طبقات المعتزلة

أحمد بن يحيى بن مرتضى

طبقات المعتزلة

المؤلف:

أحمد بن يحيى بن مرتضى


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: منشورات دار مكتبة الحياة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٩١

وممن قال بالعدل من العبّاسية السفّاح وهو ابو العبّاس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلّب ، بويع له في شهر ربيع الاوّل سنة اثنتين وثلاثين ومائة وتوفّي سنة ست وثلاثين ومائة (١) بالانبار ، وكان اشترى بردة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأربع مائة دينار

ومنهم اخوه المنصور واسمه (٢) عبد الله ، كان على هذا المذهب وهو اخوه لأبيه (٣) وأمّه ، قيل إن السفّاح قال لأبي بكر الهذيلي : بأيّ شيء بلغ حسنكم ما بلغ ، يعني الحسن البصري ، قال : يا امير المؤمنين جمع كتاب الله وهو ابن اثنتي عشرة سنة لم يجاوز سورة الى غيرها حتى يعرف تأويلها وفيما أنزلت ولم يقلب (٤) درهما في تجارة ولم يل للسلطان أمارة (٥) ولم يأمر (٦) بشيء حتى يفعله ولم ينه عن شيء حتى يدعه ، قال السفّاح : بهذا بلغ الشيخ ما بلغ

بويع له سنة ست وثلاثين ومائة وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائة ، وبقي له الامر اثنتين وعشرين سنة الا ثلاثة ايام

ومنهم ابو عبد الله محمد بن المنصور الملقّب المهدي ، استخلف يوم التروية سنة ثمان وخمسين ومائة ، وكان عارفا شجاعا وكان يقول لشبيب بن شبّة (٧) : يا أبا معن حدّثنا وزيّن مجلسنا بحديث عمرو بن عبيد ، وكانت الزنادقة كثرت حتى ظهر امرهم فتتبّعهم المهدي فقتل بعضهم وحبس بعضهم وشرّدهم ، وفي ايامه قتل صالح بن عبد القدوس وغيره

ومنهم المأمون وكنيته ابو العبّاس واسمه عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور (٨) عبد الله ، وكان اوسع العبّاسيّين علما وابعدهم غورا واعظمهم عفوا وانداهم راحة وافصحهم منطقا وقوله بالعدل مشهور ، وله كتب

__________________

(١) وتوفي ... ومائة ج س ل م : ـ ب

(٢) واسمه ج س ل م : وابنه ب

(٣) لابيه ب ج : من ابيه س ل م

(٤) يقلب ب ج س ل : يطلب م

(٥) يل للسلطان أمارة س ل : يل لسلطان أمارة ب ، يل السلطان أمارة م ، يمل الى السلطان في إمارة ج

(٦) يامر ب ج س ل : يأمره م

(٧) شبة ب ج س م : شيبه ل

(٨) المنصور ب ج س م : + بن ل

١٢١

كثيرة (١) منها كتابه (٢) على المانوية وكتابه في الردّ على اليهود والنصارى ، وكانت حضرته مجمعا للعلماء ويجري المناظرات فيها ، وروي انه لما بلغه ان الملحدة يزعمون ان اهل الاسلام قهروا بالسيف لا بالحجّة فوقع الحرج عليهم جمع من كلّ فرقة في حضرته جماعة وأمر متكلّمي الاسلام بمناظراتهم (٣) ولهذا امر ان يحمل إليه يزدان (٤) بخت الى بغداذ فتبيّن (٥) للقوم ان الحجّة لاهل الاسلام ، بويع له بالخلافة سنة ثمان وتسعين ومائة وتوفي في رجب سنة ثماني عشرة ومائتين ببلاد الروم

ومنهم المعتصم ابو اسحاق محمد بن الرشيد ، بويع له في رجب شهر موت اخيه ومات سنة سبع وعشرين ومائتين ، وكان معتزليا أعجب بالاسكافي اشدّ الاعجاب حتى كان اذا فرغ من كلامه قال لمن حوله : من يذهب عن هذا البيان؟ وكان مشغوفا بالقاضي احمد بن ابي دواد (٦) يصدر (٧) عن رأيه ، واخباره في الاعتزال مشهورة وهو الذي حثّه على قتل الافشين وكان يدافع عنه المعتصم حتى احتال القاضي بجوار صرن إليه فعرّفن المعتصم انه اغلف (٨) وكان قال انّه (٩) اختتن وضمّ الى ذلك اشياء أخر فقتله وصلبه

ومناظرة ابن ابي دواد لاحمد بن حنبل (١٠) في حضرة المعتصم مشهورة وان اختلفت الرواية في كيفيتها لكنّا نذكر اصحّ ما قيل في ذلك وكانت المناظرة في شهر رمضان سنة (١١) عشرين ومائتين ، قال ابن حنبل لما احضره (١٢) : ان لي (١٣) سبقا في هذه الدعوة فليسعني ما وسع اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتابعين من السكوت والرضى من جميعهم بأن القرآن كلام الله ، فقال

