خزانة التّواريخ النجديّة - ج ١٠

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام

خزانة التّواريخ النجديّة - ج ١٠

المؤلف:

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

١
٢

٣
٤

إفادة الأنام بتاريخ بلد الله الحرام

٥
٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المقدمة هذا التاريخ لمؤلفه الشيخ [عبد الله بن محمد غازي] من أصل هندي وهو من علماء مكة المكرمة المجاورين بها وهو بحاثة مطلع.

وقد صنف كتابا باسم : [إفادة الأنام بأخبار بلد الله الحرام] لا يزال مخطوطا ويقع في [خمسة] أجزاء ضخام ويوجد منه نسختان :

إحداهما في مكتبة الشيخ محمد حسين نصيف رحمه‌الله.

والنسخة الأخرى في مكتبة الشيخ محمد سرور الصبان وقد تصحفت أجزاء الكتاب [الخمسة] وجدتها منقولة من تواريخ متوجدة مطبوعة متوفرة وأخبارها متداولة إلّا الجزء [الرابع] منها فهو حلقة مفقودة يكاد يكون مقتصرا على أعمال وترتيب الحكومة السعودية حينها دخلت الحجاز عام [١٣٤٣ ه‍] وقد انفرد المؤلف بتدوينها وحرص على تتبعها.

وهذه ميزة هذا الجزء من هذا الكتاب ، وهذا ما دعاني إلى نشره ضمن هذه المجموعة التاريخية النجدية.

٧

فالمؤلف وإن لم يكن نجديا ومواضيع الكتاب وإن تكن في نجد. إلّا أنها تتعلق بحكومة نجدية فلها مساس قوي وعلاقة متينة بتاريخ نجد ونسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق.

كتبه

عبد الله بن عبد الرّحمن آل بسّام

٨

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ترجمة الشريف حسين بن علي

ولد في إستانبول عام ١٢٧٠ هجرية يوافق ١٨٥٤ م ، ومات في عمان عام ١٣٥٠ ه‍ ، في يوم الخميس ١٨ محرم سنة ١٣٥٠ ه‍ ، الموافق ٤ يونيو سنة ١٩٣١ م ، عمان من بلاد الشام ، أو من فلسطين على الاصطلاح الجغرافي العصري.

كان رحمه‌الله مقيما للصلوات الخمس في أوقاتها مع سننها الرواتب ، يصوم رمضان ، أخرج من البلاد تجار الخمور من اليونانيين الأروام والإغريق ، وأدّب شرّاب الخمر وأهل الفجور تأديبا شديدا ، وكان في حالة الرضا أنسا يجذب جليسه ويدخل السرور عليه ، بتواضع جم.

يحترم البيوتات القديمة من الوطنيين ، يفرح بمصنوعات الوطن ، وإن كانت حقيرة ، محبّا للتفاخر وأبهة الملك ، حريصا على المال يحبه حبّا جمّا ، مقتصدا في معيشته ، شحيحا بتصرف المال وإن اقتضى الحال.

معجبا برأيه غاية الإعجاب ، يكره الانتقاد عليه وإن كان في

٩

مصلحته ، حقودا على من يغضب عليه في الحقير والجليل ، محبّا للمتملقين الجهّال.

لا يثق بأحد في الأعمال ، هو كل شيء ، يتشبه بالسلطان عبد الحميد العثماني وإن كان عبد الحميد مشتغلا بالمحافظة على حياته ، ولكن بقية الأعمال موكولة لوزرائه ، وكانت جريدة القبلة الصادرة بمكة أكثر مقالاتها من إنشائه المعروف ، وكان يثق بوعود الإنجليز غاية الوثوق ، وكانت آخرته معهم أن نفوه من العقبة إلى قبرص.

كتبه

محمد نصيف

١٠

قال مؤلف هذا الكتاب الشيخ عبد الله غازي :

ولاية سيدنا الشريف حسين بن علي

وبعد ما توفي عبد الله باشا في الأستانة ، وجهت الدولة الإمارة إلى صاحب الدولة والسيادة مولانا الشريف حسين بن علي بن الشريف محمد بن عبد المعين بن عون يوم ٧ شوال سنة ١٣٢٦ ه‍ ، وورد الخبر تلغرافيّا إلى مكة من حضرة سيدنا المشار إليه إلى أخيه الشريف ناصر ، ومن الدولة رسميّا إلى الوالي ، ولكن الوالي أخفاه عن الشريف علي باشا توهما أن تحدث منه إثارة فتنة ، واتفقت فتنة القبوري في ١٨ شوال من عامه ، وفي ذلك أظهر الوالي عزل الشريف علي باشا وتولية الشريف حسين باشا ، ونودي باسمه ، وصار أخوه الشريف ناصر بن علي وكيلا عنه ، فجاء من الطائف إلى مكة في ٢٢ شوال ، كذا ذكره الشيخ جعفر لبنى رحمه‌الله.

