خزانة التّواريخ النجديّة - ج ٢

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام

خزانة التّواريخ النجديّة - ج ٢

المؤلف:

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٦

بحمايتهم فوعدهم بذلك ، وواطأهم على الإمام عبد الله بن فيصل. وكان ابن رشيد قد طمع في ولاية نجد لما رأى اختلاف آل سعود ، وما حصل بينهم من الحروب ، وأنه قد تضعضع أمرهم لكثرة اختلافهم وتفرقهم.

ولما كان من آخر محرم من هذه السنة أمر الإمام عبد الله بن فيصل بلدان نجد بالتجهز للجهاد ، فواعدهم بلد حرمة ، ثم خرج من الرياض ومن معه من الجنود بأهليهم ونزل على بلد حرمة ، واجتمع عليه فيها غزو بلدان : المحمل ، والوشم وسدير وحاصروا بلد المجمعة ، وقطعوا كثيرا من نخيلها. وكان أهل المجمعة لما بلغهم الخبر بمسير الإمام إليهم كتبوا إلى ابن رشيد يستحثونه وتتابعت الرسل منهم إليه يستنجدونه ، فخرج بجنوده من حائل ، واستنفر من حوله من بادية شمر وحرب بني عبد الله ، وتوجه إلى بلد بريدة ونزل عليها ومعه جنود عظيمة. وكان حسن آل مهنا أبا الخيل أمير بلد بريدة قد جمع جنودا كثيرة من أهل القصيم ، ومن أهل البوادي واستعد للمسير مع ابن رشيد لنصرة أهل المجمعة ولما تكاملت على ابن رشيد جنوده ، وهو على بريدة ارتحل منها ومعه حسن آل مهنا ، ونزل على الزلفى. فلما علم بذلك بوادي عتيبة ارتحلوا من حرمة منهزمين ، وارتحل الإمام بمن معه من المسلمين ، وتوجه إلى بلد الرياض وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم ، وكانت مدة إقامته على بلد المجمعة محاصرا لها أربعين يوما.

ثم إن ابن رشيد ارتحل من الزلفى بمن معه من الجنود ، ونزل على بلد المجمعة وأقام عليها أياما. ثم ارتحل منها ورجع إلى بلده وجعل فيها أميرا سليمان بن سامي من أهل حائل.

٢٤١

وفي هذه السنة توفي الشيخ العالم الفاضل عبد العزيز بن حسن بن يحيى قاضي بلد ملهم رحمه‌الله تعالى كان عالما فاضلا متواضعا حسن السيرة سخيا. وفيها تولى إمارة مكة عون بن محمد بن عبد المعين بن عون ، وعزل الشريف عبد المطلب بن غالب.

ثم دخلت سنة ثلاثمائة وألف : وفيها الوقعة المشهورة بين عتيبة ومعهم محمد بن سعود بن فيصل وبين محمد العبد الله بن رشيد ومعه حسن آل مهنا أمير بريدة على عروي الماء المعروف ، وصارت الهزيمة على عتيبة. وفيها غزا محمد بن سعود بن فيصل ومعه جنود كثيرة من أهل الخرج ، ومن آل شامر ، والدواسر ، وغيرهم.

وعدا على ابن بصيص ومن معه من بادية برية ، فصبحهم وهم على الأثلة فحصل بينه وبينهم قتال شديد وأخذ منهم إبلا وغنما ، وقتل من الفريقين عدة رجال منهم عبد الرحمن بن سعود بن فيصل رحمه‌الله تعالى. وفيها قتل محمد بن إبراهيم بن نشوان بعد صلاة العصر في رابع عشر من شوال في بلد أشيقر ، قتله الحصانا والخراشا ، كان رحمه‌الله تعالى كريما سخيا يضرب به المثل في الكرم.

اشترك في قتله أربعة رجال : سليمان بن محمد بن عثمان بن حمد الحصيني ، وابن عمه سليمان بن حمد بن عثمان بن حمد الحصيني ، وصالح بن محمد بن حسن بن راشد الخراشي ، وابن أخيه عثمان بن عبد الرحمن بن حسن بن راشد الخراشي ، وعمره نحو ستين ، وبمقتله كشفت الحرب عن ساقها ، وقامت الشرور بين آل بسام وآل نشوان ، فلا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

٢٤٢

ثم دخلت سنة واحدة وثلاثمائة : وفيها كثرت الأمطار والسيول ، وعم الحياة جميع بلدان نجد ، وكثر الخصب والكمأة ، ورخصت الأسعار. وفي ربيع الأول من هذه السنة خرج الإمام عبد الله بن فيصل من الرياض غازيا ، وأمر على أهل بلدان نجد بالجهاد ، ونزل على بلد شقراء واستلحق غزو البلدان فقدموا عليه فيها وأمر بوادي عتيبة أن ينزلوا الحمادة المعروفة. وكان يريد حرب أهل المجمعة فنزل عربان عتيبة الروضة المعروفة في الحمادة المسماة أم العصافير. ولما تكاملت على الإمام جنوده ارتحل من شقراء بمن معه من الجنود ، ونزل على عربان عتيبة هناك.

