نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩

له بالذّلّة والجزية.

فقال (١) النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : والّذي (٢) بعثني بالحقّ نبيّا ، لو باهلوني لاضطرم عليهم الوادي نارا (٣).

وقد استدلّ أصحابنا ومشائخنا (٤) ـ رحمهم الله ـ بهذه الآية ، على فضل أهل بيته ـ عليهم السّلام ـ على سائر النّاس ، وفضّلوا بها عليّا ـ عليه (٥) السّلام ـ على سائر الأنبياء والأوصياء بقوله : [وأنفسنا وأنفسكم.] ولم يكن معه ـ عليه السّلام ـ إلّا عليّ وولداه ، (٦) الحسن والحسين ـ عليهم السّلام ـ ولم يكن معه (٧) من النّساء إلّا ابنته ؛ (٨) فاطمة ـ عليها السّلام ـ سيّدة نساء العالمين (٩).

قال أصحابنا : ووجه الدّلالة من الآية ، أنّه ـ عليه السّلام ـ جعله كنفسه. ولا خلاف [بين الأمّة] (١٠) في أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أفضل من

__________________

(١) ج زيادة : لهم.

(٢) ب : فو الّذي.

(٣) ورد نحوه في الاختصاص / ١١٢ ـ ١١٥ وعنه البرهان ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ح ٦ وما في معناه يوجد في تفسير القمّي ١ / ١٠٤ وتفسير العيّاشي ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، ح ٥٤ وعنهما كنز الدّقائق ٣ / ١١٦ ـ ١١٨ والبرهان ١ / ٢٨٥ ، ح ١ وص ٢٨٩ ، ح ٩ ونور الثّقلين ١ / ٣٤٧ ، ح ١٥٧ و ١٥٨ وفي البرهان ١ / ٢٨٦ ـ ٢٩١ نقلا عن المصادر الأخرى.

(٤) م : مشائخهم.

(٥) أ : عليهم.

(٦) ج : وبنيه.

(٧) ب : عنده.

(٨) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٩) التبيان ٢ / ٤٨٥ ، مجمع البيان ٢ / ٧٦٣ ـ ٧٦٤ ، تفسير أبي الفتوح ٣ / ٦٥.

(١٠) د : الناس في الآية.

٤١

سائر (١) الأنبياء والملائكة [والأوصياء] (٢) ، فوجب أن يكون عليّ ـ عليه السّلام ـ مثله في الفضل. ولو لم يكن للنّبيّ ـ عليه السّلام ـ إلّا ليلة الإسراء والمعراج إلى السّماء ـ وكان بين يديه الملائكة المقرّبون والأنبياء والمرسلون ، وهو راكب على البراق ، وهي دابّة من نور تخطف كما يخطف البرق ، شرّفه الله ، تعالى ، بها ورفعه ، فوصل إلى مكان لم يصل منهم إليه غيره ـ دكفى (٣) بذلك فضلا عليهم (٤).

واستدلّ أصحابنا ـ أيضا ـ بالآية ، على أنّ الحسن والحسين ابنا (٥) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم. بقوله : «وأبناءنا وأبناءكم.» وقالوا : إنّ الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ كانا بالغين يوم المباهلة ، أو قريبين من البلوغ. (٦)

وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ : يا أَهْلَ الْكِتابِ ، تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) ؛ [أي : نصف بيننا وبينكم] (٧).

وروي : أنّ هذه الآية ـ أيضا ـ نزلت في السّيّد والعاقب وعبد المسيح وأصحابهم ، من نصارى نجران. (٨) وروي عن الصّادق ؛ [جعفر بن محمّد ـ عليهما] (٩) السّلام ـ : أنّ «الكلمة»

__________________

(١) ج : جميع ـ خ ل.

(٢) ب : والأولياء.

(٣) أ ، ج : يكفي.

(٤) التبيان ٢ / ٤٨٥ مجمع البيان ٢ / ٧٦٣ ـ ٧٦٤ ، تفسير أبي الفتوح ٣ / ٦٥.

(٥) أ : أبناء.

(٦) التبيان ٢ / ٤٨٥ مجمع البيان ٢ / ٧٦٣ ـ ٧٦٤ ، تفسير أبي الفتوح ٣ / ٦٥.

