نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩

قوله ـ تعالى ـ : «وروح منه» ؛ أي : يحيي به الله (١) الأرواح الميّتة إذا دعا بإحيائها.

وقيل : صار بنفخ روح الله ؛ جبرئيل ـ عليه السلام ـ حيث أمره الله ـ تعالى ـ بالّفخ في جيب درعها ، فحملت به ووضعته. والفاعل لذلك هو الله ـ تعالى ـ بقوله (٢) : «كن» فكان (٣).

قوله ـ تعالى ـ : ([فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ] وَلا تَقُولُوا [ثَلاثَةٌ]) ؛ أي :

لا تقولوا ثلاثة ؛ كما قالت النّصارى في الباري ـ عزّ وجلّ ـ وعيسى ـ عليه السلام ـ : أب ، وابن ، وروح القدس (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ، وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) مثل : جبرئيل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل. وهم عبيد الله ـ تعالى ـ (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ، إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ؛ يعني : اليهود والنّصارى ومن ضارعهم ، يؤمنون بعيسى وأنّه بنيّ مخلوق ؛ كآدم ـ عليه

__________________

(١) من م ، د.

(٢) د : لقوله.

(٣) مجمع البيان ٣ / ٢٢٣.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٧١)

(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) (١٧٢) والآية (١٧٣)

١٨١

السلام ـ [وأنّه] (١) لم يقتل.

وذلك عند نزوله من السّماء في آخر الزّمان ، عند خروج القائم من آل محمّد ـ عليه السلام ـ وظهور الدّجّال ؛ دجّال اليهود ، وظهور السّفيانيّ وغيره. ويخرج يوشع بن نون فيؤمن بالقائم ـ عليه السلام ـ ؛ كما آمن عيسى ـ عليه السلام ـ به ، ويصلّيان خلفه. ولا يقبل حينئذ الجزية من اليهود والنّصارى إلّا الإسلام ، أو يقتلوا.

وبذلك جاءت الأخبار ، عن النّبيّ ـ عليه السلام ـ وعن الأئمّة ـ عليهم السلام ـ (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) ؛ يعني : محمّدا ـ عليه السلام ـ.

(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (١٧٤) ؛ أي : كتابا واضحا تهتدون (٣) به ؛ يعني : القرآن العزيز (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (يَسْتَفْتُونَكَ) :

الخطاب لمحمّد نبيّه ـ عليه السلام ـ. وفيه اختصار ؛ أي : يستفتونك في الكلالة. (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) (الآية).

روي : أنّ السّبب في هذه الآية ونزولها ، أنّ جابر بن عبد الله الأنصاريّ ـ رحمة الله عليه ـ مرض ، فجاءه النّبيّ ـ عليه السلام ـ عائدا.

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) سقط قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩) + أنظر : كنز الدقائق ٣ / ٥٨٣ ـ ٥٨٥ ، نور الثقلين ١ / ٥٧٠ ـ ٥٧٢ ، البرهان ١ / ٤٢٦.

(٣) أ ، ب ، ج ، د : يهتدون.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (١٧٥)

١٨٢

فقال جابر : يا رسول الله ـ صلّى الله عليك ـ عندي تسع أخوات ـ أو سبع على اختلاف الرّواية ـ أفأوصي لهنّ بالثلثين من مالي؟

فقال له النّبيّ ـ عليه السلام ـ : أحسن. [ولم يكن نزل عليه في ذلك شيء.

فقال : أفأوصي لهنّ بالشّطر؟

فقال له : أحسن] (١). ثمّ خرج من عنده ، وقد تعافى ببركات النّبيّ ـ عليه السلام ـ.

ثمّ رجع النّبيّ ـ عليه السلام ـ بعد ذلك إليه ، وقد تعافى وبرىء من مرضه ، فقال له : يا جابر! قد أنزل الله لأخواتك الثلثين (٢).

قال البراء بن عازب : آخر آية نزلت في النّساء هذه الآية (٣).

