الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: عدنان يونس عبد المجيد أبو تبّانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ١ الجزء ٢

وأمر ببناء القبة على صخرة بيت المقدس (١) ، وبعث الكتب في جميع عمله وسائر (٢) الأنصار أن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة على صخرة بيت المقدس تقي المسلمين من الحر والبرد ، وأن يبني المسجد وكره أن يفعل ذلك دون رأي رعيته (٣) ، فلتكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه.

فوردت الكتب عليه من سائر الأمصار : نرى أمير المؤمنين رأيه (٤) موفقا (٥) رشيدا ، إن شاء الله ، يتم له ما نوى من بناء بيته وصخرته ومسجده ويجري ذلك على يديه ويجعله تكرمة (٦) له ولمن مضى من سلفه (٧).

فجمع الصناع لعمله (٨) ، وأرصد للعمارة مالا كثيرا يقال : إنه خراج مصر سبع سنين (٩) ووضعه بالقبة الكائنة أمام الصخرة من جهة الشرق بعد أن أمر ببنائها وهي من جهة الزيتون ، وجعلها حاصلا وشحنها بالأموال ، ووكل على صرف المال في عمارة المسجد والقبة وما يحتاج إليه أبا المقدام رجاء بن حيوة (١٠) بن جرول الكندي (١١). وكان من العلماء الأعلام ومن جلساء عمر بن عبد العزيز ، رضي‌الله‌عنه ، وضم إليه رجلا يدعى يزيد بن سلام (١٢) ، مولى عبد الملك بن مروان من أهل بيت المقدس وولديه ، ويقال : إن عبد الملك وصف ما يختاره من عمارة القبة وتكوينها للصناع ، فصنعوا له وهو ببيت المقدس القبة الصغيرة التي هي شرقي قبة الصخرة التي يقال لها قبة السلسلة (١٣) فأعجبه تكوينها وأمر ببنائها كهيئتها.

__________________

(١) على صخرة بيت المقدس أ : على الصخرة الشريفة ب ج ه : ـ د / / وبعث أ ج ه : بعث ب : ـ د.

(٢) سائر أ : + عمال ب ج ه : ـ د.

(٣) في مثير الغرام : «أن عبد الملك بن مروان حين هم ببناء صخرة بيت المقدس والمسجد ، قدم من دمشق إلى بيت المقدس ، وبث الكتب في جميع عمله إلى جميع الأمصار : إن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة بيت المقدس تكف المسلمين من الحر والبرد وكره أن يفعل ذلك دون رأي رعيته فلتكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه». ينظر : المقدسي ، مثير ١٧١ ـ ١٧٢.

(٤) نرى أمير المؤمنين رأيه أ ج ه : نرى رأي أمير المؤمنين ب : ـ د.

(٥) موفقا أ : موافقا ب : لموفقا ج ه : ـ د.

(٦) تكرمه أ ج ه : تذكره ب : ـ د.

(٧) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧١ ـ ١٧٢ ؛ السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤١.

(٨) لعمله ب : من عمله أ ج ه : ـ د.

(٩) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧١.

(١٠) ابن حيوة أ : بن حياة ب ج ه : ـ د / / ابن جرول أ ج ه : بن جود ب : ـ د.

(١١) رجاء بن حيوة : مولى كندة ، يكنى أبا المقدام ، شيخ أهل الشام في عصره ، توفي سنة ١١٢ ه‍ / ٧٣٠ م ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٦٦ ؛ ابن سعد ٧ / ٣٣٦ ؛ الجابي ٢٦٧.

(١٢) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤١.

(١٣) ينظر : العليمي ٢٥ ـ ٢٧.

٤٠١

وأمر رجاء ويزيد بالنفقة عليها والقيام بأمرها وأن يفرغا المال عليها إفراغا دون أن ينفقاه إنفاقا. وأخذوا في البناء والعمارة (١) حتى أحكم العمل وفرغ البناء لم يبق لمتكلم فيه كلام (٢). وكان البناء الذي هو في صدر المسجد إلى غربيه من السور الذي عند مهد عيسى إلى المكان المعروف الآن بجامع المغاربة (٣) ، فكتب رجاء ويزيد إلى عبد الملك بدمشق : قد أتم الله بما أمر به أمير المؤمنين من بناء صخرة بيت المقدس والمسجد الأقصى ، ولم يبق لمتكلم فيه كلام وقد بقي مما أمر به أمير المؤمنين من النفقة عليه ـ بعد أن فرغ البناء وأحكم ـ مائة ألف دينار ، فيصرفها أمير المؤمنين فيما أحب (٤).

فكتب إليهما أمير المؤمنين : قد أمرت بها لكما جائزة لما وليتما من عمارة البيت المقدس (٥) الشريف المبارك.

فكتبا إليه نحن أولى أن نزيد (٦) من حلي نسائنا فضلا عن أموالنا فاصرفها في أحب الأشياء إليك. فكتب إليهما بأن تسبك وتفرغ على القبة ، فسكبت وأفرغت عليها ، فما كان أحد يقدر أن يتأملها مما عليها من الذهب ، وهيأ لها جلالا (٧) من لبود وأدم (٨) ، توضع من فوقها ، فإذا كان الشتاء ألبستها لتكنها من الأمطار والرياح والثلوج (٩).

ثم بعد انتقال الخلافة إلى المنتقم لله الوليد بن عبد الملك انهدم شرقي المسجد ، ولم يكن في بيت المال حاصل ، فأمر بضرب ذلك وإنفاقه على ما انهدم منه. وكانت الولاية للوليد (١٠) في شوال سنة ٨٦ ه‍ (١١) / / ومات في جمادى

__________________

(١) وأخذوا في البناء والعمارة أ ج ه : + عند القبة من شرقي المسجد إلى غربية حتى أكملوا العمل ب : ـ د.

(٢) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٢.

(٣) المسجد الموجود بحارة المغاربة غربي الحرم القدسي ، ينظر : العليمي ٢١ ؛ السيوطي ، إتحاف ٢ / ٢٣٠.

(٤) فيما أحب ب ج ه : في أحب أ : ـ د.

(٥) المقدس أ ه : ـ ب ج د.

(٦) نزيد أ ج ه : نزيده ب : ـ د.

(٧) الجلال : هو الغطاء ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٢.

(٨) الأدم : هو الجلد ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٢.

(٩) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٢.

(١٠) الولاية للوليد أ : ولاية الوليد ب ج ه : ـ د.

(١١) ٨٦ ه‍ / ٧٠٥ م.

٤٠٢

الآخرة سنة ٩٦ من الهجرة (١).

وكان رجاء بن حيوة (٢) ويزيد بن سلام قد حفا الصخرة بدرابزين ساسم (٣) ومن خلف الدرابزين ستور الديباج مرخاة بين العمد ، وكان كل يوم اثنين وخميس يأمران بالزعفران فيدق ويطحن ثم يعمل من الليل (٤) بالمسك والعنبر والماورد الجوري (٥) ويخمر من الليل ، ثم يؤمر الخدم بالغداة فيدخلون حمام سليمان ويغتسلون ويتطهرون ، ثم يأتون (٦) إلى الخزانة ، التي فيها الخلوق ، ويأتون فيلقون أثوابهم عنهم ، ثم يخرجون أثوابا جددا من الخزانة مروية (٧) وهروية (٨) وشيئا يقال العصب ومناطق محلاة يشدون بها أوساطهم ، ثم يأخذون الخلوق ويأتون به إلى الصخرة فيلطخون ما قدروا أن تناله أيديهم حتى يعمروه كله وما لم (٩) تناله أيديهم غسلوا أقدامهم ، ثم يصعدون على الصخرة حتى يلطخوا ما بقي منها وتفرغ آنية الخلوق ، ثم يأتون بمجامر الذهب والفضة والعود القماري والندّ مطهرا (١٠) بالمسك والعنبر ، فترخى الستور حول الأعمدة كلها ، ثم يأخذون البخور ويدورون حولها حتى يحول البخور بينهم وبين القبة من كثرته ، ثم تشمر الستور فيخرج البخور ويفوح من كثرته حتى يبلغ إلى رأس السوق ، فيشم الريح من يمر من هناك وينقطع البخور من عندهم ، ثم ينادي (١١) مناد في صف البزازين وغيرهم : الآن (١٢) فتحت الصخرة للناس فمن أراد الصلاة فيها فليأت. فيقبل الناس مبادرين إلى الصلاة في الصخرة ، فأكثر الناس من يدرك أن يصلي ركعتين وأقلهم أربعا فمن شم (١٣) رائحته

__________________

(١) ٩٦ ه‍ / ٧١٤ م.