قال الفاضل الأديب خير الدين الزّركلي في كتابه المسمى «بما رأيت وما سمعت» :

انتقل الشريف علي والد صاحب الترجمة من الأستانة إلى مكة ، ومعه ابنه حسين ، وهو يومئذ طفل في الثالثة من عمره ، فرباه في بيته

١١

وخالف سنة غيره من الأشراف ، فلم يبعث به إلى إحدى القبائل المجاورة لمكة ، ولم يربه تربية بدوية خالصة يتلقن فيها أخلاق البداوة في معايشتهم ، ويتمرن على ركوب الخيل واحتمال المشاق.

فنشأ حضريا مدنيا ، وأولع بالدرس والمطالعة ، فحفظ مبادىء العربية ، وتفقه في شيء من أصول الدين وفروعه ، وأخذ عن بضعة أشياخ أشهرهم : الرواية العلامة الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي ، تلقى عنه المعلّقات السبع ، وهو لا يزال حتى اليوم يذكر قليلا من بقايا ما لقنه إياه هذا الأستاذ ، وواصل القراءة على العالم المؤرخ الشيخ أحمد بن زيني دحلان صاحب «الفتوحات الإسلامية» ، «والجداول المرضية» وغيرهما.

وحفظ القرآن الكريم قبل أن يتجاوز العشرين من سنيه ورافقه في طلب العلم الشيخ ياسين البسيوني الذي لم يفتأ ملازما له ، وهو إمامه في صلواته الخمس ، واتفق أن كانت في ذلك العهد إمارة عمه الشريف عبد الله ، فأحبه وقربه منه ، وعامله معاملة الأب لابنه ، ثم جعل يسيره في المهمات ، ويوجهه لتذليل الصعاب.

فسافر في أيامه إلى نجد وطاف أكثر ما يلي الحجاز من شرقه ، وعرف قبايل تلك الأنحاء وعشائرها ، واختبر خفاياها وظواهرها ثم كان الصلة الدائمة بين إمارة مكة والقبائل الحجازية وغيرها. وزوجه عمه ابنة له اسمها عابدية هانم ، هي أم الأمراء : علي ، وعبد الله ، وفيصل ، وأما زيد فأمه تركية من أكبر عائلات الترك هي عديلة بنت صالح بك بن الصدر الأعظم رشيد باشا السياسي التركي العظيم ، وهو الذي رفع القتل بأقل الجنايات ، لأن في عصره وقبل عصره كانت الحكام تقتل من حتى أقل

١٢

جناية ، فهذا الصدر الأعظم رئيس الوزراء زمن السلطان عبد الحميد العثماني ، منع ذلك ونظم أحكام الدولة وقد ترجمه السيد محمود الألوسي المفسر الشهير في كتابه «غرائب الاغتراب» ص ١١٩.

تزوج بها بعد وفاة عابدية هانم ، ومن فضليات النساء يستشيرها اليوم في أكثر شؤونه ، ويعتمد عليها في كتمان أسراره.

ومارس ركوب الخيل فولع بدخول ميادين السباق ، وعرف بالقوة والمقدرة على ركوب أقسى الجياد واصلها.

حدثني من لا شك بخبره أن الملك لم ينفك يبارز أشد الفرسان طردا ، حتى شغلته شواغل الملك ، ولقد رأيته ذات يوم واقفا يريد الركوب ، وثلاث عبيد من الأشداء الأقوياء يقودون جوادا ، كلما خطوا به خطوة ثار وشخر وانتفض ، فلم يزالوا يغالبونه حتى اقتربوا به من موقف الملك ، وهو الشيخ المسن ، فتقدم من الجواد فوضع إحدى رجليه في ركاب ووثب وثبة غير المبالي ، فعاد الجواد إلى زمجرته وزهوه ، فلم يكن من الملك إلّا أن لطمه بقبضة يده لطمة واحدة في عنقه ، فذل الجواد ومشى هادثا ساكنا ، كأنما أبدل به غيره.

