تراثنا العدد [ 26 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا العدد [ 26 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٢٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

قال المراغي : وفيه نظر ، لعموم الخلفاء الراشدين وعدم الدليل على الحصر في الأربعة .

قال العبري : وفيه نظر ، لأنّ العرف خصّصه بالأئمّة الأربعة حتى صار كالعلم لهم .

أقول : وفيه نظر ، لأنّ العرف طارئ فلا يخصّص عموم اللفظ الصادر قبل .

ثم عند الشيعة : إنّ إجماع الأربعة حُجّة لا من حيث هو ، بل من حيث اشتماله على قول عليّ رضي الله عنه » (١٠٤) .

أقول :

أما القول الأوّل فلا دلالة لهذا الحديث عليه أصلاً .

نعم ، يدلّ عليه الخبر : « أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم » لكنّه حديث موضوع باطل (١٠٥) .

وأمّا القولان الثالث والرابع فموقوفان على قيام الدليل القاطع على حصر المراد في الأربعة ، سواء قلنا بحجّيّة قول كلٍّ منهم على انفراد أو قلنا بحجّيّة قولهم إذا اتّفقوا . . .

ولا شيء من الدليلين على الحصر ـ وهما حديث « الخلافة بعدي ثلاثون سنة » و « أنّ العرف خصّصه بالأئمّة الأربعة فصار كالعلم لهم » ـ بحيث يصلح لرفع اليد به عن ظهور « الخلفاء » في العموم ، ومن هنا قال الغزّالي :

« قد ذهب قوم إلى أنّ مذهب الصحابي حجّة مطلقاً ، وقوم إلى أنّه حجّة إن خالف القياس ، وقوم إلى أنّ الحجّة في قول أبي بكر وعمر خاصّة لقوله : اقتدوا باللذين من بعدي ، وقوم إلى أنّ الحجّة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتّفقوا .

__________________

(١٠٤) مناهج العقول في شرح منهاج الوصول ٢ / ٤٠٢ .

(١٠٥) لنا في إثبات ذلك رسالة مستقلّة مطبوعة . وهو الحديث الأوّل من هذه السلسلة .

٨١
 &

والكلّ باطل عندنا » (١٠٦) .

وحينئذٍ يبقى الحديث على ظهوره في وجوب اتّباع سُنّة كلّ واحدٍ من الخلفاء الراشدين من بعده صلّی الله عليه وآله وسلّم .

ولكن من هم ؟

وما معنى ذلك ؟ !

هذا ما سنبيّنه . .

*       *      *

الاختلافات في متن الحديث

فلنعد إلى النظر في متن الحديث ودلالته . . . بعد فرض تماميّة سنده وصحّته . . .

فبالنسبة إلى المتن . . . قد اتّفقت جميع ألفاظ الحديث على أنّه « عهد » و « وصيّة » من رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم . . .

واشتملت ألفاظه على أُمور أربعة هي :

الأمر بتقوى الله عزّ وجلّ . . .

والأمر بالسمع والطاعة للحاكم كائناً من كان . . .

والتحذير من محدَثات الْأُمور . . .

والأمر باتّباع سُنّته وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعده . . .

وليس في شيء من ألفاظ الحديث الوصيّة بالقرآن والعمل به . .

وربّما خلت بعض الألفاظ من الأمر بالتقوى . . .

ثمّ إنّ الْأُمور الثلاثة ـ عدا الأمر بالتقوى ـ تختلف فيها الألفاظ تقديماً

__________________

(١٠٦) المستصفى في علم الْأُصول ١ / ٢٦٠ .

٨٢
 &

وتأخيراً .

ولربّما جاءت كلمة « عضّوا عليها . . . » بعد « الطاعة » لا بعد « السُنّة » . . .

وربّما قال : « وعضّوا على نواجذكم بالحقّ » .

لكن في أحد الألفاظ : « عليكم بتقوى الله . . . أظنّه قال : والسمع والطاعة » فالراوي غير متأكّد من أنّه قال ذلك ! ثمّ لمن السمع والطاعة ؟ !

والحافظ أبو نعيم رواه بترجمة العرباض بسنده : عن الوليد بن مسلم ، ثنا ثور ابن يزيد ، عن خالد بن معدان ، حدّثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ، قالا :

« أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل . . . ـ وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين » (١٠٧) .

رواه إلى هنا ولم يزد عليه .

ورواه بترجمة خالد من أوّله إلى آخره (١٠٨) .

والأمر سهل . . .

ثمّ إنّه جاء في بعض ألفاظ الحديث في آخره :

« فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث : فإنّ المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد » (١٠٩) .