وقال جابر : نزلت هذه الآية (٤) فيّ وفي أخواتي ، بالمدينة (٥).

و «الكلالة» الّتي ذكرها الله ـ تعالى ـ في أوّل هذه السّورة : هم الإخوة والأخوات من قبل الأمّ.

و «الكلالة» الّتي ذكرها الله ـ تعالى ـ (٦) في آخر السّورة : هم الإخوة من قبل الأب والأمّ. روي هذا عن عمر بن العلاء الشّيبانيّ (٧).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) أنظر : أسباب النزول / ١٣٩ ، تفسير الطبري ٦ / ٢٨.

(٣) تفسير الطبري ٦ / ٢٩.

(٤) ليس في د.

(٥) أسباب النزول / ١٣٩ ، مجمع البيان ٣ / ٢٢٩.

(٦) ج ، د ، م زيادة : هاهنا.

(٧) مجمع البيان ٣ / ٢٩ : المرويّ عن أئمّتنا أنّ الكلالة الأخوة والأخوات ... والمذكور في آخر السّورة من كان منهم من قبل الأب والأمّ أو من قبل الآباء.

١٨٣

قوله ـ تعالى ـ : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) ؛ أي : مات.

(لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ. وَلَهُ أُخْتٌ ، فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) والباقي ردّ عليها ، بالإجماع.

(وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ. فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ ، فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) والباقي ردّ عليهما ، بآية «أولي الأرحام».

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً ، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) : هذا إذا كانوا من كلالة الأب والأمّ ، أو من كلالة الأب. فإن كانوا من كلالة الأمّ ، فهم على السّواء في الميراث.

قوله ـ تعالى ـ : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) ؛ أي : لئلّا تضلّوا.

قال الشّاعر :

نزلتم منزل الأضياف منّا

فعجّلنا القرى أن تشتمونا (١)

أي : لئلّا تشتمونا.

(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٧٦) ؛ أي : عالم. وهو من أبنية المبالغة ؛ كقدير وسميع وبصير وحكيم.

قال بعض المفسّرين من أصحابنا : نزل في أوّل هذه السّورة بيان الولد والوالد ، وبعده ميراث الأزواج والزّوجات والإخوة والأخوات من قبل الأمّ. ثمّ ذكر المحرّمات. ثمّ ذكر أولي الأرحام بعد ذلك ، وهي (٢) قوله ـ تعالى ـ : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ ،

__________________

(١) من معلّقة عمرو بن كلثوم. هامش معني اللبيب ١ / ٥٥.

(٢) ج : هو.

١٨٤

بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (١) ؛ أي : القريب منهم أولى بالميراث ممن بعد بدرجة أو درجات.

وبين الفقهاء خلاف في بعض المواريث ، لا يحتمل كتاب التّفسير ذكرها (٢).

__________________

(١) الأنفال (٨) / ٧٥.

(٢) أنظر : مجمع البيان ٣ / ٢٣٠.

١٨٥

ومن سورة المائدة

وهي آخر سورة نزلت على النّبيّ ـ عليه السلام ـ بالمدينة.

وهي مائة وعشرون آية مدنيّة ، بلا خلاف.

وروي : أنّها لمّا نزلت على النّبيّ ـ عليه السلام ـ نزل معها سبعون ألفا من الملائكة ، يحفّونها حفّا. وبقي النّبيّ بعد نزولها (١) أحدا وثمانين يوما ، ثمّ قبضة الله إلى دار (٢) كرامته وبحبوحة جنّته. روي هذا (٣) عن ابن عبّاس ـ رحمه الله (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) :

روي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قال : كلّما أتي من (٥) القرآن «يا أيها النّاس» ، نزل بمكّة. وما أتي (٦) فيه «يا أيّها الّذين آمنوا» ، نزل (٧) بالمدينة (٨).

__________________

(١) من الموضع المذكور إلى هنا ليس في ب.

(٢) ليس في أ ، ب.