وكان أهل المجمعة لما بلغهم خروج الإمام من الرياض أرسلوا لابن رشيد يستحثونه ، وتتابعت الرسل منهم إليه ، وإلى حسن آل مهنا أمير بريدة فجمع حسن آل مهنا جنوده ، وخرج ابن رشيد بجنوده من حاضرة الجبل واستنفر من حوله من البوادي وتوجه إلى بريدة فنزل عليها ، ثم ارتحل منها ومعه حسن آل مهنا بمن معه من الجنود ، وتوجه لقتال عبد الله بن فيصل ومن معه من عتيبة. فحصل بينه وبينهم وقعة شديدة في صبيحة يوم الاثنين الثامن والعشرين من ربيع الآخر ، وصارت الهزيمة على الإمام عبد الله ومن معه من العربان ، وقتل منهم خلق كثير.

ومن مشاهير القتلى من أهل الرياض تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن مقرن ، وفهد بن سويلم ، وابن عياف ، وفهد بن غشيان رحمهم‌الله تعالى. وقتل من أهل شقراء عبد العزيز بن الشيخ عبد الله أبا بطين ، ومحمد بن عبد العزيز بن حسين ، وعبد العزيز بن محمد بن عقيل ،

٢٤٣

وأحمد بن عبد المحسن السديري أمير بلد الغاط. وقتل من مشاهير عتيبة عقاب بن شبنان بن حميد. وقتل من أتباع ابن رشيد عدد كثير.

وأقام ابن رشيد بعد هذه الوقعة في الحمادة مدة أيام ، واستلحق رؤساء بلدان الوشم وسدير فقدموا عليه في موضعه ذلك ، وأمر في كل بلد من بلدان الوشم وسدير أميرا ، ثم ارتحل من ذلك الموضع ، ورجع إلى بلده وطمع بعد هذه الوقعة في الاستيلاء على مملكة نجد وأطمعه أهل المقاصد والأغراض في ذلك وأخذ يكاتب رؤساء البلدان ويبذل فيهم المال.

وفي ربيع الثاني من هذه السنة حصلت وقعة بين أهل بلد روضة سدير بين آل ماضي رؤساء البلد ، وهم من بني عمرو بن تميم ، وبين جيرانهم آل ابن عمر وهم من الدواسر في وسط البلد قتل فيها محمد بن زامل بن عمر رئيس آل ابن عمر المذكورين. وقتل من أتباع آل ماضي عبد العزيز الكليبي ، وإبراهيم بن عرفج وصارت الغلبة لآل ماضي وجلا آل ابن عمرو من الروضة إلى بلد جلاجل وأقاموا هناك.

وفيها قتل سليمان بن حمد بن عثمان الحصيني رحمه‌الله تعالى.

قتله آل نشوان وجدوه خارج بلد أشيقر ، وهو من جملة الذين قتلوا محمد بن إبراهيم بن نشوان المقتول في السنة التي قبلها كما تقدم. وفيها قتل محمد الحميدي بن فيصل بن وطبان الدويش قتله آل صويط رؤساء عربان الظفير في دم بينهم ، صادفوه راكبا لمحمد بن عبد الله بن رشيد فقتلوه كما ذكرنا. وفيها توفي الشيخ حمد بن عتيق رحمه‌الله تعالى. وفي سلخ شوال من هذه السنة ركب محمد بن فيصل من الرياض لمحمد بن

٢٤٤

عبد الله بن رشيد في الجبل بمكاتبة من أخيه الإمام عبد الله بن فيصل فأكرمه ابن رشيد إكراما زائدا. وفي هذه السنة كثرت الأمطار والسيول وكثر الخصب والكمأ ورخصت الأسعار وارتفعت الآبار.

ثم دخلت السنة الثانية بعد الثلاثمائة والألف : وفيها في أول المحرم قدم محمد بن فيصل إلى الرياض راجعا من الجبل ومعه هدية جليلة لأخيه الإمام عبد الله بن فيصل من ابن رشيد ، وترك له بلدان الوشم وسدير ، وكان قد مد يده عليها كما تقدم في السنة التي قبلها ، فعزل الإمام من أراد عزله من أمراء البلدان المذكورة ، وأبقى من أراد بقاءه منهم ، فكثر على الإمارة الاختلاف ، وعظم الشقاق ، وتغلب بعض أهل البلدان على بلدانهم ، وضعف أمر آل سعود بسبب تفرقهم واختلاف كلمتهم وكثرة تنازعهم. فحصل بسبب ذلك خطوب جسيمة ، ومحن عظيمة. فكتب شيخنا الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رسالة أرسلها إليهم يحضهم فيها على الاجتماع ، وينهاهم عن التفرق ، ويذكر لهم ما حصل بسبب تفرقهم من الذل والهوان ، ومن خروج بلدانهم من أيديهم ، ومن طمع أعدائهم فيها. وأرسل معها إليهم هذه القصيدة ، وهي من البحر الطويل :

