نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩

فلمّا وصل [عليّ] (١) ـ عليه السّلام ـ بهم إلى [النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٢) قال له : إنّ (٣) الله ـ سبحانه ـ قد أنزل فيك وفي أصحابك قرآنا. وتلا عليه الآيات (٤) إلى آخرها ـ والحمد لله (٥).

قوله ـ تعالى ـ : «ويتفّكرون في خلق السّموات والأرض» :

قال جماعة من المفسّرين : يتفكّرون فيما خلق الله فيها (٦) من الشّمس والقمر والنّجوم وما في ذلك من الحكمة والمنفعة ، وفي الأرض وما فيها (٧) من الحيوانات والنّبات والأشجار والأنهار والزّروع وما في ذلك من الحكمة والمنفعة (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) ؛ أي : ما (٩) خلقته عبثا ، بل (١٠) اعتبارا ودلالة على وحدانيّتك وحكمتك وطريق إلى معرفتك وعبادتك.

قوله ـ تعالى ـ : (سُبْحانَكَ ، فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١٩١) :

__________________

(١) من م.

(٢) البرهان : المدينة.

(٣) من هنا ليس في «ب» إلى موضع سنذكره.

(٤) البرهان زيادة : من آخر آل عمران.

(٥) البرهان زيادة : ربّ العالمين.+ عنه البرهان ١ / ٣٣٢. وورد مؤدّاه في تفسير القمّي ١ / ١٢٩ وأمالي الطوسي ٢ / ٨٤ ـ ٨٦ وكشف الغمّة ١ / ٤٠٦ وعنها كنز الدقائق ٣ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ونور الثقلين ١ / ٤٢٣ ، ح ٤٨٥ ، ٤٩٢ والبرهان ١ / ٣٣٣ ، ح ١٢ وفيه ١ / ٣٣٣ ، ح ٥ عن الاختصاص.

(٦) ج ، د : فيهما.+ م : فيهما في السموات.

(٧) أ : فيهما.

(٨) أنظر : مجمع البيان ٢ / ٩١٠ ، تفسير أبي الفتوح ٣ / ٢٨٦.

(٩) ليس في ج.

(١٠) ليس في ج.

١٠١

«سبحانك» تنزيه لله (١) ممّا لا يجوز عليه.

و «قنا» من الوقاية ، عذاب جهنّم.

وهذا تعليم من الله ـ تعالى ـ لهم ولنا ، بأن ندعوا الله ـ سبحانه ـ أن يلطف بنا (٢) ويوفّقنا لطاعته الّتي ننال بها الثّواب ، وننجو من العقاب.

قوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا! إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) ؛ يعني : تخلّده فيها.

«فقد أخزيته» ؛ أي : أهنته وفضحته.

ومثله ، عن أنس وابن المسيّب قالا : من تدخله النّار وتخلّده فيها ، فقد أخزيته. (٣) ومثله عن الحسن (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (١٩٢) ؛ يريد : يوم القيامة ، ليس لهم من ينصرهم ويدفع (٥) عنهم العقاب (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا! إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ : أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ. فَآمَنَّا ، رَبَّنا! فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ؛ أي : استر علينا.

(وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) ؛ أي : معاصينا ، ووقّفنا للإيمان والتّوبة الّتي تكفّر عنّا السّيّئات.

__________________

(١) ج ، د ، م زيادة : وتبرئة.

(٢) ليس في أ.+ د ، م : لنا.

(٣) تفسير الطبري ٤ / ١٤١.

(٤) تفسير الطبري ٤ / ١٤١.

(٥) أ : يرفع.

(٦) ج ، د (خ ل) : العذاب.

١٠٢

(وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) (١٩٣) ؛ أي : مع الصّلحاء المؤمنين ، والمطيعين لك.

(رَبَّنا! وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) ؛ أي : على لسان رسلك ، من الجنّة والثّواب على طاعتك.

(وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) ؛ أي : لا تفضحنا على رؤوس الأشهاد في ذلك اليوم ، بما أسلفنا من المعاصي.

(إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (١٩٤) ؛ يريد : قوله ـ سبحانه ـ : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ ، وَآمَنَ ، وَعَمِلَ صالِحاً. ثُمَّ اهْتَدى).

