تراثنا العدد [ 26 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا العدد [ 26 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٢٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

تقدير .

*       *      *

تُشكِّل الروايات والنصوص المتقدّمة المصدر الرئيسي والمرجع الأساسي المهمّ لهذه المزعمة الواهية .

والقاسم المشترك بينها جميعاً هو الإِرسال ، والشذوذ ، ومخالفة ما هو مشهور ، والنكارة ، والتحريف ، والتلاعب في بعض مصادرها ، وضعف بعض رواتها ، وعلّة واحدة من هذه العلل يُسْقِطُ الاعتماد عليها ، ويُوجِبُ نبذها جانباً ، فكيف بها مجتمعة ؟ !

وتبيّن من خلال البحث في تواريخ رواتها أنّها ظهرت في القرن الثالث الهجري ، وأنّها ممّا تعمّد وضعه وتدرّج نحته في الأزمنة المتأخّرة ، وما أكثرها .

يقول يحيى بن معين مُشيراً إلى كثرتها : « كتبنا عن الكذّابين ، وسجّرنا به التنور ، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً » (١١٤) .

والعجب أنَّ أكثر هذه الأحاديث وجلّها قد وضعها « أهل الخير والزهد » !

قال يحيى بن سعيد القطّان : « لم نرَ الصالحين في شيء أكذبَ منهم في الحديث » (١١٥) .

وقال : « لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث » (١١٦) .

وقال : « ما رأيت الكذب في أحدٍ أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد » (١١٧) .

من أجل هذا ـ وغيره ـ ينبغي لنا ألّا نمنح هذا التاريخ ثقتنا واعتمادنا ، بل يجب غربلته وأزالة شوائبه بإخضاع نصوصه وأخباره لدراسة علمية ، حيادية ، مستوعبة

__________________

(١١٤) تاريخ بغداد ١٤ : ١٨٤ ، سير أعلام النبلاء : ١١ / ٨٣ عن تاريخ الأبَّار .

(١١٥) صحيح مسلم ١ : ١٧ ، تاريخ بغداد ٢ : ٩٨ .

(١١٦) صحيح مسلم ١ : ١٨ .

(١١٧) اللآلئ المصنوعة . . . ، فتح الملك العليّ : ٩٢ .

وللتوسّع راجع الغدير ٥ : ٢٧٥ ـ ٢٩٦ .

٤١
 &

وشاملة لجميع جوانبه ، مع الاهتمام بكلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ ، فلا فائدةَ من تصنيفِ الأخبارِ إلى تافهٍ وقيّمٍ ، إلّا بعد البحث والدراسة ، فالتافهُ ما أثبتَ التحقيقُ تفاهته وزيفه وضعف قواعده وتضعضع دعائمه ؛ والقيّمُ ما أثبتَ التمحيصُ أصالته ، وظهرت براهينه ، ولاحت دلائله ، وصمد عند النقد .

وفي الختام أحمدُ اللهَ سُبحانهُ لِما خصَّني به من لطفِ القيام بهذا العمل المتواضع ، آملاً أن يروق أهل الفضل والتحقيق ، متوكّلاً على الفرد الصمد ، متوسِّلاً بحِجْزةِ وليد الكعبة ، مستمدَّاً العون من ساحة قُدسه .

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) ( وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ) ( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) .

*       *      *

٤٢
 &

من الأحاديث الموضوعة (٦)

حديث ٱتّباع سُنّة الخلفاء وإطاعة الْأُمراء

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأوّلين والآخرين . . .

وبعد ،

فهذه رسالة أُخرى كتبتها حول حديث آخر . . .

إنّه حديث في وجوب إطاعة الْأُمراء واتّباع سُنّة الخلفاء الراشدين وإنْ كانت السُنّة والإِمارة على خلاف الموازين . . .

أخرَجوه في غير واحدٍ من أهمّ أسفارهم ، وجعله غير واحدٍ منهم من أصحّ أخبارهم . . .

ثمّ اتّخذوه مستنداً لتبرير أُمورٍ وأحكامٍ سابقة ، ومستمسكاً لأعمالٍ وقضايا لاحقة . . .