لكنّ « أسد بن وداعة » ـ وهو من الّذين كانوا يجلسون ويسبّون عليَّ بن أبي طالب عليه السلام كما عرفت ـ لم يقع في شيء من طرق الحديث فبأيّ وجهٍ كان يزيد في هذا الحديث ؟ ! وهل المؤمن كالجمل . . . ؟ !

فلمّا رأی بعضهم أنّ هذا تلاعبٌ بالحديث بزيادةٍ باطلة من رجلٍ مبطِل ، وأنّ ذلك قد يكشف عن حقيقة حال الحديث . . . صحّفه إلى :

__________________

(١٠٧) حلية الأولياء ٢ / ١٣ .

(١٠٨) حلية الأولياء ٥ / ٢٢٠ .

(١٠٩) المستدرك ١ / ٩٦ .

٨٣
 &

« . . . وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشيّاً ، فكان أشدّ علينا من وداعة ، يزيد في هذا الحديث : فإنّ المؤمن . . . » (١١٠) .

لكن تبقى كلمة « يزيد » بلا فاعل . . . !

فرجّح البعض الآخر إسقاط الجملة وإلحاق الكلام بالحديث ، فقال :

« وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشيّاً ، فإنّما المؤمن . . . » (١١١) .

وليته أسقط الكلام أيضاً ، لكنّه يقوّي المعنى ويؤكّد وجوب الطاعة المطلقة لوليّ الأمر كائناً من كان ! !

هذا ما يتعلّق بالمتن . . .

معنى السُنّة :

والأمر المهمّ الذي اتّفقت عليه جميع ألفاظ الحديث إخباره صلّی الله عليه وآله وسلّم بالاختلاف الكثير من بعده ، ثمّ أمره من أدرك ذلك باتّباع سُنّته وسُنّة الخلفاء بلفظ « فعليكم » .

ففي جميع الألفاظ : « فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء . . . » .

و « السُنّة » هي الطريقة والسيرة ، يقال : سنّ الماء ، وسنّ السبيل ، وسنّ رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم كذا ، أي : شرّعه وجعله شرعاً .

وسُنّته عند أهل الشرع : قوله وفعله وتقريره ، ولهذا يقال في أدلّة الشرع : الكتاب والسُنّة . أي : القرآن والحديث (١١٢) .

وعلى الجملة ، فمعنى السُنّة في الشريعة نفس معناها في اللغة لم يعدل بها عنها .

__________________

(١١٠) عارضة الأحوذي ١٠ / ١٤٥ .

(١١١) تهذيب الأسماء واللغات ٣ / ١٥٦ ، النهاية « سنن » ، المصباح المنير ١ / ٣١٢ ، إرشاد الفحول : ٢٩ .

(١١٢) النهاية « سنن » .

٨٤
 &

حجّيّة سُنّة النبيّ :

وسُنّة النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم الثابتة عنه بالطرق المعتبرة حجّة بلا كلام ، وضرورة دينيّة لا يخالف فيها إلّا من لا حظّ له من دين الإِسلام . . .

وقد استدلّوا على حجّيّتها بآياتٍ من الكتاب وأحاديث عن المصطفى ، لكن لا يتمّ الاستدلال بها إلّا على وجهٍ دائر كما لا يخفى . . .

فالعمدة في وجه الحجّيّة هي « العصمة » ومن هنا يتعرّض العلماء ـ في بحثهم عن حجّيّة السُنّة ـ لعصمة النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم (١١٣) .

معنى سُنّة الخلفاء :

قال ابن فارس : « وكره العلماء قول من قال : سُنّة أبي بكر وعمر ، وإنّما يقال : سنة الله وسُنّة رسوله » (١١٤) .

قلت : وجه كراهية العلماء ذلك واضح ، لأنْ كلمة « السُنّة » أصبحت في عرف المتشرّعة مختصّةً بما عن النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم قولاً وفعلاً وتقريراً ، لأنّه الحجّة بعد الكتاب ، حيث يقال : الكتاب والسُنّة ، لكنّهم كرهوا هذا القول مع كون حديث « عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين » بمرأىً منهم ومشهد ، فإن كانوا في شكّ من صدور الحديث عن النبيّ فلا بحث ، وإلّا فبم يفسِّرونه ؟ !

هنا مشاكل :

١ ـ لقد ذكرنا أنّ « السُنّة » في اللغة بمعنى « الطريقة » ، وهي بنفس المعنى في الشريعة بالنسبة إلى « سُنّة النبي » صلّی الله عليه وآله وسلّم ، فهل تفسَّر « سُنّة الخلفاء » بنفس المعنى كذلك ؟ !

__________________

(١١٣) لاحظ كتب الْأُصول كإرشاد الفحول : ٢٩ .

(١١٤) فقه العربيّة « سنن » .