(٧) ليس في ج.

(٨) التبيان ٢ / ٤٨٨ نقلا عن الحسن ، السدي.

(٩) ب : عليه بدل ما بين المعقوفتين.

٤٢

هاهنا هي (١) شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا [رسول الله] ، (٢) وأنّ عيسى عبد الله [ونبيّه] (٣) وأنّه مخلوق كآدم ـ عليه السّلام ـ (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ ، حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٦٦)]. يريد ـ تعالى ـ : علمهم بالتّوراة والإنجيل. (٥) «فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم» : وهو قولكم (٦) : إنّ (٧) إبراهيم كان يهوديّا أو نصرانيّا. وأنّكم (٨) أولى النّاس به ، وهذا النّبيّ أولى به. لأنّه من ولد (٩) إسماعيل ابنه (١٠) ، لقوله ـ عليه السّلام ـ : أنا ابن الذّبيحين ولا فخر (١١) ؛ يعني : ولا فخر مثل هذا الفخر.

__________________

(١) ليس في أ ، ج ، د.

(٢) د : رسول.

(٣) ليس في أ.

(٤) عنه البرهان ١ / ٢٩١ ، ح ١+ سقط من هنا قوله تعالى : (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٦٥)

(٥) ب : يريد ـ تعالى ـ بذلك ـ علمهم بما في التّوراة والإنجيل.

(٦) ب : قولهم.

(٧) ليس في ج.

(٨) ب : وأنّهم.

(٩) د : أولاد.

(١٠) ليس في ب.

(١١) أنظر : الخصال ١ / ٥٦ والعيون ١ / ٢١٠ ، ح ١ وعنهما البرهان ٤ / ٣١ ، ح ٧ ونور الثقلين ٤ / ٤٣٠ ، ح ٩٥. والبحار ١٢ / ١٢٢ ، ح ١ وج / ١٢٨١٥ ، ح ٦٩.

٤٣

الذّبيح الأوّل إسماعيل ـ عليه السّلام ـ. والذّبيح الثّاني أبوه ، عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. وقضيّة (١) الذّبيح الثّاني (٢) أبيه عبد الله (٣) والفداء معروفة بين أهل السّير والمورّخين.

[وقوله ـ تعالى ـ : ([إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ] لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) ؛ يريد : أولى به منكم ـ أيضا ـ. لأنّهم على ملّته ودينه] (٤).

ثمّ ردّ الله ـ تعالى ـ عليهم وكذّبهم ، فقال ـ سبحانه ـ : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ، وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٦٧) ذكر ذلك (٥) الحسن وقتادة والشّعبيّ. (٦) وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ (٧).

وكيف يكون إبراهيم يهوديّا أو نصرانيّا ، وملّته سابقه لهما ومتقدّمة (٨)

__________________

(١) ج ، د ، م : قصّة.

(٢) ليس في ج.

(٣) ليس في ب.

(٤) هذه الفقرة وقعت في غير محلّه.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٨)

(٥) ليس في ب.

(٦) تفسير الطبري ٣ / ٢١٨ ، التبيان ٢ / ٤٩٢.

(٧) التبيان ٢ / ٤٩٢.+ روي العيّاشي عن عبيد الله الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال : امير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : ما كان إبراهيم يهوديّا ولا نصرانيّا. لا يهوديّا يصلّي إلى المغرب ، ولا نصرانيّا يصلّي إلى المشرق ، ولكن كان حنيفا مسلما على دين محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ تفسير العيّاشي ١ / ١٧٧ ، ح ٦٠ ، وعنه البرهان ١ / ٢٩١ ونور الثقلين ١ / ٣٥٢ ، ح ١٨٠.

(٨) ب : مقدّمة.

٤٤

عليهما؟!

قوله ـ تعالى ـ : (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) ؛ أي : أحبّت. (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٦٩).

روي : أنّ السّبب في هذه (١) الآية (٢) ، أنّ جماعة من اليهود قالوا لعمّار بن ياسر ومعاذ بن جبل وصهيب الرّوم : اتّبعوا ديننا تهتدوا. (٣) وقالت طائفة منهم : آمنوا بما أنزل على محمّد أوّل النّهار ، واكفروا آخره. فصلّوا إلى البيت المقدس [أوّل النّهار] ، (٤) وصلّوا إلى البيت الحرام آخره (٥).