لقد بحثت عن هذا الحديث بحثاً شاملاً ، وحقّقته تحقيقاً كاملاً ، فجاءت رسالة نافعة للمحقّقين ، لا تخفى فوائدها على الباحثين . . فإليهم أُقدّم هذا الجهد ، والله من وراء القصد .

٤٣
 &

(١) مخرِّجو الحديث وأسانيده

رواية الترمذي :

أخرج الترمذي قائلاً :

« (١) حدّثنا عليّ بن حجر ، حدّثنا بقيّة بن الوليد ، عن بحير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، قال :

وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يوماً بعد صلاة الغداة موعظةً بليغةً ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال رجل : إنّ هذه موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟

قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ عبدٌ حبشي ، فإنّه من يَعِش منكم يرى اختلافاً كثيراً ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور فإنّها ضلالة ، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

وقد روى ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم نحو هذا ، حدّثنا بذلك :

(٢) الحسن بن علي الخلّال وغير واحدٍ ، قالوا : حدّثنا أبو عاصم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، نحوه .

والعرباض بن سارية يكنّى : أبا نجيح .

(٣) وقد روي هذا الحديث عن حجر بن حجر ، عن عرباض بن سارية ، عن

٤٤
 &

النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، نحوه » (١) .

رواية أبي داود :

وأخرج أبو داود قائلاً :

« حدّثنا أحمد بن حنبل ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ثور بن يزيد ، قال : حدّثني خالد بن معدان ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ، قالا : أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال العرباض :

صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ذات يوم ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّ هذا موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟

فقال : أُوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ عبدٌ حبشي ، فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين الراشدين ، تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة » (٢) .

رواية ابن ماجة :

وأخرج ابن ماجة قائلاً :

« (١) حدّثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا عبد الله بن العلاء ـ يعني ابن زبر ـ ، حدّثني يحيى بن أبي المطاع ، قال :

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥ / ٤٤ ـ ٤٥ باب ما جاء في الأخذ بالسُنّة واجتناب البدع .

٤٥
 &

سمعت العرباض بن سارية يقول :

قام فينا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ذات يوم ، فوعظنا موعظةً بليغةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون . فقيل : يا رسول الله ، وعظتنا موعظة مودّعٍ فاعهد إلينا بعهد .

فقال : عليكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، وسترون من بعدي اختلافاً شديداً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم والْأُمور المحدثات ، فإنّ كلّ بدعةٍ ضلالة .

(٢) حدّثنا إسماعيل بن بشر بن منصور وإسحاق بن إبراهيم السوّاق ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن مهديّ ، عن معاوية بن صالح ، عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض بن سارية يقول :

وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقلنا : يا رسول الله ، إنّ هذه لموعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟

قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد .

(٣) حدّثنا يحيى بن حكيم ، ثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، ثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن العرباض بن سارية ، قال :

صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم صلاة الصبح ، ثمّ أقبل علينا بوجهه ، فوعظنا موعظةً بليغةً . فذكر نحوه » (٣) .

__________________

(٢) سنن أبي داود ٢ / ٢٦١ باب في لزوم السُنّة .

(٣) سنن ابن ماجة ١ / ١٥ ـ ١٧ باب اتّباع سُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين .

٤٦
 &

رواية أحمد :

وجاء في مسند أحمد :

« (١) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا معاوية ـ يعني ابن صالح ـ ، عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض بن سارية ، قال :

وعظنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . قلنا : يا رسول الله ، إنّ هذه لموعظة مودّعٍ فماذا تعهد إلينا ؟

قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بها عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشيّاً ، عضّوا عليها بالنواجذ ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد » .

(٢) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا الضحّاك بن مخلد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن عرباض بن سارية ، قال :

صلّى لنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الفجر ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت لها الأعين ، ووجلت منها القلوب . قلنا ـ أو قالوا ـ : يا رسول الله ، كأنّ هذه موعظة مودّعٍ فأوصنا .

قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم يرى بعدي اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدّثة بدعة ، وإنّ كلّ بدعة ضلالة .

(٣) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد ابن معدان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ، قالا :

أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ

٤٧
 &

لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال عرباض :

صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الصبح ذات يومٍ ثم أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّ هذه موعظة مودّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟

فقال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، فتمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة .

(٤) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا حياة بن شريح ، ثنا بقيّة ، حدّثني بحير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن عرباض بن سارية ، أنّه حدّثهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة . فذكره .

(٥) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا إسماعيل ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن العرباض بن سارية ، أنّه حدّثهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة . فذكره » (٤) .

رواية الحاكم :

وأخرج الحاكم قائلاً :

« (١) حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، ثنا العبّاس بن محمد الدوري ، ثنا أبو عاصم ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، قال :

__________________

(٤) مسند أحمد بن حنبل ٤ / ١٢٦ .

٤٨
 &

صلّى لنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم صلاة الصبح ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنّها موعظةً مودّع فأوصنا .

قال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشي ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ بدعة ضلالة .

هذا حديثٌ صحيحٌ ليس له علّة .

وقد احتجّ البخاري بعبد الرحمن بن عمرو وثور بن يزيد ، وروى هذا الحديث في أوّل كتاب الاعتصام بالسُنّة .

والّذي عندي أنّهما ـ رحمهما الله ـ توهّما أنّه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد ، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرّج حديثه في الصحيحين عن خالد بن معدان .

(٢) حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيّوب ، ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، ثنا عبد الله بن يوسف التنيسي ، ثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن العرباض بن سارية ـ من بني سليم ، من أهل الصُفّة ـ قال :

خرج علينا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم يوماً فقام فوعظ الناس ورغّبهم وحذّرهم وقال ما شاء الله أنْ يقول .

ثمّ قال : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وأطيعوا من ولّاه الله أمركم ، ولا تنازعوا الأمر أهله ولو كان عبداً أسودَ ، وعليكم بما تعرفون من سُنّة نبيّكم والخلفاء الراشدين المهديّين ، وعضّوا على نواجذكم بالحقّ .

هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعاً ، ولا أعرف له علّةً .

وقد تابع ضمرة بن حبيب خالد بن معدان على رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي .

٤٩
 &

(٣) حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي .

وأخبرنا أبو بكر محمّد بن المؤمل ، ثنا الفضل بن محمد ، قالا : ثنا أبو صالح ، عن معاوية بن صالح .

وأخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، ثنا عبد الرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ ، عن معاوية بن صالح .

عن ضمرة بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، أنّه سمع العرباض ابن سارية قال :

وعظنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم موعظةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقلنا يا رسول الله ، إنّ هذا لموعظة مؤدّعٍ فماذا تعهد إلينا ؟

قال : قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلّا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين الراشدين من بعدي ، وعليكم بالطاعة وإنْ عبداً حبشياً ، عضوّا عليها بالنواجذ .

فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث : فإنّ المؤمن كالجمل الأنف حيث ما قيد انقاد .

وقد تابع عبد الرحمن بن عمرو على روايته عن العرباض بن سارية ثلاثة من الثقات الأثبات من أئمّة أهل الشام :

منهم : حجر بن حجر الكلاعي :

(٤) حدّثنا أبو زكريّا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي ، ثنا موسى بن أيوب النصيبي وصفوان بن صالح الدمشقي ، قالا : ثنا الوليد ابن مسلم الدمشقي ، ثنا ثور بن يزيد ، حدّثني خالد بن معدان ، حدّثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر الكلاعي ، قالا :

أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممّن نزل فيه : ( وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا

٥٠
 &

يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ ) ـ فسلّمنا وقلنا : أتيناك زائرين ومقتبسين .

فقال العرباض :

صلّى بنا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم الصبح ذات يوم ، ثمّ أقبل علينا فوعظنا مَوعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ، كأنّها موعظة مؤدّعٍ فما تعهد إلينا ؟

فقال : أُوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً ، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، فتمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدَثات الْأُمور ، فإنّ كلّ محدَثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة .

ومنهم : يحيى بن أبي المطاع القرشي :

(٥) حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عيسى بن زيد التنيسي ، ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، أنبأ عبد الله بن العلاء بن زيد (٥) ، عن يحيى بن أبي المطاع ، قال : سمعت العرباض بن سارية السلمي يقول :

قام فينا رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم ذات غداةٍ فوعظنا موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها الأعين . قال : فقلنا : يا رسول الله ، قد وعظتنا موعظة مودّعٍ فٱعهد إلينا .

