مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٢٤٠
تقدير .
* * *
تُشكِّل الروايات والنصوص المتقدّمة المصدر الرئيسي والمرجع الأساسي المهمّ لهذه المزعمة الواهية .
والقاسم المشترك بينها جميعاً هو الإِرسال ، والشذوذ ، ومخالفة ما هو مشهور ، والنكارة ، والتحريف ، والتلاعب في بعض مصادرها ، وضعف بعض رواتها ، وعلّة واحدة من هذه العلل يُسْقِطُ الاعتماد عليها ، ويُوجِبُ نبذها جانباً ، فكيف بها مجتمعة ؟ !
وتبيّن من خلال البحث في تواريخ رواتها أنّها ظهرت في القرن الثالث الهجري ، وأنّها ممّا تعمّد وضعه وتدرّج نحته في الأزمنة المتأخّرة ، وما أكثرها .
يقول يحيى بن معين مُشيراً إلى كثرتها : « كتبنا عن الكذّابين ، وسجّرنا به التنور ، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً » (١١٤) .
والعجب أنَّ أكثر هذه الأحاديث وجلّها قد وضعها « أهل الخير والزهد » !
قال يحيى بن سعيد القطّان : « لم نرَ الصالحين في شيء أكذبَ منهم في الحديث » (١١٥) .
وقال : « لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث » (١١٦) .
وقال : « ما رأيت الكذب في أحدٍ أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد » (١١٧) .
من أجل هذا ـ وغيره ـ ينبغي لنا ألّا نمنح هذا التاريخ ثقتنا واعتمادنا ، بل يجب غربلته وأزالة شوائبه بإخضاع نصوصه وأخباره لدراسة علمية ، حيادية ، مستوعبة
__________________(١١٤) تاريخ بغداد ١٤ : ١٨٤ ، سير أعلام النبلاء : ١١ / ٨٣ عن تاريخ الأبَّار .
(١١٥) صحيح مسلم ١ : ١٧ ، تاريخ بغداد ٢ : ٩٨ .
(١١٦) صحيح مسلم ١ : ١٨ .
(١١٧) اللآلئ المصنوعة . . . ، فتح الملك العليّ : ٩٢ .
وللتوسّع راجع الغدير ٥ : ٢٧٥ ـ ٢٩٦ .
وشاملة لجميع جوانبه ، مع الاهتمام بكلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ ، فلا فائدةَ من تصنيفِ الأخبارِ إلى تافهٍ وقيّمٍ ، إلّا بعد البحث والدراسة ، فالتافهُ ما أثبتَ التحقيقُ تفاهته وزيفه وضعف قواعده وتضعضع دعائمه ؛ والقيّمُ ما أثبتَ التمحيصُ أصالته ، وظهرت براهينه ، ولاحت دلائله ، وصمد عند النقد .
وفي الختام أحمدُ اللهَ سُبحانهُ لِما خصَّني به من لطفِ القيام بهذا العمل المتواضع ، آملاً أن يروق أهل الفضل والتحقيق ، متوكّلاً على الفرد الصمد ، متوسِّلاً بحِجْزةِ وليد الكعبة ، مستمدَّاً العون من ساحة قُدسه .
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) ( وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ) ( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) .
* * *
من الأحاديث الموضوعة (٦) |
|
حديث ٱتّباع سُنّة الخلفاء وإطاعة الْأُمراء السيّد عليّ الحسيني الميلاني |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأوّلين والآخرين . . .
وبعد ،
فهذه رسالة أُخرى كتبتها حول حديث آخر . . .
إنّه حديث في وجوب إطاعة الْأُمراء واتّباع سُنّة الخلفاء الراشدين وإنْ كانت السُنّة والإِمارة على خلاف الموازين . . .
أخرَجوه في غير واحدٍ من أهمّ أسفارهم ، وجعله غير واحدٍ منهم من أصحّ أخبارهم . . .
ثمّ اتّخذوه مستنداً لتبرير أُمورٍ وأحكامٍ سابقة ، ومستمسكاً لأعمالٍ وقضايا لاحقة . . .