(٢) ابن حيوة أ ج ه : ابن حياة ب : ـ د.

(٣) ساسم : نوع من الخشب الجيد ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ٢٤٢.

(٤) من الليل أ ج ه : بالليل ب : ـ د.

(٥) الماورد الجوري : عطر مقطر من الورد الأصيل ، وجوري أعجمية معربة أصلها من كلمة (حل) لمعنى الورد ، بمعنى : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٣.

(٦) يأتون أ : ـ ب ج د ه.

(٧) مروية وهروية (لغة للنسبة) : مرويا وهرويا أ ب ج ه : ـ د.

(٨) مروية أو هروية وشيئا من القصب : أنواع مختلفة لمنسوجات من الحرير الخالص أو الحرير المخلوط بالقطن أو الكتان أو القنب ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٣.

(٩) وما لم أ ج ه : وما لا ب : ـ د.

(١٠) مطهرا أ ج ه : مطري ب : ـ د.

(١١) ينادي أ ج ه : يناد ب : ـ د.

(١٢) الآن أ ج ه : ألا إن ب : ـ د / / فتحت الصخرة أ ج ه : الصخرة قد فتحت ب : ـ د.

(١٣) شم أ ب ج : شموا ه : ـ د / / قالوا أ ج ه : قال ب : ـ د.

٤٠٣

قالوا : هذا ممن دخل الصخرة ، ويغسل (١) آثار أقدامهم بالماء ، ويمسح بالآس الأخضر ، وتنشف بالمناديل ، وتغلق الأبواب ، وعلى كل باب عشرة من الحجبة ، ولا يدخل (٢) إلا يوم الاثنين والخميس ، ولا يدخلها في غيرهما إلا الخدم (٣)(٤).

وعن أبي بكر بن الحارث ، رضي‌الله‌عنه ، قال : كنت أسرجها في خلافة عبد الملك كلها باللبان المديني والزئبق الرصاصي قال : وكانت الحجبة يقولون له : يا أبا بكر مر لنا بالقنديل (٥) ندهن به ونتطيب به فكان يجبهم إلى ذلك ، وكان يفعل بها ذلك في أيام خلافة عبد الملك بن مروان كلها (٦).

قال الوليد : وحدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن ثابت قال : حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : كان في السلسلة (٧) التي في وسط القبة على الصخرة درة يتيمة (٨) وقرنا كبش إبراهيم وتاج كسرى معلقات في أيام عبد الملك بن مروان ، فلما صارت الخلافة إلى بني هاشم حولوها إلى الكعبة ، حرسها الله تعالى (٩).

وكان الفراغ من عمارة قبة الصخرة والمسجد الأقصى في سنة ٧٣ (١٠) من الهجرة (١١)(١٢) وهي السنة التي قتل فيها عبد الله بن الزبير ، وكان من خبره : أن عبد الملك بن مروان لما صفا له الوقت وثبت أمره في الخلافة بعث الحجاج بن يوسف الثقفي إلى حرب عبد الله بن الزبير بمكة ، فأتى الحجاج الطائف فأقام (١٣) بها شهرا ، ثم زحف إلى مكة وحاصر ابن الزبير في هلال ذي القعدة سنة ٧٢ ، ودام الحصار حتى غلت الأسعار ، وأصاب الناس مجاعة ، وزاد الحجاج في الحصار والقتال ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، فلما رمى به أرعدت السماء وأبرقت ، وجاءت

__________________

(١) ويغسل أ ج ه : ثم يغسل ب : ـ د / / ويمسح أ ج ه : وتمسح ب : ـ د.

(٢) ولا يدخل أ : ولا تفتح ب : ولا تدخل ج ه : ـ د.

(٣) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٣.

(٤) الخدم ب : الخادم أ : الخدام ج ه : ـ د.

(٥) بالقنديل أ : بقنديل ب ج ه : ـ د.

(٦) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٥.

(٧) في السلسلة ب ج ه : ـ أ د.

(٨) يتيمة أ ج : ثمينة ب : ـ د ه.

(٩) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٤.

(١٠) سنة ٧٣ أ : سنة ثلاث وسبعين ب ج : سنة ٩٣ ه‍ : ـ د.

(١١) ٧٣ ه‍ / ٦٩٢ م.

(١٢) الهجرة أ : + الشريفة ب ج ه : ـ د.

(١٣) فأقام أ ب ج : وأقام ه : ـ د / / وحاصر أ : فحاصر ب ج ه : ـ د.

٤٠٤

صاعقة تتبعها أخرى ، فقتلت من أصحاب الحجاج اثني عشر رجلا (١).

واشتد القتال وخرج ابن الزبير فقاتل قتالا شديدا ، وتكاثرت (٢) أهل الشام ألوفا من كل باب (٣) فشدخوه بالحجارة فانصرع ، فأكب عليه موليان له فقتلوا جميعا وتفرق (٤) أصحابه ، وأمر به الحجاج فصلب. وكان ذلك يوم الثلاثاء (٥) لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ٧٣ من الهجرة (٦) بعد قتال سبعة أشهر.

وكان له من العمر حين قتل نحو ٧٣ سنة ، وهو أول من ولد من المهاجرين (٧) بعد الهجرة ، وبويع له سنة أربع وستين (٨) ، وكان سلطانه بالحجاز والعراق وخراسان وأعمال الشرق ، وكان كثير العبادة ، مكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره ، وكانت خلافته ٩ سنين ، وكان ، رضي‌الله‌عنه ، جمة مفروقة طويلة.

ولما صلب علق الحجاج إلى جانبه كلبا ميتا ومنع والدته من دفنه ، وكان لها من العمر مائة سنة ، وهي أسماء / / بنت أبي بكر الصديق ، رضي‌الله‌عنهما ، وكانت تدعى بذات النطاقين ، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بصلبه فكتب إليه يلومه ويقول : هلا خليت بينه وبين أمه. فأذن لها فدفنته. وماتت بعده بقليل.

وبعث الحجاج إلى عبد الملك يعلمه بما زاده ابن الزبير في الكعبة ، فأمر عبد الملك بهدمه ورده إلى ما كان عليه في حياة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأن يجعل له بابا واحدا ففعل الحجاج ذلك. وهو البناء الموجود في عصرنا.

وقد تقدم ذكر ما وقع من البناء والهدم في الكعبة وخلاصة الأمر : أن سيدنا إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام (٩) ، بنى الكعبة وهي بيت الله الحرام ـ كما تقدم عند ذكره ـ بعد مضي مائة سنة من عمره واستمر بناؤه نحو ألفي سنة وسبعمائة وخمس وسبعين سنة إلى أن هدمته قريش في سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبنوه ـ كما تقدم ـ وهو البناء الثاني واستمر نحو اثنتين (١٠) وثمانين سنة. ثم هدمه

__________________

(١) ينظر : السيوطي ، تاريخ ٢٥٣.

(٢) وتكاثرت ب ج ه : وتكاثر أ : ـ د.

(٣) من كل باب أ ج ه : من كل جانب ب : ـ د.

(٤) وتفرق أ ب ج : فتفرق ه : ـ د.

(٥) ينظر : السيوطي ، تاريخ ٢٥٣.

(٦) من الهجرة أ ج ه : + الشريفة ب : ـ د.