وقال مقاتل : صدّقوا بالقرآن وبما جاء به (٦) محمّد أوّل النّهار واكفروا آخره ، وقولوا : نظرنا في التّوراة ، فوجدنا محمّدا مبعوثا إلى العرب. لعلّهم يرجعون إلى دينكم. وقولوا : صدّقنا بالقرآن وبما جاء به محمّد (٧) أوّل النّهار واكفروا بذلك آخر النّهار ، وقولوا : قد نظرنا في التّوراة فوجدنا (٨) محمّدا صلّى الله عليه وآله مبعوثا إلى العرب. لعلّهم يرجعون إلى دينكم (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : ([وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ] قُلْ ، إِنَّ الْهُدى هُدَى

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ليس في ج.

(٣) أسباب النزول / ٧٩.+ سقط من هنا الآيتان (٧١) و (٧٢)

(٤) ليس في ب.

(٥) تفسير الطبري ٣ / ٢٢١.

(٦) ليس في د.

(٧) ج ، د ، ب زيادة : صلى الله عليه وآله.

(٨) ج زيادة : أنّ.

(٩) تفسير القرطبي ٤ / ١١١.

٤٥

اللهِ) ؛ أي : دين الإسلام هو الدّين. (١)

وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ ، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ [وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ).

قال الكلبيّ : هو النّبوّة والكتاب والهدى (٢).

وقال مقاتل : هو الإسلام. (٣) وقوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ ، يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) ؛ أي : يدفعه إليك (٤).

قيل : هو (٥) عبد الله بن (٦) سلام ، وأمثاله (٧) الّذين أسلموا (٨).

(وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ ، لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) : وهو كعب بن الأشرف ، وأصحابه وأمثاله من اليهود (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (١٠) (لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) ؛ أي ملحّا متقاضيا.

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ).

(٢) أنظر : تفسير الطبري ٣ / ٢٢٦ نقلا عن ابن جريج.

(٣) البحر المحيط ٢ / ٤٩٧.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٧٤)

(٤) أ ، د زيادة : ويؤدّه إليك.

(٥) ليس في أ ، د ، م.+ ج : يريد.

(٦) ليس في ج.

(٧) ب : وأصحابه.

(٨) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٨١.

(٩) التبيان ٢ / ٥٠٥ ، البحر المحيط ٢ / ٤٩٩.

(١٠) أ ، د زيادة : لا يؤده إليك.

٤٦

(ذلِكَ ، بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) ؛ أي : ليس علينا في حبس أموال العرب حرج ، ولا إثم (١).

وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) ؛ يريد ـ سبحانه ـ : أنّ (٢) كلّما يأخذونه على تغيير (٣) التّوراة وتحريف ما فيها وتبديلها من صفة محمّد ـ عليه السّلام ـ والبشارة به ، فهو قليل عند الله.

وفي الآية نهي عن نقض العهود ، والتّعرّض للايمان الكاذبة الجاذبة (٤) للنّفع العاجل أو (٥) [لعرض (٦) من أعراض] (٧) الدّنيا الفانية. فإنّ عقاب الأجل يصغر في جنبه كلّما يأخذونه من ، أو ينالونه (٨) من لذّة (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) :

نزلت هذه الآية في جماعة من اليهود ، حرّفوا ألسنتهم بقراءة التّوراة وبدّلوها وغيّروها (١٠).

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) والآية (٧٦)

(٢) ليس في ب ، ج.

(٣) ج : تفسير+ د : تعبير.

(٤) ج ، د ، الحانثة.+ أ ، م : الخائنة.

(٥) أ : و.

(٦) د : لفرض.+ أ : العرض.

(٧) ج ، م : لغرض من أغراض.

(٨) د : يناولونه.

(٩) سقط من هنا قوله تعالى : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٧)

(١٠) أسباب النزول / ٨٢.+ سقط من هنا قوله تعالى : (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٨)

٤٧

وقوله ـ تعالى ـ : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ) :

نزلت في جماعة من النّصارى ، حيث قالوا : إنّ عيسى أمرنا أن نعبده. فردّ الله عليهم ، وكذّبهم. قال الله ـ تعالى ـ في المائدة لعيسى ـ عليه السّلام ـ : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (١).