٨٥
 &

٢ ـ لقد عطف صلّی الله عليه وآله وسلّم « سُنّة الخلفاء » على « سُنّته » وظاهر العطف هو المغايرة بين السُنّتين ، فما معنى هذه المغايرة ؟ ! وكيف يأمر صلّى الله عليه وآله وسلّم اتّباع سُنّتهم المغايرة لسُنّته ؟ !

٣ ـ أمره باتّباع سُنّتهم مطلق غير مقيّد كما هو الحال في وجوب اتّباع سُنّته ، وهكذا أمرٍ يقتضي عصمة المتبوع بلا ريب ، أمّا النبي فمعصوم بالإِجماع ، وأمّا الخلفاء فليس كلّهم بمعصومٍ بالإِجماع ، فكيف يؤمر ـ أمراً مطلقاً ـ باتّباع المعصوم وغير المعصوم معاً ؟ !

هذه مشاكل حار القوم في حلّها . . واضطربوا اضطراباً شديداً تجاهها . . .

قال الشوكاني : « إنّ أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوهٍ أكثرها متعسِّفة » (١١٥) .

المشكلة الْأُولى :

أمّا الْأُولى فلا مانع من حلّها بتفسير « السُنّة » هنا أيضاً بـ « الطريقة » كما ذكر الشرّاح كصاحب « سبل السلام » والقاري والمباركفوري . . .

وهذا هو الذي اختاره الشوكاني حيث قال :

« الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدلّ عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب ، فالسُنّة هي الطريقة ، فكأنّه قال : الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين ، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته ، فإنّهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كلّ شيء وعلى كلّ حال ، كانوا يتوقّون مخالفته في أصغر الْأُمور فضلاً عن أكبرها » (١١٦) .

__________________

(١١٥) إرشاد الفحول .

(١١٦) إرشاد الفحول .

٨٦
 &

أقول :

وهكذا تنحلّ المشكلة الْأُولى ، وقد أكّد كلّهم على أنّه « كانت طريقتهم نفس طريقته » متجاوزين ظهور الحديث في المغايرة ، وقد أضاف الشوكاني بأنْ علّل اتّحاد الطريقة بقوله : « فإنّهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كلّ شيء وعلى كلّ حال ، كانوا يتوقّون مخالفته في أصغر الْأُمور فضلاً عن أكبرها » .

قلت : لكنّا وجدنا الخلفاء الثلاثة ـ وكذا أكثر الأصحاب ـ يخالفونه في أكبر الْأُمور فضلاً عن أصغرها ، حتى مع وجود النصوص الصريحة عنه صلّی الله عليه وآله وسلّم ، وقد سبق أن ذكرنا بعض الموارد المسلَّمة من تلك المخالفات . . . فالّذين كانت « طريقتهم نفس طريقته ، فإنّهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها . . . » غير هؤلاء ، فمن هم ؟ !

المشكلة الثانيّة :

وإذا كان المراد من « الخلفاء » غير الّذين يقول بهم أهل السُنّة فالمشكلة الثانية منحلّة أيضاً . . .

أمّا على قولهم فقد رأيتهم يتجاوزون هذه المشكلة . . . إلّا الشوكاني . . . فإنّه قال بعد عبارته المذكورة :

« وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب الله وسُنّة رسوله عملوا بما يظهر لهم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبّر ، وهذا الرأي عند عدم الدليل هو أيضاً من سُنّته ، لِما دلّ عليه حديث معاذ لَمّا قال له رسول الله : بما تقضي ؟ قال : بكتاب الله . قال : فإنْ لم تجد ؟ قال : فبسُنّة رسوله . قال : فإنْ لم تجد ؟ قال : أجتهد رأيي . قال : الحمد لله الذي وفّق رسوله أو كما قال .

وهذا الحديث وإنْ تكلَّم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف ، فالحقّ أنّه من قسم الحسن لغيره وهو معمول به ، وقد أوضحت هذا في بحثٍ مستقلّ .

٨٧
 &

فإن قلت : إذا كان ما عملوا فيه بالرأي هو من سُنّته لم يبق لقوله : « سُنّة الخلفاء الراشدين » ثمرة .

قلت : ثمرته أنّ من الناس من لم يدرك زمنه وأدرك زمن الخلفاء الراشدين ، أو أدرك زمنه وزمن الخلفاء ، ولكنّه حدث أمر لم يحدث في زمنه ، ففعله الخلفاء ، فأشار بهذا الإِرشاد إلى سُنّة الخلفاء إلى دفع ما عساه يتردّد إلى بعض النفوس من الشكّ ويختلج فيها من الظنون .

فأقلُّ فوائد الحديث أنّ ما يصدر منهم من الرأي وإنْ كان من سُنّته كما تقدّم ، ولكنّه أوْلى من رأي غيرهم عند عدم الدليل .