(٧) من المهاجرين أ ج ه : للمهاجرين ب : ـ د.

(٨) ينظر : ابن حبان ، تاريخ ١٥٠.

(٩) عليه‌السلام أ ه : عليه الصلاة والسلام ب ج : ـ د.

(١٠) اثنتين ب ج : اثنين أ ه : ـ د.

٤٠٥

الحصين وأحرقه في أيام يزيد بن معاوية ـ كما تقدم ـ وذلك ف سنة ٦٤ من الهجرة (١). ثم بناه عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم (٢) وهو البناء الثالث واستمر نحو تسع سنين ، ثم هدمه الحجاج وقتل ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين (٣) من الهجرة ، ثم بناه الحجاج وأخرج الحجر من البيت وجعله على ما كان عليه في حياة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو البناء الرابع ، وكان في سنة أربع وسبعين (٤) من الهجرة ، واستمر على ما هو عليه إلى هذا التاريخ وهو آخر سنة تسعمائة (٥). وكانت الكعبة تكسى القباطي ثم كسيت البرود وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف.

وأما ذرع جدر (٦) الكعبة الشريفة : فطول جدارها الشرقي من أعلى الشاخص إلى أرض المطاف ثلاثة وعشرون ذراعا وثمن ذراع (٧) بذراع الحديد ، وكذلك جدرانها الثلاثة (٨) سوى الشامي فإنه ينقص عن الشرقي ربع ذراع ، والجدار الغربي ينقص عن الشرقي ثمن ذراع ، والجدار اليماني كالشرقي سواء بسواء. ذكر ذلك الفارسي في تاريخه المختصر ، وذكر هو وغيره من المؤرخين عرض البيت الشريف من كل جهة وحرروا ذلك ، وليس هذا محل ذكره خشية الإطالة.

وأما أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته ، فأول من وسعه عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه ، بدور اشتراها ودور هدمها على من أبي البيع ، وترك ثمنها لأربابها في خزانة الكعبة وذلك في سنة سبع عشرة (٩)(١٠) من الهجرة ، وكذلك فعل عثمان في سنة ٢٦ من الهجرة (١١) ، ثم وسع عبد الله بن الزبير من جانبه الشرقي والشامي واليماني ، ثم وسع المنصور العباسي (١٢) من جانبه (١٣) الشامي ومن

__________________

(١) ٦٤ ه‍ / ٦٨٣ م.

(٢) ينظر : الطبري ، تاريخ ٥ / ٦٢٢.

(٣) ٧٣ ه‍ / ٦٩٢ م.

(٤) ٧٤ ه‍ / ٦٩٣ م.

(٥) ٩٠ ه‍ / ١٤٩٤ م.

(٦) جدر أ ه : جدران ب : جدار ج : ـ د.

(٧) وثمن ذراع أ ج ه : وثلث ذراع ب : ـ د.

(٨) الثلاثة أ ج ه : الثلاث ب : ـ د.

(٩) ١٧ ه‍ / ٦٣٧ م.

(١٠) سبع عشرة أ ج ه : خمس عشرة ب : ـ د.

(١١) ٢٦ ه‍ / ٦٤٦ م.

(١٢) الخليفة العباسي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عباس : أبو جعفر المنصور ، ولد بالحميمة من أرض الشام ، ومات بمكة سنة ١٥٨ ه‍ / ٧٧٤ م ، وهو ابن ٦٤ عاما ، ينظر : ابن خياط ، تاريخ ٤٥٨.

(١٣) من جانبه أ ج ه : ـ ب د / / مثل ذلك أ ج ه : مثل ما كان ب : ـ د.

٤٠٦

الجانب الغربي ، وكان ما زاده مثل ذلك من قبل ، وابتدأ في العمل في المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة (١) ، وفرغ في ذي الحجة سنة أربعين ومائة (٢) ، ثم إن الخليفة المهدي (٣) ـ هو أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور العباسي ـ حج سنة ستين ومائة (٤) ، وجرد الكعبة وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من أعلاها إلى أسفلها ، ووسع المسجد من جانبيه اليماني والغربي حتى صار على ما هو عليه الآن (٥) خلا الزيادتين فإنهما أحدثا بعده. وكانت الكعبة الشريفة في جانب المسجد ، ولم تكن متوسطة ، فهدم حيطان المسجد ، واشترى الدور والمنازل (٦) ، وأحضر المهندسين وصير الكعبة في الوسط. وكانت توسعته في نوبتين الأولى في سنة ٦١ ومائة (٧) ، والثانية سنة ١٦٧ (٨) وهي السنة التي عمر فيها مسجد النبي (٩) ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وليس لأحد من الأمراء في عمارة المسجد الحرام من النفقة مثل ما للمهدي ، رحمه الله.

وممن عمره من غير توسعة : عبد الملك بن مروان رفع جدرانه وسقفه بالساج. وعمره ابنه الوليد وسقفه بالساج المزخرف وزاده (١٠) من داخله بالرخام. وزيد فيه بعد المهدي زيادة دارة الندوة بالجانب الشامي والزيادة (١١) المعروفة بزيادة باب إبراهيم بالجانب الغربي.

وكان إنشاء زيادة دار الندوة في زمن المعتضد العباسي (١٢) ، وابتداء الكتابة إليه فيها في سنة إحدى وثمانين ومائتين ، / / وكان عمل الزيادة التي بباب إبراهيم في سنة ٣٧٦ ه‍ (١٣). ووقع في المسجد الحرام بعد ذلك عمارات كثيرة.

__________________

(١) ١٣٧ ه‍ / ٧٥٤ م.

(٢) ١٤٠ ه‍ / ٧٥٧ م.

(٣) الخليفة العباسي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، بويع بالخلافة بعد أبيه المنصور ، مات سنة ١٦٩ ه‍ / ٧٨٥ م ، ينظر : ابن خياط ، تاريخ ٤٥٨ ـ ٤٧١.

(٤) ١٦٠ ه‍ / ٧٧٦ م.

(٥) عليه الآن أ ه : عليه اليوم ب ج : ـ د.

(٦) ينظر : السيوطي ، تاريخ ٣٣٠.

(٧) ١٦١ ه‍ / ٧٧٧ م.

(٨) ١٦١ ه‍ / ٧٨٣

(٩) مسجد النبي ب ه : ـ أ ج د.

(١٠) وزاده أ : وأزره ب ه : وأفرزه ج : ـ د.

(١١) والزيادة أ ج ه ك والزيادات ب : ـ د.

(١٢) المعتضد : الخليفة العباسي أحمد ، أبو العباس ، بويع له بالخلافة سنة ٢٧٩ ه‍ / ٨٩٢ م ، وتوفي سنة ٢٨٩ ه‍ / ٩٠١ م ، ينظر : الطبري ، تاريخ ١٠ / ٣٠ ؛ ابن حبان ، السيرة ٥٧٩ ؛ السيوطي ، تاريخ ٤٣٠.

(١٣) ٣٧٦ ه‍ / ٩٨٦ م.

٤٠٧

وأما ذرع المسجد الحرام غير الزيادتين : فذكره بعض المؤرخين باعتبار ذراع اليد ، وحرره بعصهم بذراع العمل الحديد ، فكان طوله من جداره الغربي إلى جداره الشرقي المقابل له ثلاثمائة ذراع وستة وخمسين ذراعا ، وثمن ذرع بالذراع الحديد ، فيكون ذلك بذراع اليد أربعمائة وسبعة أذرع وذلك من وسط جداره الغربي الذي هو جدار رباط الجوزي إلى وسط جداره الشرقي عند باب الجنائز ، ثم يمر به في الحجر ملاصقا لجدار الكعبة الشامي ، وكان عرضه من جداره الشامي إلى جداره اليماني مائتي ذراع وستا وستين ذراعا بذراع الحديد ، فيكون بذراع اليد ثلاثمائة ذراع وأربعة أذرع ، وذلك من وسط جداره القديم عند العقود إلى وسط جداره اليماني الذي فيما بين باب الصفا وباب أجياد يمر به في ما بين مقام إبراهيم والكعبة وهو إلى المقام أقرب.