وهذا مثل التّوقيف لهم على كذبهم. وهو توبيخ وتهديد لهم وليس باستفهام ، وإنّما هو تفهيم (٢) وتوقيف على افترائهم.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ [تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (٧٩)]. أي : علماء عالمين (٣) بالعلم. قال ذلك الكلبيّ (٤).

وقال مقاتل : كونوا متعبّدين بعد أن أمرناكم بالإسلام. (٥) وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) أي إقرارهم وعهدهم.

قال الكلبيّ والسدي : أخذ ميثاق الأنبياء في كتبهم ، أن يبيّنوا للنّاس بعث (٦) محمّد وصفته. وأمرهم باتباعه ونصره (٧).

__________________

(١) أسباب النزول / ٨٢+ الآية في المائدة (٥) / ١١٦.

(٢) ب : تفهّم.

(٣) أ ، ج : عالمين.

(٤) التبيان ٢ / ٥١١ : معناه في قول الحسن : علماء فقهاء وفي تفسير أبي الفتوح ٣ / ٩١ : وهذا القول مرويّ عن أمير المؤمنين عليّ ـ عليه السلام ـ.

(٥) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٩١.+ سقط من هنا الآية (٨٠)

(٦) ب : نعت.

(٧) تفسير الطبري ٣ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ نقلا عن قتادة والسدي.

٤٨

وروي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ : أنّ الله ـ عزّ اسمه ـ لم يبعث نبيّا ، من آدم و (١) من بعده إلى نبيّنا محمّد (٢) ـ عليه السّلام ـ إلّا أخذ عليه (٣) العهد في محمّد ـ عليه السّلام ـ من أنّه يبعث ، وتعمّ شريعته ، وينسخ دينه الأديان كلّها (٤) ويختم الله به النّبيّين ، ويأمرهم باتباعه والإيمان (٥) بما جاء به (٦).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) ؛ أي : قبلتم على الإيمان به عهدي.

قالوا : قبلنا و «أقررنا».

فقال ـ سبحانه ـ : «قال فاشهدوا» عليكم (٧) الملائكة ، (وَأَنَا مَعَكُمْ (٨) مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٨١) (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) ؛ أي : يطلبون.

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٣) أ : عليهم.

(٤) ليس في ج.

(٥) ليس في ج.

(٦) ورد نحوه ملخّصا في التبيان ٢ / ٥١٣ ومجمع البيان ٢ / ٧٨٤+ أنظر : تأويل الآيات الطاهرة ١ / ١١٦ وفي كنز الدقائق ٣ / ١٤٧.+ سقط من هنا قوله تعالى : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ).

(٧) أ ، ب : عليهم.

(٨) ما أثبتناه في المتن من القرآن الكريم. وفي النسخ : معهم.

(٩) سقط من هنا الآية (٨٢)

٤٩

نزلت هذه الآية (١) في اليهود والنّصارى والمشركين ، من رؤساء قريش (٢) لم يؤمنوا به ـ عليه السّلام ـ خيث (٣) قالوا : لا نرضى (٤) بقضائك وحكمك ودينك (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) : هما حالان.

قيل : «طوعا» أهل السّماء. «وكرها» من عشيرتك (٦) وأهلك ، من أهل الأرض (٧).

وقيل : أسلم المؤمن طوعا ، والكافر كرها عند موته (٨).

قال الله ـ تعالى ـ : (٩) «فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا» (١٠).

قوله ـ تعالى ـ : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً ، كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) :

نزلت هذه الآية (١١) في جماعة ارتدّوا بعد الإسلام ، وعصوا الرّسول فيما (١٢)

__________________

(١) ليس في ج ، د.

(٢) ب زيادة : ثمّ.

(٣) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٤) ب : لا نؤمن+ ليس في ب.

(٥) أسباب النزول / ٨٢.

(٦) ج زيادة : وقومك.

(٧) قال الحسن والمفضّل : الطوع لأهل السماوات خاصة وأما أهل الأرض فمنهم من أسلم طوعا ومنهم من أسلم كرها. مجمع البيان ٢ / ٧٨٧.