__________________

(١) كثيرة ج س ل م : ـ ب

(٢) كتابه ب ج م : كتبه س ل

(٣) فوقع ... بمناظراتهم ب ج ل م : ـ س

(٤) يزدان : يزدان ب ، يردان ج ، بلا نقط س ، يردان ل ، بردهان م

(٥) فتبين ب س ل : فبين ج م

(٦) دواد ب : داود ج س ل م ـ وكذا فيما بعد

(٧) يصدر ب س ل م : ويصدر ج

(٨) اغلف س ل : اقلف ب ج ، لقلف اغلف م

(٩) انه ب س ل م : ـ ج

(١٠) لاحمد بن حنبل ب س ل م : ـ ج

(١١) سنة ب ج ل م : في سنة س

(١٢) لما احضره ب س ل : لما احضر م ، ـ ج

(١٣) لى ب ج ل م : الى س

١٢٢

المعتصم لأبي (١) دواد : ما عندك فيما قال؟ فقال له احمد : كان لعمري يسعه ما وسعهم حيث كان الناس جميعا ساكتين عن هذا الامر فامّا وهو رأس مذهب قد جمع عامّته وغوغاءه ينادون في الطرقات ليس شيء من الله بمخلوق والقرآن من الله فيموّهون (٢) على العامّة والجهّال حتى كأنّا قلنا : القرآن بعض من الله وقد تعلّق النصارى بمثل ما تعلّق به هذا ، فقالوا : عيسى غير مخلوق لأنه قال : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) (٤ النساء : ١٧١) فخالفناهم على هذا كله فاحتجّ لهم وجعل (٣) الكلام له غير مخلوق وقد قال الله (٤) تعالى : (اللهُ) (٥) خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (١٣ الرعد : ١٦ ، ٣٩ الزمر : ٦٢) فالقرآن شيء أم غير شيء؟ قال ابن حنبل : القرآن امر الله وفرق بين الامر والخلق قال الله (٦) تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٧ الأعراف : ٥٤) وهذا ابن عمّك جعفر بن محمد اظنّه يعني الصادق سئل عن القرآن فقال : لا خالق ولا مخلوق ، فقال ابن ابي دواد : اما هذا فلا نعرفه ، الخالق هو الله وكل شيء دونه فهو مخلوق واما الخلق فهو ما خلق (٧) واما الامر (٨) فهو (٩) ما امر به وهذا تمويه يا امير المؤمنين ، فصرفه في ذلك اليوم ثم أحضره من الغد وأحضر الشرط (١٠) والسياط (١١) والعقابين فقال المعتصم لابن حنبل : تكلّم فان وجب لك شيء عرفته وان وجب عليك (١٢) اخذتك (١٣) به ، فقال : قد نهينا عن المناظرة ، فقال ابن دواد : هل نهينا عن مجادلة اهل الباطل بالحق يا امير المؤمنين؟ هذا تمويه ، فانصرف ثم أحضر في اليوم الثالث فتكلّم وناظر حتى لزمه الامر فمدّته الشرط (١٤) وضرب (١٥) ثلاثين سوطا فمالت عنقه فضرب بعد ذلك ثلاثين سوطا فمالت عنقه فضرب بعد ذلك ثمانية اسواط (١٦) فقال

__________________

(١) لابي ج س ل م : لابن ابي ب

(٢) فيموهون ب ج ل م : فيوهمون س

(٣) وجعل ب ج س م : وحصل ل

(٤) الله س ل م : ـ ب ج

(٥) الله س : ـ ب ج ل م

(٦) قال الله ج م : قال ب س ل

(٧) خلق ب ج س ل : + الله م

(٨) واما الامر ج س ل : والامر ب م

(٩) فهو ب ج س ل : ـ م

(١٠) الشرط ب ج س ل : السوط م

(١١) والسياط ب ج س ل : والسياطين م

(١٢) عليك ب ج س ل : + شيء م

(١٣) اخذتك ب س ل م : اخذت ج

(١٤) الشرط ب ج س ل : السوط م

(١٥) وضرب ب س ل م : ـ ج

(١٦) اسواط ج س ل : ـ ب م

١٢٣

اسحاق بن ابراهيم : ويحك (١) قل ما يقول امير المؤمنين ، فأقرّ بخلق القرآن فقال المعتصم : الق عليه ثيابا (٣) واجمع عليه اهل بغداذ فاذا أقرّ بخلق القرآن (٢) فأطلقه ، ففعل حتى أقرّ فأطلقه

وكان صفة المناظرة التي ضرب عقيبها (٤) ان قال له ابن ابي دواد : أخبرني هل يقدر الله على ان يكلّم محمدا كما كلّم موسى ، فقال : نعم ، فقال : أرأيت لو كلّمه أليس كان يكلّمه بكلام كائن بعد ان لم يكن ، ودار الحديث في هذا الجنس حتى قال ابن حنبل : لست انا بصاحب كلام وانما مذهبي الحديث ، فغضب المعتصم فقال (٥) : تجادل فاذا (٦) لزمتك (٧) الحجّة قلت : لست انا (٨) بصاحب كلام خذوه ، وأمر بضربه فأقرّ (٩) بحدوث القرآن

وروي انه ناظره في الرؤية فقال : يا امير المؤمنين هذا يزعم ان الله تعالى يرى والرؤية لا تقع الّا على محدود ، فروى له حديث قيس بن ابي حازم فقال ابن ابي دواد : تحتجّ بحديث قيس بن ابي حازم وهو اعرابي بوّال على عقبيه (١٠)

ومنهم الواثق ابو جعفر هارون بن محمد بن هارون ، بويع له في ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين وتوفي في ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وكان المتولّي احمد بن ابي دواد وكان له معرفة وتديّن وحسن سيرة في الرعية وكان اخذ الكلام عن ابي الهذيل

وله مناظرات منها انه (١١) قال ليحيى بن كامل المجبر (١٢) : أرأيت لو مررت بمقعد فقلت له : قم فصلّ ، فقال : لا استطيع ، وقد تضايق وقت الصلاة ،

__________________

(١) ويحك ب ج م : ـ س ل

(٢) فقال المعتصم ... القرآن ب س ل م : ـ ج

(٣) ثيابا ب س ل : ثيابه م

(٤) عقيبها ب ج س ل : عقبها م

(٥) فقال ج س ل م : وقال ب

(٦) فاذا ج س ل م : واذا ب

(٧) لزمتك ب ج س ل : الزمتك م

(٨) لست انا ج س ل : انا لست م ، لست ب

(٩) فاقر ب ل م : واقر ج س

(١٠) عقيبه ب ج س ل : عقبه م

(١١) انه ج : ان ب س ل م

(١٢) المجبر ب ج س ل : المجبري م

١٢٤

تصدّقه (١)؟ قال : نعم صدق ويعذر (٢) ، قال (٣) : فلو (٤) مررت بقاعد فقلت : قم فصلّ فقال : لا استطيع؟ فقال : صدق لكن لا يعذر ، قال الواثق : فاذا كانا (٥) صادقين فلم يعذر احدهما دون الآخر ، فانقطع

وروى (٦) ابن ابي دواد في كتابه المصابيح انه لما اشتدّت علته التي مات منها بعث الى المعدّلين (٧) ليشهدهم على خلع نفسه ويوصي بردّ المظالم فلما وقف ولي العهد واصحابه على ذلك منعوا الناس من الدخول عليه (٨) فلما احسّ (٩) بذلك قال لغلمانه : احملوني من الفراش وارموني (١٠) على الارض فاني لا املك شيئا ، فلما فعلوا ذلك قال : يا ربّ انك لا تكلّف احدا ما لا يطيقه وانا لا أطيق في هذا الوقت الّا على الندم والتوبة وقد تبت أليك من صغير الذنوب وكبيرها اللهمّ فاقبل توبتي! ثم مات وبويع للمتوكّل فأظهر ما اظهر من عداوة المعتزلة والعلوية لما كان بينه وبين اخيه الواثق (١١) من العداوة ، وروي عن بعضهم (١٢) انه قال للمتوكّل : إن امير المؤمنين المأمون دعانا الى القول بأن القرآن مخلوق وان الله لا يرى بالابصار وان عليّا افضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعنا وأطعنا وان الفتح بن خاقان يريد ان نخالف (١٣) ذلك ، فقال المتوكّل : من يدعو الى خلاف ذلك فالعنه ولا تلتفت إليه