وأما ذرع زيادة دار الندوة فهو أربعة وسبعون ذراعا إلا ربع ذراع بالحديد وذلك من جدار المسجد الحرام الكبير إلى الجدار المقابل له الشامي منها وعنده باب منارتها (١) ، هذا ذرعها طولا وأما عرضا : فسبعون ذراعا ونصف ذراع وذلك من وسط جدارها الشرقي إلى وسط جدارها الغربي.

وأما زيادة باب إبراهيم : فذرعها طولا تسعة وخمسون ذراعا إلا سدس ذراع وذلك من الأساطين التي هي في موازاة جدار (٢) المسجد الكبير إلى العتبة التي هي في باب هذه الزيادة. وأما ذرعها عرضا فاثنتان وخمسون ذراعا وربع ذراع وذلك من صدر رباط الجوزي (٣) إلى جدار رباط رامشت.

وأما عدد أبواب المسجد الحرام : فتسعة عشر بابا تفتح على ثمان وثلاثين طاقة ، فمنها من الجانب الشرقي باب بني شيبة بثلاث طاقات ، وباب السلام ، وباب الجنائز طاقتان ، وباب العباس ثلاث طاقات ، وباب علي ثلاث طاقات.

وفي الجانب اليماني : باب بازان ، وباب البغلة ، وباب الصفا ، وباب أجياد الصغير ، وباب المجاهدين ، وباب مدرسة الشريف عجلان ، وباب أم هاني. وكل من أبواب هذا الجانب طاقتان إلا باب الصفا فخمسة.

وفي الجانب الغربي : باب غرورة وهو تصحيف لأنها الحرورة وهو طاقتان ، وباب إبراهيم نسبة لإبراهيم الخياط ، كان عندهم ، وبعضهم ينسبه لإبراهيم الخليل ،

__________________

(١) منارتها أ ج ه : مناوتها ب : ـ د.

(٢) جدار أ ج ه : جدار ب : ـ د.

(٣) صدر رباط الجوزي ج ه : جدار حائط رباط الجوزي أ : صدر باب الجوزي ب : ـ د.

٤٠٨

عليه الصلاة والسلام ، وهو بعيد ، وهو طاقة واحدة ، وباب العمرة طاقة واحدة.

وفي الجانب الشامي (١) : باب السدة ، وباب دار العجلة ، وباب الزيادة واحدة ، وباب السكينة ، وكل منها طاقتان إلا باب الزيادة فهو طاقة وعدة (٢) منائره خمس منارات. وزيدت منارة سادسة لمدرسة السلطان الملك الأشرف قايتباي ، نصره الله تعالى.

ومما وقع في الكعبة الشريفة في شهور (٣) سنة ٣١٧ ه‍ (٤) في أيام المهدي (٥) بالله عبيد الله أول خلفاء الفاطميين ، وكان خليفة بغداد في ذلك العصر المقتدر بالله أبو الفضل جعفر العباسي (٦) ، أن أبا طاهر سليمان القرمطي (٧) صاحب البحرين قصد مكة ، ودخلها يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة ، فانتهب (٨) أموال الحجاج ، وقتل الناس في رحاب مكة ، وشعابها حتى في المسجد وفي جوف الكعبة ، ودفن القتلى ببئر (٩) زمزم وفي المسجد الحرام ، وأمر بقلع باب (١٠) الكعبة ونزع كسوتها عنها ، وشققها بين أصحابه ، وهدم قبة زمزم ، وأمر بقلع الحجر الأسود (١١) وأخذه إلى هجر (١٢) واستمر ببلادهم اثنتين وعشرين سنة ولم يردوه إلى سنة ٣٣٩ ه‍ (١٣).

__________________

(١) الشامي أ ه / / الشمالي ب : ـ ج د.

(٢) وعدة منائره أ ه : وعدة ما فيه من المنائر ب : ـ ج د.

(٣) في شهور أ ه : ـ ب ج د.

(٤) ٣١٧ ه‍ / ٩٢٩ م.

(٥) عبيد الله المهدي الفاطمي العلوي ، من ولد جعفر الصادق ، وهو مؤسس دولة العلويين في المغرب وجد العبيديين الفاطميين ، أصحاب مصر توفي سنة ٣٢٢ ه‍ / ٩٣٤ م ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ٩٠ ؛ ابن خلدون ٤ / ١١ ؛ المقريزي ، اتعاظ ١٧.

(٦) المقتدر : الخليفة العباسي جعفر بن المعتضد ، تولى الخلافة وعمره ثلاث عشرة سنة قتل سنة ٣٢٠ ه‍ / ٩٣٢ م ، ينظر : السيوطي ، تاريخ ٤٤٠ ـ ٤٤٨.

(٧) سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري ، أبو طاهر القرمطي ، ملك البحرين وزعيم القرامطة ، خارجي ، طاغية جبار نسبته إلى جنابة (من بلاد فارس ، مات سنة ٣٣٢ ه‍ / ٩٤٤ م) ، ينظر : السيوطي ، تاريخ ٤٣٣ ؛ الجابي ٣١٤.

(٨) فانتهب أ : نهب ب : فنهب ه : ـ ج د.

(٩) ببئر أ ج ه : في بئر ب : ـ د.

(١٠) باب أ ج ه : ـ ب د.

(١١) ينظر : السيوطي ، تاريخ ٤٤٥.

(١٢) هجر : مدينة قاعدة البحرين ، قصبتها الصفا وبينها وبين اليمامة عشرة أيام ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٩٩ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١٤٥٣ ؛ الحميري ٥٩٢.

(١٣) ٣٣٩ ه‍ / ٩٥٠ م.

٤٠٩

ولما صنف الإمام أبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي الحنبلي (١) المختصر (٢) في فقه مذهب الإمام أحمد ، قال في كتاب الحج ـ في باب ذكر الحج ودخول مكة : وإذا دخل المسجد الحرام فالاستحباب (٣) أن يدخل من باب بني شيبة فإذا رأى البيت رفع يديه وكبر الله تعالى ، ثم أتى الحجر الأسود إن كان ، وإنما قال / / ذلك لأن تصنيفه الكتاب كان حال كون الحجر الأسود بأيدي القرامطة (٤) حين أخذوه من مكانه ، ولم يردوه إلا بعد وفاة أبي القاسم الخرقي في التاريخ ، المتقدم ذكره ، فإن أبا القاسم ، رحمه الله ، توفي بدمشق المحروسة في سنة ٣٣٤ ه‍ قبل إعادة الحجر إلى مكانه بخمسين سنة

ذكر صفة المسجد الأقصى وما كان في زمن عبد الملك وبعده

روى الحافظ بهاء الدين بن عساكر (٥) : أنه كان فيه في ذلك الوقت من الخشب المسقف سوى أعمدة خشب ستة آلاف خشبة ، وفيه من الأبواب خمسون بابا.

قال القرطبي منها : باب داود ، وباب سليمان ، وباب حطة ، وباب محمد ، عليه الصلاة والسلام ، وباب التوبة الذي تاب الله ، عز وجل ، على داود فيه ، وباب الرحمة ، وأبواب الأسباط ستة أبواب ، وباب الوليد ، وباب الهاشمي ، وباب الخضر ، وباب السكينة ـ وكان فيه من العمد ستمائة عمود رخام (٦) ـ وفيه من المحاريب سبعة ، ومن السلاسل للقناديل أربعمائة سلسلة إلا خمسة عشر منها مائتا سلسلة وثلاثون سلسلة في المسجد الأقصى (٧) والباقي في قبة الصخرة الشريفة ، وذرع السلاسل أربعة آلاف ذراع ، ووزنها ثلاثة وأربعون (٨) رطلا بالشامي ، وفيه من القناديل خمسة آلاف قنديل ، وكان يسرج مع القناديل ألفا شمعة في ليلة الجمعة

__________________

(١) أبو القاسم عمرو بن الحسين بن عبد الله الخرقي الحنبلي فقيه حنبلي توفي سنة ٣٣٤ ه‍ / ٩٤٥ م. ينظر : الشيرازي ٧٣ ؛ اليافعي ٢ / ٣١٦.