(٨) تفسير الطبري ٣ / ٢٤٠ نقلا عن قتادة.

(٩) ج ، د ، أ : سبحانه.

(١٠) غافر (٤٠) / ٨٥.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٨٣) والآيتان (٨٤) و (٨٥)

(١١) ليس في د ، ج.

(١٢) ليس في د.

٥٠

أمرهم به ونهاهم عنه. (١) وقيل : نزلت في رجل مخصوص ، يقال له : الحارث بن زيد (٢).

وقيل : في رجل من المسلمين ، من بني سليم ارتدّ بعد إسلامه (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ ، حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) :

قال الكلبيّ : لن تنالوا ما عند الله ـ تعالى ـ من الثّواب ، حتّى تتصدّقوا ممّا [تحبّون و] (٤) تستطيعون (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) سوى الميتة والدّم ولحم الخنزير. (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) :

«إسرائيل» هو يعقوب ـ عليه السّلام ـ بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليهما السّلام ـ. حرّم على نفسه لحم الإبل ولبنها.

وقال الكلبيّ : كان به عرق النّساء. فنذر إن شفاه الله منه ، أن يحرّم [على نفسه] (٦) أحبّ الطّعام والشّراب (٧) إليه. (٨) فشفاه الله منه ، فحرّم ذلك [على

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ٣ / ١٠١.

(٢) أسباب النزول / ٨٣ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ نقلا عن مجاهد. وفيهما سويد بدل زيد.+ التبيان ٢ / ٥١٩ : وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّها نزلت في الحارث بن سويد بن الصامت.

(٣) ج : الإسلام.+ أسباب النزول / ٨٣ نقلا عن ابن عبّاس وفيه رجل من الأنصار ارتدّ.+ (وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٨٦) والآيات (٨٧) ـ (٩١)

(٤) ليس في ب.+ د زيادة : ما.

(٥) ب زيادة : وتحبّون.+ قريب منه في تفسير الطبري ٣ / ٢٤٦ نقلا عن السدي وقتادة.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٩٢)

(٦) ليس في ب.

(٧) ب زيادة : على نفسه.

(٨) ليس في ب.

٥١

نفسه]. (٩) وقال سعيد : (١٠) حرّم على نفسه أن لا يأكل لحما فيه عرق. (١١) وقال عكرمة : كان ذلك زوائد الكبد والكليتين والشّحم. (١٢) وقيل : بل كان السّبب في نزول هذه الآية ، أنّ اليهود أنكروا تحليل النّبيّ ـ عليه السّلام ـ لحوم الإبل. فبيّن الله ـ تعالى ـ لهم أنّها كانت محلّلة لإبراهيم ـ عليه السّلام ـ وولده ، إلى أن حرّمها إسرائيل على نفسه (١٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ، لَلَّذِي بِبَكَّةَ ، مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٩٦) : قرىء بالنّصب والرّفع. فمن نصب ، (١٤) جعله حالا. ومن رفع ، أضمر ، فقال : هو مبارك وهدى (١٥).

ويجوز خفضة على النّعت «لبيت».

__________________

(٩) ليس في ب.+ التبيان ٢ / ٥٣٢ نقلا عن ابن عبّاس والحسن.

(١٠) ب : سعد.

(١١) تفسير الطبري ٤ / ٥.

(١٢) مجمع البيان ٢ / ٧٩٤.

(١٣) أسباب النزول / ٨٤ نقلا عن الكلبي.+ تفسير الطبري ٤ / ١ نقلا عن السدي.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٣) والآيتان (٩٤) و (٩٥)

(١٤) د : نصبه ـ خ ل.

(١٥) أنظر : مجمع البيان ٢ / ٧٩٧.

٥٢

قال ابن عباس ـ رحمه الله ـ : [«بكّة» موضع الكعبة] (١).

[وقيل : «بكّة» اسم الكعبة. و «مكّة» اسم البلد] (٢).

[وقال مجاهد : «الكعبة» (٣) وما حولها بكّة (٤)].

وقيل : إنّما سمّيت الكعبة بكّة ، لأنها تبكّ الجبارين ؛ أي : تذهب بجبروتهم. (٥) وقيل : سمّيت بذلك ، لازدحام النّاس بها (٦).