قال : عليكم بتقوى الله ـ أظنّه قال : والسمع والطاعة ـ ، وسترى من بعدي اختلافاً شديداً ـ أو : كثيراً ، فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم والمحدَثات ، فإنّ كلّ بدعة ضلالة .

ومنهم : معبد بن عبد الله بن هشام القرشي :

وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب ، فتركته .

وقد استقصيت في تصحيح هذا الحديث بعض الاستقصاء على ما أدّى إليه

__________________

(٥) كذا والصحيح : زبر .

٥١
 &

اجتهادي ، وكنت فيه كما قال إمام أئمّة الحديث شعبة ـ في حديث عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، لمّا طلبه بالبصرة والكوفة والمدينة ومكّة ، ثمّ عاد الحديث إلى شهر ابن حوشب فتركه ، ثمّ قال شعبة ـ :

لئنْ يصحَّ لي مثل هذا عن رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم كان أحبّ إليِّ من والديَّ وولدي والناس أجمعين .

وقد صحّ هذا الحديث ، والحمد لله ، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين » (٦) .

*       *      *

__________________

(٦) المستدرك على الصحيحين ١ / ٩٦ .

٥٢
 &

(٢) نظراتٌ في أسانيده

نقاط حول السند والدلالة :

كانت تلك أسانيد هذا الحديث وطرقه في أهمّ كتب الحديث وجوامعه ، ولا بُدّ قبل الورود في النظر في أحوال رجال الأسانيد والرواة أن نشير بإيجاز إلى نكاتٍ جديرةٍ بالانتباه إليها . . .

١ ـ إن هذا الحديث يكذّبه واقع الحال بين الصحابة أنفسهم ، فلقد وجدناهم كثيراً ما يخالفون سُنّة أبي بكر وعمر ، والمفروض أنّهما من الخلفاء الراشدين ، بل لقد خالف الثاني منهما الأوّل في أكثر من مورد ! ! فلو كان هذا الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حقّاً لَما وقعت تلك الخلافات والمخالفات . . .

هذا ما ذكره جماعة . . . وعلى أساسه أوّلوا الحديث ، وقد نصّ بعضهم كشارح مسلَّم الثبوت (٧) على ضرورة تأويله . . .

قلت : لكنّ هذا إنّما يضطرّ إليه فيما لو كان الأصحاب ملتزمين بإطاعة رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم ومنقادين لأوامره ونواهيه . . ولكن . . .

٢ ـ إنّ هذا الحديث بجميع طرقه وأسانيده ينتهي إلى « العرباض بن سارية السلمي » فهو الراوي الوحيد له . . وهذا ممّا يورث الشكّ في صدوره . . لأنّ الحديث كان في المسجد . . وكان بعد الصلاة . . وكان موعظة بليغةً من رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم . . ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . . . ثمّ طلب منه أنْ يعهد إلى الْأُمّة . . فقال . .

__________________

(٧) فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ٢٣١ .

٥٣
 &

فكيف لم يروه إلّا العرباض ؟ ! ولِمَ لَمْ يرووه إلّا عن العرباض ؟ !

٣ ـ إنّ هذا الحديث إنّما حُدِّث به في الشام ، وإنّما تناقله وروّجه أهل الشام ! وأكثر رواته من أهل حمص بالخصوص ، وهم من أنصار معاوية وأشدّ أعداء عليّ أمير المؤمنين عليه السلام (٨) .

فبالنظر إلى هذه الناحية ، لا سيّما مع ضمّ النظر في متن الحديث إليه ، لا يبقى وثوق بصدور هذا الحديث عن النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، إذْ كيف يوثَق بحديث يرويه حمصيّ عن حمصيّ عن حمصيّ ! ! . . ولا يوجد عند غيرهم من حملة الحديث والأثر علم به ؟ ! وأهل الشام قاطبةً غير متحرّجين من الافتعال لما ينتهي إلى تشييد سلطان معاوية أو الحطّ ممّن خالفه !