(٢) المختصر أ ه : الخلاصة ب : ـ ج د / / أحمد أ : + رضي‌الله‌عنه ب ه : ـ ج د.

(٣) فالاستحباب أ ه : فالمستحب ب : ـ ج د.

(٤) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٥.

(٥) بهاء الدين ، أبو محمد القاسم ابن الحافظ الأكبر أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر ، صنف عدة مصنفات ، وبيض تاريخ دمشق بخطه في ثمانين مجلدا ، توفي سنة ٦٠٠ ه‍ / ١٢٠٣ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ٤٧ ؛ ابن خلكان ٣ / ٣١١.

(٦) عمود رخام أ ه : عمود من رخام ب : ـ ج د.

(٧) الأقصى ب ه : ـ أ ج د.

(٨) ثلاثة وأربعون أ ه : + ألف ب : ـ ج د.

٤١٠

وليلة (١) النصف من رجب وشعبان ورمضان وفي ليلتي العيدين وفيه من القباب خمس عشرة (٢) قبة سوى قبة الصخرة ، وعلى سطح المسجد من شقف الرصاص سبعة آلاف شقفة وسبعمائة ، ووزن الشقفة سبعون رطلا بالشامي غير الذي على قبة الصخرة.

وكل ذلك عمل في أيام عبد الملك بن مروان ورتب له من الخدام (٣) القوام ثلثمائة خادم ، اشتريت له من خمس بيت المال ، كلما مات منهم ميت (٤) قام مكانه ولده أو ولد ولده أو من أهلهم يجري عليهم ذلك أبدا ما تناسلوا ، وفيه من الصهاريج أربعة وعشرون صهريجا كبارا ، وفيه من المنابر أربعة : ثلاثة منها صف واحد غربي المسجد وواحد (٥) على باب الأسباط.

وكان له من الخدام (٦) اليهود الذين لا يؤخذ منهم جزية عشرة رجال ، وتوالدوا فصاروا عشرين ، لكنس أوساخ (٧) الناس في الموسم والشتاء والصيف ، ولكنس المطاهر التي حول الجامع.

وله من الخدم النصارى عشرة أهل بيت يتوارثون خدمته لعمل الحصير ولكنس حصر المسجد ، وكنس القناة التي يجري فيها (٨) الماء إلى الصهاريج ، وكنس الصهاريج أيضا ، وغير ذلك.

وله من الخدام (٩) اليهود جماعة يعملون الزجاج والقناديل والأقداح والثريات وغير ذلك ، لا يؤخذ منهم جزية ولا من الذين يقومون بالقش لفتائل القناديل جاريا عليهم وعلى أولادهم أبدا ما تناسلوا من عهد عبد الملك بن مروان وهلم جرا (١٠).

وتوفي عبد الملك بن مروان بدمشق في يوم الخميس لخمس عشرة (١١) ليلة

__________________

(١) وليلة أ : وفي ليلة ب ج : ـ د ه.

(٢) خمس عشرة : خمسة عشر أ ب ه : ـ ج د.

(٣) الخدام أ ج ه : الخدم ب : ـ د.

(٤) ميت أ ج ه : واحد ب : ـ د.

(٥) وواحد أ ج ه : واحد ب : ـ د.

(٦) الخدام أ ج ه : الخدم ب : ـ د.

(٧) أوساخ الناس في الموسم أ : أوساخ المسجد الناشىء في المواسم ب : أوساخ الناس في المواسم ج ه : ـ د.

(٨) يجري فيها أ ج ه : يجري فيه ب : ـ د.

(٩) الخدام أ ج ه : الخدم ب : ـ د.

(١٠) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٥.

(١١) عشرة ب ج ه : عشر أ : ـ د.

٤١١

مضت من شهر شوال سنة ٨٦ من الهجرة الشريفة (١) ، وعمره ستون سنة ، وكانت خلافته منذ قتل ابن الزبير واجتماع الناس (٢) له ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر تنقص سبع ليال ، وكان بالشام وما والاها قبل قتل ابن الزبير بسبع سنين ونحو تسعة أشهر.

ومات الحجاج في شهر رمضان ، وقيل : شوال سنة ٩٥ للهجرة (٣) ، وله ثلاث وخمسون سنة ، وكان موته بواسط (٤) وهو الذي بناها ، وأخفي قبره ، وأجري عليه الماء.

ومات رجاء بن حيوة (٥) الذي تولى بناء الصخرة والمسجد الأقصى في سنة اثنتي عشرة ومائة (٦) وكان رأسه أحمر ولحيته بيضاء (٧).

ولما ولي سليمان بن عبد الملك الأموي الخلافة بعد أخيه الوليد في سنة ست وتسعين من الهجرة (٨) ، أتى بيت المقدس ، وأتته الوفود بالبيعة ، فلم ير وفادة كانت أهنأ من الوفادة إليه. فكان يجلس في قبة في صحن مسجد بيت المقدس مما يلي الصخرة ، ولعلها القبة المعروفة بقبة سليمان عند باب الدويدارية ، ويبسط البسط بين يدي قبته عليها النمارق والكراسي ، فيجلس (٩) الناس على الكراسي والوسائد وإلى جانبه الأموال وكتاب الدواوين ، وقد هم بالإقامة ببيت المقدس واتخذها منزلا ، وجمع الأموال والناس بها.

وكان رحمة الله يعظم العلماء ، قال ابن سيرين (١٠) ، رحمه الله : يرحم الله سليمان بن عبد الملك ، افتتح خلافته بخير ، فصلى الصلاة (١١) لمواقيتها ،

__________________

(١) ٨٦ ه‍ / ٥٧٠ م.

(٢) واجتماع الناس ... وما والاها أ ب : ـ ج د ه.

(٣) ٩٥ ه‍ / ٧١٣ م.

(٤) واسط : سميت بذلك لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة واختطها الحجاج بن يوسف سنة ٨٤ ه‍ / ٧٠٣ م ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٣٠٧ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١٤١٩ ؛ الحميري ٥٩٩.

(٥) حيوة أ : حياة ب ج ه : ـ د.

(٦) ١١٢ ه‍ / ٧٣٠ م.

(٧) بيضاء أ ج ه : حمراء ب : ـ د.

(٨) ٩٦ ه‍ / ٧١٤ م.

(٩) فيجلس الناس على الكراسي والوسائد أ ه : فيجلس ويأذن للناس فيجلسون على الكراسي والوسائد ب ج : ـ د.

(١٠) ابن سيرين : أبو بكر محمد بن سيرين البصري ، وكان صاحبه الحسن البصري ، وكانت له اليد الطولى في تعبير الرؤيا ، توفي سنة ١١٠ ه‍ / ٧٢٨ م ، ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٢٥١ ؛ الشيرازي ٩٢ ؛ ابن خلكان ٤ / ١٨١ ـ ١٨٣.

(١١) الصلاة أ ه : الصلوات ب ج : ـ د.

٤١٢

/ / وختمها بخير ، فاستخلف عمر بن عبد العزيز (١) وكان يلقب بالمهدي بالله الداعي إلى الله ، توفي سنة ٩٩ (٢) من الهجرة وله خمس وأربعون سنة ، رحمه الله (٣).

وعن عطاء (٤) عن أبيه عن جده (٥) قال : كانت اليهود تسرج بيت المقدس ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز أخرجهم (٦) وجعل فيه من الخمس ، فأتاه رجل من أهل الخمس ، وقال له : أعتقني ، فقال : كيف أعتقك ولو ذهبت أنظر ما كان لي شعرة من شعر جسدك (٧).