قوله ـ تعالى ـ : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) ، مَتاعٌ قَلِيلٌ) :

الخطاب لمحمّد ـ عليه السّلام.

قال مقاتل : أراد ـ سبحانه ـ هاهنا : أعداء نبيّه ـ عليه السّلام ـ من قريش وجبابرتها ، وما كانوا فيه من الثّروة والسّعة (١).

وقال الكلبيّ : ما كانوا فيه من التّجارة ، والضّرب في البلاد لها (٢).

وقال السدي : ضربهم في الأرض وتقلّبهم فيها ، ومعافاتهم من البلاء (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (مَتاعٌ قَلِيلٌ) ؛ أي : هو متاع قليل في الدّنيا [ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (١٩٧)] ثمّ ينقطع عنهم ، ونقلبون إلى العذاب الدّائم (٤).

__________________

(١) مجمع البيان ٣ / ٩١٥ ، + أسباب النزول / ١٠٣ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٢) أنظر : مجمع البيان ٣ / ٩١٥ نقلا عن الفراء.+ ليس في م : لها.

(٣) تفسير الطبري ٤ / ١٤٥.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) (١٩٨)

١٠٣

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ، لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) ؛ يريد عبد الله (١) ابن سلام وكعب بن الأحبار ، وأمثالها من علماء أهل الكتاب الّذين أسلموا وحسن إسلامهم.

وروي : أنّ هذه الآية نزلت في النّجاشيّ وأصحابه الّذين أسلموا ، وقدموا مع جعفر بن أبي طالب وحسن إسلامهم ، ولم يشاهدوا النّبيّ ـ عليه السّلام. وكان يلقّب النّجاشيّ بأضخمة. واسمه عطيّة. و «الضّخمة» سواد في خضرة وبياض (٢).

وروي : أنّ النّجاشيّ لما مات نعاه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ [إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٣) في اليوم الّذي مات (٤) فيه.

فقال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : أخرجوا لنصلّي على أخ لكم قد مات في هذا اليوم [وهو من الحبشة] (٥). وخرج بهم إلى البيقع ، فصلّى عليه ، وكبّر خمسا ، ودعا له.

فقال المنافقون : انظروا إلى هذا ، قد صلّى على نصرانيّ بنجران (٦) لم يره قطّ ، ولا هو على دينه وملّته (٧).

__________________

(١) أ ، ج ، د : كعبد الله.

(٢) تفسير الطبري ٤ / ١٤٦ نقلا عن قتادة.

(٣) ليس في أ.

(٤) د زيادة : في هذا اليوم وهو من الحبشة.

(٥) من هامش أ.

(٦) ج زيادة : في هذا اليوم وهو في الحبشة.

(٧) أسباب النزول / ١٠٣ ، تفسير الطبري ٤ / ١٤٦ نقلا عن قتادة.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩٩)

١٠٤

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) ؛ يريد : على البلاء والجهاد.

(وَصابِرُوا) ؛ يريد : صابروا عدوّكم وعدوّه.

[(وَرابِطُوا) عدوّكم وعدوّه] ؛ (١) يعني : اثبتوا على موافقته ومحاربته. عن مجاهد (٢).

وقال الضّحّاك والحسن وقتادة : «اصبروا» على دينكم. «وصابروا» الكفّار.

«ورابطوا» (٣) في سبيل الله ـ هكذا ـ (٤).

وقال مقاتل : «اصبروا» على أمر الله وفرائضه. «وصابروا» مع نبيّه في المواطن كلّها. «ورابطوا» العدوّ في سبيل الله (٥).

وقال أبو عبيدة : «رابطوا» اثبتوا وداوموا محاربة عدوّه (٦).

وقال أمامة : «رابطوا» أي : انتظروا الصّلاة [في مسجد النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بعد الصّلاة] (٧).

وقيل : «اصبروا» على من افترى عليكم. «وصابروا» عدوّكم في سبيل

__________________

(١) ليس في د.

(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٣) ج ، د ، م : ورابطوهم.

(٤) التبيان ٣ / ٩٥+ تفسير الطبري ٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨.

(٥) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٠٠.

(٦) مجاز القرآن ١ / ١١٢.