وسمّي البلد مكّة ، لقلّة الماء به. من قول العرب : امّتك (٧) الفصيل ما في ضرع النّاقة : إذا لم يترك فيه شيئا.

وقوله ـ تعالى ـ : «مباركا» أخذ من البركة ، وهو ثبوت الخير. ومنه سمّيت البركة بركة ، لثبوت الماء فيها. ومنه البراكاء في الحروب ، (٨) وهو الثّبوت. وقولهم : تبارك الله ؛ أي : لم يزل ولا يزال.

وقوله ـ تعالى ـ : «وهدى للعالمين» ؛ أي : ورحمة للعالمين.

__________________

(١) ب : بكّة ومكّة واحد+ قال أبو عبيدة : بكّة هي بطن مكّة. التبيان ٢ / ٥٣٥.

(٢) ليس في ج ، د ، أ ، م.+ تفسير الطبري ٤ / ٨ عن عطيّة العوفي.

(٣) أ ، د زيادة : مكّة.

(٤) م : مكّة بدل بكّة.+ د زيادة : مكّة وبكّة واحد+ ليس في ب.+ أ زيادة : وقال مقاتل مكّة وبكّة اسم الكعبة ومكّة اسم البلد+ ج زيادة : وقال مقاتل : مكّة وبكّة واحد. م زيادة : وقال مقاتل : مكّة وبكّة واحد وقيل : بكّة اسم الكعبة ومكّة اسم البلد.+ التبيان ٢ / ٥٣٥.

(٥) التبيان ٢ / ٥٣٥.

(٦) التبيان ٢ / ٥٣٥.

(٧) ج : مكّ.

(٨) ج : الحروب.

٥٣

وقال السدي : (١) قبلة ، ومحجّة يحجّون إليه (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) ؛ أي علامات واضحات. (٣) قال الكلبيّ : الحجر الأسود ، والحطيم ، ومقام إبراهيم ـ عليه السّلام ـ والصّفا والمروة (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ دَخَلَهُ ، كانَ آمِناً) :

قال الكلبيّ : من دخله من مذنب كان آمنا له من [أن يهاج به] ، (٥) بل لا يخالط حتّى يخرج منه فيقام عليه الحدّ. (٦) وقال مقاتل : من دخله في الجاهليّة كان [آمنا له من (٧) أن يختطف. (٨)] وقال مجاهد : من قتل في الحرم يؤخذ منه ، فيقتل فيه. (٩) وقيل : بل (١٠) آمن (١١) ؛ أي : من دخله فآمنوه إلى أن يخرج منه وإن كان لفظه

__________________

(١) ج : الكلبي.

(٢) تفسير أبي الفتوح ٣ / ١١٦ من دون ذكر للقائل.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (مَقامُ إِبْراهِيمَ).

(٤) مجمع البيان ٢ / ٧٩٨ نقلا عن المفسّرون.

(٥) ب : من العقوبة+ ج ، د ، م : أن يهاج.

(٦) التبيان ٢ / ٥٣٧ نقلا عن ابن عبّاس وابن عمر.

(٧) ليس في ب ، د ، م.

(٨) تفسير الطبري ٤ / ٩ نقلا عن قتادة. ج : آمنا أن يختطف.

(٩) التبيان ٢ / ٥٣٧ نقلا عن الحسن وقتادة.

(١٠) ليس في ب.

(١١) ج ، د زيادة : به.

٥٤

الخبر. (١)

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ، مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) : قال الكلبيّ : «سبيلا» بلاغا (٢).

و «الاستطاعة» هاهنا ، وجود الزّاد ، والرّاحلة ، وتخلية الطّريق ، وإمكان المسير ، والرّجوع إلى كفاية من ماله أو ضيعة أو عقار أو تجارة أو صناعة أو حرفة.

وروى أبو ثمامة الباهليّ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : من مات ولم يحجّ ، وقد وجب عليه الحجّ وهو قادر عليه لا يبالي ، مات يهوديّا أو نصرانيّا (٣).