(٣) ليس في م.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ٥٢٥١ نقلا عن ابن جريج.

(٥) ب : في.

(٦) ب : نزل.

(٧) ج : نزلت.

(٨) أنظر : تفسير القرطبي ٦ / ٣١ نقلا عن علقمة.

١٨٦

و [العقود] هاهنا (٩) ، هي العهود الّتي كانت بينهم وبين المشركين. قال ذلك الفرّاء (١٠).

وقيل : [العقود] هاهنا ، هي (١١) الّتي تتعاقدها (١٢) النّاس بينهم في البيع والشّراء والنّكاح وغير ذلك (١٣).

وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ ومجاهد والكلبيّ والسدي : معنى ذلك : أوفوا بالفرائض ، وبما عقد الله ـ تعالى ـ فيما أحلّ وحرّم وأوجب (١٤).

وقيل : العقود والعهود واحد (١٥).

وقيل : بينهما فرق ؛ وهو أنّ (١٦) العقد لا يكون إلّا بين اثنين ، والعهد قد ينفرد به الواحد. فكلّ عهد عقد ، وليس كلّ عقد عهدا (١٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) :

كلّما استبهم عند العرب يسمّى : بهيمة ، لأنّه لا يميّز. حكى ذلك الزّجّاج (١٨).

__________________

(٩) أ ، ب ، ج ، د زيادة : قيل.

(١٠) معاني القرآن ١ / ٢٩٨.

(١١) ليس في م.

(١٢) م : تتعاقد.

(١٣) التبيان ٣ / ٤١٥.

(١٤) التبيان ٣ / ٤١٤ ، مجمع البيان ٣ / ٢٣٣.

(١٥) التبيان ٣ / ٤١٤.

(١٦) ليس في ب.

(١٧) مجمع البيان ٣ / ٢٣٢.

(١٨) مجمع البيان ٣ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

١٨٧

وقيل : إنّ البهائم اسم لكلّ ذي أربع ، من دوابّ البرّ والبحر (١).

و «الأنعام» قال قتادة : هي الإبل والبقر والغنم (٢).

وقال الكلبيّ : هي (٣) بقر الوحش وحمر الوحش والظّباء (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ؛ يريد : من الميتة والدّم ولحم الخنزير ، وما يأتي بعد ذلك في الآية.

وقوله ـ تعالى ـ : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ؛ أي : محرمون (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) ؛ أي : مشاعره ومناسكه وحدوده ، فيما أحلّ وحرّم.

(وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) ؛ أي : لا تقاتلوا فيه.

قال قوم من المفسّرين : هو رجب (٦).

وقال آخرون منهم : هو ذو الحجّة (٧).

وروي عن الصّادق ـ عليه السلام ـ [أنّه قال :] (٨) [هو ذو القعدة ، عام الصدّ.

لأنّ المشركين صدوّا النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٩) فيه (١٠) عام الحديبيّة عن البيت

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ٣٣ ـ ٣٤ نقلا عن قتادة.

(٢) تفسير الطبري ٦ / ٣٣ نقلا عن حسن.

(٣) ب : في.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ٣٥ نقلا عن ربيع بن أنس.

(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) (١)

(٦) تفسير الطبري ٦ / ٣٧ نقلا عن قتادة.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٩) ليس في أ.

(١٠) ج ، د ، أ : في.

١٨٨

الحرام. يقول ـ سبحانه ـ : لا تصدّوهم فيه (١١) ؛ كما صدّوكم عنه.

(وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ) :

[و «الهدي» هو هدي المشركين إلى الكعبة ، نهاهم الله (١٢) أن يتعرّضوا له.

«ولا القلائد»] (١٣) من قلّد بعيره في عنقه منهم وساقه ، فنهاهم الله أن يتعرّضوا له.