(٧) ليس في د.+ أنظر : تفسير الطبري ٤ / ١٤٨.

١٠٥

الله. (١) «ورابطوا» قال بعض المفسّرين : فيه قولان : الأوّل «رابطوا» على الجهاد.

والثّاني «رابطوا» على انتظار الفرج من الله (٢).

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) أنظر : البحر المحيط ٢ / ١٤٩.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠)

١٠٦

ومن سورة النّساء

وهي مائة وسبعون آية خمس آيات.

مدنيّة.

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا رَبَّكُمُ) (١) :

هذا نداء مفرد ، مبنيّ على الضّمّ. و «النّاس» نعت.

قوله ـ تعالى ـ : «اتَّقُوا رَبَّكُمُ» ؛ أي : أطيعوه.

وسئل الصّادق ؛ جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ عن التّقوى.

فقال : هو أن يطاع الله فلا يعصى ، (٢) وأن يذكر فلا ينسى ، (٣) وأن يشكر فلا يكفر (٤).

__________________

(١) هامش ج زيادة : أيّها.

(٢) ج : ولا يعصى.

(٣) ج : ولا ينسى.

(٤) ج : ولا يكفر.+ عنه البرهان ١ / ٣٣٥ ، ح ١.+ روى الصدوق عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن النضر عن أبي الحسين ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عزّ وجلّ : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران (٣) / ١٠٢] قال : يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر. معاني الأخبار / ٢٤٠ وعنه كنز الدقائق ٣ / ١٨٣ والبرهان ١ / ٣٠٤ ونور الثقلين ١ / ٣٧٦ والصافي ١ / ٢٨٤ وورد مثله في تفسير العيّاشي ١ / ١٩٤ وعنه البرهان ١ / ٣٠٥ والصافي ١ / ٢٨٤.

١٠٧

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : من آدم ـ عليه السّلام.

وسمّي آدم ، لأنّه خلق من أديم الأرض كلّها ؛ عذبها وملحها. ولذلك اختلف (١) ألوان ولده ، وطباعهم. (٢) روي ذلك عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) ؛ يعني : حوّاء.

وسمّيت بذلك ، لأنّها خلقت من حيّ. قال الله ـ تعالى ـ : «خلق منها زوجها» ؛ «يعني : حوّاء» (٤) خلقها الله من ضلعه اليسار ، وهي القصيرى آخر الأضلاع.

وسمّيت حوّاء امرأة ، لأنّها خلقت من المرء ، وهو آدم ـ عليه السّلام ـ.

وروي عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أنّها خلقت من فضل طينة آدم ـ عليه السّلام ـ عند دخوله الجنّة (٥).

__________________

(١) ج ، د ، م : اختلفت.

(٢) م : طبائعهم.

(٣) روى الصدوق عن الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي عن أبي جعفر عمارة السكوني السرياني عن ابراهيم بن عاصم بقزوين عن عبد الله بن هارون الكرخي عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله مولى رسول الله عن أبيه عبد الله بن يزيد عن يزيد بن سلام أنّه سأل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ... عن آدم لم سمّي. قال : لأنّه خلق من طين الأرض وأديمها. قال : فآدم خلق من الطين كله أو طين واحد ، قال : بل من الطين كله ، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا وكانوا على صورة واحدة. العلل / ٤٧١ ضمن حديث ٣٣.+ ورد مؤدّاه في البحار ١١ / ٩٧ ـ ١٢٢ ، ج ٤ و ٦ و ٧ و ١٢ و ٣٢ و ٣٤ و ٣٥.

(٤) ليس في ج ، د.

(٥) عنه البرهان ١ / ٣٣٦ ح ٤.+ التبيان ٣ / ٩٩ وليس فيه عند دخوله الجنّة.+ روى العيّاشي : عن

١٠٨

وقيل : بعده (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَاتَّقُوا اللهَ ، الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) :

بالخفض ، وهو قولهم : أسألك بالله وبالرّحم.

وبالفتح ، قرأه القرّاء والمفسّرون. ومعناه : اتّقوا الله أن تعصوه ، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها.