وروي : أنّه لمّا نزلت هذه الآية قرأها النّبيّ ـ عليه السّلام ـ على المسلمين قوله تعالى : [ولله على النّاس حجّ البيت.] فقال الأقرع بن حابس : يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟

ولو قلت : لعامنا لا للأبد ، لوجب عليكم ولم تطيقوه ، ولو خالفتم (٤) لكفرتم. (٥) وقد مضى ذكر الحجّ وضروبه [وأركانه] (٦) وواجباته وما نهي عنه المحرم

__________________

(١) تفسير الطبري ٤ / ٩ نقلا عن مجاهد.

(٢) تفسير الطبري ٤ / ١٣ نقلا عن عطاء والحسن.

(٣) ورد مؤادّاه في وسائل الشيعة ٨ / ١٩ باب ثبوت الكفر والارتداد تبرك الحجّ وتسويفه استخفافا أو حجودا وجامع أحاديث الشيعة ١٠ / ٢٢٨ ، ح ٦٦٥ ـ ٦٦٨ ومستدرك الوسائل ٨ / ١٨ ، وكنز الدقائق ٣ / ١٧٩ ونور الثقلين ١ / ٣٧٤ ، ح ٢٨٨.

(٤) ج : خالفتوه

(٥) أنظر : الدّر المنثور ٢ / ٥٥ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٢٠٨ ، مسند أحمد ٤ / ١٧٥ ، مستدرك الوسائل ٨ / ١٤ ، ح ٤.

(٦) ج : وأحكامه.

٥٥

في سورة البقرة ، فلا نطول بذكره هاهنا.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ كَفَرَ ، فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٩٧) :

قيل : «كفر» بأن قال : الحجّ ليس عليّ واجبا. (١) فإنّه مرتدّ بذلك ، ويجب (٢) قتله (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) ؛ أي : زيغا عن الحقّ.

(وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) ؛ أي : علماء (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) ؛ أي : بدينه وتقواه ، فقد فاز (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ؛ أي : حقّ خوفه ، باجتناب ما حرّم عليكم.

وقال الكلبيّ : هو (٦) أن تطيعه في كلّ حال (٧).

وروي : أنّها منسوخة ، بقوله ـ تعالى ـ : [فاتّقوا الله ما استطعتم (٨)].

__________________

(١) تفسير الطبري ٤ / ١٤ نقلا عن ابن عبّاس وضحاك.

(٢) م : وجب بدل ويجب.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) (٩٨)

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٩٩) والآية (١٠٠) وقوله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ).

(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١)

(٦) ب : و.

(٧) تفسير الطبري ٤ / ١٩ ـ ٢٠ نقلا عن عبد الله ابن مسعود.

(٨) التبيان ٢ / ٥٤٣ نقلا عن قتادة. وفيه : هو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ. الآية في التغابن (٦٤) / ١٦.

٥٦

وروي : أنّ جماعة من أصحاب النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وهم أهل الصّفّة ، لمّا نزلت هذه الآية قاموا حول ليلهم حتّى تورّمت أقدامهم وشقّ ذلك عليهم. فنزل جبرائيل ـ عليه السّلام ـ على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ (١) قتلا (٢) عليه [فاتّقوا الله ما استطعتم] ؛ أي : ما قدرتم عليه ، [وأقلّوا] (٣) من ذلك (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً [وَلا تَفَرَّقُوا]) :

قال الكلبيّ : يريد : بدين الله والقرآن (٥).

وروي عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه (٦) قال : اعتصموا بمودّة أهل بيت نبيّكم والقرآن إلى يوم القيامة. والخبر في ذلك عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ مشهور (٧) عند الخاصّ والعامّ. (٨) وقال الضّحّاك : اعتصموا بالقرآن والإسلام (٩).

__________________

(١) ب : المطهّر ـ صلّى الله عليه وآله.

(٢) ب : تلا.

(٣) ب : فأقلوا.

(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر. سقط من هنا قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢)

(٥) أنظر : التبيان ٢ / ٥٤٥ : قال ابو سعيد الخدري عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه كتاب الله وقال ابن زيد «حبل الله» دين الله.

(٦) ليس في ج.

(٧) ب : مذكور.

(٨) والمراد به حديث الثقلين وتقدّم مصادره في مقدّمة هذا التفسير.