قال مقاتل : كانت العرب في الجاهليّة إذا أراد أحدهم سفرا في الشّهر الحرام قلّد بعيره ، فيأمن بذلك حيث توجّه (١٤). وكان أهل مكّة يقلّدون هداياهم في أعناقهم من لحاء شجر الحرام ، فيأمن بذلك حيث توجّه (١٥). وسائر العرب كانوا يقلّدون الشّعر والوبر (١٦).

وقال السدي : كان المحرم إذا حجّ وانصرف إلى أهله قلّد بعيره من لحاء شجر الحرام ، فيما بينه وبين انسلاخ المحرّم ، فيأمن بذلك (١٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) :

قال الكلبيّ : لا تستحلّوا قتال من حجّ من المشركين ، وقصد البيت الحرام (١٨).

__________________

(١١) م : عنه.

(١٢) ليس في ب.

(١٣) ليس في ج.

(١٤) تفسير الطبري ٦ / ٣٧ نقلا عن قتادة.

(١٥) تفسير الطبري ٦ / ٣٧ ـ ٣٨ نقلا عن عطاء.

(١٦) مجمع البيان ٣ / ٢٣٨ ، معاني القرآن للفرّاء ١ / ٢٩٩.

(١٧) تفسير الطبري ٦ / ٣٧ ـ ٣٨.

(١٨) تفسير الطبري ٦ / ٣٩ نقلا عن ابن زيد.

١٨٩

وسمّي : حراما (١) ، لحرمته (٢).

وقيل : سمّي بذلك ، لأنّه يحرم (٣) فيه ما يحلّ في غيره من البيوت (٤).

وقال الفرّاء : لا تمنعوا من قصد البيت الحرام من خارج البيت الحرام منهم.

وهي رخصة من الله ـ تعالى ـ للمشركين (٥).

وقيل : هي منسوخة بقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (٦) إلّا أن يسلموا ، أو يتوبوا (٧).

وقيل : لم ينسخ من هذه السّورة شيء ، سوى قوله ـ تعالى ـ : «ولا الشّهر الحرام» (٨).

وروي عن النّبيّ ـ عليه السلام ـ [أنّه قال : سورة] (٩) المائدة آخر ما نزل (١٠) من القرآن ، فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها (١١).

__________________

(١) أ ، ج ، د : حرما.

(٢) مجمع البيان ٣ / ٢٣٩.

(٣) م : محرّم.

(٤) مجمع البيان ٣ / ٢٣٩.

(٥) معاني القرآن ١ / ٢٩٩.

(٦) التوبة (٩) / ٢٨.

(٧) تفسير الطبري ٦ / ٤٠ نقلا عن قتادة وابن عبّاس.

(٨) تفسير الطبري ٦ / ٣٩.

(٩) أ : أنّ سورة.

(١٠) ج : أنزل.

(١١) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٨٤.+ سقط من هنا قوله تعالى : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً). وسيأتي قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا).

١٩٠

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) [ولا يكسبنّكم] (١) (شَنَآنُ قَوْمٍ) ؛ أي : بغض قوم.

(أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، أَنْ تَعْتَدُوا) ؛ [يريد : أن تعتدوا] (٢) على من حجّ إليه منهم ، فتصدّوهم عنه ؛ كما صدّوكم عنه.

وقيل : إنّها منسوخة بالأمر بالجهاد (٣).

وقيل : إنّها مخصوصة بقوم (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا حَلَلْتُمْ ، فَاصْطادُوا) ؛ يريد : إذا حللتم من إحرامكم بقضاء مناسككم كلّها. وهذا إباحة بلفظ الأمر.

وقوله ـ تعالى ـ : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) :

الميتة تحرّم كلّها ، إلّا ما (٥) ورد الشّرع بإباحته منها ؛ وهو : الصّوف ، والشّعر ، والوبر ، والرّيش المجزوزات ، والعظم ، والنّاب ، والقرن ، والبيض إذا اكتسي الجلد الفوقانيّ ، والإنفحة ، والمخلب والحافر إذا قطعا من الميتة ـ على رواية بعض الأصحاب (٦).