وهذه الآية خطاب لجميع المكلّفين ، ووعظ وزجر من ارتكاب المعاصي وقطيعة الأرحام. وأراد بذلك : (٢) الوصيّة بالأولاد والوالدين والإخوة ؛ من الذّكور والإناث والأقارب الضّعفاء. فأعلمهم ـ سبحانه ـ أنّهم من نفس واحدة ، ليكون ذلك أدعى للزوم حدوده (٣) وأوامره في توريثهم (٤) وصلتهم (٥) والتّعطّف عليهم والرّحمة

__________________

عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ من أيّ شيء خلق الله حوّاء؟ فقال : أيّ شيء يقولون هذا الخلق؟ قلت : يقولون : إنّ الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم ، فقال : كذبوا أكان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟ فقلت : جعلت فداك يا ابن رسول الله من أىّ شيء خلقها؟ فقال أخبرني أبي عن آبائه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه ـ وكلتا يديه يمين ـ فخلق منها آدم وفضلّت فضلة من الطين فخلق منها حواء. تفسير العيّاشي ١ / ٢١٦ ، ح ٧+ وعنه البرهان ١ / ٣٣٦ ، ح ١٠ ونور الثقلين ١ / ٤٢٩ ، ح ٦ والصافي ١ / ٣٢٥ وورد مؤادّة في العلل / ٤٧١ ، ضمن حديث ٣٣ عنه عليه السّلام وص ٥١٢ ضمن حديث ١ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعنهما كنز الدقائق ٣ / ٣١٢ و ٣١٣ ونور الثقلين ١ / ٤٣٣ ح ١٤ وص ٤٣٤ ح ١٥ والصافي ١ / ٣٢٥.

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ليس في د.

(٣) أ ، د : للّزوم وحدوده.

(٤) ج : تورّثهم.

(٥) أ : صلاتهم.

١٠٩

لهم ، ولا يأنف بعضهم عن (١) بعض لفقرا ورزاحة حال (٢) أو مرض.

[قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ ، كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (١) ؛ أي : شاهدا وحافظا.

ويؤيّده (٣) : ما روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : قال الله ـ تعالى ـ : أنا الرّحمن ، اختلفت الرّحم وشققت لها اسما من اسمي. فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتّته. (٤) وفي مثال هذا الخبر كثرة.

وصلة الرّحم تكون بعدد النّسب ، وقد يكون بالاتفاق على الرّحمة.

وروى الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ أحدكم ليغضب فيما يرضى ، حتّى أنّه يدخله النّار. فأيّما رجل منكم غضب على ذي رحم فليمسّه ، فإنّ الرّحم إذا مسّه الرّحم استقرّت. وأنّها معلّقة بالعرش تنادي :

اللهم ، صل من وصلني ، واقطع من قطعني] (٥).

__________________

(١) ج ، د ، م : من.

(٢) ليس في أ ، ج.

(٣) أ زيادة : قوله.

(٤) حدّثنا على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدّثني أبي عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه محمّد بن خالد عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن جميع ، قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مع نفر من أصحابه فسمعته وهو يقول : إنّ رحم الأئمّة ـ عليه السّلام ـ من آل محمّد ـ عليه السّلام ـ لتتعلّق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين تقول : يا ربّ صل من وصلنا واقطع من قطعنا. قال : ويقول الله تبارك وتعالى : أنا الرّحمن وأنت الرّحم شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته. معاني الأخبار / ٣٠٢.

(٥) ليس في ج ، د ، م.+ تفسير العيّاشي ١ / ٢١٧ ، ح ٨ بتفاوت يسير وعنه البرهان ١ / ٢٣٨ ، ح ٥ وكنز الدقائق ٣ / ٣١٨ ونور الثقلين ١ / ٤٣٦ ، ح ٢٣ وورد مؤادّه في الكافي ٢ / ١٥١ ، ح ٧ و ٨ و ١٠ و ٢٦ و ٢٩ وعنه نور الثقلين ١ / ٤٣٧ ، ح ٢٧ وكنز الدقائق ٣ / ٣١٩ والبرهان ١ / ٣٣٨ ، ح ٣ وفي العيون ١ / ٢٥٥ ، ح ٥ وعنه كنز الدقائق ٣ / ٣١٩ ونور الثقلين ١ / ٤٣٧ ، ح ٣٠.