وتمكن منه في أيام صباه حب اصطياد النمور والضباع والغزلان ، وقبض كواسر الطير وبواشقه ، فكان يكثر من التجوال في رفقة له يرحلون لرحيله وينزلون لنزوله ، فيتوغل في الجبال النائية والقفار الخالية ، ويعود بعد أيام وأسابيع حامل الوطاب تتبعه غنائمه من وحش وطير.

ولم يزل في مكة إلى أن أو عزت إليه الحكومة التركية بمغادرتها في سنة ١٣٠٩ ه‍ ، فبرحها إلى الأستانة وتقلب هناك في مناصب رفيعة استمر

١٣

فيها إلى أن توفي عمه عبد الله باشا في ٣ شوال سنة ١٣٢٦ ه‍ ، وانتهت نوبة إمارة مكة إليه ، فوليها جلالته سادس شوال من السنة نفسها ، وأقام يتهيأ للسفر حتى كان يوم ٢٨ شوال ، فأبحر قاصدا الحجاز وبلغ في ٩ ذي القعدة سنة ١٣٢٦ ه‍. انتهى.

وقال في جريدة الحجاز : ولمّا وصل جلالة الملك سيدنا الشريف حسين جدة في يوم الخميس ٣ شوال الرومي سنة ١٣٢٦ ه‍ هرعت لتهنئته وتقبيل يده جموع من أهالي جدة ومن أهالي مكة الذين حضروا إلى جدة لاستقباله ، فاستقبل دولته جميع تلك الوفود بكل هشاشة وبشاشة ، متلطفا بهم سائلا عن أحوالهم مطيبا لخواطرهم ، ثم ارتجل خطبة هي الغاية في السلاسة والإيجاز والبلاغة ، التي إذا لخصت كانت زبدتها هذه العبارة الثمينة : إنني بكل قواي أعترف بعجزي عن الإتيان بعبارات أوضح فيها عظيم امتناني وتشكراتي من هذه الهيئة العلية ، التي استقبلتني بمثل هذا الاحترام الفائق والاحتفال الشائق ، نعم ، إننا جميعا خدم لحكومتنا وعبيد لدولتنا ، وإننا جميعا بلا استثناء مأمورون ومجبورون بإجراء وتنفيذ أوامر حكومتنا العادلة حرفيّا ، تلك الأوامر التي هي ضمن دائرة القانون المنيف ، أو الشرع الشريف ، وإن كان كل صادق ناصح يلازم هذه الخطة القويمة السديدة أنا ساعده القوي ومعينه ، كما أني العدو الألد والخصم الكبير لكل خائن يعمل على عكس هذه الخطة الحميدة ، لذلك أطلب إليكم وأنا لكم ناصح أمين أن نرسم خط السير على الوجه المشروع ، وأن نجتهد جميعا يدا واحدة في رفع شأن الدولة وشرفها.

١٤

وقد كانت تشكلت هيئة من خيرة الأهالي بجدة بقصد البحث والتنفيذ عن منابع المياه التي تكون بقرب جدة ، رفعا للضرورة الشديدة المستمرة بها ، من جراء فقدان الماء الصالح للشرب ، وكانت هذه الهيئة تبذل كل جهودها في تشكيل شركة وطنية يناط بها جلب ما يظهر من الماء الصالح للشرب إلى جدة ، وإنها استحضرت مهندسا لهذه الغاية.

ولمّا وصل سمع الأمير الكريم وهو بجدة خبر هذه الهيئة سر كثيرا بها وبأعمالها المهمة الوطنية ، وفي الوقت ذاته تبرع بالقسط الذي يخص دولته من رسم التخريجية ، وهو غرشان ، بأمل التسهيل لهذه الهيئة والوصول إلى الغرض المطلوب بما أمكن من السرعة ، ومجموع ما يتحصل من هذا المقدار في السنة يبلغ حوالي ٣٥٠٠ أو ٣٠٠٠ من الجنيهات ، فتبرع أميرنا الجليل بمثل هذا المبلغ المهم لمثل هذه الغاية الشريفة هو من الأريحيات العربية العالية التي تعهدها الأمة ويعهدها تاريخها في بيت النبوة الكريم.