ومنهم المهتدي (١٤) وهو ابو عبد الله بن محمد بن محمد بن الواثق ، بويع له في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين وقتل بعد احد عشر شهرا وكان معتزليّا وابو عمر (١٥) الباهلي من ندمائه وخواصّه ، كان يوما مع ندمائه فقال : تمنّوا ملء (١٦) هذه البركة

__________________

(١) تصدقه : نصدقه ج س ل ، انصدقه ب ، الصدقة م

(٢) ويعذر ج : تعذر ل ، بلا نقط س ب م

(٣) قال ب ج س ل : فقال م

(٤) فلو ب ج س ل : لو م

(٥) كانا ج س ل : + سوا ب م

(٦) وروى ب ج س ل : + ان م

(٧) المعدلين ب ج س ل : العدلين م

(٨) عليه ج : إليه ب س ل م

(٩) احس ب س ل م : اخبر ج

(١٠) وارموني ب س ل م : فارموني ج

(١١) الواثق ج س ل م : ـ ب

(١٢) عن بعضهم ب س ل م : ـ ج

(١٣) نخالف : تخالف ب س ل ، اخالف ج م

(١٤) المهتدي ب س ل م : المهدي ج

(١٥) عمر ل : عمرو ب ج س م

(١٦) ملء ب ج س ل : مثل م

١٢٥

فتمنّى بعضهم ذهبا وبعضهم فضّة فقال ابو عمر (١) الباهلي (٢) : انا اتمنّى ملأها من دماء المشبّهة ، وقيل قاله (٣) المهتدي (٤)

ومنهم المعتضد (٥) وهو ابو العبّاس احمد بن الموفّق بن المتوكّل وكان ولي عهده عمّه المعتمد ويقال : لم يكن في بني العبّاس مثل المأمون في المتقدّمين ولا مثل المعتضد في المتأخّرين ، وعن المبرّد انه كان يسمر عند المعتضد فقال يوما : حدّثني محمد بن الهذيل فقال : هو ابو الهذيل؟ قال قلت : نعم ، قال : فكنّه اذا (٦)! وكان مشغوفا بأبي الهذيل (٧) واخباره ، وكان معتزليا وكذلك اكثر العبّاسية حتى انه قال المأمون : لم يقل احد من آبائي بالجبر

وقال بالعدل من الزهّاد جماعة وافرة

منهم عمرو بن دينار ذكر ذلك العلاني ، ومنهم مسلم بن خالد الزنجي والواضين (٨) بن عطاء الصنعاني والحسن بن سهل وبشير الرحّال (١٧) وغيرهم كابن ابي ذؤيب

روي (٩) ان المنصور دخل المدينة فاجتمع (١٠) علماؤها فشكى بعضهم عامله (١١) فقال العامل : هو كاذب فيما يقول ، واستشهد (١٢) من حضر منهم فشهدوا له وابن ذؤيب ساكت فسأله عنه فاستعفاه (١٣) فأبى الّا ان يقول فقال : يا امير المؤمنين انه كما (١٤) قال وشرّ منه ، قال : يا امير المؤمنين (١٥) إنه يقول فيك شرّا (١٦) من هذا ،

__________________

(١) عمر س ل : عمرو ب ج م

(٢) الباهلي ب س ل م : ـ ج

(٣) قاله ب ج س ل : + له م

(٤) المهتدي س ل م : المهدي ب ج

(٥) المعتضد ب س ل م : المعتمد ج

(٦) فكنه اذا ل : ـ ج ، فكنه اذ س ، فكنه اذن م

(٧) فقال هو ابو الهذيل ... بابي الهذيل ج س ل م : ـ ب

(٨) الوضين ب ج س : بلا نقط م ، الوصيين ل

(٩) روى ج س ل م : وروى ب

(١٠) فاجتمع ب ج س ل : + إليه م

(١١) عامله ب ج ل م : على عامله س

(١٢) واستشهد ب س ل م : واستشهدوا ج

(١٣) فاستعفاه ب ج م : واستعفاه س ل

(١٤) انه كما ب س ل م : هو كما ج

(١٥) قال يا امير المؤمنين ج س ل م : فقال يا امير المؤمنين ب

(١٦) شرا ب س ل م : ما هو شر ج

(١٧) بشير الرحال : راجع ص ٤١

١٢٦

فقال : ما يقول؟ فاستعفاه فأبى فقال : انت اصل الظلم ومعين الظلمة وانت سلّطتهم على الناس (١) ، الى غير ذلك ، فتغيّر وجه المنصور فظنّوا انه سيوقع به فبعث إليه من وصله (٢) بصلة فأبى ان يقبل (٣) ، وله مقامات مشهورة

ومن ذلك العتر (٤) محمد بن واسع ومالك بن دينار وصالح المري والفضل الرقاشي وغيرهم ممن يكثر تعدادهم (٥)

وممن قال بالعدل من الفقهاء جماعة وافرة

منهم زفر بن الهذيل ، ذكره ابو القاسم وابن يزداذ (٦) والقاضي ، قال : وكان زفر من متقدّمي اصحاب ابي حنيفة وبلغ في العلم مبلغا عظيما ، قال ابو القاسم : قيل لأبي حنيفة : زفر قدريّ ، فقال : دعوه لا تناظروه فان الفقه (٧) يردّه

ومنهم ابو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني ، وكان عالما صالحا وقصّته مع الرشيد (٨) حين استفتاه في نقض امام يحيى بن عبد الله مشهورة (٩) فانه (١٠) شدّد فيه حتى ادّى الى حبس محمد في داره سنة ، قيل : وكان مجاب الدعوة وله اصحاب كثير ، ومن اصحابه وكتبه انتشر علم ابي حنيفة ، قيل : وأنفق ماله على العلم واختار الزهد فبورك فيه

ومنهم سلام بن مطيع ابو مطيع الحكم بن عبد الله (١٢) الرقاشي قاضي بلخ وفقيههم ، ذكره ابو القاسم (١١)

ومنهم محمد بن شجاع الثلجي (١٤) ، قال ابو القاسم : وهو المبرّز على نظرائه (١٣)