لقد بحثت عن هذا الحديث بحثاً شاملاً ، وحقّقته تحقيقاً كاملاً ، فجاءت رسالة نافعة للمحقّقين ، لا تخفى فوائدها على الباحثين . . فإليهم أُقدّم هذا الجهد ، والله من وراء القصد .
(١) مخرِّجو الحديث وأسانيده
رواية الترمذي :
أخرج الترمذي قائلاً :
« (١) حدّثنا عليّ بن حجر ، حدّثنا بقيّة بن الوليد ، عن بحير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، قال :
وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يوماً بعد صلاة الغداة موعظةً بليغةً ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال رجل : إنّ هذه موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟
قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ عبدٌ حبشي ، فإنّه من يَعِش منكم يرى اختلافاً كثيراً ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور فإنّها ضلالة ، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
وقد روى ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم نحو هذا ، حدّثنا بذلك :
(٢) الحسن بن علي الخلّال وغير واحدٍ ، قالوا : حدّثنا أبو عاصم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، نحوه .
والعرباض بن سارية يكنّى : أبا نجيح .
(٣) وقد روي هذا الحديث عن حجر بن حجر ، عن عرباض بن سارية ، عن
النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، نحوه » (١) .
رواية أبي داود :
وأخرج أبو داود قائلاً :
« حدّثنا أحمد بن حنبل ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ثور بن يزيد ، قال : حدّثني خالد بن معدان ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ، قالا : أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال العرباض :
صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ذات يوم ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّ هذا موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟
فقال : أُوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ عبدٌ حبشي ، فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين الراشدين ، تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة » (٢) .
رواية ابن ماجة :
وأخرج ابن ماجة قائلاً :
« (١) حدّثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا عبد الله بن العلاء ـ يعني ابن زبر ـ ، حدّثني يحيى بن أبي المطاع ، قال :
__________________(١) صحيح الترمذي ٥ / ٤٤ ـ ٤٥ باب ما جاء في الأخذ بالسُنّة واجتناب البدع .
سمعت العرباض بن سارية يقول :
قام فينا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ذات يوم ، فوعظنا موعظةً بليغةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون . فقيل : يا رسول الله ، وعظتنا موعظة مودّعٍ فاعهد إلينا بعهد .
فقال : عليكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، وسترون من بعدي اختلافاً شديداً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم والْأُمور المحدثات ، فإنّ كلّ بدعةٍ ضلالة .
(٢) حدّثنا إسماعيل بن بشر بن منصور وإسحاق بن إبراهيم السوّاق ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن مهديّ ، عن معاوية بن صالح ، عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض بن سارية يقول :
وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقلنا : يا رسول الله ، إنّ هذه لموعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟
قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد .
(٣) حدّثنا يحيى بن حكيم ، ثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، ثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن العرباض بن سارية ، قال :
صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم صلاة الصبح ، ثمّ أقبل علينا بوجهه ، فوعظنا موعظةً بليغةً . فذكر نحوه » (٣) .
__________________(٢) سنن أبي داود ٢ / ٢٦١ باب في لزوم السُنّة .
(٣) سنن ابن ماجة ١ / ١٥ ـ ١٧ باب اتّباع سُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين .
رواية أحمد :
وجاء في مسند أحمد :
« (١) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا معاوية ـ يعني ابن صالح ـ ، عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض بن سارية ، قال :
وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . قلنا : يا رسول الله ، إنّ هذه لموعظة مودّعٍ فماذا تعهد إلينا ؟
قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بها عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشيّاً ، عضّوا عليها بالنواجذ ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد » .
(٢) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا الضحّاك بن مخلد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن عرباض بن سارية ، قال :
صلّى لنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الفجر ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت لها الأعين ، ووجلت منها القلوب . قلنا ـ أو قالوا ـ : يا رسول الله ، كأنّ هذه موعظة مودّعٍ فأوصنا .
قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم يرى بعدي اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدّثة بدعة ، وإنّ كلّ بدعة ضلالة .