متى ينجلي هذا الدجى والدياجر

متى ينتهض للحق منكم عساكر

متى تنتهوا عن غمرة النوم والردى

وينهض لنصر الدين منكم أكابر

متى تتجدد دعوة حنيفية

يكون لها بالصدع ناه وآمر

متى ترعوي منكم قلوب عن الردى

متى ينقضي هذا القلا والتهاجر

فحتى متى هذا التواني عن العلا

كأنكموا ممن حوته المقابر

وأموالكم منهوبة وبلادكم

تبوأها بالرغم منكم أصاغر

وأشياعكم في كل قطر وبلدة

أذلا حيارى والدموع مواطر

٢٤٥

وأطفالكم هلكى تشتت شملهم

وساءت لهم حال إذا الجد عاثر

ممالككم قد قسمها ملوكها

وأنتم لهم أحدوثة ومساخر

فإن ذكرت أو ذكرت بعض ما مضى

أجابت ببيت ضمنته الدفاتر

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

ألم يك للأسلاف منكم مناقب

ألم يك للأخلاف منكم مفاخر

وفي آية في الفتح قد جاء ذكركم

وقد حرر التفسير فيها أكابر

وفتيان صدق من رجال حنيفة

بأيديهم سمر القنا والبواتر

يرون شهود البأس أربح مغنم

لدى مأزق فيه يرى النقع ثائر

فسل عنهم يوم الصبيحة الذي

به انفتحت للحق فيه بصائر

وسل عنهم يوما به الطبعة التي

قد اشتهرت والله آو وناصر

وسل عنهم يوما بجانب جودة

وليس لأمر حكمه الله قاهر

فقد بذلوا غالي النفوس لربهم

وأمسوا لأيدي الأرذلين مجازر

فابكهم يا عين منك وأسبلي

دموعك والأجفان منك فواطر

ولا تتركي يا نفس شيئا من الأسى

على مثلهم تنشق منك المرائر

أيا مفخر العوجا ذوي البأس والندى

أجيبوا جميعا مسرعين وبادروا

على الله ذي الرحمن ، جميعا توكلوا

أذيقوا العدى كأس الردى وتوازروا

أجيبوا جميعا مسرعين إلى الهدى

فليس بكم إلّا الغل والتشاجر

وأجدادكم أهل النباهة والعلا

ألا فاقتفوا تلك الجدود الغوابر

٢٤٦

فكم لهم يوم به الجو مظلم

وقد نشرت للحق فيه شعائر

وجدكم الأعلى لدى صول الوغى

به قطعت للمعتدين دوابر

وكم لكم من فاتك تعرفونه

أوائلكم معروفة وأواخر

فما فارس الشهبا وما الحارث الذي

أباد لظاها والرماح شواجر

وإن ذكرت أركانكم ورؤوسكم

فإن أبا تركي ليس يغادر

فكم مشهدكم معهد تعرفونه

كما عرف الأقوام باد وحاضر

فلله أيام له ومحاسن

تشبه بالأعياد والأمر ظاهر

فلا تقنطوا من رحمة الله إنما

تجيء محنة والله للخلق قاهر

عسى ولعل الله يأتي بلطفه

فلا بدع فيما قد أتته المقادر

فتشفي لبانات وتقضي مآرب

وتبهج فيما تشتهيه النواظر

وحسن ختام النظم صل مسلما

على المصطفى ما ساح في الأفق ماطر

كذا الآل والأصحاب ما ذر شارق

وما غردت ورق وما ناح طائر

ولم يتفق بينهم صلح لأمور قدرها الله العزيز العليم لا راد لحكمه يخلق ما يشاء ، ويفعل ما يريد ، وهو العلي الحكيم.

وفي آخرها سطو آل نشوان ، وأهل الحريق في أشيقر ، وأخذوا مواشي لآل بسام وعقروا بعض المواشي.

ثم دخلت السنة الثالثة بعد الثلاثمائة والألف : وفيها كثرت الأمطار وعم الحياة جميع بلدان نجد وكثر الخصب ، وارتفعت المياه وفاضت الآبار وحار الحائر في كثير من البلدان.

٢٤٧

وفي هذه السنة في الخامس من شهر رمضان توفي الشيخ علي آل محمد بن علي بن حمد بن راشد قاضي بلد عنيزة. كان عالما فقيها ، أخذ العلم عن عدة من العلماء الأعلام الأجلاء الكرام منهم الشيخ العالم العلامة القدوة الفهامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه‌الله تعالى. وكتب له إجازة بخط يده وتولى قضاء عنيزة بعده رحمه‌الله الشيخ عبد العزيز بن محمد بن مانع.

وفي هذه السنة اصطلح أهل أشيقر ، وأهل الحريق قام بالصلح بين الفريقين عثمان بن عبد الجبار راعي المجمعة ، وعبد العزيز بن شبانة ، وحمد بن عبد الجبار فوضعت الحرب أوزارها ، واستقبل آل بسام بالديات لأهل الحريق ، فنرجو الله أن يجزي من قام بالصلح بين الفريقين خير الجزاء.

ثم دخلت السنة الرابعة بعد الثلاثمائة والألف : وفيها خرج قافلة من أهل الزلفى وقصدوا بلد جلاجل ليمتاروا منه. فلما كانوا بالموضع المعروف بيتربة بالقرب من بلد جلاجل أمرحوا هناك فهاجمهم ركب من آل شامر ، وقتلوا منهم رجال ، وجرحوا منهم تسعة رجال جراحات شديدة ، وأخذوهم.

