فعلتها انا أم كتبها الله عليّ قبل ان أخلق بألفي عام؟ قال موسى : بل شيء كان كتب عليك ، قال : فكيف تلومني على شيء كان كتب عليّ (٧)؟ قال : فحجّ آدم موسى ، قال ابو علي للبركاني (٨) : أليس هذا الحديث هكذا؟ قال : بلى ، قال ابو علي : أليس اذا كان عذرا لآدم (٩) يكون عذرا لكل كافر وعاص من ذرّيته وأن يكون من لامهم محجوجا؟ فسكت البركاني

قلت (١٠) : ولعلّه يحمل الحديث الذي قطع (١١) ببطلانه وإن كان راويه عدلا

__________________

(١) بعض ب ج ل م : + اهل س

(٢) الزياد ل م : بلا نقط ب س ، الزناد ج

(٣) البركاني ب ج م : ـ س ل

(٤) الاسناد ج س ل م : الحديث ب

(٥) فقال ج ل م : قال ب س

(٦) آدم ب ج س م : ـ ل

(٧) كان كتب على ج س م : كان قد كتب على ب ل

(٨) للبركاني ب ج س : البركاني ل م

(٩) لآدم ب ج ل م : + كيف س

(١٠) قلت ج س ل : قال مولانا عليه‌السلام ب م

(١١) الذي قطع ب ج س م : ـ ل

(١٢) حج آدم موسى : راجع الصحيح للترمذي ٨ ص ٢٩٧

٨٠