(٣) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد ابن معدان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ، قالا :
أتينا
العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى
الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ
لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال عرباض :
صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الصبح ذات يومٍ ثم أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّ هذه موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟
فقال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، فتمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة .
(٤) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا حياة بن شريح ، ثنا بقيّة ، حدّثني بحير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن عرباض بن سارية ، أنّه حدّثهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة . فذكره .
(٥) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا إسماعيل ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن العرباض بن سارية ، أنّه حدّثهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة . فذكره » (٤) .
رواية الحاكم :
وأخرج الحاكم قائلاً :
« (١) حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، ثنا العبّاس بن محمد الدوري ، ثنا أبو عاصم ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، قال :
__________________(٤) مسند أحمد بن حنبل ٤ / ١٢٦ .
صلّى لنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم صلاة الصبح ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنّها موعظةً مودّع فأوصنا .
قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشي ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ بدعة ضلالة .
هذا حديثٌ صحيحٌ ليس له علّة .
وقد احتجّ البخاري بعبد الرحمن بن عمرو وثور بن يزيد ، وروى هذا الحديث في أوّل كتاب الاعتصام بالسُنّة .
والّذي عندي أنّهما ـ رحمهما الله ـ توهّما أنّه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد ، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرّج حديثه في الصحيحين عن خالد بن معدان .
(٢) حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيّوب ، ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، ثنا عبد الله بن يوسف التنيسي ، ثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن العرباض بن سارية ـ من بني سليم ، من أهل الصُفّة ـ قال :
خرج علينا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم يوماً فقام فوعظ الناس ورغّبهم وحذّرهم وقال ما شاء الله أنْ يقول .
ثمّ قال : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وأطيعوا من ولّاه الله أمركم ، ولا تنازعوا الأمر أهله ولو كان عبداً أسودَ ، وعليكم بما تعرفون من سُنّة نبيّكم والخلفاء الراشدين المهديّين ، وعضّوا على نواجذكم بالحقّ .
هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعاً ، ولا أعرف له علّةً .
وقد تابع ضمرة بن حبيب خالد بن معدان على رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي .
(٣) حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي .
وأخبرنا أبو بكر محمّد بن المؤمل ، ثنا الفضل بن محمد ، قالا : ثنا أبو صالح ، عن معاوية بن صالح .
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، ثنا عبد الرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ ، عن معاوية بن صالح .
عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض ابن سارية قال :
وعظنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقلنا يا رسول الله ، إنّ هذا لموعظة مؤدّعٍ فماذا تعهد إلينا ؟
قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين الراشدين من بعدي ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، عضوّا عليها بالنواجذ .
فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث : فإنّ المؤمن كالجمل الأنف حيث ما قيد انقاد .
وقد تابع عبد الرحمن بن عمرو على روايته عن العرباض بن سارية ثلاثة من الثقات الأثبات من أئمّة أهل الشام :
منهم : حجر بن حجر الكلاعي :
(٤) حدّثنا أبو زكريّا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي ، ثنا موسى بن أيوب النصيبي وصفوان بن صالح الدمشقي ، قالا : ثنا الوليد ابن مسلم الدمشقي ، ثنا ثور بن يزيد ، حدّثني خالد بن معدان ، حدّثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر الكلاعي ، قالا :
أتينا
العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى
الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا
وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا
يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين ومقتبسين .
فقال العرباض :
صلّى بنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم الصبح ذات يوم ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا مَوعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّها موعظة مؤدّعٍ فما تعهد إلينا ؟
فقال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، فتمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة .
ومنهم : يحيى بن أبي المطاع القرشي :
(٥) حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عيسى بن زيد التنيسي ، ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، أنبأ عبد الله بن العلاء بن زيد (٥) ، عن يحيى بن أبي المطاع ، قال : سمعت العرباض بن سارية السلمي يقول :
قام فينا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم ذات غداةٍ فوعظنا موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها الأعين . قال : فقلنا : يا رسول الله ، قد وعظتنا موعظة مودّعٍ فٱعهد إلينا .