وفي خامس من ذي الحجة من السنة المذكورة قتل عبد الرحمن بن إبراهيم الخراشي في بلد أشيقر رحمه‌الله تعالى. وقاتله عثمان بن محمد بن عبد العزيز بن نشوان الملقب بالفهد وهرب إلى بلد الحريق.

وذلك بسبب الدماء التي بين آل نشوان. وهم آل خراشا ، وآل حصانا.

وكان الدويش قاطنا على جو أشيقر ، فانهزم عثمان بعد ما قتله وخرج إلى

٢٤٨

الجو وقصد بيت سلطان بن الحميدي الدويش ، ثم سار إلى العيينة ، ومنها إلى الحريق. وكان عبد الرحمن بن إبراهيم بن حسن وابن راشد الخراشي المذكور ذا بأس وشدة ، وكرم ، وبمقتله انتقض الصلح الذي بين آل نشوان ، وآل خراشا ، وآل حصانا ، وقامت الشرور بين الفريقين وكشفت الحرب عن ساقيها ، فلا حول ولا قوة إلّا بالله.

وفيها غرست الصقيرية المعروفة في جنوب بلد أشيقر : غرسها عبد الله بن سليمان بن محمد الرزيزا هو وأخوه عبد الرحمن بن سليمان بن محمد الرزيزا.

وفيها غرست أرض حمد المعروفة في العقلة في شمال أشيقر غرسها حمد بن عبد الوهاب.

ثم دخلت السنة الخامسة بعد الثلاثمائة والألف : وفيها في ثالث من المحرم حصل وقعة بين حاج أهل الوشم وبين هذيل وقريش في الموضع المسمى بالمرخ قريبا من مكة المشرفة قتل فيها من أهل شقراء عبد العزيز بن إبراهيم آل جميح رحمه‌الله تعالى ، وكان حليما متواضعا ذا ديانة وصيانة ، كثير الصدقة كريما جوادا لم يكن في عصره مثله في السخاء والكرم.

وفيها في آخر المحرم سطا أولاد سعود بن فيصل في الرياض ، وقبضوا على عمهم الإمام عبد الله بن فيصل فكتب الإمام عبد الله إلى محمد بن عبد الله بن رشيد أمير الجبل ، واستنجد به على أولاد أخيه سعود فسار ابن رشيد بجنوده إلى الرياض ومعه حسن ابن مهنا أبا الخيل أمير بلد بريدة ، وحاصر البلد أياما قلائل. ثم وقعت المصالحة بين ابن رشيد ،

٢٤٩

وبين أهل الرياض ، وبين أولاد سعود على أن تكون لهم إمارة بلد الخرج.

فخرج أولاد سعود إلى الخرج ، وأقام ابن رشيد هناك أياما ، وجعل محمد بن فيصل أميرا في بلد الرياض والمتصرف فيها من جهته سالم بن سبهان. ثم ارتحل في جمادى الأولى من السنة المذكورة راجعا إلى الجبل ومعه الإمام عبد الله بن فيصل ، وابنه تركي ، وأخوه عبد الرحمن بن فيصل وسعود بن جلوي ، وأذن لأهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم ، وأخذ يدبر الحيلة في قتل عيال سعود ، ويكاتب أعداء عيال سعود من أهل الخرج ويطلب المواطأة على قتلهم ويعدهم ويمنيهم فواطأه على ذلك إذا أمكنتهم الفرصة.

ولما كان في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة سطا سالم بن سبهان بسرية معه على أولاد سعود بن فيصل في الخرج وقتلهم غدرا ، وهم : محمد ، وعبد الله ، وسعد رحمهم‌الله تعالى. وكان أخوهم عبد العزيز بن سعود قد ركب في أول الشهر المذكور لابن رشيد في حائل ، فكتب أهل الخرج إلى سالم يستدعونه وابن سبهان في الرياض ومعه إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف من أهل أبا الكباش في قصر الرياض ، وتوجهوا إلى الدلم واتفق أن ركبا من الدواسر أخذوا إبلا لأهل بلد زميقة من بلدان الخرج ، فركب محمد بن سعود على فرسه في أثرها ، واستنقذ الإبل منهم ورجع بها وصادف وصوله في الإبل وصول سالم بن سبهان. وكان محمد بن سعود قد نزل من فرسه عند صاحب قصر هناك. وصاحب القصر يعمل له قهوة فلم يفاجئه إلّا خيل ابن سبهان قد خرجت عليه ، فلما رآهم قام وترك فرسه فانهزم ودخل مقصورة هناك فتبعوه ، ولما وصلوا إليه في المقصورة حصل بينهم وبينه كلام. وقالوا له :

٢٥٠

إننا في طلب إبل قد أخذها ركب. وكان في المقصورة فرجة ومحمد واقف يكلمهم فرماه خلف الشمري مع الفرجة المذكورة ببندق فوقع محمد ميتا.

ثم توجهوا إلى الدلم وطرق رجل من أصحاب سالم على عبد الله بن سعود الباب ممن كان يعرفه عبد الله بن سعود ، وذلك صبح الخميس أول يوم من ذي الحجة ، ففتح عبد الله الباب وكان مع الذين طرقوا الباب عبد بن عبيد بن رشيد فضرب عبد الله بن سعود بسيفه فقتله.