ويحرّم من المذكّى أربعة عشر شيئا ، وهي : الدّم ، والطّحال ، والمشيمة ،

__________________

(١) من ب.

(٢) ليس في ج.

(٣) تفسير الطبري ٦ / ٤٣ نقلا عن ابن زيد.

(٤) د : لقوم.+ تفسير الطبري ٦ / ٤٢ نقلا عن ابن عبّاس.+ سيأتي بعد صفحات بقيّة الآية.

(٥) ليس في ج.

(٦) أنظر : وسائل الشيعة ١٦ / ٣٦٥.

١٩١

والفرث ، والمرارة ، والقضيب ، والأنثيان ، والفرج الظاهرة وباطنه ، والعلباء ، والغدد ، والنّخاع ، وذوات الأشاجع ، والحدق ، والخرزة الّتي تكون في الدماغ.

وتكره الكليتان ـ أيضا.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ؛ أي : ما ذكر عليه عند الذّبح غير اسمه (١) ـ تعالى ـ.

وأصل الإهلال : رفع الصّوت. ومنه سمّي الهلال هلالا ، لرفع الأصوات عند رؤيته. ومنه : استهلّ المولود : إذا صاح.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَالْمُنْخَنِقَةُ) : [وهي الّتي تموت في خناقها] (٢).

[وقال الضّحّاك : هي الّتي تخنق (٣) فتموت (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْمَوْقُوذَةُ)] (٥) وهي المضروبة بالحجارة حتّى تموت.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) : وهي الّتي تقع من موضع عال فتموت.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّطِيحَةُ) ؛ يريد : المنطوحة. وهي فعيلة ، بمعنى : مفعولة.

وكانوا يتناطحون كالكباش ، فإذا ماتت أكلوها.

قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ ، إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ؛ أي : ما قبل الذّكاة وهو حيّ ، وأن يدركه وبه حراك لشيء من أعضائه.

__________________

(١) م : اسم الله.

(٢) ليس في ب.

(٣) ج : تختنق.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ٤٤.

(٥) ليس في ب.

١٩٢

قوله ـ تعالى ـ : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) : وهي ما ذبح على الأصنام والأوثان الّتي نصبوها للعبادة ، وكانوا يتقرّبون بذلك إليها.

وقيل : بل كانت حجارة يذبحون بها للأصنام (١).

قال بعض المفسّرين : السّبب في تحريم هذه الأشياء كلّها (٢) ، أنّ الجاهليّة كانت تحلّلها. فنهاهم الله ـ تعالى ـ عنها (٣) وحظرها (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ [ذلِكُمْ فِسْقٌ]) :

أخذ من قولهم : قسمت امري : أي : قلبته.

قال الشّاعر :

وتركت قومي يقسمون أمورهم (٥)

وقيل : يستقسمون ؛ أي : يطلبون الرّزق بالقداح (٦) ، وهي الأزلام ؛ يعني : السّهام الّتي كانوا يقامرون بها. وهي عشرة. ذوات (٧) الحظوظ منها سبعة ، على كلّ واحد حظّه ؛ أي : علامة سهمه. وهي : الفذّ ، والتّوأم (٨) [والرّقيب ، والحلس ، والنّافس ، والمسبّل ، والمعلّي.

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ٤٨ نقلا عن مجاهد.

(٢) ليس في ب.

(٣) ليس في ب.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ٤٨ نقلا عن السدي.

(٥) للراعي. التبيان ٣ / ٤٣٣ وعجزه : إليك أم يتلبثون قليلا.

(٦) تفسير الطبري ٦ / ٤٩ نقلا عن سعيد بن جبير.

(٧) ب : ذات.

(٨) ب زيادة : له ثلاثة أسهم.

١٩٣

فالفذّ له سهم واحد ، والتّوأم له سهمان] (١) والرّقيب له ثلاثة أسهم ، والحلس له أربعة أسهم ، والنّافس له خمسة أسهم ، والمسبّل له ستّة أسهم ، والمعلّى له سبعة أسهم.