قال : عليكم بتقوى الله ـ أظنّه قال : والسمع والطاعة ـ ، وسترى من بعدي اختلافاً شديداً ـ أو : كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم والمحدَثات ، فإنّ كلّ بدعة ضلالة .
ومنهم : معبد بن عبد الله بن هشام القرشي :
وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب ، فتركته .
وقد استقصيت في تصحيح هذا الحديث بعض الاستقصاء على ما أدّى إليه
__________________(٥) كذا والصحيح : زبر .
اجتهادي ، وكنت فيه كما قال إمام أئمّة الحديث شعبة ـ في حديث عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، لمّا طلبه بالبصرة والكوفة والمدينة ومكّة ، ثمّ عاد الحديث إلى شهر ابن حوشب فتركه ، ثمّ قال شعبة ـ :
لئنْ يصحَّ لي مثل هذا عن رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم كان أحبّ إليِّ من والديَّ وولدي والناس أجمعين .
وقد صحّ هذا الحديث ، والحمد لله ، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين » (٦) .
* * *
__________________(٦) المستدرك على الصحيحين ١ / ٩٦ .
(٢) نظراتٌ في أسانيده
نقاط حول السند والدلالة :
كانت تلك أسانيد هذا الحديث وطرقه في أهمّ كتب الحديث وجوامعه ، ولا بُدّ قبل الورود في النظر في أحوال رجال الأسانيد والرواة أن نشير بإيجاز إلى نكاتٍ جديرةٍ بالانتباه إليها . . .
١ ـ إن هذا الحديث يكذّبه واقع الحال بين الصحابة أنفسهم ، فلقد وجدناهم كثيراً ما يخالفون سُنّة أبي بكر وعمر ، والمفروض أنّهما من الخلفاء الراشدين ، بل لقد خالف الثاني منهما الأوّل في أكثر من مورد ! ! فلو كان هذا الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حقّاً لَما وقعت تلك الخلافات والمخالفات . . .
هذا ما ذكره جماعة . . . وعلى أساسه أوّلوا الحديث ، وقد نصّ بعضهم كشارح مسلَّم الثبوت (٧) على ضرورة تأويله . . .
قلت : لكنّ هذا إنّما يضطرّ إليه فيما لو كان الأصحاب ملتزمين بإطاعة رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم ومنقادين لأوامره ونواهيه . . ولكن . . .
٢ ـ إنّ هذا الحديث بجميع طرقه وأسانيده ينتهي إلى « العرباض بن سارية السلمي » فهو الراوي الوحيد له . . وهذا ممّا يورث الشكّ في صدوره . . لأنّ الحديث كان في المسجد . . وكان بعد الصلاة . . وكان موعظة بليغةً من رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم . . ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . . . ثمّ طلب منه أنْ يعهد إلى الْأُمّة . . فقال . .
__________________(٧) فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ٢٣١ .
فكيف لم يروه إلّا العرباض ؟ ! ولِمَ لَمْ يرووه إلّا عن العرباض ؟ !
٣ ـ إنّ هذا الحديث إنّما حُدِّث به في الشام ، وإنّما تناقله وروّجه أهل الشام ! وأكثر رواته من أهل حمص بالخصوص ، وهم من أنصار معاوية وأشدّ أعداء عليّ أمير المؤمنين عليه السلام (٨) .
فبالنظر إلى هذه الناحية ، لا سيّما مع ضمّ النظر في متن الحديث إليه ، لا يبقى وثوق بصدور هذا الحديث عن النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، إذْ كيف يوثَق بحديث يرويه حمصيّ عن حمصيّ عن حمصيّ ! ! . . ولا يوجد عند غيرهم من حملة الحديث والأثر علم به ؟ ! وأهل الشام قاطبةً غير متحرّجين من الافتعال لما ينتهي إلى تشييد سلطان معاوية أو الحطّ ممّن خالفه !
٤ ـ إنّ هذا الحديث ممّا أعرض عنه البخاري ومسلم ، وكذا النسائي من أصحاب السنن . . . وقد بنى غير واحدٍ من العلماء الكبار من أهل السُنّة على عدم الاعتناء بحديثٍ اتّفق الشيخان على الإِعراض عنه ، وإنْ اتّفق أرباب السنن على إخراجه والعناية به . . .