١١٠

قوله ـ تعالى ـ : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) ؛ يريد : عند البلوغ.

(وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ ، بِالطَّيِّبِ) :

قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : لا تتبدّلوا الحلال من أموالكم (١) بالحرام من أموالهم (٢) ، لأجل الجودة والزّيادة فيه. (٣) وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ (٤).

واختلفوا في صفة التّبديل :

فقال بعض المفسّرين : كان أوصياء اليتامى يعمدون إلى الجيّد من مال اليتامى فيأخذونه ، ويجعلون مكانه الرّديء (٥).

وقال السدّي : كان الرّجل منهم يعمد إلى الشّاة المهزولة من ماله فيدخلها في مال اليتيم ، ويأخذ بدلها (٦) سمينة ، فنهوا عن ذلك (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) ؛ [أي : مع أموالكم] (٨). قال الله ـ تعالى ـ : «من أنصاري إلى الله» ؛ أي : مع الله.

(إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) (٢) ؛ أي : إثما عظيما.

__________________

(١) ج ، د ، م : مالكم.

(٢) ج ، د ، م : مالهم.

(٣) تفسير الطبري ٤ / ١٥٣.

(٤) عنه البرهان ١ / ٣٣٩.+ التبيان ٣ / ١٠٢.

(٥) تفسير الطبري ٤ / ١٥٣ نقلا عن إبراهيم.

(٦) أ : بها.

(٧) تفسير الطبري ٤ / ١٥٣.

(٨) ليس في د.

١١١

وقيل : لا تخلطوا (١) الجيّد من أموالهم بالرّديء من أموالكم ، فإنّ فيه ظلما عليهم (٢).

وروي : أنّه لمّا نزلت هذه الآية ، كرهوا مخالطتهم. فأنزل الله ـ تعالى ـ : «وإن تخالطوهم فإخوانكم». وذلك بشرط العدل. لأنّ الله ـ تعالى ـ قال : «ويسألونك عن اليتامى ، قل : إصلاح لهم خير» (٣) روي ذلك عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٤).

وقال بعض المفسّرين : إنّ السّبب في الآية ، أنّ الرّجل منهم تكون اليتيمة في حجره فيعجبه مالها وجمالها. وكان يريد أن يتزوّجها من غير أن يعدل في صداقها ، فنهوا عن ذلك (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) ؛ أي : خفتم أن لا تعدلوا. يقال : قسط : [إذا جار. وأقسط] : (٦) إذا عدل. يقول ـ سبحانه ـ : فكذلك ، فخافوا في النّساء من الجور عليهنّ في القسمة.

(فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ، مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).

«طاب لكم» ؛ أي : حلّ لكم.

__________________

(١) ج : لا تخبطوا.

(٢) تفسير الطبري ٤ / ١٥٤ نقلا عن مجاهد وحسن.

(٣) تفسير الطبري ٤ / ١٥٤ نقلا عن حسن.

(٤) التبيان ٣ / ١٠٢.+ مجمع البيان ٣ / ٧ نقلا عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ وعنه البرهان ١ / ٣٣٩ ، ح ٣ ونور الثقلين ١ / ٤٣٧ ، ح ٣١.

(٥) تفسير الطبري ٤ / ١٥٥ نقلا عن عائشة بطرق متعدّدة.

(٦) ليس في د.

١١٢

[«مثنى» اثنان] (١). «وثلاث» ثلاثة. «ورباع» أربعة. واقتصر (٢) ـ سبحانه ـ على الأربع ، وحظر ما زاد عليهنّ للدّوام.

و «الواو» هاهنا ، بمعنى : «أو» في كلام العرب. قال الشّاعر ، وهو السّيّد الرّضيّ الموسويّ ـ قدس الله سرّه ـ :

ومن يسأل الرّكبان عن كلّ غائب

فلا بدّ أن يلقى بشيرا وناعيا (٣)

معناه : أو ناعيا.

وفيها ردّ على من قال : إنّ (٤) الآية تقتضي (٥) إباحة تسع. ولو فهم هذا القائل أنّ «الواو» في كلامهم بمعنى (٦) : «أو» لم يقل ذلك.