والثّلاثة الباقية أغفال ؛ أي : لا سمات عليها ، ولا حظوظ. وهي : السّفيح ، والمنيح ، والوغد.

وكانت عند الحكم في ربابة ، وهي كيس أو جراب. فإذا أرادوا القمار ، أحضرها الحكم. فأخذ كلّ رئيس منهم قدحا يختاره ، يكون (٢) غنمه له (٣) وغرمه عليه. وكانوا يحضرون جزورا من الإبل ، فينحرونه ويقسّمونه عشرة أجزاء ، وما يفضل منه يكون للحكم.

وكان الحكم يجيل السّهام ويقلقها (٤) في الرّبابة ، ثمّ يلقيها على الأرض وقد عرف كلّ رئيس سهمه (٥). فإن (٦) جاء السّهم وفرضه متلقّ للأرض قمر صاحبه وعزّم ، وإن جاء متلقيا للسّماء فاز صاحبه (٧) وغنم ، وإن جاء يمنة أو يسرة كان لا اله ولا عليه.

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ب : فيكون.

(٣) ليس في ب.

(٤) ب ، ج ، د : ويقلقلها.

(٥) ب ، ج : سهم قدحه.+ م : قدحه.

(٦) م : فإذا.

(٧) فى هنا إلى موضع في صفحة ١٩٦.+ ليس في ب.

١٩٤

وكانوا يفعلون ذلك في المجاعات والأوقات الباردة (١) والمجدبة ، وعلى الشّرب. وثمن الجزور على من لا يخرج له شيء. وكان الرّئيس الّذي يقمر لا يأخذ منه ، بل تتّهبه (٢) النّاس. وإن أخذ منه شيئا عيّر به ، وعيب عليه (٣).

وقال بعض المفسّرين : الأزلام كانت ثلاثة سهام ، وكانت في الكعبة ، على (٤) واحد منها (٥) : أمرني ربّي. وعلى الثّاني : نهاني ربّي. والثّالث غفل (٦) ، لا سمة عليه.

وكان (٧) الرّجل منهم إذا أراد سفرا أو حاجة أجالها ، فيمتثل (٨) ما يأمره به السّهم أو ينهاه عنه (٩).

وقال بعض المفسّرين : بل كانت بيضا عليها ذلك (١٠).

قوله ـ تعالى ـ : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى. وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) :

يقول ـ سبحانه ـ : وتعاونوا على طاعة الله ـ تعالى ـ وعلى جميع أفعال الخير والبرّ. «ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» ؛ يعني : معصية الله ، وظلم عباده ، وعلى

__________________

(١) ليس في م.

(٢) ج : تهيبه.+ أ : تتهيبه.

(٣) ليس في ج.

(٤) أ ، ج ، د ، م زيادة : كلّ.

(٥) أ ، ج ، د ، م : منهم.

(٦) أ ، ج ، د زيادة : ربّي.

(٧) ج : وقد كان.

(٨) أ ، ج ، د : فيتمثّل.

(٩) تفسير الطبري ٦ / ٤٩ نقلا عن حسن.+ ليس في م : عنه.

(١٠) تفسير أبي الفتوح ٤ / ١٠٣.

١٩٥

جميع ما نهى عنه (١).

قوله ـ تعالى ـ : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) ؛ أي : من عبادتكم.

وذلك أنّ النّاس بعد نزول هذه السّورة دخلوا كلّهم في الإسلام ، إلّا من شذّ ، وعملوا ما أمرهم الله ـ تعالى ـ على لسان نبيّه ـ عليه السلام ـ وتركوا ما نهاهم عنه.