وكانت ولاية عمر بن عبد العزيز في صفر سنة ٩٩ من الهجرة (٨) الشريفة (٩) ، وكان يلقب بالمعصوم بالله وخلافته سنتان وخمسة شهور ، وتوفي بدير سمعان من أعمال حمص يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة ١٠١ ه‍ (١٠) ، رضي‌الله‌عنه.

وروي عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن ثابت عن أبيه عن جده : أن الأبواب كلها كانت ملبسة بصفائح الذهب والفضة في خلافة عبد الملك بن مروان فلما قدم أبو جعفر المنصور العباسي ـ وكان شرقي المسجد وغربيه وقد وقعا ـ فقيل له : يا أمير المؤمنين ، قد وقع شرقي المسجد وغربيه من الرجفة في سنة ١٣٠ ه‍ (١١) ولو أمرت ببناء هذا المسجد وعمارته ، فقال : ما عندي شيء من المال ثم أمر بقلع الصفائح الذهب والفضة التي كانت على أبوابه (١٢) فقلعت وضربت دنانير ودراهم وأنفقت عليه حتى فرغ.

__________________

(١) ٩٦ ه‍ / ٧١٤ م.

(٢) ينظر هذا القول : السيوطي ، تاريخ ٢٦٩.

(٣) رحمه الله ب : ـ أ ج د ه.

(٤) عطاء بن أبي رباح ، أبو محمد القرشي ، تابعي ، من أجلاء الفقهاء ، ولد في اليمن ، ونشأ بمكة ، فكان مفتي أهلها ومحدثهم ، توفي فيها سنة ١١٤ ه‍ / ٧٣٢ م ، ين ظر : ابن خلكان ٣ / ٢٦١ ؛ الذهبي ، سير ٥ / ٧٨ ؛ الزركلي ٤ / ٢٢٥.

(٥) عن جده أ : ـ ب ج د ه.

(٦) أخرجهم ب ج ه : ـ أ د.

(٧) ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٦ وفيه : «ما كان لي شعرة من شعر كلبك».

(٨) ٩٩ ه‍ / ٧١٧ م.

(٩) الشريفة أ : ـ ب ج د ه / / وخمسة ب ج ه : وخمس أ : ـ د / / شهور أ : أشهر ب ج ه : ـ د.

(١٠) ١٠١ ه‍ / ٧١٩ م.

(١١) الرجفة : كناية عن الزلزال الذي حدث سنة ١٣٠ ه‍ / ٧٤٧ م ، ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٦.

(١٢) على أبوابه أ ه : على الأبواب ب ج : ـ د.

٤١٣

وكانت خلافة المنصور في سنة ١٣٦ ه‍ (١) وهو ثاني خليفة (٢) من بني العباس وهو الذي بنى مدينة بغداد ، وكان الابتداء في بنائها في سنة ١٤٥ ه‍ (٣) ، وتوفي يوم السبت لست ليال خلت من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة (٤) ، وله ٦٥ سنة ، ودفن بمكة.

ثم كانت الرجفة الثانية (٥) فوقع البناء الذي كان أمر به أبو جعفر ، ثم قدم المهدي من بعده وهو خراب فرفع ذلك إليه فأمر ببنائه وقال : دق (٦) هذا المسجد وطال وخلا من الرجال أنقصوا من طوله وزيدوا في عرضه ، فتم البناء في خلافته (٧) ، وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور الملقب بالمهدي ، بويع بالخلافة لست خلت من ذي الحجة سنة ١٥٨ ه‍ (٨) بين الركن والمقام.

ولما قدم المهدي يريد بيت المقدس دخل مسجد دمشق ومعه أبو عبد الله الأشعري (٩) كاتبه فقال له : يا أبا عبد الله سبقتنا (١٠) بنو أمية بثلاث فقال : وما هي يا أمير المؤمنين؟ فقال : بهذا البيت ـ يعني المسجد ـ لا أعلم على ظهر الأرض مثله ونيل الموالي فإن لهم موالي ليس لنا مثلهم ، وبعمر بن عبد العزيز لا يكون فينا والله مثله أبدا. ثم أتى بيت المقدس ودخل الصخرة فقال : يا أبا عبد الله وهذه رابعه (١١).

وتوفي المهدي في يوم الخميس لثمان بقين من المحرم سنة ١٩٩ ه‍ (١٢) وله ثمان وأربعون سنة.

قال الحافظ ابن عساكر : وطول المسجد الأقصى سبعمائة ذراع وخمسة وخمسون ذراعا بذراع الملك وعرضه أربعمائة ذراع وخمسة وستون ذراعا بذراع

__________________

(١) ١٣٦ ه‍ / ٧٥٣ م.

(٢) خليفة أ : الخلفاء ب ج ه : ـ د.

(٣) ١٤٥ ه‍ / ٧٦٢ م.

(٤) وتوفي ... ومائة ب ج ه : ـ أ د.

(٥) ينظر : السيوطي ، إتحاف ٢ / ١٨١.

(٦) دق أ ج ه : ر ث ب د.

(٧) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٧.

(٨) ١٥٨ ه‍ / ٧٧٤ م.

(٩) أبو عبد الله الأشعري : روى عن خالد ومعاذ وأخذ عنه أبو صالح الأشعري وإسماعيل بن عبيد الله ، ينظر : المقدسي ، مثير ٣٥٦.

(١٠) سبقتنا أ ج ه : سبقنا ب : ـ د.

(١١) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٥٦.

(١٢) ١٩٩ ه‍ / ٧٨٥ م.

٤١٤

الملك. وكذا قال أبو المعالي المشرف.

قال صاحب (مثير الغرام) : أتيت إلى زيارة القدس والشام ولكن رأيت قديما بالحائط الشمالي فوق الباب الذي يلي باب الدويدارية من داخل السور بلاطة فيها طول المسجد وعرضه. وذلك مخالف لما ذكرناه فالذي فيها أن طوله سبعمائة ذراع وأربعة (١) وثمانون ذراعا وعرضه أربعمائة وخمسة وخمسون (٢) ذراعا. قال : ووصف فيها الذراع ، لكني لم أتحقق ذلك هل هو الذراع المذكور أم غيره لتشعث الكتابة ، قال : وقد ذرع بالحبال طوله وعرضه (٣) في وقتنا هذا ، فجاء قدر طوله من الجهة الشرقية ستمائة ذراع وثلاثة وثمانين ذراعا ومن الغربية ستمائة وخمسين ذراعا ، وجاء قدر عرضه أربعمائة وثمانية وثلاثين ذراعا خارجا عن عرض سوره (٤) انتهى.

وأما طوله وعرضه في عصرنا هذا ـ وهو أواخر سنة تسعمائة ـ فسأذكرهما مستوفيا فيما بعد عند ذكر صفة المسجد الأقصى وما هو عليه في عصرنا ، فأذكر طوله من جهة القبلة إلى جهة الشمال ، وعرضه من جهة المشرق (٥) إلى جهة الغرب وكذلك داخل الجامع الأقصى من عند المحراب للمنبر إلى باب الدخول له وعرضه وصحن الصخرة الشريفة وارتفاع القبة واستوفى ذكر ذلك طولا وعرضا بذراع العمل الذي تذرع به الأبنية في عصرنا ، وأحرر ذلك حسب الإمكان إن شاء الله تعالى.

ومما وجد في بيت المقدس على بعض الصخرات ما نقله أبو سليمان الخطابي (٦) في كتابه : «العزلة عن ذي النون» (٧) أنه قال :/ / وجدت صخرة ببيت المقدس عليها أسطر (٨) محيت فترجمتها فإذا عليها مكتوب : كل عاص مستوحش ،

__________________

(١) وأربعة «لغة» : وأربع أ ب ج ه : ـ د / / أربعمائة أ ج ه : أربعمائة ذراع ب : ـ د.