و «مثنى» في الآية بدل من «ما». ولا ينصرف ، لأنّه معدول عن اثنين اثنين. (٧) وكذلك «ثلاث ورباع» عن ثلاثة وأربعة.

وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ وابن جبير وجماعة من المفسّرين : المعنى في الآية : فإن خفتم في مال اليتيم ، فكذلك في النّساء. لأنّهم كانوا يتحرّجون في النّساء في الجاهليّة (٨).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) أ : اقتصّه.

(٣) ديوان السيد الرضي ٢ / ٩٦٨.

(٤) إنّ.

(٥) ليس في د.

(٦) أ ، ب : يعني.

(٧) من م.

(٨) تفسير الطبري ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٧.+ التبيان ٣ / ١٠٣.

١١٣

وقال الضّحّاك والحسن وجماعة من المفسّرين : هذه الآية ناسخة لما كانت الجاهليّة عليه وما كان في أوّل الإسلام ، من كون الرّجل منهم كان له أن يتزوّج ما شاء من الحرائر. فقصرهم الله ـ تعالى ـ على الأربع للدّوام ، وحظر ما عداهنّ (١).

وقال الكلبيّ : كانوا يتزوّجون بما (٢) شاؤوا من التّسع والعشر ، ولم يتحرّجوا في الميل بينهنّ والعدل في القسمة. فأنزل الله ـ تعالى ـ الآية بأن قال : فإن تحرّجتم في مال اليتيم خوفا ، فخافوا ـ أيضا ـ في النّساء ألّا تعدلوا (٣) بينهنّ إذا جمعتم بين كثير منهنّ. [فاقتصروا منهنّ] (٤) على أربع ، (٥) وساووا بينهنّ في القسمة (٦).

وقال عكرمة : كان الرّجل من (٧) قريش يتزوّج العشر من النّساء ، فإذا صار معدما (٨) مال على مال يتيمته (٩) الّتي في حجره فأنفقه عليهنّ. فقال ـ سبحانه ـ : فاقتصروا على الأربع ، حتّى لا تأخذوا من مال اليتيم شيئا (١٠).

وقال مجاهد : المراد في الآية : إن تحرّجتم عن مال اليتيم ، فكذلك (١١) تحرّجوا

__________________

(١) تفسير الطبري ٤ / ١٥٦.

(٢) ج ، د ، م : ما.

(٣) أ : لا تعدلوا.

(٤) ليس في د.

(٥) أ ، ج ، د : الأربع.

(٦) أسباب النزول / ١٠٥ نقلا عن ابن عباس.

(٧) ليس في د.

(٨) د : معدوما.

(٩) أ : يتيمة.

(١٠) تفسير الطبري ٤ / ١٥٦.

(١١) من التبيان ٣ / ١٠٤.

١١٤

عن النّساء (١).

«فانكحوا ما طاب لكم» ؛ أي : ما أحلّ لكم.

قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا ، فَواحِدَةً. أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) : [يقول ـ سبحانه ـ : فإن خفتم ألّا تعدلوا بينهنّ في القسمة ، فانكحوا واحدة.

(أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)] (٢). (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣) ؛ أي : ذلك أحرى أن لا تجوروا في القسمة.

وقيل : ذلك أحرى أن لا تكثروا (٣) عيالكم (٤).

وأصل العول : الزّيادة. يقول ـ سبحانه ـ : إذا خفتم من الجور وكثرة العيال فاقتصروا على واحدة منهنّ ، أو ما ملكت أيمانكم من الإماء.

وقرأ الأعرج : «فواحدة» بالرّفع. والمعنى : فواحدة تقنع. وهو ابتداء محذوف الخبر.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ، إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً. وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١٠) (٥) :

روي عن النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : أنّ آكل مال اليتيم ظلما ، يخرج من قبره والنّار تخرج من فمه (٦) ومنخريه وأذنيه وعينيه. ويكون ذلك دلالة للنّاس ، على أنّه

__________________

(١) التبيان ٣ / ١٠٤.

(٢) ليس في ج.

(٣) ج ، د ، م : تكثر.

(٤) تفسير الطبري ٤ / ١٦١ نقلا عن ابن زيد.

(٥) لا يخفى أنّ هذه الآية والرواية التالية وقعت في غير محلّها.

(٦) أ ، ج ، ب : فيه.