وذلك في حجّة الوداع الّتي نعى النّبيّ ـ عليه السلام ـ نفسه فيها إليهم ، وفيها كان النّصّ على عليّ ـ عليه السلام ـ بالأمر بعده بغدير خمّ. وسيأتي ذلك في هذه السّورة مبيّنا ـ إن شاء الله تعالى ـ (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) ؛ أي : في مجاعة ، فلا إثم عليه ؛ يريد : [لا إثم عليه] (٣) في أكل الميتة ؛ أي : لا حرج عليه في ذلك مع الاضطرار إليه ، ليحفظ نفسه من التّلف والهلكة. قال الله ـ تعالى ـ : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) ؛ أي : لصيد (٥). غير مائل إلى الصّيد للهو واللّعب بطرا ، فإنّ الميتة في هذه الحال لا تحلّ له (٦) وإن اضطر إليها. روي ذلك

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢)

(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).

(٣) ليس في د ، م.

(٤) البقرة (٢) / ١٩٥.

(٥) ج : الصيد أي.

(٦) ج : عليه.

١٩٦

عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السلام ـ (١).

قوله ـ تعالى ـ : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ؟ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ؛ يعني : الحلال المذكّى من الصّيد.

(وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) :

روي : أنّ السّبب في هذه الآية ، أنّ زيد بن المهلهل الطّائيّ كان من الكرماء الشّجعان في الجاهليّة ، وأسلم وأحسن إسلامه. وكان النّبيّ ـ عليه السلام ـ يسمّيه :

زيد الخير. فسأل النّبيّ ـ عليه السلام ـ ذات يوم ، فقال له : يا رسول الله ـ صلّى الله عليك وآلك ـ إنّ لنا كلابا نصيد بها ، فمنها ما تدرك (٢) ذكاته ومنها ما لا ندرك. فماذا يحلّ لنا منها؟ فتلا ـ عليه السلام ـ عليه الآية (٣).

فقوله : [مكلّبين] قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : أراد أصحاب كلاب (٤) ـ وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السلام ـ (٥). وقد استشهد على ذلك بقول الشّاعر :

يباري مراخيها الزّجاج كأنّها

طلاء أحسّت نبأة من مكلّب (٦)

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ١٦٢ : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ في قوله : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) ، قال : يقول : غير متعمّد لإثم. وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٧ والبرهان ١ / ٤٤٧.+ سقطت بقيّة الآية وهي : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣)

(٢) ج : ندرك.+ د : يدرك.

(٣) أسباب النزول / ١٤٢.

(٤) تنوير المقياس / ٧١.

(٥) أنظر : كنز الدقائق ٤ / ٣٧ والتبيان ٣ / ٤٤٠ والبرهان ١ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨ ونور الثقلين ١ / ٥٩٠ ـ ٥٩٢.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

١٩٧

وصف هذا الشّاعر فرسا ، تجري بصاحبها ضربا من عدو الفرس يسمّى : الإرخاء ، عندهم. فكلّما (١) سمعت صوته ورأت زجاج الرّمح بيده بارته ؛ أي : سابقته (٢) ؛ كأنّها كلاب مغرأة (٣) على الصّيد معلّمة عليه. كلّما (٤) سمعت صوت مكلّبها ، أجهدت نفسها في العدو.

قوله ـ تعالى ـ : (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) ؛ يريد : التّأديب والإغراء بالصّيد.

وتجب التّسمية عند الإرسال. فإنّه يحلّ لكم ما يقتله الكلب المعلّم ـ خاصّة ـ إذا كان صاحبه يشاهد ما يقتله.

و «تعليمه» أنّك إذا أشليته (٥) على الصّيد ذهب ، وإذا زجرته انزجر. ولا يأكل ممّا يقتله شيئا ، لأنّه متى أكل منه لم يحلّ ؛ لأنّه إنّما أمسكه لنفسه ، لا لصاحبه.

قال الله ـ تعالى ـ : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ؛ يعني : الحلال.

(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، حِلٌّ لَكُمْ. وَطَعامُكُمْ ، حِلٌّ لَهُمْ) :

«أهل الكتاب» هاهنا : اليهود والنّصارى ، الّذين أسلموا.