__________________

(١) على الناس ب س ل م : ـ ج

(٢) من وصله ب س ل م : ـ ج

(٣) يقبل ج س ل : يقبلها ب م

(٤) العتر ب س ل م : ـ ج

(٥) تعداده ب ج ل م : عدده س

(٦) وابن يزداذ ب ج س ل : وبن ابي داود م

(٧) الفقه ب س ل م : العلم ج

(٨) الرشيد ب ج س ل : + مشهورة م

(٩) مشهورة ج س ل م : ـ ب

(١٠) فانه ب س ل م : وانه ج

(١١) ومنهم سلام بن مطيع ... ابو القاسم ب س ل م : في ج بعد عيسى بن ابان

(١٢) عبد الله ج س م : عبيد الله ب ل

(١٣). (١٧ ـ ص ١٢٩ س ٤) محمد بن شجاع ... بمناظرته ب س ل م : في ج بعد ابي العباس بن سريج

(١٤) الثلجي : البلخي ـ الاصول

١٢٧

فقها وورعا وله كتب كثيرة في الفقه وكتاب في الردّ على المشبّهة وهو الذي فتق فقه ابي حنيفة واحتجّ له وأظهر علله وقوّاه بالحديث وجلّاه في الصدور

ومنهم عيسى بن ابان ، اخذ عن محمد بن الحسن وهو مقدّم في اهل زمانه مبرّز في اصناف العلوم ، كان الشافعي يناظره ويأمر اصحابه بمناظرته

ومنهم ابو عبد الله محمد بن سماعة ، اخذ الفقه عن محمد بن الحسن ودعا الى العدل وقال للمعتصم لما فعل بابن حنبل ما فعل : يا امير المؤمنين هذا موقف ادّيت (٢) حقّ الله فيه وأرضيته به فشكر الله لك ذلك ، ويقال : لو حفظ الناس (٣) حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حفظ ابن سماعة (٤) لفقه العراقيين لما أمكن تغيير شيء منه (٥)

ومنهم الشافعي محمد بن ادريس وكنيته ابو عبد الله وعلمه اشهر من ان يذكر ، وانما عدّ في اهل العدل لأنه اخذ عن ابراهيم بن يحيى المدني وهو من اصحاب عمرو بن عبيد واخذ أيضا عن مسلم بن خالد الزنجي ومسلم صاحب غيلان ، فاجتمع للشافعي رجلا اهل الحق من القائلين بالعدل والتوحيد ، وله كتب ورسالات ، توفي في آخر رجب سنة اربع ومائتين (٦) وله اربع وخمسون سنة

ومنهم ابو العبّاس بن سريج (٧) واسمه احمد بن عمر (٨) وهو من اصحاب الشافعي وكان كثير الاختلاف الى ابي الحسين الخيّاط واخذ (١٠) عنه (١) (٩)

ومنهم علي بن موسى القمّي وهو من متقدّمي اصحاب (١٢) ابي حنيفة (١١)

__________________

(١) ابو عبد الله محمد بن سماعة ... واخذ عنه ب س ل م : في ج بعد ابي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني

(٢) اديت ب ج س ل : + فيه م

(٣) الناس س م : للناس ب ج ل

(٤) ابن سماعة ج س ل م : ابن ابي سماعة ب

(٥) منه ج : ـ ب س ل م

(٦) سنة اربع ومائتين ج س ل م : ـ ب

(٧) سريج : شريح ـ الاصول

(٨) عمر : عمرو الاصول

(٩) ومنهم ابو العباس ... واخذ عنه ب ج س ل : ـ م

(١٠) واخذ ج س ل : والاخذ ب

(١١) ومنهم علي بن موسى ... ابن حنيفة س ل : في ب ج م بعد النخعي

(١٢) متقدمي اصحاب ب ج ل م : اصحاب متقدمي س

١٢٨

ومنهم النخعي ابراهيم بن يزيد والشعبي واسمه عامر بن شراحيل وكان الشعبي يقول : أحبّ آل محمد ولا تكن (٢) رافضيّا واثبت وعيد الله ولا تكن (٣) مرجئا ولا تكفّر الناس فتكون (٤) خارجيّا وألزم الحسنة ربك والسيئة نفسك ولا تكن قدريّا (١)

ومن المتأخّرين من الفقهاء ممن قال بالعدل ابو الحسن الكرخي واسمه عبد الله بن الحسن ، كان (٥) في الزهد والعلم في منزلة عظيمة ، اخذ الكلام (٦) عن الشيخ ابي (٧) عبد الله واخذ عنه الشيخ ابو عبد الله في الفقه ، قيل : وكان ابو الحسن لا يدخل منزلا فيه مصحف على غير طهارة إعظاما له وكان يحيي الليل بالصلاة ، وكان يعظّم أبا هاشم تعظيما بليغا وكان يقول : ليس في الدنيا صاحب اجتهاد الّا الطحاوي بمصر ، فلما رآه في الحجّ كان يقول بعد ذلك : ولا الطحاوي بمصر

ومنهم ابو بكر الرازي واسمه احمد بن علي ، قال الحاكم : لم يكن قبله ولا بعده في الفقهاء مثله علما وورعا وتصنيفا وزهدا وامتنع من تولّي القضاء بعد ان توعّد ، وله كتب كثيرة وكان يأمره غيره بكتب (٨) كتب الفقه وهو يكتب كتب الكلام بنفسه ويقول : اتقرّب بذلك الى الله تعالى

ومنهم ابو سهل محمد بن عبد الله الزجاجي وهو نيسابوري وكان فاضلا (٩) جامعا قرأ على ابي الحسن الكرخي ورجع لا نظير له بخراسان وكان مع ذلك حافظا للحديث لا يذكر (١٠) حديثا الا ذكر اسناده وطرقه

ومنهم القاضي ابو نصر محمد بن محمد بن سهل مشهور بخراسان والعراق

__________________

(١) ومنهم النخعي ... قدريا ب س ل م : في ج بعد سلام بن مطيع

(٢) تكن ب ج س م : تكون ل

(٣) تكن ب ج س ل : اكن م

(٤) فتكون م : فتكن ب ج س ل

(٥) كان ج س ل : وكان ب م

(٦) الكلام ج س ل م : ـ ب

(٧) ابي ب ج س ل : ـ م

(٨) بكتب ل : يكتب ج ، بلا نقط ب س م

(٩) فاضلا ج س ل م : + عالما ب

(١٠) لا يذكر ج س ل م : ولا يذكر ب

١٢٩

فاضل كامل ، قال الحاكم : وكان شيخنا ابو حامد رحمه‌الله قرأ عليه الفقه أولا

ومنهم ابو عبد الرحمن الصالح وكان بعض نيسابور (١)