١١٥

كان في الدّنيا يأكل مال اليتيم ظلما (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ ، نِحْلَةً) ؛ أي : فريضة. عن مقاتل (٢).

وقيل : تديّنا. عن غيره. من قولهم : ينتحل كذا ؛ أي : يتديّن به (٣).

وقيل : هذا نسخ لنكاح (٤) الشّغار (٥) ، الّذي كان في الجاهليّة (٦).

ونصب «نحلة» لأنّه مصدر في موضع الحال.

قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً ، فَكُلُوهُ) ؛ أي : وهبن لكم من الصّداق شيئا ، فكلوه (هَنِيئاً مَرِيئاً) (٤) ؛ أي : حلالا طيّبا (٧).

ونصب «هنيئا مريئا» لأنّهما حالان من الهاء في «فكلوه».

__________________

(١) روى الكليني عن عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرّزاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمّد بن سالم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلما (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) وذلك أنّ آكل مال اليتيم يجيء يوم القيامة والنّار تلتهب في بطنه حتّى يخرج لهب النار من فيه ، حتّى يعرفه كلّ أهل الجمع ، أنّه أكل مال اليتيم. الكافي ٢ / ٣١ ـ ٣٢ ، ضمن حديث ١. وعنه كنز الدقائق ٣ / ٣٤٣ ونور الثقلين ١ / ٤٤٩ ، ح ٨٧ والبرهان ١ / ٣٤٦ ، ح ٤.

(٢) تفسير الطبري ٤ / ١٦١ ـ ١٦٢ نقلا عن قتادة.

(٣) التبيان ٣ / ١٠٩ نقلا عن الزجّاج وابن خالويه.

(٤) أ : النكاح.

(٥) وهو أن تزوّج الرجل امرأة ما كانت ، على أن يزوّجك أخرى بغير مهر. لسان العرب ٤ / ٤١٧ مادّة «شغر».

(٦) تفسير الطبري ٤ / ١٦٢ نقلا عن الحضرمي.

(٧) ليس في أ.

١١٦

قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ، الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) :

قيل : «السّفهاء» النّساء والصّبيان ، هاهنا (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها ، وَاكْسُوهُمْ) ؛ أي : أطعموهم منها واكسوهم ، ولا تسلّموها إليهم (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَابْتَلُوا الْيَتامى) ؛ أي : اختبروهم.

(حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) ؛ يعني : الاحتلام.

(فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) ؛ أي : علمتم منهم عقلا ودينا وصلاحا ، وحفظا للمال (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) واشهدوا عليهم بها.

(وَلا تَأْكُلُوها ، إِسْرافاً وَبِداراً [أَنْ يَكْبَرُوا]) ؛ أي : إفراطا ومبادرة ، قبل «أن يكبروا» ويعقلوا.

قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا ، فَلْيَسْتَعْفِفْ) ؛ أي : غنيّا عن (٣) الأجرة الّتي يفرض له الحاكم في القيام بمال اليتيم وحفظه ، والنّفقة عليه منه. فلا يأخذ من مال اليتيم شيئا وليمتنع منه ، فإنّه أفضل له.

(وَمَنْ كانَ فَقِيراً ، فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ أي : يأخذ من الأجرة بمقدار ما يفرض له الحاكم (٤).

__________________

(١) تفسير الطبري ٤ / ١٦٤ ـ ١٦٥ نقلا عن حسن والسدي.

(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٥)

(٣) أ : من.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ).

١١٧

(وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٦) ؛ أي : شهيدا ومجازيا ومحاسبا.

قوله ـ تعالى ـ : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) ؛ أي : حقّ (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ. وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ) ؛ أي : سهم (١).

روي : أنّ السّبب في هذه الآية ، أنّهم كانوا (٢) في الجاهليّة يورثون الذّكور دون الإناث. فنسخ الله ـ تعالى ـ بهذه الآية ما كانت الجاهليّة عليه (٣).

وإذا قد جرى ذكر المواريث ، فلنذكر جملة موجزة فيها على مذهب أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ ويعتمد عليها في جميع مسائله ـ إن شاء الله تعالى ـ.

والتّوارث عند أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ بأمرين : نسب (٤) وسبب.

