مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)(١) جمع خالدين على المعنى ، ثم قال : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً)(٢) فردّه إلى اللفظ.
هذا باب إجرائهم ذا بمنزلة الّذي وليس يكون كالّذي إلا مع ما
ومن في الاستفهام وحده
فيكون ذا بمنزلة الذي ، ويكون ما حرف الاستفهام وإجرائهم إيّاه مع ما بمنزلة اسم واحد.
قال سيبويه : " أمّا إجراؤهم ذا بمنزلة الّذي فهو قولهم : ماذا رأيت؟ فتقول : متاع حسن ، قال لبيد :
ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (٣) |
وأمّا إجراؤهم إيّاه مع ما بمنزلة اسم واحد فهو قولك : ماذا رأيت؟ فتقول : خيرا ؛ كأنك قلت : ما رأيت؟ فقال : خيرا.
ومثل ذلك قولهم : ماذا ترى؟ فتقول : خيرا. وقال تعالى : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً)(٤). فلو كان ذا لغوا لما قالت العرب : عمّا ذا تسأل؟ ولقالوا : عمّ ذا تسأل؟ ولكنّهم جعلوا ما وذا اسما واحدا ، كما جعلوا ما وإنّ حرفا واحدا حين قالوا : إنّما ، ومثل ذلك كأنّما ، وحيثما في الجزاء.
ولو كان ذا بمنزلة الّذي في هذا الموضع البتّة لكان الوجه في : ماذا رأيت إذا أراد الجواب أن يقول : خير.
وقال الشاعر ، وسمعنا بعض العرب يقوله :
دعي ما ذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئيني (٥) |
ف (الّذي) لا يجوز في هذا الموضع ؛ لأنّ ما لا يحسن أن تلغيها.
وقد يجوز أن يقول الرجل : ماذا رأيت؟ فيقول : خير ، إذا جعل ما وذا اسما واحدا كأنه قال : ما رأيت؟ فقال : خير ، ولم يجبه على : رأيت خيرا.
__________________
(١) سورة الطلاق ، من الآية : ١١.
(٢) سورة الطلاق ، من الآية : ١١.
(٣) البيت في ديوانه ٢٥٤ ، الخزانة ٢ / ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٦ / ١٤٥ ، ١٤٧ ؛ ابن يعيش ٣ / ١٤٩ ، ١٥٠ ، ٤ / ٢٣ ؛ والكتاب ٢ / ٤١٧.
(٤) سورة النحل ، من الآية : ٣٠.
(٥) البيت منسوب لأبي حيّة النميريّ ، الخزانة ٦ / ١٤٢ ؛ الكتاب ٢ / ٤١٨ ؛ اللسان (أبى).