وبالجملة فكثيراً ما كان صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ينسب الفعل أو الترك إليه أو إلى أصحابه في حياته مع أنّه لا فائدة لنسبته إلى غيره مع نسبته إليه ، لأنّه محلّ القدوة ومكان الْأُسوة .

فهذا ما ظهر لي في تفسير هذا الحديث ، ولم أقف عند تحريره على ما يوافقه من كلام أهل العلم . فإنْ كان صواباً فمن الله ، وإنْ كان خطأً فمنّي ومن الشيطان ، وأستغفر الله العظيم » (١١٧) .

أقول :

لقد تنبّه هذا الشيخ الجليل إلى أنّ القول بأنّ « طريقتهم نفس طريقته » يتنافى وظاهر الحديث الدالّ على « المغايرة » ، ورفع اليد عن الظهور بلا دليلٍ غير جائز ، فنقل الكلام إلى حجّيّة آراء الخلفاء واجتهاداتهم ، وقال بذلك استناداً إلى حديث معاذ ، ثمّ ذكر في هذا المقام دلالة الحديث على المغايرة بصورة سؤال ، وحاول الإِجابة عنه بما هو في الحقيقة التزام بالإِشكال !

وعلى الجملة ، فإنّ الكلام في إثبات أنّ « طريقة الخلفاء نفس طريقة النبي »

__________________

(١١٧) إرشاد الفحول : ٢١٤ .

٨٨
 &

والإِجابة عمّا إنْ قيل بأنّه : كيف تكون طريقتهم نفس طريقته وظاهر الحديث المغايرة ؟ ! وأنّه إذا « كانت طريقتهم نفس طريقته » لم يبق لقوله : « وسُنّة الخلفاء » ثمرة ؟ !

أمّا أنّ اجتهادات الخلفاء وآرائهم حجّة أو لا ؟ فذاك بحث آخر ليس هذا موضعه ، وخلاصة الكلام فيه أنّه لا دليل عليه إلّا حديث معاذ الذي أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد عن « الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة قال : حدّثنا ناس من أصحاب معاذ عن معاذ » .

فمن الحارث ؟ ! ومن أصحاب معاذ ؟ !

ولذا اعترف الشوكاني بهوانه ، بل عدّه بعضهم في ( الموضوعات ) كما لا يخفى على من يراجع شروح السنن والكتب المطوّلات . . .

والحاصل : إنّ المشكلة الثانية باقية على أساس أهل السُنّة ، وأنّ هذا الذي ظهر للشوكاني في تفسير الحديث ـ ولم يقف على ما يوافقه من كلام أهل العلم ـ يجب عليه أنْ يستغفر منه !

المشكلة الثالثة :

قد ذكرنا أنّ الأمر المطلق بالإِطاعة والمتابعة المطلقة دليل على عصمة المتبوع  . . . وقد نصَّ على ذلك العلماء في نظائره ، كقوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) قال الرازي بتفسيره ما نصّه :

« إنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومَن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بُدّ وأنْ يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأً منهيٌّ عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وإنّه محال .

فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم ، وثبت أنّ كلّ من

٨٩
 &

أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ » (١١٨) .

وفي هذا المقام أيضاً نبّه الغزّالي على ذلك ، حيث قال بعد الحكم ببطلان الأقوال ـ في عبارته التي نقلناها آنفاً ـ ما نصّه :

« فإنّه من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجّة في قوله ، فكيف يحتجّ بقولهم مع جواز الخطأ ؟ !

وكيف ندّعي عصمتهم من غير حجّةٍ متواترة ؟ !

وكيف يتصوّر عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف ؟ !

وكيف يختلف المعصومان ؟ !

كيف وقد اتّفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة ، فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد ، بل أوجبوا في مسائل الاجتهاد على كلّ مجتهدٍ أن يتّبع اجتهاد نفسه ؟ !

فانتفاء الدليل على العصمة ، ووقوع الاختلاف بينهم ، وتصريحهم بجواز مخالفتهم فيه ، ثلاثة أدلّة قاطعة » (١١٩) .

أقول :

نعم ، هي ـ وغيرها ممّا ذكرناه وممّا لم نذكره ـ أدلّة قاطعة على أنْ ليس « الخلفاء » في هذا الحديث مطلق الصحابة ، ولا مطلق الخلفاء ، ولا خصوص الأربعة مطلقاً . . .

__________________

(١١٨) التفسير الكبير ١٠ / ١٤٤ .

(١١٩) المستصفى ١ / ١٣٥ .

٩٠
 &

بطلان الحديث دلالةً :

وتلخّص أنّ هذا الحديث لا ينطبق في معناه على الْأُصول المعتمدة عند أهل السُنّة ، وأنّ الوجوه التي ذكروها أكثرها متعسِّفة لا تحلّ المشاكل الموجودة فيه على أُصولهم . . . فلا مناص من الاعتراف ببطلان الحديث من ناحية الدلالة كذلك . . .