قال ابن تيميّة بجواب حديث افتراق الْأُمّة على ثلاثٍ وسبعين فرقة :
« هذا الحديث ليس في الصحيحين ، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كٱبن حزم وغيره ، ولكنْ قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة ، ورواه أهل المسانيد كالإِمام أحمد » (٩) .
قلت : ومن عجيب الاتّفاق أنّ حديث « عليكم بسُنّتي . . . » كذلك تماماً ، فإنّه « ليس في الصحيحين ، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث ـ كٱبن القطّان ـ ولكنْ قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة ، ورواه أهل المسانيد كالإِمام أحمد »
بل إنّهم بنوا على طرح الخبر إنْ أعرض عنه البخاري وإنْ أخرجه مسلم . .
__________________(٨) أُنظر كلمة ياقوت عن أهل حمص في معجم البلدان ٢ / ٣٠٤ .
(٩) منهاج السُنّة ٢ / ١٠٢ .
وهذا ما نصّ عليه ابن القيّم . . وسننقل عبارته . . في الفصل اللاحق . وقد جاء في آخرها : « ولو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به » .
قلت : فكذا حديثنا . . فلو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به . . . كيف وقد تبعه مسلم . . وهو بمرأىً ومشهدٍ منهما ؟ !
ثمّ جاء الحاكم النيسابوري . . . فأراد توجيه إعراضهما عنه بأنّهما « توهّما . . . » ، أي : إنّ إعراضهما موهن ، ولكنّهما توهّما . . . ولولا ذلك لأخرجاه . . .
وسنرى أنّ الحاكم هو المتوهِّم . . .
٥ ـ ثم إن المخرجين له . . . منهم من صحّحه كالترمذي والحاكم ، ومنهم من سكت عنه كأبي داود ، ومنهم من عدّه في الحِسان كالبغوي (١٠) ومنهم من حكم عليه بالبطلان كٱبن القطّان . . .
ترجمة العرباض بن سارية الحمصي (١١) :
وبعد ، فلننظر في ترجمة الراوي الوحيد لهذا الحديث ، وهو الصحابي « العرباض ابن سارية » :
كان من أهل الصُفّة ، سكن الشام (١٢) ، ونزل حمص (١٣) . لم يروِ عنه الشيخان ، وإنّما ورد حديثه في السنن الأربعة (١٤) ، مات سنة ٧٥ (١٥) .
كان يدّعى أنّه ربُع الإِسلام ، وهو كذبٌ بلا ريب . . وكان عمرو بن عتبة أيضاً يدّعي ذلك ، قال محمد بن عوف : « كلّ واحدٍ من العرباض بن سارية وعمرو بن عتبة
__________________(١٠) مصابيح السُنّة ١ / ١٥٩ .
(١١) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣١ .
(١٢) الاستيعاب ٣ / ١٢٣٨ .
(١٣) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تحفة الأحوذي ٧ / ٤٣٨ .
(١٤) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٥٧ .
(١٥) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٥٨ .
يقول : أنا ربع الإِسلام ، لا ندري أيّهما أسلم قبل صاحبه ؟ ! » (١٦) .
وكان يقول : « عتبة خير منّي سبقني إلى النبي بسنة » .
وهذا كذب كذلك ، وقد رواه أبناء عساكر والأثير وحجر . . . بالإِسناد عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، بسنده عن شريح بن عبد ، قال :
« كان عتبة يقول : عرباض خيرٌ منّي وعرباض يقول : عتبة خيرٌ منّي سبقني إلى النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم بسنة » (١٧) .
والذي يبيّن كذبه بوضوح ما رواه ابن الأثير بترجمة عتبة بسنده إلى شريح ، قال :
« قال عتبة بن عبد السلمي : كان النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم إذا أتاه رجل وله الاسم لا يحبّه حوّله . ولقد أتيناه وإنّا لسبعةٌ من بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية ، فبايعناه جميعاً » (١٨) .