وكان سعد بن سعود في نخل له خارج البلد ، فلما بلغه الخبر ركب فرسه وانهزم إلى عرب هناك ، ونزل عندهم. واتفق أن شيخ العرب المذكورين ، وهو المعروف بالصاع جاء إلى سالم بن سبهان فربطه ، فقال : إن لم تأتني بسعد بن سعود قتلتك. فأرسل الصاع إلى أهله ، وأمرهم بالقبض على سعد بن سعود ، والمجيء به ، فقبضوا عليه وجاؤوا به إلى ابن سبهان فقتله.

ثم إن ابن سبهان أرسل إلى ابن رشيد بخبره بمقتل عيال سعود ، فلما وصل الرسول إلى حائل وإذ أخوهم عبد العزيز بن سعود قد وصل إليها قبل الخبر بثلاثة أيام ، وأخبره ابن رشيد بما صار على إخوته ، وأمره بالإقامة عنده في حائل ، وأذن لمن معه من الأتباع والخدام بالرجوع إلى أهلهم ، فمنهم من رجع ومنهم من أقام هناك.

وبعد أن تولى الملك عبد العزيز على الرياض عام ١٣٢٠ ه‍ ظفر بالصاع المذكور وابنه فقتلهما ، وظفر بعبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم عند بادية العجمان. وذلك في عام ١٣٢٠ ه‍ ، وفيها كثرت الأمطار وانهدمت القليب المعروفة بالعميا بالجريف.

٢٥١

ثم دخلت السنة السادسة بعد الثلاثمائة والألف : وفيها كثرت الأمطار والسيول وعم الحياة جميع بلدان نجد ، ودام المطر أحد عشر يوما ما رأينا الشمس فيها إلّا لحظات يسيرة. وخاف الناس من الغرق ، وكثر الهدم وأعشبت الأرض وكثرت الكمأة ، ورخصت الأسعار ، وانهدمت القليب المعروفة بالوسطى التي تلي العميا بالجريف بأشيقر من شدة السيل.

وفي هذه السنة توفي سعود بن جلوي بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في بلد الرياض رحمه‌الله تعالى. وفيها توفي عمر بن إبراهيم بن سدحان في شقراء رحمه‌الله تعالى.

ثم دخلت السنة السابعة بعد الثلاثمائة والألف : وفيها توفي تركي بن الإمام عبد الله بن فيصل في بلد حائل رحمه‌الله تعالى. وفيها خرج الإمام عبد الله بن فيصل من حائل متوجها إلى بلد الرياض ومعه أخوه عبد الرحمن بن فيصل ، وكان الإمام عبد الله إذ ذاك مريضا ، فلما وصل إلى الرياض اشتد به المرض ، وتوفي بعد قدومه بيوم. وذلك يوم الثلاثاء في اليوم الثالث من ربيع الثاني من السنة المذكورة. رحمه‌الله تعالى كان ملكا جليلا مهابا وافر العقل حليما كريما شجاعا حازما غير سفاك للدماء ، شفيقا بالرعية سهل الأخلاق سخيا محبا للعلماء مقربا لهم محسنا إليهم وإلى غيرهم من ذوي الحاجات ، كثير الصلاة والعطاء ، غزير الفضل حسن السيرة. وكانت أيامه مكدرة عليه من كثرة المخالفين رحمه‌الله تعالى وعفى عنه بمنه وكرمه ولم يعقب ذكورا.

وفي هذه السنة حصل بين ابن رشيد وحسن آل مهنا أمير بريدة تنافر

٢٥٢

واختلاف : ذلك أن ابن رشيد في هذه السنة أرسل عماله إلى الشواوي القصيم ليزكوهم وكان عامل حسن إذ ذاك عندهم لقبض زكاتهم فحصل بين عمال ابن رشيد وبين عمال حسن كلام فاحش وسباب فرجع عمال ابن رشيد عنهم ، واستحكمت العداوة بين ابن رشيد وحسن ، ثم اتفقوا على إنهم يراجعون ابن رشيد في ذلك فراجعوه في ذلك الأمر. وجاء منه الخبر بأني ما أمرتهم بقبض زكاة الشواوي ، وإنما قيل لنا : إن هناك قبائل من عربان مطير فأرسلتهم لهم ، وكتب إلى عماله بألا يتعرضوا للشواوي بشيء.

وبذلك وقعت الوحشة بين ابن رشيد ، وابن مهنا ، وكان حسن المذكور قبل ذلك بينه وبين زامل بن عبد الله بن سليم أمير بلد عنيزة عداوة شديدة فالتفت حسن إليه وأخذ يكاتبه ويطلب منه المصالحة. وأن يكون يدا واحدة على محاربة ابن رشيد. فأجابه زامل إلى ذلك ، وتواعدا للاجتماع في موضع من الغميس. فركب زامل ومعه عدة رجال من خدمة وركب حسن ، بمثل ذلك واجتمعوا في الموضع المذكور وتعاهدوا على التعاون والتناصر ، وأن لا يخذل بعضهم بعضا. وأقاموا هناك ثلاثة أيام ثم رجع كل منهم إلى بلاده وصلحت حالهم وكان ابن رشيد حين استولى على الرياض قد جعل فيه محمد بن فيصل أميرا ، وجعل سالم بن سبهان ومعه عدة رجال من أهل الجبل في قصر الرياض ، وصار سالم المذكور هو المتصرف فيها بأوامر ابن رشيد.