*       *      *

إنطباق الحديث على مباني الإِماميّة

لكنّه ينطبق من حيث الدلالة على مباني الإِماميّة في الْأُصولَيْن ، واستدلالاتهم من الكتاب والسُنّة المتواترين . . وبيان ذلك :

إنّ هذا الحديث وصيّة وعهد من رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم ـ قاله وكأنّه مودِّع ـ تعييناً لوظيفة الْأُمّة وتكليفها إذا كان « الاختلاف الكثير » فإنّهم إذا تبعوا « سُنّته وسُنّة الخلفاء الراشدين » أمنوا من الهلاك والضلال . . . فهو صريح في حصر الاتّباع في « الخلفاء » من بعده اتّباعاً مطلقاً ، فيجب كونهم معصومين . . .

والإِشارة إلى حديث الثقلين :

وحديث الثقلين . . . كذلك . . . (١٢٠)

__________________

(١٢٠) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة القطعية الصدور ، المتّفق عليها بين المسلمين ، أخرجه من أهل السُنّة مسلم في صحيحه ، وكذا أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم كافّة . . . عن أكثر من صحابيّ وصحابيّة . . . عن رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم بألفاظ مختلفة في مواقف متعدّدة . . . راجع : الأجزاء ١ ـ ٣ من كتابنا : خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار .

٩١
 &

إنّه وصيّةً وعهدٌ منه صلّی الله عليه وآله وسلّم ، قاله غير مرّة ، بعد أنْ نعى نفسه الكريمة ، فهو تعيين للوظيفة وبيان للتكليف من بعده . . . فأمر باتّباع « عترته أهل بيته » مع « كتاب الله سبحانه » وقال : « لن تضلّوا ما إن اتّبعتموهما » . . .

ومن ذلك ما ورد في حديث مرض وفاته صلّی الله عليه وآله وسلّم ، وقد جاء فيه التصريح بلفظ الوصيّة ، وهو أنّه :

« أخذ بيد عليٍّ والفضل بن عبّاس فخرج يعتمد عليهما حتّى جلس على المنبر وعليه عصابة ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :

أمّا بعد ، أيّها الناس ، فماذا تستنكرون من موت نبيّكم ؟ ! ألم ينع إليكم نفسه وينع إليكم أنفسكم ؟ ! أم هل خلد أحد ممّن بعث قبلي فيمن بعثوا إليه فأخلد فيكم ؟ !

ألا إنّي لاحق بربّي ، وقد تركت فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا ، كتاب الله بين أظهركم تقرأونه صباحاً ومساءً ، فيه ما تأتون وما تدعون ، فلا تنافسوا ولا تباغضوا ، وكونوا إخواناً كما أمركم الله ، ألا ثمّ أُوصيكم بعترتي أهل بيتي » (١٢١) .

والجدير بالذكر تعبيره عنهما ـ في بعض الألفاظ ـ بـ « خليفتين » (١٢٢) .

وهذا الحديث دليل واضح على عصمة الّذين أمر باتّباعهم من « عترته أهل بيته » لوجوهٍ عديدةٍ منها ما ذكروه حول آية « إطاعة أُولي الأمر » كما عرفت .

الإِشارة إلى حديث الاثني عشر خليفة :

وقد حدّد عليه وآله الصلاة والسلام عدد الّذين أمر بالتمسّك بهم في حديثٍ آخر متواتر أجمعوا على روايته ، ذاك حديث « الاثنا عشر خليفة » وهو أيضاً عهد من رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام . . .

أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن سمرة قال ـ واللفظ للأول ـ :

__________________

(١٢١) جواهر العقدين : ١٦٨ مخطوط .

(١٢٢) مسند أحمد ٥ / ١٨١ ، الدرّ المنثور ٢ / ٦٠ ، فيض القدير ٣ / ١٤ .

٩٢
 &

« سمعت النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول : يكون اثنا عشر أميراً . فقال : كلمة لم أسمعها . فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش » (١٢٣) .

وأخرجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح . . . وقد روي من غير وجهٍ عن جابر بن سمرة . . . وفي الباب عن ابن مسعود وعبد الله بن عمرو » (١٢٤) .

وأخرجه أحمد في غير موضع (١٢٥) .

وأخرجه الحاكم (١٢٦) وغيره كذلك .

فإذا ما ضممنا هذا الحديث إلى حديث الثقلين عرفنا أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوصي بالتمسّك بالكتاب والأئمّة الاثني عشر ، ويجعلهما الخليفتين من بعده . . .

وإذا كان حديث الثقلين دالّاً على العصمة ـ كما تقدَّم ـ فالأئمّة الاثنا عشر معصومون . . .

ومن كان معصوماً كانت سُنّته حجّةً . . .