٤ ـ إنّ هذا الحديث ممّا أعرض عنه البخاري ومسلم ، وكذا النسائي من أصحاب السنن . . . وقد بنى غير واحدٍ من العلماء الكبار من أهل السُنّة على عدم الاعتناء بحديثٍ اتّفق الشيخان على الإِعراض عنه ، وإنْ اتّفق أرباب السنن على إخراجه والعناية به . . .

قال ابن تيميّة بجواب حديث افتراق الْأُمّة على ثلاثٍ وسبعين فرقة :

« هذا الحديث ليس في الصحيحين ، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كٱبن حزم وغيره ، ولكنْ قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة ، ورواه أهل المسانيد كالإِمام أحمد » (٩) .

قلت : ومن عجيب الاتّفاق أنّ حديث « عليكم بسُنّتي . . . » كذلك تماماً ، فإنّه « ليس في الصحيحين ، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث ـ كٱبن القطّان ـ ولكنْ قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة ، ورواه أهل المسانيد كالإِمام أحمد »

بل إنّهم بنوا على طرح الخبر إنْ أعرض عنه البخاري وإنْ أخرجه مسلم . .

__________________

(٨) أُنظر كلمة ياقوت عن أهل حمص في معجم البلدان ٢ / ٣٠٤ .

(٩) منهاج السُنّة ٢ / ١٠٢ .

٥٤
 &

وهذا ما نصّ عليه ابن القيّم . . وسننقل عبارته . . في الفصل اللاحق . وقد جاء في آخرها : « ولو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به » .

قلت : فكذا حديثنا . . فلو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به . . . كيف وقد تبعه مسلم . . وهو بمرأىً ومشهدٍ منهما ؟ !

ثمّ جاء الحاكم النيسابوري . . . فأراد توجيه إعراضهما عنه بأنّهما « توهّما . . . » ، أي : إنّ إعراضهما موهن ، ولكنّهما توهّما . . . ولولا ذلك لأخرجاه . . .

وسنرى أنّ الحاكم هو المتوهِّم . . .

٥ ـ ثم إن المخرجين له . . . منهم من صحّحه كالترمذي والحاكم ، ومنهم من سكت عنه كأبي داود ، ومنهم من عدّه في الحِسان كالبغوي (١٠) ومنهم من حكم عليه بالبطلان كٱبن القطّان . . .

ترجمة العرباض بن سارية الحمصي (١١) :

وبعد ، فلننظر في ترجمة الراوي الوحيد لهذا الحديث ، وهو الصحابي « العرباض ابن سارية » :

كان من أهل الصُفّة ، سكن الشام (١٢) ، ونزل حمص (١٣) . لم يروِ عنه الشيخان ، وإنّما ورد حديثه في السنن الأربعة (١٤) ، مات سنة ٧٥ (١٥) .

كان يدّعى أنّه ربُع الإِسلام ، وهو كذبٌ بلا ريب . . وكان عمرو بن عتبة أيضاً يدّعي ذلك ، قال محمد بن عوف : « كلّ واحدٍ من العرباض بن سارية وعمرو بن عتبة

__________________

(١٠) مصابيح السُنّة ١ / ١٥٩ .

(١١) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣١ .

(١٢) الاستيعاب ٣ / ١٢٣٨ .

(١٣) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تحفة الأحوذي ٧ / ٤٣٨ .

(١٤) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٥٧ .

(١٥) الإِصابة ٢ / ٤٤٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٥٨ .

٥٥
 &

يقول : أنا ربع الإِسلام ، لا ندري أيّهما أسلم قبل صاحبه ؟ ! » (١٦) .

وكان يقول : « عتبة خير منّي سبقني إلى النبي بسنة » .

وهذا كذب كذلك ، وقد رواه أبناء عساكر والأثير وحجر . . . بالإِسناد عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، بسنده عن شريح بن عبد ، قال :

« كان عتبة يقول : عرباض خيرٌ منّي وعرباض يقول : عتبة خيرٌ منّي سبقني إلى النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم بسنة » (١٧) .

والذي يبيّن كذبه بوضوح ما رواه ابن الأثير بترجمة عتبة بسنده إلى شريح ، قال :

« قال عتبة بن عبد السلمي : كان النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم إذا أتاه رجل وله الاسم لا يحبّه حوّله . ولقد أتيناه وإنّا لسبعةٌ من بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية ، فبايعناه جميعاً » (١٨) .