والنّسب على ضربين : الأبوان ، ومن يتقرّب بهما. والآخر الولد ، وولد الولد وإن سفل ، ذكرا كان أو أنثى ، ومن يتقرّب به.

والسّبب على ضربين : نكاح ، وولاء.

فالإرث بالنّكاح يثبت مع كلّ نسب ، والإرث بالولاء لا يثبت إلّا مع فقد كلّ نسب.

والموانع من الإرث ثلاثة أشياء : كفر ، ورقّ ، وقتل لمن كان يرثه لو (٥) قتله عمدا ظلما.

__________________

(١) د : منهم.

(٢) من م.

(٣) أسباب النزول / ١٠٦. تفسير الطبري ٤ / ١٧٦ نقلا عن ابن زيد وعكرمة.

(٤) ليس في أ.

(٥) أ ، م ، د : لو لا.

١١٨

والولد يمنع من يتقرّب به ومن يجري مجراه من ولد إخوته وأخواته ، ويمنع من يتقرّب بالأبوين عن أصل الإرث ، ويمنع الأبوين عمّا زاد على السّدسين إلّا على سبيل الردّ مع البنت والبنات ، ويسقط نصف سهم الزّوج والزّوجة.

والأبوان (١) يمنعان من يتقرّب بهما أو بأحدهما ، ولا يتعدّى منعهما إلى غيره.

والزّوج والزّوجة لا حظّ لهما في المنع. ويترتّبون الأقرب فالأقرب. وكذا سبيل ولد الإخوة والأخوات. وكلّ من يتقرّب [بغيره من العمومة والعمّات والخئولة والخالات ، بأخذ نصيب من يتقرّب به] (٢) إذا استووا في الدّرجة ولم يكن أحد أقرب منهم.

والفرض في الميراث ينقسم ستّة أقسام : النّصف ، والرّبع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسّدس.

فالنّصف : فرض البنت الواحدة ، والأخت الواحدة للأب [والأمّ] (٣) ، والأخت للأب ، وفرض الزّوج إذا لم يكن ولد ولا ولد ولد وإن سفل.

والرّبع : فرض الزّوج مع الولد وولد الولد وإن سفل ، وفرض الزّوجة والزّوجات مع عدم الولد وولد الولد وإن سفل.

والثمن : فرض الزّوجة والزّوجات مع الولد وولد الولد وإن سفل.

والثلثان : فرض ما زاد على الواحدة من البنات ، و (٤) ما زاد على الواحدة من

__________________

(١) الصواب ما أثبتناه في المتن وفي النسخ : الأبوين.

(٢) ليس في ج.

(٣) ليس في أ.

(٤) ج زيادة : فرض.

١١٩

الأخوات للأب والأمّ أو (١) للأب.

والثلث : فرض [الأمّ] إذا لم يكن ولد ولا ولد ولد وإن سفل ، ولا إخوة ولا أخوات من قبل الأب والأمّ [أو الأب] (٢) مع بقاء الأب. وفرض ما زاد على الواحد من ولد الأمّ ، الذّكر [والأنثى فيه سواء.

والسّدس : فرض كلّ واحد من الأبوين مع الولد وولد الولد وإن سفل ، وفرض الأمّ مع الإخوة والأخوات إذا كان الأب حيّا ، وفرض الواحد من ولد الأمّ ذكرا] (٣) كان أو أنثى.

فهذا أصل المواريث ، ولا يخرج عنه شيء. وبين الفقهاء في مسائل من ذلك خلاف ، لا يحتمله كتاب التّفسير.

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ، أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ ، فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ. وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٨) :

قيل : ارضخوا لهم ، وردّوهم ردّا جميلا (٤).

قال جماعة من الفقهاء (٥) والمفسّرين : كان هذا في صدر الإسلام ، فنسخته آية المواريث (٦).

__________________

(١) ج زيادة : أب.

(٢) ليس في ج ، د ، م.

(٣) ليس في م.

(٤) تفسير الطبري ٤ / ٢٦٨ نقلا عن سعيد بن جبير.

(٥) ليس في ج.

(٦) تفسير الطبري ٤ / ١٧٨ نقلا عن سعيد ، ابن مالك ، ابن عبّاس.

١٢٠