وعلى هذا يثبت حجّيّة سُنّة أهل البيت . . .

وبهذا البيان تنحلّ جميع مشكلات حديث « عليكم بسُنّتي . . . » التي ذكرها الغزّالي . . . والتي ذكرناها . . . فلقد دار أمر وجوب الاتّباع مدار وجود العصمة ، وإذا كانت العصمة فلا تغاير بين « سُنّة الخلفاء الراشدين » و « سُنّة الرسول الأمين » . . . وإذا كانت العصمة فلا اختلاف . . وإذا كانت العصمة فالمخالف هو المخطئ . . .

نعم ، قد حاول القوم ـ عبثاً ـ صرف حديث « الاثنا عشر خليفة » عن الدلالة على ما تذهب إليه الإٍماميّة . . . لكنّهم حاروا في كيفيّة تفسيره وتضاربت كلماتهم . . .

__________________

(١٢٣) أُنظر كتاب الأحكام باب الاستخلاف من صحيح البخاري ، وكتاب الإِمارة باب الناس تبع لقريش من صحيح مسلم .

(١٢٤) صحيح الترمذي باب ما جاء في الخلفاء .

(١٢٥) مسند أحمد ج ٥ / ٨٩ ، ٩٨ ، ١٠٦ ، ١٠٧ وغيرها .

(١٢٦) المستدرك عل الصحيحين ٣ / ١١٧ .

٩٣
 &

حتّى كان لكلّ واحدٍ منهم قول ، وببالي أنّي رأيت من يصرّح منهم بوجود أربعين قولاً في معنى الحديث . . .

لكنّ المهم اعترافهم بالعجز عن فهم معنى الحديث . . .

فٱبن العربي المالكي يقول ـ بعد ذكر رأيه ـ « ولم أعلم للحديث معنىً » (١٢٧) .

وابن البطّال ينقل عن المهلّب قوله : « لم ألق أحداً يقطع في هذا الحديث . يعني بشيء معيّن » (١٢٨) .

وابن الجوزي يقول : « قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلّبت مظانّه وسألت عنه فلم أقع على المقصود » (١٢٩) .

فهي إذن محاولات يائسة . . . والحديث صحيح قطعاً . . . فليتركوا الأهواء والعصبيّات الجاهليّة ، وليعترفوا بواقع الأمر الذي شاءه الله ورسوله . . . .

وتلخّص : إنّ معنى الحديث :

عليكم بسُنّتي وسُنّة الأئمّة الاثني عشر الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي . . .

ويؤكّد ذلك ما رووه عن أبي ليلى الغفاري عن رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم قال : « سيكون بعدي فتن ، فإذا كان ذلك فالزموا عليَّ بن أبي طالب ، فإنّه فاروق بين الحقّ والباطل » .

وعن كعب بن عجرة أنّه قال : « تكون بين أُمّتي فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ . يعني عليّاً » (١٣٠) .

__________________

(١٢٧) شرح الترمذي ٩ / ٦٩ .

(١٢٨) فتح الباري ١٣ / ١٨٠ .

(١٢٩) فتح الباري ١٣ / ١٨١ .

(١٣٠) ترجمة عليّ بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٣ / ١٢٠ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧ ، أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب : ٤٨ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٢ ، منتخب كنز العمّال ـ هامش مسند أحمد ـ ٥ / ٣٤ .

٩٤
 &

هل يأمر النبي بإطاعة الأمير كائناً من كان ؟ !

وممّا ذكرناه يظهر أنّ ما جاء في هذا الحديث من أنّه صلّی الله عليه وآله وسلّم يأمر بـ « السمع والطاعة وإنْ كان عبداً حبشياً » . . . كذب قطعاً . . . وأنّ هذا من زيادات أمثال « أسد بن وداعة » . . . ويشهد بذلك عدم جزم الراوي بأنّ النبي قاله . . . لأنّ النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم لا يأذن بأن يتسلّط على رقاب الناس إلّا من توفّرت فيه الصفات والشروط التي اعتبرها الشرع والعقل ، ولا يجوّز ـ فضلاً عن أن يأمر ـ الاستسلام والانصياع التامّ لمن تأمّر وتولّى شؤون المسلمين كيفما كان وكيفما تسلّط !

وعلى الجملة ، فإنّ هذه الفقرة من الحديث إنّما زيدت فيه ـ بناءً على صدوره في الأصل ـ لحمل الناس على إطاعة معاوية وعمّاله وإنْ ظلموا وجاروا ، وإنْ فسقوا وفجروا . . .

إنّها زيدت فيه كما زيد تعليل مفاده بأنّه « فإنّما المؤمن . . . »

ويؤكّد ما ذكرنا اضطراب القوم كذلك في معناها ، ونكتفي بما ذكره شارحا الترمذي :

قال ابن العربي : « قوله : اسمعوا وأطيعوا . يعني ولاة الأمر وإنْ تأمّر عليكم عبد حبشي .