ومن جملة أكاذيبه ما أخرجه أحمد ، قال :

« ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية ـ يعني ابن صالح ـ ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، عن العرباض بن سارية السلمي ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان : هلمّوا إلى الغذاء المبارك . ثمّ سمعته يقول : اللّهمَّ علّم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب » (١٩) .

فإنّه ـ وإن اكتفى ابن القطّان بتضعيفه (٢٠) ـ كذب بلا ارتياب . . . وإلّا لْأُخرج في الصحاح وغيرها وعقد به لمناقب معاوية باب . . . إنّه حديث تكذّبه الوقائع والحقائق ،

__________________

(١٦) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٧٤ .

(١٧) تاريخ دمشق ١١ / ٥٣٤ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٦٢ ، الإِصابة ٢ / ٤٤٧ .

(١٨) أُسد الغابة ٣ / ٣٦٢ .

(١٩) مسند أحمد ٤ / ١٢٧ .

(٢٠) المغني عن حمل الأسفار ـ هامش إحياء العلوم ـ ١ / ٣٧ .

٥٦
 &

والبراهين والوثائق . . . إنّه حديث تكذّبه الأدلّة المحكمة من الكتاب والسُنّة المتقنة ، القائمة بتحريم ما استباحه معاوية من قتلٍ للنفوس ، وتبديل للأحكام ، وارتكاب للمحرّمات القطعيّة كبيع الخمر والأصنام ، وشرب للخمر وأكل للربا . . . وغير ذلك ممّا لا يحصى . . .

لكن الرجل سكن بلاد الشام ، ونزل حمص بلد النواصب اللئام . . . وفي ظروفٍ راجت فيها الأكاذيب والافتراءات . . . فجعل يتقوّل على الله والرسول التقوّلات ، تزلّفاً إلى الحكّام ، وطمعاً في الحطام .

* ثمّ إنّ رواة هذا الحديث عن « العرباض بن سارية » هم :

١ ـ عبد الرحمن بن عمرو السلمي .

٢ ـ حجر بن حجر .

٣ ـ يحيى بن أبي المطاع .

٤ ـ معبد بن عبد الله بن هشام .

أمّا الرابع فلم أجده إلّا عند الحاكم حيث قال : « ومنهم : معبد بن عبد الله بن هشام القرشي » ثمّ قال : « وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب فتركته » .

ترجمة يحيى بن أبي المطاع الشامي :

وأمّا الثالث : « يحيى بن أبي المطاع » :

فأولاً : لم يرو عنه إلّا ابن ماجة (٢١) .

وثانياً : قال ابن القطّان : « لا أعرف حاله » (٢٢) .

وثالثاً : إنّه كان يروي عن العرباض ولم يلقه . . وهذه الرواية من ذلك . . .

قال الذهبي : « قد استبعد دحيم لقيه العرباض ، فلعلّه أرسل عنه ، فهذا في

__________________

(٢١) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .

(٢٢) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .

٥٧
 &

الشاميّين كثير الوقوع ، يروون عمّن لم يلقوهم » (٢٣) .

وقال ابن حجر : « أشار دحيم إلى أنّ روايته عن عرباض بن سارية مرسَلة » (٢٤) .

وقال ابن عساكر والذهبي : « قال أبو زرعة لدحيم تعجّباً من حديث الوليد بن سليمان ، قال : صحبت يحيى بن أبي المطاع ، كيف يحدّث عبد الله بن العلاء بن زبر عنه أنّه سمع العرباض مع قرب عهد يحيى ؟ ! قال : أنا من أنكر الناس لهذا ، والعرباض قديم الموت » (٢٥) .

ترجمة حجر بن حجر الحمصي :

وأمّا الثاني : « حجر بن حجر » :

فأوّلاً : هو من أهل حمص .

وثانياً : لم يرو عنه إلّا أبو داود .

قال ابن حجر : « روى عن العرباض بن سارية . وعنه خالد بن معدان . روى له أبو داود حديثاً واحداً في طاعة الأمير . قلت : أخرج الحاكم حديثه » (٢٦) .