(٢) وخمسون أ ج ه : وستون ب : ـ د / / لكني لم ب ج ه : ـ د.

(٣) طوله وعرضه أ ج ه : عرضه وطوله ب : ـ د.

(٤) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٥ ـ ١٧٦.

(٥) جهة المشرق وإلى جهة المغرب أ : جهة الشرق والغرب ب ه : جهة الشرق إلى جهة الغرب ج : ـ د.

(٦) أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي ، أبو سليمان ، فقيه ، محدث من بلاد كابول ، له : معالم السنن ، وغريب الحديث ، مات سنة ٣٨٨ ه‍ / ٩٩٨ م. ينظر : السمعاني ١ / ٣٤٩ ؛ اليافعي ٣ / ٤٣٥ ؛ البغدادي ، هداية ٥ / ٥٩ ؛ الزركلي ٢ / ٢٧٣.

(٧) ينظر : البغدادي ، هداية ٥ / ٥٩.

(٨) أسطر أ ج ه : + مكتبته ب : ـ د / / محيث أ ج ه : فحيث ب : ـ د / / فترجمتها أ ج ه : ترجمها ب : ـ د.

٤١٥

وكل مطيع مستأنس ، وكل خائف هارب ، وكل راج طالب ، وكل قانع غني ، وكل محب ذليل (١).

وعن أبي بكر الطوطوشي (٢) رحمه الله قال : كنت ليلة قائما في الأقصى فلم يرعني إلا صوت كاد يصدع القلب وهو يقول شعر :

أخوف وأمن إن ذا لعجيب

ثكلتك من قلب فأنت كذوب

أما وجلال الله لو كنت صادقا

لما كان للإغماض فيك نصيب (٣)

فو الله لقد أبكى العيون وأشجى القلوب.

وقال سهل بن حاتم ـ وكان من العابدين ـ : حدثني أبو سعيد ـ رجل من الإسكندرية ـ قال : كنت أبيت في بيت المقدس ، وكان قل ما (٤) يخلو من المتهجدين قال : فقسمت ذات ليلة بعد ما مضى من الليل طويل فنظرت فلم أر (٥) في المسجد متهجدا ، وذكر أنه سمع قائلا ينشد شعرا :

أيا عجبا للناس لذت عيونهم

مطاعم غمض بعده الموت ينتصب

قال : فسقطت لوجهي (٦) وذهب عقلي ، فلما أفقت نظرت وإذا لم يبق متهجد إلا قام (٧).

وحكي (٨) أنه دخل بيت المقدس في زمن بني إسرائيل خمسمائة عذراء لباسهن الصوف يتذاكرن ثواب الله تعالى وعقابه فمتن جميعا من الخوف (٩).

وذكر (١٠) البيهقي (١١) عن ابن شهاب (١٢) أنه في صبيحة قتل الحسين بن علي ،

__________________

(١) ينظر : المقدسي ، مثير ١٨٤.

(٢) محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي ، أبو بكر الطرطوشي أديب ، ينظر : الذهبي ، سير ١٩ / ٤٩٠ ؛ الزركلي ٧ / ١٣٣.

(٣) ينظر : المقدسي ، مثير ١٨٨.

(٤) قل ما أ : قليلا ما ب ج ه : ـ د.

(٥) أ ر ب : أرى أ ج د ه.

(٦) لوجهي أ ج ه : على وجهي ب : ـ د.

(٧) ينظر : المقدسي ، مثير ١٨٨ ـ ١٨٩.

(٨) وحكي أنه أ ج ه : وقيل ب : ـ د.

(٩) ينظر : المقدسي ، مثير ١٨٧.

(١٠) وذكر أ ج ه : وروى ب : ـ د.

(١١) أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الخراساني الشافعي ، أبو بكر ، محدث ، فقيه ، ولد سنة ٣٤٨ ه‍ / ٩٩٤ م ، وتوفي سنة ٤٥٨ ه‍ / ١٠٦٦ م ، ينظر : كحالة ١ / ٢٠٦.

(١٢) «ابن شهاب الزهري».

٤١٦

رضي‌الله‌عنه (١) ، لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم (٢) ، وكذلك يوم قتل والده علي ، رضي‌الله‌عنه ، وكان قتل الحسين (٣) بكربلاء في زمن يزيد بن معاوية في يوم عاشوراء سنة ٦١ من الهجرة الشريفة (٤)(٥).

ذكر جماعة من أعيان التابعين والعلماء والزهاد

ممن دخل إلى (٦) بيت المقدس بعد الفتح العمري

وعمارة عبد الملك بن مروان

فمنهم من دخله زائرا ومنهم من دخله مستوطنا ، وذلك قبل استيلاء الفرنج عليه فمنهم جماعة لم أطلع على تاريخ وفاتهم ، وهم :

أويس بن عامر القرني (٧) من بني قرن صح عن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه أمر عمر أن يسأله أن يستغفر له. قيل : إنه اجتمع بعمر ، رضي‌الله‌عنه ، ببيت المقدس ، وقيل : إنما لقيه في الموسم فقال لعمر : قد حججت واعتمرت وصليت في مسجد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووددت لو أني صليت في المسجد الأقصى فجهزه عمر فأحسن (٨) جهازه. وأتى (٩) المسجد الأقصى فصلى فيه ، ثم أتى الكوفة وخرج غازيا راجلا إلى بغداد ، فأصابه البطن (١٠) والتجأ إلى أهل خيمة فمات عندهم ، ومعه جراب وقعب (١١)(١٢) فقالوا لرجلين منهم : اذهبا فاحفرا له قبرا ، قالوا : فنظرنا في جرابه فإذا فيه (١٣) ثوبين ليسا من ثياب أهل الدنيا ، وجاء الرجلان فقالا : أصبنا قبرا

__________________

(١) عنه أ : عنهما ب ج ه : ـ د.

(٢) ينظر : المقدسي ، مثير ١٨٢.

(٣) الحسين أ : + رضي‌الله‌عنه ب ج ه : ـ د / / في زمن يزيد بن معاوية أ ج ه : ـ ب د.

(٤) ٦١ ه‍ / ٦٨٠ م.

(٥) الشريفة أ ج ه : ـ ب د.

(٦) دخل إلى أ ج ه : دخلوا ب : ـ د.

(٧) ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٢٤٦ ؛ المقدسي ، مثير ٣٣١.

(٨) فأحسن أ ج ه : وأحسن ب : ـ د.

(٩) وأتى أ ج ه : فأتى ب : ـ د.

(١٠) البطن ، داء البطن ، ويقال : بطنه الداء ، وهو يبطنه إذا دخله ، ورجل مبطون يشتكي بطنه ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٣ / ٥٤.

(١١) القعب : القدح الضخم الغليظ الجافي ، وقيل : قدح من خشب مقعر ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١ / ٦٨٣.

(١٢) وقعب أ ج ه : وقضيب ب : ـ د.

(١٣) فإذا فيه ب ج ه : ـ أ د.

٤١٧

محفورا في صخرة كأنما رفعت عنه الأيدي الساعة فكفنوه ، ثم دفنوه (١) ، ثم التفتوا فلم يروا شيئا ويقال : فقد (٢) بصفين سنة ٣٧ من الهجرة الشريفة (٣) ، ويقال : مات بدمشق ودفن بها ، والله أعلم.

وعبيد (٤) عامل عمر ، رضي‌الله‌عنه ، على بيت المقدس لما وقع الطاعون في بيت المقدس كان عمر استعمله عليه ، فجعلت الجنائز تغسل وهو يصلي عليها ، وجعل لا يحمل الجنائز إلا الشباب.

وعمير بن سعد (٥) من عمال عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه ، على حمص.

ويعلى بن شداد (٦) أبي ثابت (٧) من الطبقة الثانية ، من تابعي أهل الشام ، حضر فتح بيت المقدس ، وكان ثقة روى عنه جماعة.