ولمّا كان في الحادي عشر من شهر ذي الحجة من هذه السنة جاء الخبر إلى الإمام عبد الرحمن بن فيصل بأن ابن سبهان المذكور يريد الغدر به ، والقبض عليه. فلما تحقق الإمام عبد الرحمن بن فيصل من ذلك

٢٥٣

الخبر ، ودخل سالم بن سبهان المذكور بمن معه من الخدام على الإمام عبد الرحمن للسلام عليه على عادته ، وكان الإمام عبد الرحمن قد جمع رجالا عنده في القصر وأمرهم بالقبض على سالم ومن معه إذا دخلوا القصر. فلما دخل سالم ومن معه القصر قبضوا عليهم وحبسوهم وقتلوا خلف بن مبارك بن الأسلم من شمر ، لأنه هو الذي قتل محمد بن سعود بن فيصل كما تقدم. واحتوى الإمام عبد الرحمن بن فيصل على ما في قصر الرياض من الأموال.

وكان سبب القبض على سالم وأصحابه المنافرة التي وقعت بين ابن رشيد ، وابن مهنا كما تقدم ، والاتفاق بين زامل السليم ، وحسن المهنا.

كتب ابن مهنا إلى الإمام عبد الرحمن بطلب منه القبض على ابن سبهان.

والاستيلاء على الرياض. وبعده النصرة له والقيام معه وصارت الرسل تترا منه إلى الإمام في ذلك.

فلما كان في يوم عيد الأضحى أظهر الإمام عبد الرحمن أن معه بعض الأثر ، وكان إذ ذاك في القصر العتيق وابن سبهان وأصحابه في القصر الجديد. وقال الإمام لابنه فيصل : سر إلى الأمير سالم بن سبهان ، كما هي عادتهم في الأعياد ، فإن سألك عني فقل له : إن معه بعض الأثر ، وهو يسلم عليكم ، ولو قدر على الوصول إليكم لفعل. وكان الإمام عبد الرحمن قد أخبر ابنه بالخبر وأنه يريد القبض على ابن سبهان وأصحابه إذا أمكنته الفرصة. فسار فيصل إلى ابن سبهان وسلم عليه ، فلما استقر به الجلوس سأله سالم عن والده فقال له : إن معه بعض الأثر ، وهو يسلم عليكم. فقال سالم : لا بد أن نسلم عليه ، ولكن اليوم ما لنا فرصة ،

٢٥٤

وبعد طلوع الشمس بكرة نأتي إليكم للسلام عليه. وقام فيصل وأخبر أباه بذلك فتأهب لمجيئهم.

فلما كان صبيحة ذلك اليوم وهو الحادي عشر من ذي الحجة جلس الإمام عبد الرحمن في روشن في القصر ، وكان تمالأ هو وعدة رجال من آل مقرن منهم عبد الله بن جلوي ، وأخوه فهد ، ومحمد بن حسن بن مشاري ، وناصر بن فرحان وفيصل بن ناصر وعدة رجال من أتباعهم وخدامهم وأمرهم بالجلوس في موضع من القصر ، فإذا دخل سالم وأصحابه فليغلقوا الباب باب القصر ثم يجلسون عنده إلى أن يأتيهم الأمر ، ففعلوا ذلك. وقام معه في هذا الأمر ابنه فيصل وكان شهما شجاعا. فلما جاء سالم وأصحابه تلقاهم فيصل ابن الإمام عبد الرحمن ورحب بهم وصعد معهم إلى الروشن الذي فيه والده ، فلما أقبلوا على الباب قام الإمام عبد الرحمن وتلقاهم وجلسوا.

وحين دخل سالم وأصحابه القصر وصعدوا ، قام من هناك من آل سعود وأتباعهم وأغلقوا باب القصر. ولما استقر المجلس بسالم وأصحابه قام الإمام عبد الرحمن وخرج من الروشن وأمر على من هناك من أصحابه أن يحيطوا بالروشن ويقبضوا على سالم وأصحابه ، ففعلوا ذلك وقبضوا عليهم وحبسوهم ولم يقتلوا منهم إلّا خلف الشمري. وكان قبل ذلك في افتتاح شهر ذي القعدة قد ركب من الرياض خمسة رجال من آل سعود : وافد بن علي بن رشيد في حائل ، فقدموا عليه وأكرمهم وأقاموا هناك أياما ، ثم أذن لهم بالرجوع إلى أهليهم ، فخرجوا من حائل. ولما كان في اليوم الذي خرجوا فيه من حائل جاء الخبر إلى ابن رشيد بما حصل على سالم وأصحابه ، فأرسل خلفهم من يردهم إلى حائل ، فرجعوا

٢٥٥

إليها وأقاموا هناك وأخذ ابن رشيد يتجهز للغزو.

وفيها توفي الشيخ زيد بن محمد العالم المعروف في حريق نعام ، وهو من عائذ كان عالما فاضلا رحمه‌الله تعالى.