ومنهم ابو عبد الله الخطيب بالريّ

ومنهم إياس بن معاوية ، قيل له : ما يمنعك ان تصنّف في العدل وقد ابصرته؟ فقال : قد رأيته ناظرت فيه (٢) غيلان وأبصرت الحقّ والعدل ولكنّي اخشى ان اقول فأصلب كما صلب (٩)

ومن القائلين بالعدل من النحاة

المبرّد وسيبويه ، اما سيبويه فقد تقدّم ذكر اسمه وقد قال (٣) الزمخشري رحمه‌الله في مدحه (٤) (من الوافر) :

ألا صلّى الا له صلاة صدق

على عمرو بن عثمان بن قنبر

فانّ كتابه لم يغن عنه

بنو (٥) قلم ولا ابناء منبر

قدم بغداذ ثم عاد الى مسقط رأسه بالاهواز وتوفي بها رحمه‌الله تعالى (٦) وقد نيّف على الاربعين ، واما المبرّد فهو محمد بن يزيد ، وغيرهما من النحاة كسعيد بن مسعدة الاخفش وقطرب واسمه محمد بن المستنير وابو علي الحسن بن احمد الفسوي (٧) من مدينة فساة بضمّ الفاء وابو الفتح عثمان بن جني وابو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي ، وكذلك من النحاة المتقدّمين الخليل بن احمد ويسمّى حكيم فرهود وفرهود قبيلة من الازد يقال لهم الفراهيد ، وعيسى بن عمر (٨) ، وابو الاسود الدؤلي (١٠) ، وممن خالف في الارجاء ابو عمرو ابن العلاء كما حكينا عنه آنفا

__________________

(١) بعض نيسابور : كذا في الاصول ، ولعله يعظ بنيسابور

(٢) فيه ب س ل م : ـ ج

(٣) وقد قال ب س ل : وقال م ، وقد ذكره ج

(٤) في مدحه ج س ل م : ـ ب

(٥) بنو ب م : بنوا ج س ل

(٦) تعالى س ل م : ـ ب ج

(٧) الفسوي ب ج ل م : العسرى س

(٨) عمر ج س ل م : عمرو ب

(٩) راجع ص ١٣٧ س ٩ ـ ١١

(١٠) ابو الاسود الدؤلي ، راجع ص ١٦

١٣٠

ومن العدلية من الشعراء

ابو تمّام حبيب بن اوس الطائي ، اخذ عن ابي الهذيل ورثاه بقصيدة فريدة

ومنهم دعبل بن علي الخزاعي وله قصائد (١) مشهورة منها (٢) في مدح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومدح عترته (٣) حيث قال (٤) (من الطويل) :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي موحش (٥) العرصات (٦)

الى قوله :

قبور بكوفان واخرى (٧) بطيبة

واخرى بفجّ نالها صلوات (٨)

ومنها قوله :

وقبر بأرض الجوزجان محلّه

وقبر بباخمرى لدى الغربات (٩)

(١٥) ومنها قوله :

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما

وايديهم من فيئهم صفرات

ومنها قوله :

بنات زياد في القصور مصونة

وبنت (١٠) رسول الله في الفلوات (١١)

الى قوله :

عليّ بن موسى ارشد الله امره

وصلّى عليه افضل الصلوات (١٢)

(١٤) ونظراؤه من فحول الشعراء من القائلين بالعدل اكثر من ان يحصروا كالكميت في المتقدّمين وعلي بن محمد التنوخي وابنه وغيرهم (١٣)

__________________

(١) قصائد ب س ل م : قصيدة ج

(٢) منها ب ج ل م : ـ س

(٣) ومدح عترته ب س ل م : ـ ج

(٤) قال ب س ل : + شعرا م ، يقول ج

(٥) موحش ب ج م : مقفر س ل

(٦) العرصات ب ج س ل : العرصاتي م

(٧) واخرى ج س م : وقبر ب ل

(٨) صلوات ج ل : صلواتي ب س م

(٩) الغربات س ل ومعجم البلدان : القربات ب ج ، القرباتي م

(١٠) وبنت ج ل : وبيت م ، بلا نقط ب س

(١١) في الفلوات ج : في الفلواتي م ، بالفلوات ب س ل

(١٢) الصلوات ب ج س ل : الصلواتي م

(١٣) وغيرهم ج س ل م : ـ ب

(١٤) راجع مجالس المؤمنين ص ٤٥٠ ـ ٤٥٢

(١٥) راجع معجم البلدان ٣ ص ٣١٦ (بيروت ١٩٥٥)

١٣١

فصل

ولما فرغنا من ذكر طبقات الفقهاء ترجّح لنا ذكر فصل غريب في تعيين (١) القائلين بالعدل والتوحيد من علماء الحديث وائمّة النقل فيه ليظهر (٢) ان اهل هذه العقيدة هم اشهر المشهورين من هذه الامّة (٣) بالفضل علما وورعا وزهدا وتحقيقا

واعلم انّا انما نذكر منهم من اشتهر منهم بذلك (٤) ووصفه المخالفون به (٥) حيث يقولون : وكان قدريا حدثنا على مذهبهم من ان اهل العدل هم القدرية ، وعمدتنا في ذلك (٦) رواية ابي القاسم البلخي وقاضي القضاة وابن يزداذ ، ونحن نذكر منهم المدنيين والمكيين واليمنيين والشاميين والبصريين والكوفيين

اما المدنيون فمنهم معبد الجهني وهو مشهور ، وسعد (٧) بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قيل (٨) لاحمد بن (٩) حنبل رحمه‌الله : ما لك لا تروي عن مالك؟ قال : سعد (١٠) خير من مالك سعد لا يسأل عنه ، والقاسم بن العباس الليثي وهو مشهور ، وعند الحميد بن جعفر ، قال يحيى بن معين : انه (١١) كان يرى القدر وكان عندي ثقة ، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن ابي وقاص مشهور ، وعبد الله بن ابي لبيد الثقفي ، قال فيه ابن عيينة : كان من عبّاد (١٢) المدينة يرى القدر ، وقال ابن حنبل : كان يرى القدر وما (١٣) اعلم بحديثه بأسا ، وروى عنه الثوري وابن عيينة وابن اسحاق وابن جريح وصفوان بن سليم ، قال ابن عيينة (١٤) : كان ثقة وكنت (١٥) اذا رأيته علمت انه يخشى الله