وأبو نعيم (٨) المؤذن أول من أذن ببيت المقدس ، وكان (٩) عبادة بن الصامت واليا على إيلياء فأبطأ بصلاة الصبح ، فأقام أبو نعيم الصلاة وصلى (١٠) ، فحضر عبادة وهو يصلي ، فصلى بصلاته.

أبو الزبير المؤذن الدارقطني (١١) ، مؤذن بيت المقدس فقال : جاءنا عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه (١٢) ، فقال : إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فأجزم (١٣) ، وفي رواية : فأحذر (١٤).

__________________

(١) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣١ ـ ٣٣٢.

(٢) فقد أ ج : قتل ب ه : ـ د.

(٣) ٣٧ ه‍ / ٦٥٧ م.

(٤) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٣.

(٥) عمير بن سعد بن عبيد الأوسى الأنصاري ، صحابي من الولاة الزهاد ، شهد فتح الشام ، توفي سنة ٤٥ ه‍ / ٦٦٥ م ، ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٣ ؛ الزركلي ٥ / ٨٨.

(٦) ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٦٥ ، المقدسي ، مثير ٣٣٣.

(٧) أبي ثابت أ : بن ثابت ب : أبو ج ه : ـ د.

(٨) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٤.

(٩) وكان أ : فكان ب ج ه : ـ د.

(١٠) وصلى أ ج ه : فصلى ب : ـ د.

(١١) أبو الزبير مؤذن بيت المقدس ، له إدراك وكان يؤذن زمن عمر بن الخطاب ، ينظر : ابن حجر ، الإصابة ٥ / ٨٠.

(١٢) رضي‌الله‌عنه ب ج ه : ـ أ د.

(١٣) فأجزم وفي رواية أ ج ه : ـ ب د.

(١٤) ينظر : المقدسي ، مثير ٢٣٥.

٤١٨

وأبو (١) سلام الحبشي (٢) واسمه محضور ، يقال : الباهلي الدمشقي ، كان يقدم بيت المقدس ويقرأ (٣) على عبادة بن الصامت ويروي عنه.

أبو جعفر الجرشي (٤) ، روي (٥) أنه قال : دخلت مع عبادة بن الصامت المسجد الأقصى (٦) ، فرأى رجلا يصلي واضعا نعله عن يمينه ـ أو عن شماله ـ فقال : لو لا أنك تناجي ربك لفلقت (٧) بهذه العصا رأسك تفعل كفعل أهل الكتاب (٨) //.

وخالد بن معدان الكلاعي العبد الصالح الفقير الكبير ، كان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة ، أتى بيت المقدس ونزل منه (٩) على ستة أميال ولم يصل فيه غير خمس صلوات (١٠).

أم الدرداء (١١) هجيمة ، ويقال : جهيمة ، خطبها معاوية بن أبي سفيان فأبت وقالت : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : «المرأة لآخر أزواجها ، فإن أردت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتخذي بعدي زوجا» (١٢) ، وكانت تأتي من دمشق إلى بيت المقدس فإذا مرت على الجبال قالت لقائدها : اسمع الجبال ما وعدها ربها ، فيقرأ : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (١٠٧) ، (١٣) ، (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٤٧) (١٤). وكانت تجالس المساكين ببيت المقدس وتقيم

__________________

(١) وأبو أ ج ه : أبو ب : ـ د / / الحبشي أ ج ه : الجيشي ب : ـ د.

(٢) وقيل : إنما قيل له الحبشي ، نسبة إلى حي في حمير ، من جلة العلماء بالشام ، ينظر : الذهبي ، سير ٤ / ٣٥٥.

(٣) ويقرأ ب ج ه : وينزل أ : ـ د.

(٤) علي بن أبي حملة شيخ ضمرة بن ربيعة ، لا بأس به ، صالح الأمر ، لم يخرج له أحدا من أصحاب الكتب الستة مع ثقته ، ينظر : الذهبي ، ميزان ٣ / ١٢٥.

(٥) روي أ : + عنه ب ج ه : ـ د.

(٦) المسجد الأقصى أ : مسجد بيت المقدس ب ج ه : ـ د.

(٧) لفلقت بهذه العصا رأسك أ : لعلوت رأسك بهذه العصا ب ج ه : ـ د.

(٨) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٧.

(٩) منه على أ ج ه : من على ب : ـ د.

(١٠) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٧.

(١١) هجيمة بنت حيي الوصابية ، أم الدرداء الصغرى ، فقيهة ومحدثة تابعة من أهل دمشق ، روى لها مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، توفيت بعد سنة ٨١ ه‍ / بعد ٧٠٠ م ، ينظر : الزركلي ٨ / ٧٧.

(١٢) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٨.

(١٣) طه : [١٠٥ ـ ١٠٧].

(١٤) الكهف : [٤٧].

٤١٩

به نصف سنة وبدمشق نصف سنة.

وأبو العوام مؤذن بيت المقدس ، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن السور المذكور في القرآن هو سور بيت المقدس الشرقي (١).

وقبيصة بن ذؤيب (٢) ، وعبد الله بن محيريز (٣) ، وهانىء بن كلثوم (٤) كل هؤلاء كانوا (٥) عبادا زهادا فقبيصة كان عالما ربانيا مات سنة ٨٦ من الهجرة (٦) ، وابن محيريز قرشي جمحي مكي ، نزل ببيت المقدس ، ثم مات (٧).

قال رجاء بن حيوة (٨) : إن فخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر ، فإنا نفخر بعابدنا ابن محيريز ، إنما كنت أعد بقاءه أمانا لأهل الأرض (٩) ، مات قبل المائة (١٠) ، وهانىء عرضت عليه إمارة فلسطين ، فامتنع ، وكان الثلاثة يقصرون الصلاة من الرملة إلى بيت المقدس.

ومحارب بن دثار (١١) وكان قاضيا ، وهو من العلماء الزهاد وحديثه مخرج في كتب الإسلام ، قال : صحبنا القاسم بن عبد الرحمن (١٢) إلى بيت المقدس ، فغلبنا على ثلاث : على قيام الليل ، والبسط في النفقة ، والكف عن الناس (١٣).

وعبد الله بن فيروز الديلمي (١٤) ، مقدسي ثقة ، خرج له أبو داود والنسائي (١٥)

__________________

(١) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٩.

(٢) ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٦٥ ؛ ابن سعد ٥ / ١٣٤.

(٣) ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٣٧ ؛ ابن سعد ٧ / ٣١١.

(٤). ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٩.

(٥) كانوا أ : وكانوا ب : ـ ج د ه / / ٨٦ أ ه : ثمان وستون : ٧٢ ج : ـ د.

(٦) ٨٦ ه‍ / ٧٠٥ م.

(٧) ثم مات أ : ـ ب ج د ه.

(٨) حيوة أ : حياة ب ج ه : ـ د.

(٩) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٩.

(١٠) ١٠٠ ه‍ / ٧١٨ م.

(١١) محارب بن دثار بن كردوس السداسي الشيباني الكوفي ، أبو المطرن ، قاضي الكوفة ، توفي سنة ١١٦ ه‍ / ٧٣٤ م ، ينظر : ابن سعد ٦ / ٣٠٧ ؛ الزركلي ٥ / ٢٨١.

(١٢) القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الإمام المجتهد ، قاضي الكوفة توفي في ولاية خالد بن عبد الله القسري ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٢٧٠ ؛ ابن سعد ٦ / ٣٠٤ ؛ المقدسي ، مثير ٣٤٢.

(١٣) ابن سعد ٦ / ٣٠٥ ؛ المقدسي ، مثير ٣٤٢.

(١٤) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٤٣.

(١٥) إبراهيم بن الحسين الهمذاني النسائي المعروف بابن ديزيل ، الإمام الثقة العابد ، توفي سنة ٢٨١ ه‍ / ٨٩٤ م ، ينظر : الذهبي ، سير ١٣ / ١٨٤ ؛ ابن حجر ، لسان ١ / ٤٨.

٤٢٠