وفي هذه السنة توفي الشيخ العالم العلامة عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن مانع الوهيبي التميمي قاضي بلد عنيزة. كان عالما فاضلا نبيها نبيلا ، قرأ على أبيه الشيخ محمد في الفقه وغيره ، فأدرك في الفقه إدراكا تاما. وقرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ، والشيخ محمد بن عمر بن سليم ، والشيخ علي آل محمد قاضي عنيزة وغيرهم ، وأخذ عنه العلم كثير من الفضلاء. ولما مات الشيخ علي آل محمد المذكور تولى القضاء بعده الشيخ عبد العزيز المذكور في بلد عنيزة فباشر القضاء فيها بحسن السيرة ، والورع ، والعفة ، والديانة ، والصيانة ، ولم يزل على حسن الاستقامة إلى أن توفاه الله تعالى في هذه السنة المذكور رحمه‌الله تعالى ، وقد رثاه تلميذه الشيخ إبراهيم بن محمد بن صويان بهذه القصيدة. وهي من البحر الطويل :

على الحبر بحر العلم من كان باكيا

هلم إلينا نسعدنه لياليا

سأبكي كما تبكي الثكالى بشجوها

وأرسل دمعا كان في الجفن آنيا

على عالم حبر إمام سميدع

حليم وذي فضل خليف المعاليا

يقضي بحل المشكلات نهاره

وفي الليل قواما إذا كان خاليا

فضائله لا يحصر النظم عدها

ويقصر عنها كل من كان رائيا

وثلمته يا صاح من ذا يسدها

ونجم توارى بعدما كان باديا

إمام على نهج الإمام ابن حنبل

لقد كان مهديا وقد كان هاديا

٢٥٦

عليم بفقه الأقدمين محقق

وقد كان في فقه الأواخر راسيا

وقد حاز من علم الحديث محلة

وللسلف الماضين قد كان قافيا

وفي كل فن فهو للسبق حائر

وفي العلم مقدام حميد المساعيا

فلا نعمت عين تضنى بمائها

عليه ولا قلب من الحزن خاليا

فو الهفاه من فادح جل خطبه

وحصن من الإسلام قد صار واهيا

لقد صابنا مصاب من الحزن مفجع

لدن جاءنا من كان للشيخ ناعيا

فجالت بنا الأشجان من كل جانب

وأرق جفن العين صوت المناديا

بموت الفتى عبد العزيز ابن مانع

سلالة أمجاد تروم المعاليا

لقد كان بدرا يستضاء بضوئه

فأضحى رهينا في المقابر ثاويا

فواحزنا أن كان إلّا بقية

تخلف من بعد الهداة لماضيا

فسار على منهاجهم واقتفاهم

على منهج التوحيد قد كان داعيا

لقد عاش في الدنيا على الأمر بالتقى

وعن موبقات الإثم ما زال ناهيا

فيا أيها الإخوان لا تسأموا البكا

على عالم في العلم قد كان ساميا

تغمده الرب الكريم بفضله

ولا زال هطال من العفو هاليا

على قبره بهمى عشيا وبكرة

وبوءه قصرا من الخلد عاليا

وصل إلهي كلما هبت الصبا

وما انهلت الجون الغداق الغواديا

على المصطفى والآل والصحب كلهم

وتابعهم والتابعين الهواديا

وفيها كثر الدباء ، ودخل جميع بلدان نجد ، وأكل الأشجار ، وبعض الزروع.

ثم دخلت السنة الثامنة بعد الثلاثمائة والألف : وفي المحرم منها توجه محمد بن عبد الله بن رشيد بجنوده من الحاضرة والبادية ، وتوجه إلى بلد الرياض ، ونزل عليها في خامس من شهر صفر من السنة المذكورة ،

٢٥٧

وحاصر البلد نحو أربعين يوما ، وقطع جملة من نخل الرياض ولم يحصل على طائل. ثم وقعت المصالحة بينه وبين الإمام عبد الرحمن بن فيصل ، وأطلق سالم بن سبهان ومن معه من الحبس وأخرجهم إلى ابن رشيد ، وارتحل ابن رشيد راجعا إلى بلده ، وأخذ يستعد لحرب أهل القصيم.

فلما أقبل على القصيم أظهر له حسن المهنا المخالفة فحصل من قوم ابن رشيد نهب لبعض قرى القصيم ثم إن ابن رشيد أرسل كاتبه ناصر العتيق بمكاتيب لحسن بن مهنا ، فقدم ناصر بريدة ، وأعطى حسن بن مهنا كتابه من ابن رشيد ومعه كتاب لزامل السليم. وحاصل الأمر أنهم صار بينهم جواب على أن يكون هناك تفاوض بين الطرفين.

ولمّا كان في جمادى الأولى من هذه السنة خرج ابن رشيد من بلده وتوجه بمن معه من الجنود إلى القصيم ، ونزل القرعاء ، فخرج زامل آل عبد الله بن سليم ، وحسن آل مهنا ومعهما جنود عظيمة من أهل القصيم ، ومن البادية لقتال ابن رشيد ، فحصل بينه وبينهم وقعة شديدة في القرعاء ، وصارت الغلبة فيها لأهل القصيم على ابن رشيد. وذلك في ثالث في جمادى الآخرة في السنة المذكورة قتل فيها عدة من رجال الفريقين ، وكان من قتلى قوم ابن رشيد مبارك الفريخ صاحب راية ابن رشيد ، وحمد الزهيري وعدة رجال. واتفق أنه قدم على ابن رشيد بعد الوقعة المذكورة أمداد كثيرة من شمر ، ومن الظفير ، ومن عنزة فحصل له قوة فارتحل من القرعاء ونزل في غضى.