قلت : وهو هذا الحديث الذي نحن بصدد تكذيبه ، وإليه أشار الذهبي بقوله : « ما حدّث عنه سوى خالد بن معدان بحديث العرباض مقروناً بآخر » (٢٧) يعني بالآخر : عبد الرحمن بن عمرو السلمي حيث جاء فيه عنهما قالا : « أتينا العرباض . . . » .

وثالثاً : قال ابن القطّان : « لا يُعرف » (٢٨) .

__________________

(٢٣) ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٠ .

(٢٤) تقريب التهذيب ٢ / ٤٦٣ .

(٢٥) تاريخ دمشق ١٨ / ١٨٦ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٠ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٢٤٥ .

(٢٦) تهذيب التهذيب ٢ / ١٨٨ .

(٢٧) ميزان الاعتدال ١ / ٤٦٦ .

(٢٨) تهذيب التهذيب ٢ / ١٨٨ .

٥٨
 &

ترجمة عبد الرحمن بن عمرو الشامي :

وأمّا الأوّل : « عبد الرحمن بن عمرو » :

فهو المعروف في رواية هذا الحديث عن « العرباض بن سارية » ، وإليه تنتهي أكثر طرقه في السنن وغيرها . . . وليس له فيها إلّا هذا الحديث ، قال ابن حجر :

« له في الكتب حديث واحد في الموعظة ، صحّحه الترمذي . قلت : وابن حبّان والحاكم في المستدرك .

وزعم القطّان الفاسي أنّه لا يصحّ لجهالة حاله » (٢٩) .

فهذا حال رواة هذا الحديث عن « العرباض » .

* ثمّ إنّ رواته عن هؤلاء هم :

١ ـ خالد بن معدان .

٢ ـ ضمرة بن حبيب .

٣ ـ عبد الله بن العلاء بن زبر .

ترجمة عبد الله بن العلاء الدمشقي :

أمّا « عبد الله بن العلاء بن زبر » :

فأوّلاً : كان من أهل الشام ، بل وصفه الذهبي بـ « رئيس دمشق » (٣٠) .

وثانياً : أورده الذهبي في ( ميزانه ) وقال : « قال ابن حزم : ضعّفه يحيى وغيره » (٣١)

ترجمة ضمرة بن حبيب الحمصي :

وأمّا « ضمرة بن حبيب » :

__________________

(٢٩) تهذيب التهذيب ٦ / ٢١٥ .

(٣٠) سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٥٠ .

(٣١) ميزان الاعتدال ٢ / ٤٦٣ .

٥٩
 &

فأوّلاً : كان من أهل حمص (٣٢)

وثانياً : كان مؤذّن المسجد الجامع (٣٣) .

ترجمة خالد بن معدان الحمصي :

وأمّا « خالد بن معدان » العمدة في رواية هذا الحديث ، لكونه الراوي له عن « عبد الرحمن بن عمرو » و « حجر بن حجر » وجميع الأسانيد تنتهي إليه فهو :

أوّلاً : من أهل حمص (٣٤)

وثانياً : شيخ أهل الشام (٣٥) .

وثالثاً : كان صاحب شرطة يزيد بن معاوية : روى الطبري في ( ذيل تاريخه ) قائلاً :

« حدّثني الحارث ، عن الحجّاج ، قال : حدّثني أبو جعفر الحمداني ، عن محمد بن داود ، قال : سمعت عيسى بن يونس يقول : كان خالد بن معدان صاحب شرطة يزيد ابن معاوية » .

وعنونه ابن عساكر في ( تاريخه ) بقوله : « كان يتولّى شرطة يزيد بن معاوية » ثمّ روى الخبر المذكور بسنده عن عيسى بن يونس كذلك (٣٦) .

* ثمّ إنّ رواة هذا الحديث عن هؤلاء هم :

١ ـ محمد بن إبراهيم بن الحارث .

٢ ـ معاوية بن صالح .

٣ ـ الوليد بن مسلم .

__________________

(٣٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٤٠٢ ، تقريب التهذيب ٤ / ٤٥٩ .

(٣٣) تقريب التهذيب ٢ / ٤٥٩ .

(٣٤) تاريخ دمشق ٥ / ٥١٦ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١٠٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣٦ .

(٣٥) سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣٦ .

(٣٦) تاريخ دمشق ٥ / ٥١٩ .

٦٠