__________________

(١) تعيين ب ج ل : ذكر م

(٢) ليظهر ب ل م : ليظن ج

(٣) من هذه الامة ج ل م : ـ ب

(٤) منهم بذلك ل : بذلك منهم ج ، بذلك ب م

(٥) به ج ل م : + بالقدر ب

(٦) في ذلك ب ل م : في نقل ذلك ج

(٧) وسعد ج ل : وسعيد ب م

(٨) قيل ب ج ل : قال م

(٩) لاحمد بن ج : لابن ب ل م

(١٠) سعد ب ج ل ، وفوق سطر ب ـ سعيد ، سعيد م

(١١) انه ب ج ل : ان م

(١٢) عباد ب ج ل : + في م

(١٣) وما ب ج م : ما ل

(١٤) وابن إسحاق ... ابن عيينة ب ج ل : ـ م

(١٥) وكنت ب ج م : وكان ل

١٣٢

ومنهم ابن ابي ذؤيب كان ظاهرا (١) بذلك ، وروي عن مالك رحمه‌الله انه قال : لو برئ ابن ابي ذؤيب من القدر (٢) ما كان على (٣) الارض خير (٤) منه ، محمد بن عجلان مشهور ، وخرج مع محمد بن عبد الله (١١) بن الحسن بن الحسن على البغاة في وقته ، وابو الاسود الدؤلي ، ذكر عبد الله بن عثمان انه اوّل من تكلّم في القدر (١٢) وله قصّة (٥) في ذلك ، وشريك بن عبد الله القاضي ونون بن زيد وشمر (٦) بن عبّاد ومحمد بن ابي الحسن وهؤلاء مشهورون ، وابراهيم بن محمد بن ابي (٧) يحيى ، قال يحيى بن معين : كان قدريّا رافضيّا ، والوليد بن كثير مولى بني مخزوم وصالح بن كيسان وابو مردود مشهورون بذلك ، وعبد الرحمن بن يمان (٨) معدود من رجال الزيدية ، ومحمد بن اسحاق ذكره يحيى بن معين انه كان يرى القدر وذكر نحوه عن ابن عيينة ، ومحمد بن عبد الله بن مسلم الزهري ، وكان ممن خرج مع زيد بن علي عليه‌السلام ، وابو سهيل نافع بن مالك وهو عمّ مالك بن انس ، روي عن الشافعي رحمه‌الله انه روى عن ابراهيم ان أبا سهيل (٩) كان قدريّا ، جعفر بن محمد الصادق ومحمد (١٠) بن عبد الله النفس الزكية (١٣) مشهوران بالقول بالعدل

__________________

(١) ظاهرا ب ج م : متظاهرا ل

(٢) من القدر ب ج م : ـ ل

(٣) على ج ل : + وجه ب ، + ظهر م

(٤) خير ج ل م : افضل ب

(٥) قصة ب ج ل : قصته م

(٦) وشمر ب ج ل : وشمس م

(٧) ابي ل : ـ ب ج م

(٨) يمان ج : تمام م ، بلا نقط ب ل

(٩) سهيل ب ج : سهل ل م

(١٠) ومحمد ب : محمد ج ل م

(١١) وخرج مع محمد بن عبد الله : راجع الملل والنحل ص ١٤٥ وتذكرة الحفاظ ١ ص ١٥٦ وغيرهما

(١٢) انه اوّل من تكلم في القدر : قال ابن قتيبة في المعارف ص ٢٤٤ س ٨ ـ ١٠ : حدثني مهيار الرازي قال سمعت عبد الله بن يزيد الدمشقي يقول سمعت الاوزاعي يقول : اوّل من تكلم في القدر معبد الجهني ثم غيلان بعده

(١٣) النفس الزكية : راجع ص ١٧

١٣٣

واما المكيون فمنهم عمرو بن دينار ، ذكره صاحب المصابيح وحكى عنه انه مرّ عليه حرس مكة وقد لبّبوا رجلا فقال لهم : ما لهذا؟ قالوا : تكلّم في القدر ، فقال : أليس قد اضاف الخير الى ربّه والشرّ الى نفسه؟ قالوا : بلى ، قال : فهو اولى بالحق منكم ، قالوا : فما (١) يمنعك ان تتكلّم؟ قال : اخشى ان يصنع بي (٢) كما (٣) صنع بهذا ، وعبد الله ابن ابي نجيح ، قال يحيى بن شعبة (٤) : كان معتزليّا ، وقال ابن حنبل : كان يرى القدر ، وزكرياء بن اسحاق وكان من اصحاب ابي نجيح ، وسيف بن سليمان ومعروف بن ابي معروف وابراهيم بن نافع ومسلم بن خالد الزنجي من الزهّاد ، وسليمان ابن ابي مسلم صاحب ابن جريح ، ومجاهد بن جبر (٥) ، وسفيان بن عيينة ، وكان يقول في عمرو بن عبيد (٦) انه لم ير افضل منه ، وعبد الله بن طاوس وعطاء ابن يسار

واما اليمنيون فمنهم وهب بن منبّه ، قال ابن قتيبة (١٢) : كان يقول بالاعتزال واصحابه (٧) ، قلت (٨) : وهو مشهور بذلك (٩) ، واخوه همّام بن منبّه حكى ذلك عن الجاحظ ، والوضين بن عطاء الصنعاني من الزهّاد وكان متكلّما وقال ابن حنبل :

ليس به بأس (١٠) ولكن كان (١١) يرى القدر ، وبكر بن الشريد الصنعاني حكى ذلك عنه ابو حاتم الداري

__________________

(١) قالوا فما ج ل م : فقالوا ما ب

(٢) بي ب ل م : بها ج

(٣) كما ج ل م : مثل ما ب

(٤) شعبة ج ل م : سعيد ب

(٥) جبر ب ج ل : جبير م ، وهو يعرف بجبير أيضا

(٦) عبيد ب ل م : عبيد الله ج

(٧) واصحابه ب ج ل : واصحاب م

(٨) قلت ج ل م : قال مولانا ب

(٩) بذلك ج ل م : ـ ب

(١٠) بأس ج ل م : باسا ب

(١١) كان ب ج م : ـ ل

(١٢) قال ابن قتيبة في المعارف ص ٣٠١ س ١٧ ان وهب بن منبه من القدرية : ... ثم رجع

١٣٤

واما الشاميون فمنهم (١) مكحول (٨) بن عبد الله ، قال الاوزاعي : لا نعلم (٢) ممن ينسب الى القدر من التابعين اجلّ من الحسن ومكحول ، ومحمد بن راشد صاحب مكحول ، قال ابو خالد : هو من القدرية ، وقال شعبة : هو معتزليّ شيعيّ ، وعمر بن عبد العزيز من اهل العدل والاوزاعي قد اختلف فيه ، وثور ابن يزيد الحمصي وهو الذي شهد عند يزيد الناقص على الوليد بالكفر ، قال ابو (٣) حاتم : كان يقول بالقدر ، وطلحة بن يزيد ، وبرد بن سنان ، وعبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ، واخوه يزيد بن يزيد ، وسعيد بن بشير ، قال ابو حاتم : كانوا ينكرون (٤) عليه في القدر ، ووكيع بن الجرّاح وقد عدّ في رجال الزيدية (٩) ، والوليد بن مسلم ، وعبد الرزّاق ، وحسّان بن عطية ، ويحيى بن حمزة ، والعلاء ابن حريث ، وعبيد بن ابي حكيم (٥) ، وثابت بن ثور ، وابنه عبد الرحمن ، وابو وهب وعبد الرحمن السلمي ، واخوه عبد الله بن يزيد ، ومحمد بن ابي سنان ، ويحيى بن عبد العزيز