ومن جملة أكاذيبه ما أخرجه أحمد ، قال :
« ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية ـ يعني ابن صالح ـ ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، عن العرباض بن سارية السلمي ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان : هلمّوا إلى الغذاء المبارك . ثمّ سمعته يقول : اللّهمَّ علّم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب » (١٩) .
فإنّه ـ وإن اكتفى ابن القطّان بتضعيفه (٢٠) ـ كذب بلا ارتياب . . . وإلّا لْأُخرج في الصحاح وغيرها وعقد به لمناقب معاوية باب . . . إنّه حديث تكذّبه الوقائع والحقائق ،
__________________(١٦) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٧٤ .
(١٧) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣٤ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٦٢ ، الإِصابة ٢ / ٤٤٧ .
(١٨) أُسد الغابة ٣ / ٣٦٢ .
(١٩) مسند أحمد ٤ / ١٢٧ .
(٢٠) المغني عن حمل الأسفار ـ هامش إحياء العلوم ـ ١ / ٣٧ .
والبراهين والوثائق . . . إنّه حديث تكذّبه الأدلّة المحكمة من الكتاب والسُنّة المتقنة ، القائمة بتحريم ما استباحه معاوية من قتلٍ للنفوس ، وتبديل للأحكام ، وارتكاب للمحرّمات القطعيّة كبيع الخمر والأصنام ، وشرب للخمر وأكل للربا . . . وغير ذلك ممّا لا يحصى . . .
لكن الرجل سكن بلاد الشام ، ونزل حمص بلد النواصب اللئام . . . وفي ظروفٍ راجت فيها الأكاذيب والافتراءات . . . فجعل يتقوّل على الله والرسول التقوّلات ، تزلّفاً إلى الحكّام ، وطمعاً في الحطام .
* ثمّ إنّ رواة هذا الحديث عن « العرباض بن سارية » هم :
١ ـ عبد الرحمن بن عمرو السلمي .
٢ ـ حجر بن حجر .
٣ ـ يحيى بن أبي المطاع .
٤ ـ معبد بن عبد الله بن هشام .
أمّا الرابع فلم أجده إلّا عند الحاكم حيث قال : « ومنهم : معبد بن عبد الله بن هشام القرشي » ثمّ قال : « وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب فتركته » .
ترجمة يحيى بن أبي المطاع الشامي :
وأمّا الثالث : « يحيى بن أبي المطاع » :
فأولاً : لم يرو عنه إلّا ابن ماجة (٢١) .
وثانياً : قال ابن القطّان : « لا أعرف حاله » (٢٢) .
وثالثاً : إنّه كان يروي عن العرباض ولم يلقه . . وهذه الرواية من ذلك . . .
قال الذهبي : « قد استبعد دحيم لقيه العرباض ، فلعلّه أرسل عنه ، فهذا في
__________________(٢١) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .
(٢٢) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .
الشاميّين كثير الوقوع ، يروون عمّن لم يلقوهم » (٢٣) .
وقال ابن حجر : « أشار دحيم إلى أنّ روايته عن عرباض بن سارية مرسَلة » (٢٤) .
وقال ابن عساكر والذهبي : « قال أبو زرعة لدحيم تعجّباً من حديث الوليد بن سليمان ، قال : صحبت يحيى بن أبي المطاع ، كيف يحدّث عبد الله بن العلاء بن زبر عنه أنّه سمع العرباض مع قرب عهد يحيى ؟ ! قال : أنا من أنكر الناس لهذا ، والعرباض قديم الموت » (٢٥) .
ترجمة حجر بن حجر الحمصي :
وأمّا الثاني : « حجر بن حجر » :
فأوّلاً : هو من أهل حمص .
وثانياً : لم يرو عنه إلّا أبو داود .
قال ابن حجر : « روى عن العرباض بن سارية . وعنه خالد بن معدان . روى له أبو داود حديثاً واحداً في طاعة الأمير . قلت : أخرج الحاكم حديثه » (٢٦) .