وبعد ثلاثة أيام ارتحل أهل القصيم من القرعاء ، وارتحل ابن رشيد من غضى فالتقى الفريقان في المليدي في يوم السبت ١٣ جمادى الأولى ،

٢٥٨

وتقاتلوا قتالا شديدا ، وصارت الهزيمة على أهل القصيم وأتباعهم ، وقتل منهم خلائق كثيرة.

ومن مشاهير القتلى من أهل عنيزة الأمير زامل بن عبد الله آل سليم ، وابنه علي ، وخالد آل عبد الله آل يحيى بن سليم ، وعبد الرحمن آل علي بن سليم ، وعبد العزيز آل إبراهيم بن سليم ، سليمان آل محمد بن سليم ، ومحمد بن الروق ، وسليمان الصالح القاضي ، وأخوه عبد الله ، وعبد العزيز آل محمد العبد الله القاضي وأخوه حمد ، ومن عيال الخروب ثلاثة ، وناصر العوهلي ، وعبد الله بن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى ، وعلي العبد الله بن حماد ، وعيال منصور آل غانم ، وعبد الرحمن الخياط ، ومحمد الناصر العماري ، وعبد العزيز بن عبد الله آل منصور ، الخنيني ، وعثمان آل منصور ، وعبد الله الطجل ، والأشقر ، وقتل من أهل بريدة خلق كثير ، ومن مشاهيرهم عبد العزيز بن عبد الله آل مهنا الصالح ، وعبد العزيز ابن صالح آل مهنا ، ومحمد آل عودة أبا الخيل ، وعودة آل حسن آل عودة أبا الخيل ، وأخوه عبد الله ، وعبد الرحمن آل حسن الصالح أبا الخيل ، وعبد الله بن جربوع ، وعيال ناصر العجاجي وهم خمسة ، وصالح آل مديفر. ومن مشاهير أهل المذنب صالح الخريدلي أمير بلد المذنب ، ومنصور آل عبوش.

وانهزم حسن آل مهنا الصالح أبا الخيل جريحا مكسورة يده برصاصة إلى بريدة ، وأراد الامتناع فيها ومحاربة ابن رشيد فلم يساعده أهل البلد فخرج فيها إلى بلد عنيزة ، وأرسل ابن رشيد سربة في طلبه إلى عنيزة ، فأمسكوه وجاءوا به إلى ابن رشيد فأرسله هو وأولاده ، ومن ظفر به من آل أبا الخيل إلى حائل ، وحبسوا هناك ولم يزل حسن في حبسه ذلك إلى

٢٥٩

أن توفي سنة ١٣٢٠ ه‍ ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقتل من أتباع ابن رشيد خلائق كثيرة ، واحتوى ابن رشيد على بلدان القصيم ونزل بلد بريدة ، وولي إمارة عنيزة عبد الله آل يحيى الصالح ، وكانت وقعة المليدي المذكورة في ثالث عشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة.

وكان الإمام عبد الرحمن بن فيصل لما بلغه وصول ابن رشيد إلى القصيم ، فجمع جنوده من الحاضرة والبادية ، واجتمع عليه جنود كثيرة ، وتوجه بهم لنصرة أهل القصيم ، فلما وصل إلى الخفس بلغه خبر الوقعة واستيلاء ابن رشيد على القصيم ، فأقام مع بادية العجمان وكان إبراهيم آل مهنا الصالح قد انحدر إلى الكويت بقافلة كثيرة لأهل بريدة قبل خروج ابن رشيد من حائل لمحاربة أهل القصيم ، فلما بلغهم مسير ابن رشيد إلى القصيم خرجوا من الكويت ، وعند خروجهم منها وصل إليهم من حسن آل مهنا يستحثهم على القدوم عليه ، فساروا متوجهين إلى القصيم. ولما وصلوا إلى التبيراء جاءهم خبر الوقعة واستيلاء ابن رشيد على بلدان القصيم ، فرجعوا إلى الكويت.

وقبل الوقعة المذكورة بستة أيام توفي الشيخ محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن حمد بن صالح بن سليم آل عمر ابن سليم في بلد بريدة ، وذلك في سابع جمادى الآخرة من السنة المذكورة رحمه‌الله تعالى ، وعمره ثلاث وستون سنة ، كان إماما عالما عابدا ناسكا ورعا ، جلس للتدريس في بلد بريدة وقرأ عليه جماعة كثيرة ، وانتفع الناس بعلمه ، وكان محبا لطلبة العلم محسنا إليهم ، وفضائله كثيرة رحمه‌الله تعالى ، ثم إن ابن رشيد ارتحل من بريدة ، ورجع إلى حائل ، وجعل حمود آل زيد أميرا في بريدة ومعه عدة رجال من أهل الجبل.

٢٦٠