واما البصريون من المحدثين فمنهم الحسن بن ابي الحسن البصري (١٠) ابو سعيد وهو مشهور بذلك ، مطرّف بن عبد الله بن الشخّير من الزهّاد ، ومحمد بن سيرين ، روي انه قيل عنده لمجوسي (٦) (٧) : هو كما شاء الله ، فقال : لا تقل : هو كما شاء الله ولكن (١١) قل : كما علم الله لأنه لو كان كما شاء الله لكان رجلا صالحا ، وروي انه

__________________

(١) فمنهم ب ج ل : ـ م

(٢) نعلم ج : يعلم ل ، بلا نقط ب م ، + احد م ، + احدا ب

(٣) ابو ب ج ل : بن م

(٤) ينكرون ب ج م : يتكبرون ل

(٥) حكيم ج ل م : حكم ب

(٦) عنده لمجوسي ب ل م : لمجوسي عنده ج

(٧) لمجوسي هو ب ج : لمجوسي ل م

(٨) مكحول : راجع ص ٤١ ، وفي وفيات الاعيان ٢ ص ١٨٠ : كان يقول بالقدر ورجع عنه ، وقال مثل ذلك يحيى بن معين في تهذيب التهذيب ١ ص ٩١ ، وفي تذكرة الحفاظ ١ ص ١٠٢ : وكان بريئا من القدر ، وقال ابن قتيبة ٣٠١ وغيره انه كان قدريا

(٩) وقد عد في رجال الزيدية : راجع الملل والنحل ص ١٤٥ والمعارف ص ٣٠١

(١٠) الحسن بن ابي الحسن البصري : راجع ص ١٨ ـ ٢٤

(١١) محمد بن سيرين : راجع ص ١٧

١٣٥

سئل عن القدر فتلا قوله تعالى : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (٧ الاعراف : ٢٨) فقال له الرجل : يا أبا بكر اسألك عن القدر ، فتلا : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (١٦ النحل : ٩٠) فقال الرجل : انما اسألك عن القدر ، فقال محمد : لتقومنّ عنّي او لأقومن عنك ، وقال بعضهم : قد اختلف فيه (٨) ، قلت (١) : لا وجه (٢) للاختلاف مع هذا التصريح ، قتادة (٩) وهو مشهور باعتقاد العدل (٣) ، محمد بن عبد الله المزني من الزهّاد ، محمد بن واسع من الزهاد أيضا ، مالك بن دينار من الزهاد أيضا وكان راوية لمعبد الجهني وكان يقول : لا تنحلوا ربّكم الذنوب فيضاعف لكم العذاب ولكن توبوا إليه ، إياس بن معاوية ، قيل له : ما يمنعك ان تصف القول بالقدر وقد أبصرته؟ قال : رأيته وناظرت (٤) غيلان فأبصرت الحق والعدل (٥) ولكني (٦) اكره ان اقول فأصلب كما صلب (١٠)

ومنهم عوف بن ابي جميلة ، شهد يحيى بن معين انه كان يقول بالقدر ، ومنهم سليمان الشاذكوني ، ومطر (٧) بن طهمان ، والمعلّى بن زياد ، والحسن بن ذكوان (١١) ، والحسن بن نبهان ، وواصل بن عبد الرحمن ، وابو هلال الراسبي ، والحسن بن دينار ، وعبّاد بن راشد ، وعبّاد بن منصور قاضي البصرة ، وعبّاد ابن كثير ، ويزيد بن ابراهيم التستري ، والربيع بن صبيح ، والفرج والمبارك ابنا فضالة ، وسعيد بن ابي عروبة ، قال سفيان بن عيينة : قدم علينا سعيد فخطب بالقدر فقلنا له في ذلك فقال : هذا رأيي ورأي صاحبي قتادة ورأي صاحب

__________________

(١) قلت ج ل م : قال مولانا عليه‌السلام ب

(٢) لا وجه ب ل م : ولا وجه ج

(٣) العدل ل م : الفضل ب ج ، وفي هامش ج العدل

(٤) وناظرت ل : اذ ناظرت ب ، باطراف ج م

(٥) والعدل ج ل م : العدل ب

(٦) ولكني ب ج ل : ولكن م

(٧) ومطر ج ل : ومطرف ب م

(٨) قد اختلف فيه : راجع ابن سعد ١ ص ١٤٩ س ٢٣

(٩) قتادة : راجع ص ٤١ س ٥ ـ ٦

(١٠) ارجع الى ص ١٣١ س ٤ ـ ٦

(١١) الحسن بن ذكوان : راجع ص ٤٢ س ٧ ـ ٨

١٣٦

صاحبي يعني الحسن ، ومنهم هشام الدستوائي (٦) من الزهّاد ، قال يحيى بن معين : كان يرمى بشيء (٢) من القدر ، ومعاذ بن هشام (١) ، كان يقول : لو ضرب عنقي لم اقل ان المعاصي بقدر ، وابان بن يزيد ، كان يحيى بن معين يقول : هو يرمى بشيء من القدر (٣) ، ومنهم شلّاق الطويل ، وحسين المعلّم ، حكى عنهما ابو عبد الرحمن الشافعي إنهما قدريان ، داود الاصبهاني ، روي انه عدليّ ، وحوشب بن عقيل ، والفضل بن عيسى الرقاشي من الزهّاد ، وشريك بن الخطّاب ، وعمر ان القصير ، وحمزة بن نجيح ، وكهمس (٤) بن المنهال ، ويحيى بن بسطام ، وابو حمزة العطّار ، وقحطبة بن عذافة ، ويحيى بن حمزة ، ومحمد بن دينار ، وصدقة بن عبد الله ، ويحيى بن ابي كثير ، وسفيان بن حبيب ، وعبد الوارث بن سعيد (٧) ، وكان يروي الاحاديث الواردة في العدل وهو راوية عمرو ابن عبيد