__________________

(١) ج : كلّما.+ م : فلمّا.

(٢) م : سابقه.

(٣) م : مضرأة.

(٤) ج ، د : فكلّما.

(٥) قال ابن درستويه : من قال : أشليت الكلب على الصّيد فإنّما معناه دعوته فأرسلته على الصّيد. لسان العرب ١٤ / ٤٤٣ مادّة «شلا».

(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤)

١٩٨

قال أكثر المفسّرين : وعنى بذلك : ذبائحهم (١). وذهب إليه بعض أصحابنا ، ولم يرض (٢) بذلك المحقّقون منهم.

وقال ابن عبّاس [رحمه الله] (٣) وجماعة من العلماء والفقهاء والمفسّرين : «الّذين أوتوا الكتاب» هاهنا : هم الّذين أسلموا ؛ كعبد الله بن سلام (٤) وأمثاله.

وإنّما سمّاهم أهل الكتاب ، بعد الإسلام ؛ لأنّهم كانوا قد عرفوا به (٥).

وروي : أنّ السّبب في نزول هذه الآية ، أنّ قوما من المسلمين لمّا أسلم جماعة من أهل الكتاب تجنّبوا ذبائحهم ؛ كما كانوا يتجنّبونها من قبل الإسلام. فنزلت الآية بإباحتها لهم (٦). روي ذلك عن الباقر والصّادق ـ عليهما السلام ـ (٧).

وروي من طريق آخر عنهما ـ عليهما السلام ـ : أنّه ـ سبحانه ـ أراد بذلك : جميع الحبوب الّتي تؤكل ، دون المائعات والذّبائح. فإنّ ذلك يحلّ لنا منهم ، ويحلّ لهم منّا (٨).

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) ؛ يعني : العفائف والحرائر. وهو عطف على ما أحلّ لهم.

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ٦٥٦٤.

(٢) ج ، د : يرتض.

(٣) ليس في أ.

(٤) ج : وأصحابه.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) أنظر كنز الدقائق ٤ / ٤٠ ـ ٤١ ، ونور الثقلين ١ / ٥٩٣ ، والبرهان ١ / ٤٤٨ ـ ٤٤٩.

١٩٩

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، مِنْ قَبْلِكُمْ). عطف عليه ـ أيضا ـ.

(إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ؛ يعني : الحرائر من أهل الذّمّة. عن مقاتل (١).

ويجوز العقد عليهنّ عندنا ، لا على وجه الدّوام. ويمنعن (٢) مع الدّخول بهنّ من شرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير. هكذا روي عن أئمّتنا ـ عليهم السلام ـ (٣).

وقيل : أراد بذلك : نكاح الأمة وملك اليمين. روى ذلك أصحابنا (٤).

وقيل : إنّ ذلك منسوخ بقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ، حَتَّى يُؤْمِنَ) (الآية) (٥).

وروي : أنّه لمّا نزلت هذه الآية في محصنات أهل الذّمّة ، فرح نساء أهل الكتاب. وقلن : رضي الله عنّا. فأنزل الله على نبيّه ـ عليه السلام ـ : (وَمَنْ يَكْفُرْ

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ٦٧ نقلا عن مجاهد.

(٢) ج ، د : يمنعهنّ.

(٣) روي الكلبيّ عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب وغيره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في الرجل المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنّصرانيّة؟ قال : إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنّصرانيّة. فقلت له : يكون له فيها هوى. فقال : إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة. الكافي ٥ / ٣٥٦ ، ح ١ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٤٣ ونور الثقلين ١ / ٥٩٤. وورد نحوه أو مثله في وسائل الشّيعة ١٤ / ٤١٢ ومستدرك الوسائل ١٤ / ٤٣٤.

(٤) التبيان ٣ / ٤٤٦.

(٥) التبيان ٣ / ٤٤٦.+ الآية في البقرة (٢) / ٢٢١.+ سقط من هنا قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ).

٢٠٠