فقال علماؤنا : إنّ العبد لا يكون والياً . . .

والذي عندي : أنّ النبي أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله حتى توضع الولاية في العبيد ، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا . تغليباً لأهون الضررين ، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته ، لئلّا يغيّر ذلك فيخرج منه إلى فتنةٍ عمياء صمّاء لا دواء لها ولا خلاص منها » (١٣١) .

وقال المباركفوري : « قوله : أي صار أميراً أدنى الخلق فلا تستنكفوا عن طاعته .

__________________

(١٣١) عارضة الأحوذي ١٠ / ١٤٥ .

٩٥
 &

أو : لو استولى عليكم عبد حبشي فأطيعوه مخافة إثارة الفتن .

ووقع في بعض نسخ أبي داود : وإنْ عبداً حبشياً ، بالنصب . أي : وإنْ كان المطاع عبداً حبشياً .

قال الخطابي : يريد به إطاعة من ولّاه الإِمام عليكم وإنْ كان عبداً حبشياً ، ولم يرد بذلك أن يكون الإِمام عبداً حبشياً ، وقد ثبت عنه أنّه قال : الأئمّة من قريش » (١٣٢) .

أقول :

أمّا ما ذكره الخطابي فحمل بلا دليل ، على أنّه قد تقدّم أنّ العلماء لا يجوّزون ولاية العبد .

وأمّا ما ذكره ابن العربي ـ وكذا ابن حجر (١٣٣) ـ فهو عبارة أُخرى عن الأمر بالتقيّة التي يشنّعون ـ بألسنتهم ـ بها على الإِماميّة مع ورود الكتاب والسُنّة بها ، ويلتزمون بها عملاً . . .

وعلى هذا ـ وبعد التنزّل عمّا تقدّم ـ يكون المعنى :

إنْ أمّر عليكم أئمّةُ الجور بعضَ من لا أهليّة له للإِمارة وكان في مخالفتكم له ضرر كبير فعليكم بالسمع والطاعة . . .

*       *      *

__________________

(١٣٢) تحفة الأحوذي ٧ / ٤٣٨ .

(١٣٣) فتح الباري ١٣ / ١٠٤ .

٩٦
 &

خاتمة البحث

لقد استعرضنا أهمّ أسانيد الحديث في أهمّ الكتب . . . فظهر أنّه حديث من الأحاديث المفتعلة في زمن حكومة معاوية ، لأغراضٍ سياسيّة .

وهو من حيث الدلالة حديثٌ باطل لا يمكن قبوله بالنظر إلى الْأُسس المقرّرة عند أهل السُنّة ، فضلاً عن أنْ يستند إليه ويجعل قاعدةً في شيء من المسائل العلميّة .

وعلى هذا فإنّه لا يصلح مبرّراً لِما « أحدثه » الخلفاء والْأُمراء في الدين . . . ومستنداً للأقوال المتعدّدة في باب حجّيّة قول الصحابي وإجماع الخلفاء الأربعة . . . فتبقى تلك البدع بلا مبرّر ، وتلك الأقوال بلا دليل . . .

نعم ، يصلح دليلاً ـ إنْ صحّ سنداً ـ على ما تذهب إليه الإِماميّة من حجّيّة قول الأئمّة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام . . . ووجوب إطاعتهم والانقياد لهم والاقتداء بهم . . .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على الرسول الأمين وآله الطاهرين الميامين .

*       *      *

٩٧
 &

أهل البيت ( ع ) في المكتبة العربية ( ١٧ )

السيّد عبد العزيز الطباطبائي

٥٣٣ ـ مناقب أهل البيت

لأبي سعيد عبّاد بن يعقوب الرواجني الأسدي الكوفي ، المتوفّى سنة ٢٥٠ هـ .

من رجال البخاري والترمذي وابن ماجة .

ترجم له المزي في تهذيب الكمال ١٤ / ٢٧٥ وعدّد شيوخه ومن رووا عنه وقال : « قال أبو حاتم : شيح ثقة » وقال الحاكم أبو عبد الله : « كان أبو بكر ابن خزيمة يقول : حدّثنا الثقة في روايته ، المتّهم في دينه ! عبّاد بن يعقوب » .

وترجم له ابن عدّي في الكامل ٤ / ١٦٥٣ وقال : « معروف في أهل الكوفة ، وفيه غلوّ في التشيّع ! وروى أحاديث أُنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم » .

أقول : ترى أنّ تشيّعه وغلوّه فيه إنّما هو روايته أحاديث في فضائل أهل البيت عليهم السلام وفي مثالب أعدائهم من المنافقين ، وهي أحاديث ثابتة صحيحة ، ولم يناقش ابن عديّ في رجال إسنادها ، ولم يضعّف واحداً منهم ، وإنّما قال : أُنكرت عليه ! حيث كان همّهم إخفاؤها وكتمانها ، وإنّما أنكروا عليه كيف تحدّى التعتيم المفروض على فضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم لِمَ حَدّث بها ورواها ، وهذا يعدُّ غلوّاً في التشيّع ! وقالوا عنه : الثقة في حديثه ، المتّهم في دينه ! ! ويظهرون بمظهر الناصح المشفق ويقولون : إنّ أهل البيت في غنى عن هذه الأحاديث وهذه الفضائل !

٩٨
 &

وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٣٦ ـ ٥٣٨ وقال : « ورأيت له جزءاً في كتاب المناقب جمع فيها أشياء ساقطة ! قد أغنى الله أهل البيت عنها وما أعتقده يتعمّد الكذب أبداً ! » .

وقال أيضاً في جزء ٧ ص ٣٣ منهم : « قال عبّاد بن يعقوب في كتاب المناقب له . . . » .

فيظهر وجود الكتاب عنده .

وتقدّم له في العدد الأوّل ، ص ١٨ في حرف الألف : أخبار المهديّ عليه السلام ، وعدّدنا هناك بعض مصادر ترجمته ، وبهامش ترجمته من تهذيب الكمال أيضاً جملة أُخرى منها .

٥٣٤ ـ مناقب أهل البيت عليهم السلام

للقاضي أبي محمد ابن خلّاد .

ترجم له الحافظ ابن شهرآشوب ، المتوفّى سنة ٥٨٨ هـ ، في معالم العلماء ، برقم ٩١٨ بما مرّ وقال : « عامّيّ ، له كتاب في مناقب أهل البيت عليهم السلام » .

وابن خلّاد هو القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الفارسي الرامهرمزي ، المتوفّى حدود سنة ٣٦٠ هـ .

ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٧٣ وقال : « الإِمام الحافظ البارع ، محدِّث العجم . . . مصنّف كتاب المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي في علوم الحديث ، وما أحسنه من كتاب ! . . . فكتب وجمع وصنّف وساد أصحاب الحديث ، وكتابه المذكور ينبئ بإمامته » .

أقول : وفي الهامش ذكر عدّة مصادر لترجمته ، وقد تقدّم له في العدد العاشر : الرجحان بين الحسن والحسين ، والريحانتين الحسن والحسين عليهما السلام .

*       *      *

٩٩
 &

٥٣٥ ـ مناقب أهل البيت

لابن حجر الهيتمي ، أحمد بن محمد السعدي الأنصاري الشافعي ، شهاب الدين أبي العبّاس ( ٩٠٩ ـ ٤ / ٩٧٣ هـ ) .

ولد في محلّة أبي الهيتم ـ بنقطتين ـ من إقليم الغربية بمصر ، وسكن مكّة إلى أن توفّي بها .

أوّله : « قال : . . . لَمّا فرغت من هذا الكتاب أعني الصواعق المحرقة . . » .

نسخة في مكتبة جامعة برنستون في الولايات المتحدة ، رقم ٥٥٧٥ ، كتبت في القرن الثاني عشر ، ذكرها ماخ في فهرسه ، ص ٣٩٤ .

٥٣٦ ـ مناقب أهل البيت وكلام الأئمّة

للحسين بن محمد بن خسرو البلخي المعتزلي الحنفي ، أبي عبد الله ابن المقري البغدادي السمسار ، المتوفّى بها في شوّال سنة ٦ / ٣ / ٥٢٢ هـ .

وهو من شيوخ ابن عساكر وابن الجوزي ، وهو مؤلّف جامع مسانيد أبي حنيفة .

ترجم له ابن النجّار والسمعاني في ذيل تاريخ بغداد ، وله ترجمة في الجواهر المضيّة ١ / ٢١٨ برقم ٥١٨ ، ومشيخة ابن الجوزي ص ١٧٦ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ٣٧ ، والطبقات السنيّة ٣ / ١٦٠ رقم ٧٧١ ، وتاج التراجم رقم ٦٥ ، وهديّة العارفين ١ / ٣١٢ ، وميزان الاعتدال ١ / ٥٤٧ ، ولسان الميزان ٢ / ٣١٢ وفيه أطول ترجمة له ، وذكر له هذا الكتاب ، ولا أدري أنّه أورد كلام الأئمّة عليهم السلام في ضمن هذا الكتاب ، أو هو كتاب آخر له فهما كتابان .

٥٣٧ ـ مناقب الحسين

لابن الجوزي ، أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن بن عليّ بن عبد الله القرشي التميمي البغدادي ، الواعظ الحنبلي ( ٥١٠ ـ ٥٩٧ هـ ) .

١٠٠