ومنهم عبيد واسمه محمد بن جعفر ، وعبد الوهّاب بن عطاء الخفّاف ، وحبيب الاعجم ، وعطاء بن ابي ميمونة وابنه مفرج ، والفضل بن يزيد (٨) الرقاشي ، قال يحيى بن معين : هو من القدرية من رؤسائهم

ومنهم عمر (٥) بن عامر ، وعلي بن علي الدقّاق ، وهارون الاعور ، وعثمان

__________________

(١) من الزهاد ... ومعاذ بن هشام ب ج م : ـ ل

(٢) كان يرمى بشيء ب ج ل : يقول لزمه شيء م

(٣) ومعاذ بن هشام ... من القدر ج ل : الى بقدر ـ ب ، الى من القدر ـ م

(٤) كهمس ب وتهذيب التهذيب ٨ ص ٤٥١ والملل والنحل ص ٧٧ والمعارف ص ٣٠١ : كهمش ج ل م

(٥) عمرو ب ل م : عمر ج ولعله الصواب

(٦) الدستوائي : او الدستوائي ، كذا السمعاني في الانساب ، ورقة ٢٢٦ ، وفي معجم البلدان ٨ ص ٤٥٥ : الدستوائي

(٧) سفيان بن حبيب وعبد الوارث بن سعيد : راجع ص ٤٢ س ١١ ـ ١٢

(٨) الفضل بن يزيد : ويقال أيضا الفضل بن زيد ، راجع حلية الاولياء ٣ ص ١٠٢ وغيرها ، وفي الانساب للسمعاني : فضيل بن زياد الرقاشي

١٣٧

ابن مقسّم ، وسلام بن مسكين ، وعبد الرحمن بن مهدي ، والعبّاس (١) بن الفضل ، قال ابراهيم المروزي (٢) : كان العبّاس يرى القدر

ومنهم القاسم بن يحيى ، والهيثم بن حميد ، وحجر بن هلال ، وعبد الرحمن ابن اسحاق ، والحسن (٣) بن واصل ، والاشعث (٤) بن سعيد السمّان ، وعيينة بن سعيد القطّان

قال الجاحظ : ومن جملتهم عبد الله بن عبيد بن رزين ، وصالح بن رستم وابنه عبيد الله (٥) ، وابو نعامة (٦) العدويّ (٧) ، وجهم بن يزيد العبدي ، ومحمد بن سعيد مولى بني امية ، والحسن بن عبد الله ، وبكر ابن ابي شميط ، ومعمر بن راشد ، وابو العوام (٨) عمران بن القطّان ، ومعاوية بن عبد الكريم الثقفي ، ومسدّد بن مسرهد ، ومحمد بن سلام

واما الكوفيون (٩) فمنهم ابو داود النخعي من الزهاد (١٠) واسمه سليمان بن عمرو ، وعمرو بن ابي زائدة (١٧) واخوه زكرياء ، قال ابن حنبل رحمه‌الله : يرمى (١١) بالقدر ، ومنهم الشعبي فانه كان يقول : أحبّ آل محمد ولا تكن رافضيّا واثبت وعيد الله (١٢) ولا تكن مرجئيّا ولا تكفّر الناس فتكون (١٣) خارجيّا وألزم الحسنة ربّك والسيّئة نفسك ولا تكن قدريّا ، ومنهم داود بن ابي (١٤) هند ، وزفر بن الهذيل (١٨) الفقيه ، وسلام بن مطيع ، وابو شهاب الخيّاط (١٥) ، وعمر بن شهاب ، وابن عبّاد (١٦) ،

__________________

(١) والعباس ب ج م : وعباس ل

(٢) المروزي ب ل م : المزوزي ج

(٣) والحسن ب ل م : والحسين ج

(٤) والاشعث ب ل م : والاشعر ج

(٥) عبيد الله ب ج م : عبد الله ل

(٦) ابو نعامة ب ج ل ، ابو تعامة م

(٧) العدوى ب ج م : العبدي ل

(٨) العرام ب ل م : العزام ج

(٩) واما الكوفيون ج ل م : ـ ب

(١٠) من الزهاد ب ج م : ـ ل

(١١) يرمى ب ل م : مرمى ج

(١٢) الله ب ل م : الملك ج

(١٣) فتكون ب م : فتكن ج ل

(١٤) ابي ج ل م : ـ ب

(١٥) الخياط ج ل وميزان الاعتدال ٢ ص ٩٦ : بلا نقط ب م ، الحناط ـ تهذيب التهذيب ٦ ص ١٢٨

(١٦) وعمر ... عباد ب ل م : ـ ج

(١٧) في تهذيب التهذيب ٧ ص ٤٤٨ : عمر بن ابي زائدة وكذا في شذرات الذهب ١ ص ١٨٢

(١٨) ارجع الى ص ١٣٠ س ١ ـ ٤

١٣٨

وطلق بن حبيب ، وعمرو (١) بن مرّة ، ومسعر (٢) بن (٣) كدام ، ومحمد بن شجاع الثلجي (٤) الفقيه ، وعلي بن محمد المدائني ، وابو زيد (٥) عمر (٦) بن شيبة (٧)

فهؤلاء من ائمّة النقل للحديث النبوي هم القائلون بالعدل والتوحيد المبرّءون (٨) من الملام والتفنيد قد عددناهم كما ترى فمن لم يشتهر بذلك منهم بيّنّا من رواه عنه من ائمّة السنّة ومن اشتهر به اشتهارا ظاهرا أطلقناه إطلاقا (٩) ، وفائدة ذكرهم بيان فضيلة هذا المذهب بالتزام الفضلاء المشهورين اياه ولتسكن النفس الى ما نقل عنهم من الحديث النبوي ، ومن الله الهداية والتوفيق

__________________

(١) وعمرو ج : وعمر ب ل م

(٢) ومسعر ب ج م : ومشعر ل

(٣) بن ب ج ل : ـ م

(٤) الثلجي كذا صوابه : البلخي ج ل ، بلا نقط ب م

(٥) زيد ب ج م : + بن ل

(٦) عمر ب ج م : عمرو ل

(٧) شيبة : كذا في الاصول ولعله شبة

(٨) المبرون ل م : المبرءون ب ج

(٩) اطلاقا ب ل م : ـ ج

١٣٩
١٤٠