(٩) أنظر : تفسير الطبري ٤ / ٢١ نقلا عن ضحاك : حبل الله ، القرآن. وعن ابن زيد ، حبل الله : الإسلام.

٥٧

وقوله ـ تعالى ـ : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً) ؛ يعني : (١) في الجاهليّة.

(فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) ؛ يريد : بالإسلام.

(فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) ؛ أي : إخوة. قال الله ـ تعالى ـ : [إنّما المؤمنون إخوة.] (٢) وقوله ـ تعالى ـ : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) ؛ يريد : في الجاهليّة ، بالكفر (٣) والشّرك.

(فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) ؛ أي : نجّاكم منها بالإسلام والإيمان (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ، يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : «الخير» و «المعروف» ما أمر الله به. و «القبيح» و «المنكر» ما نهى الله عنه.

وفي الآية دلالة ، على وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) ؛ يعني : اليهود والنّصارى (٦).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) الحجرات (٤٩) / ١٠.

(٣) ج : في الكفر.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٠٣)

(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٤)

(٦) سقط من هنا قوله تعالى : (وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ).

٥٨

وقوله ـ تعالى ـ : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) :

قال أبو عبيدة : وهو أن (١) يقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم (٢)».

وقال مقاتل : نزلت في اليهود ، يقال لهم : أكفرتم بعد تصديقكم بما جاء في التّوراة من أمر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصفته ، وتصديقه من قبل أن يبعث. (٣) ومثله قال عكرمة (٤).

وقال الحسن : نزلت الآية في المنافقين الّذين كانوا مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فارتدّوا بعده (٥).

وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : أنّها نزلت في منهزمي أحد وحنين (٦).

وقوله ـ تعالى ـ : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) (٧) ؛ يعني : (٨) عند الله في اللّوح المحفوظ (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).

الكلبيّ قال : كعبد الله بن سلام ، وأمثاله من الّذين أسلموا (٩).

__________________

(١) ليس في ب ، ج ، د.

(٢) أنظر : البحر المحيط ٣ / ٢٣.

(٣) أنظر : تفسير الطبري ٤ / ٢٦ ـ ٢٧ نقلا عن السّديّ وقتادة.

(٤) أنظر : مجمع البيان ٢ / ٨٠٨.

(٥) تفسير الطبري ٤ / ٧.+ ج : بعد.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (١٠٦) والآيات (١٠٧) ـ (١٠٩)

(٧) أ ، ب زيادة : أخرجت.

(٨) أ ، ج ، م ، د : يريد.

(٩) مجمع البيان ٢ / ٨١١ من دون ذكر القائل.+ سقط من هنا قوله تعالى : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (١١٠)

٥٩

وقوله ـ تعالى ـ : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً).

[قال مقاتل : أخبر عبد الله بن سلام المسلمين ، أنّ اليهود لن تبلغ عدواتهم لكم (١).

[وقال الكلبيّ : (٢) لن يضرّوكم] (٣) في أنفسكم وأموالكم ولكن يضرّوكم بالقول والسّبّ (٤).

وقال السدي : يسبّوكم بألسنتهم بالأذى لا غير (٥).

وقال الكلبيّ : «الأذى» هو قولهم : العزير (٦) بن الله ، والمسيح بن الله (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) والمسكنة ؛ أي : ضربت عليهم الجزية والذّلّة ، على الذّكور العقلاء البالغين منهم ، دون الإناث والصّبيان والمجانين والبله. ضربها عليهم عليّ ـ عليه السّلام ـ بإذن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

__________________

(١) أسباب النزول / ٨٧ : قال مقاتل : إنّ رؤوس اليهود ، كعب ويحري والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنهم عبد الله بن سلام وأصحابه فآذوهم لإسلامهم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

(٢) ليس في أ ، د ، ج ، م.

(٣) ليس في د.

(٤) البحر المحيط ٣ / ٣٠ : قال الفراء والزجاج والطبري وغيرهم هو استثناء منقطع والتقدير لن يضروكم لكن أذى باللسان.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٦) ب : عزير.+ ج زيادة : هو.

(٧) أنظر : تفسير الطبري ٤ / ٣١ نقلا عن ابن جريج+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (١١١)

٦٠