قلت : وهو هذا الحديث الذي نحن بصدد تكذيبه ، وإليه أشار الذهبي بقوله : « ما حدّث عنه سوى خالد بن معدان بحديث العرباض مقروناً بآخر » (٢٧) يعني بالآخر : عبد الرحمن بن عمرو السلمي حيث جاء فيه عنهما قالا : « أتينا العرباض . . . » .
وثالثاً : قال ابن القطّان : « لا يُعرف » (٢٨) .
__________________(٢٣) ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٠ .
(٢٤) تقريب التهذيب ٢ / ٤٦٣ .
(٢٥) تاريخ دمشق ١٨ / ١٨٦ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٠ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .
(٢٦) تهذيب التهذيب ٢ / ١٨٨ .
(٢٧) ميزان الاعتدال ١ / ٤٦٦ .
(٢٨) تهذيب التهذيب ٢ / ١٨٨ .
ترجمة عبد الرحمن بن عمرو الشامي :
وأمّا الأوّل : « عبد الرحمن بن عمرو » :
فهو المعروف في رواية هذا الحديث عن « العرباض بن سارية » ، وإليه تنتهي أكثر طرقه في السنن وغيرها . . . وليس له فيها إلّا هذا الحديث ، قال ابن حجر :
« له في الكتب حديث واحد في الموعظة ، صحّحه الترمذي . قلت : وابن حبّان والحاكم في المستدرك .
وزعم القطّان الفاسي أنّه لا يصحّ لجهالة حاله » (٢٩) .
فهذا حال رواة هذا الحديث عن « العرباض » .
* ثمّ إنّ رواته عن هؤلاء هم :
١ ـ خالد بن معدان .
٢ ـ ضمرة بن حبيب .
٣ ـ عبد الله بن العلاء بن زبر .
ترجمة عبد الله بن العلاء الدمشقي :
أمّا « عبد الله بن العلاء بن زبر » :
فأوّلاً : كان من أهل الشام ، بل وصفه الذهبي بـ « رئيس دمشق » (٣٠) .
وثانياً : أورده الذهبي في ( ميزانه ) وقال : « قال ابن حزم : ضعّفه يحيى وغيره » (٣١)
ترجمة ضمرة بن حبيب الحمصي :
وأمّا « ضمرة بن حبيب » :
__________________(٢٩) تهذيب التهذيب ٦ / ٢١٥ .
(٣٠) سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٥٠ .
(٣١) ميزان الاعتدال ٢ / ٤٦٣ .
فأوّلاً : كان من أهل حمص (٣٢)
وثانياً : كان مؤذّن المسجد الجامع (٣٣) .
ترجمة خالد بن معدان الحمصي :
وأمّا « خالد بن معدان » العمدة في رواية هذا الحديث ، لكونه الراوي له عن « عبد الرحمن بن عمرو » و « حجر بن حجر » وجميع الأسانيد تنتهي إليه فهو :
أوّلاً : من أهل حمص (٣٤)
وثانياً : شيخ أهل الشام (٣٥) .
وثالثاً : كان صاحب شرطة يزيد بن معاوية : روى الطبري في ( ذيل تاريخه ) قائلاً :
« حدّثني الحارث ، عن الحجّاج ، قال : حدّثني أبو جعفر الحمداني ، عن محمد بن داود ، قال : سمعت عيسى بن يونس يقول : كان خالد بن معدان صاحب شرطة يزيد ابن معاوية » .
وعنونه ابن عساكر في ( تاريخه ) بقوله : « كان يتولّى شرطة يزيد بن معاوية » ثمّ روى الخبر المذكور بسنده عن عيسى بن يونس كذلك (٣٦) .
* ثمّ إنّ رواة هذا الحديث عن هؤلاء هم :
١ ـ محمد بن إبراهيم بن الحارث .
٢ ـ معاوية بن صالح .
٣ ـ الوليد بن مسلم .
__________________(٣٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٤٠٢ ، تقريب التهذيب ٤ / ٤٥٩ .
(٣٣) تقريب التهذيب ٢ / ٤٥٩ .
(٣٤) تاريخ دمشق ٥ / ٥١٦ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١٠٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣٦ .
(٣٥) سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣٦ .
(٣٦) تاريخ دمشق ٥ / ٥١٩ .