ولمّا بلغت الأخبار إلى مكة المكرمة أن تشريف الأمير سيكون يوم الأحد ، قصد جهة جرول دولة الياور الشاهاني الهمام والي الحجاز المشير كاظم باشا ، ومعه عموم الموظفين : ملكيين وعسكريين ، والأهالي من علماء ، وصلحاء ، وأئمة ، وخطباء ، وأشراف ، وسادات ، وأهل مكة من صغير وكبير ورفيع ووضيع ، ويتبع الجميع ألوف من الحجاج.

وجرت مراسم الاستقبال في الصواوين الخصوصية التي أقيمت بهذه الحجة لتلك الغاية ، وقد ملأ الأمين أسعد الله قلوب تلك الألوف الحاشدة نورا وسرورا ، بما أبدى لهم من جميل التعطف والتلطف ، ثم ركب دولته

١٥

العربة مع دولة الوالي ، وقد أحاط بها الجنود الشاهانية المظفرة ، يتقدم الهيئة طقم موسيقى عسكري ، وعلى هذه الصفة دخل الجميع بلد الله الحرام ، وقد قصد الأمير نوا حرم الله الأمين أعزه الله بخليليه الكريمان سعادة الشريف عبد الله بك ، وسعادة الشريف زيد بك أفندي.

وفي الساعة الثالثة من يوم الخميس ١٦ ذي القعدة سنة ١٣٢٦ ه‍ : جرت مراسيم فرمان الإمارة الجليلة ، ومنشور الوزارة السامية بالمسجد الحرام ، قرأهما فرتلوا أبو النديا سامي بك مكتوبي الولاية الجليلة ، ثم بعد إتمام القراءة قصدت هيئة الاحتفال وجهة باب كعبة الله المعظم ، الذي كان مفتوحا ، وهنالك قام الداعي بتلاوة دعاء بليغ أمّن الجميع عليه.

***

١٦

صورة تقريب فرمان

وزارة أمير مكة المكرمة السامية

بما أن الله سبحانه وتعالى جلّ شأنه وعم نواله ، قد نظّم خلق كونه وأحسنه ، وجعل كل شيء عنده بمقدار ، فقد اختص ذاتي بكمال قدرته الأزلية ، لتكون خليفته للإسلام وسلطانا للأنام ، وجعلني سبحانه وتعالى بكمال عدله شرف الملوك ، وجعل سدتي ملجأ للخاص والعام ، لذا كان من الواجب على ذاتنا الشاهانية تأدية الشكر العظيم لجناب الرب الكريم ، ومن المتقين أيضا على ذاتنا الشاهانية ، والمهتم على دولتنا العلية أن يجعل أبواب عواطفنا الملوكانية مفتحة لكل من قام بحسن خدمتنا ، وبرهن بعمله على صداقته لدولتنا العلية.

وحيث إن أنواع مكارمنا التي لا غاية لها متهيئة لتروي الصدق من رجالنا ، وأنت أيها الشريف المحترم من أعظم رجال سلطتنا ، كما أنك سابقا من أعضاء لجنة شورى دولتنا ، ومتخلق بحسن السيرة والفطانة والنجابة ، وأن آمالنا الشاهانية تؤمل في نجابتك حسن الخدمة ، وإظهار مآثر الصدق لدولتنا العلية.

وبناء على هذا الأمل فقد أعربت عن عواطفنا المثيرة السلطانية في اليوم السادس من شوال عام السادس والعشرين بعد الثلاثمائة والألف

١٧

مصحوبة بكمال توجهاتي السنية ، وتمام عنايتي الشاهانية فأحسنت ووجهت الرتبة السامية الوزارة إلى عهده استعدادك وتأهلك بموجب إرادتنا الملوكانية.

أخص بتوفيقنا هذا الملوكاني الرفيع القدر ، حائزا النيشانين العثماني والمجيدي ، المرصعين ، الدستور المكرم الوزير المفخم ، نظام العالم ، مدير أمور الجمهور بالفكر الثاقب ، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب ، ممهد بنيان الدولة والإقبال ، مشيد أركان السعادة والإجلال ، المحفوظ بصون الملك الأعلى ، وزيري المختص بالسيادة الشريف حسين باشا أدام الله إجلاله ، وأعطيتك هذا المنشور الفاثق السرور ، وأصدرت أمري الملوكاني بتفويض رتبة الوزارة الجليلة إليك من تاريخ فرماني هذا الملكاني الفاثق.

على أمثاله وأقرانه وأنت أيها الوزير يلزمك أن تثبت على الصدق وحسن الخدمة في سائر الأقوال والأفعال ، لتستجلب مرضاتي الملوكانية ، وكذا يلزمك أن تبذل الشفقة والرأفة على كل من كان دونك بقدر مقامهم وحسب درجاتهم.

وأطلب منك أن تعمل بشرائط الوزارة بتمام الاهتمام جاريا على قسطاس الشرع القديم ، ومقياس القوانين المؤسسة على العدل ، وأن تجعل كل أمرك ونهيك دائرين على مدار الأمرين المذكورين ، وأن تبذل طاقتك في إجراء كل ما ذكر ، وأن توفي بكل ما هو من شرائط الوزارة ، كما ينبغي على النهج الشرعي والطريق النظامي.

حرر في السادس من شهر شوال المكرم عام ١٣٢٦ ه‍.

***

١٨

صورة فرمان الإمارة الواردة من السلطنة السنية

لأمير مكة سيدنا الشريف حسين

إنه لمّا تجلى صاحب القدرة الأزلية القائل سبحانه للشيء كن فيكون ، ناظم أمور الكون والمكان ، تحيرت عن إدراك أسرار حكمته عقول الخلائق والأذهان ، الذي جعل عتبة مرحمتنا مرجع المحتاجين ، وباب خلافة سلطتنا متكأ لأصحاب العرف والشأن ، وزين طفراء مناشير إجلالنا إليها ، يوتي بوجوب الطاعة والانقياد ، لأجل أحكام الشرع المتين ، ودوام معالم الدين المبين ، ومكن الحق المعين أوامرنا العلية غاية التمكين ، وجعل مناقب دولتنا العلية ومفاخر سلطتنا السنية حماية للدين المبين ، وإعلاء للواء شرع سيد المرسلين ، ولا سيما بالخدمة الشريفة للبلدتين المنيفين ، منزل أنوار الوحي المبين ومهبط جناب جبريل الأمين المتضمن الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ٢٠] ، (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد : ٢١ ، والجمعة : ٤].

فشكرا بهذه النعم تحتم على إحسان مكرمتنا الشاهانية إنالة أماني وآمال كافة رعية سلطتنا الملوكانية ، وخصوصا تلطيف وتسديد الأشراف

١٩

الكرام ، والسادة ذوي الاحترام المتصل نسبهم إلى العرق الأطهر ، الحائزين على المناقب والمفاخر ، وبناء على ذلك ولوقع انفصال أمير مكة الشريف علي باشا اقتضى الحال له إلى إحالة الإمارة الشريفة المذكورة لذات من الأشراف ، ذوي الاحترام.

ومن حيث إن وزيري سمير السيادة الحائز النشان العثماني والمجيدي المرصعين ، رافع توقيعي رفيع الشأن الملوكاني ، وناقل أمري بليغ الآمال السلطاني في جناب إمارة مآب سعادة اكتساب ، سيادة انتساب ذو النسب الطاهر ، والحسب الظاهر ، مستجمع جميع المعالي والمفاخر ، كابرا عن كابر جمال السلالة الهاشمية ، فرع الشجرة الزكية النبوية ، طراز العصابة العلوية المصطفوية ، عمدة آل الرسول قوة عين الزهراء ، التبدل المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلى : الشريف حسين باشا ، أدام الله تعالى إجلاله ، وأدام سعده وإقباله.

علم لدينا أنه اتصف بالأوصاف الحسنة الممدوحة ، وأبرز روابط خالص وجدانه لطرف أشرف خلافتنا ، واستحق لباقة للإمارة الشريفة المذكورة ، تلألأت أمواج بحر مكرمتنا الذي ليس له نهاية نحو ذاته الهاشمية ، فأحلنا وفوضنا الإمارة الشريفة المذكورة إلى عهدة أهليته ، وأعطيناه منشورنا فائض المسرور المشتمل على كمال البهجة والحبور ، وحسب شرايط الإمارة.

وبموجب رضائنا ونخبة أفكارنا الشاهانية ، أمرنا المشار إليه أن يستقبل الحجاج ذوي الابتهاج المتوجهين من سائر ممالكنا الشاهانية ، ويوصلهم إلى مكة المكرمة سالمين آمنين ، وبعد آدائهم مناسك الحج

٢٠