نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩

عَنْهُمْ ، وَرَضُوا عَنْهُ) : بالثّواب الّذي أعدّ لهم في الجنّة على الطّاعة (١).

__________________

(١) سقط قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١٩) والآية (١٢٠)

٢٦١

ومن سورة الأنعام (١)

وهي مائة وستّون آية وسبع آيات. [مكّيّة بلا خلاف] (٢).

قال عطاء : نزلت هذه السّورة جملة واحدة بمكّة (٣) على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ (٤) في خرقة خضراء من سندس (٥) الجنّة ، يحفّها سبعون ألفا من (٦) الملائكة (٧).

__________________

(١) ب زيادة : مكّيّة.

(٢) ليس في ب.

(٣) ليس في ب.

(٤) ب زيادة : بمكّة.

(٥) ب زيادة : من.

(٦) ليس في ب.

(٧) روي الكليني عن أبي علي الأشعري عن محمّد بن حسّان عن إسماعيل بن مهران بن الحسن بن عليّ ابن أبي حمزة رفعه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ سورة الأنعام نزلت جملة شيّعها سبعون ألف ملك حتّى أنزلت على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فعظّموها وبجّلوها فإنّ اسم الله عزّ وجلّ فيها في سبعين موضعا ولو يعلم النّاس ما في قراءتها ما تركوها. الكافي ٢ / ٦٢٢ ، ح ١٢ ونحوه أو مثله في تفسير العيّاشي وتفسير القمّي ١ / ١٩٣ وعنها كنز الدقائق ٤ / ٢٧٨ و ٢٧٩ والبرهان ١ / ٥١٤ و ٥١٥ ونور الثقلين ١ / ٦٩٦.

٢٦٢

قوله ـ تعالى ـ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ ، الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : هذا تعليم لنا ؛ أي : قولوا : «الحمد لله» وخرج الكلام مخرج الخبر ، والمراد به : الأمر ؛ أي : فاحمدوه (١) واشكروه.

وقد مضى في أوّل التّفسير ذكر معنى الإله ، والحمد والشّكر والفرق بينهما ، فلا فائدة في تكراره.

وقوله ـ تعالى ـ : «الّذي خلق السّموات والأرض» ؛ أي (٢) : ابتدعهما واخترعهما (٣) على غير مثال سبق. وإنّما ابتدأ ـ سبحانه ـ بهما ، لأنّهما من أعظم مخلوقاته ، وهما محلّ ملكه [وعظمته] (٤) وعبادته.

وروي : أنّه ـ سبحانه ـ خلق السّماء قبل الأرض (٥).

وروي : أنّه خلق الأرض قبل السّماء (٦). وهو الأظهر في الرّواية.

والجمع بين الرّوايتين ، أنّ الله خلق الأرض قبل السّماء ولم يدحها ، ثمّ خلق (٧) السّماء ، ثمّ دحا الأرض من تحت الكعبة ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ

__________________

(١) د : واحمدوه.

(٢) ب : الّذي.

(٣) ج : ابتدعها واخترعها.

(٤) ليس في م.

(٥) ورد مؤدّاه في بحار الأنوار ٥٧ / ١٦٩.

(٦) روي الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله عزّ وجلّ خلق الجنّة قبل أن يخلق النّار و... خلق الأرض قبل السّماء. الكافي ٨ / ١٢٧ وعنه بحار الأنوار ٥٧ / ٩٨. وورد مؤداه أو نحوه فيه / ٨٥ و ٨٩ و ٢٠٤ و ٢١٢ وفي نور الثقلين ٥ / ٥٠٤.

(٧) ج : وخلق.

٢٦٣

دَحاها) (١). روي هذا عن ائمّتنا ـ عليهم السّلام ـ (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ؛ أي : اللّيل والنّهار.

وكلّما في القرآن المجيد من ذكر الظّلمات والنّور ، فإنّه يريد به : الكفر والإيمان ، إلّا في هذا المكان ، فإنّه أراد به : اللّيل [والنّهار] (٣).

وقال الكلبي : جعل اللّيل لتسكنوا فيه ، وجعل (٤) النّهار لتصرّفكم ومعاشكم (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١) ؛ [أي : يعدلون] (٦) بالعبادة إلى الأصنام والأوثان دون (٧) الله ـ تعالى ـ المستحقّ للعبادة ، بما أنعم عليهم من النّعم وأصولها.

وقيل : «يعدلون» ؛ أي : يشركون ، فيجعلون له عدلا ؛ أي : مثلا وشريكا من الأصنام والأوثان (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ قَضى أَجَلاً ، وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) :

__________________

(١) النازعات (٧٩) / ٣٠.

(٢) أنظر : نور الثقلين ٥ / ٥٠١ ـ ٥٠٤ ، ح ٢٦ ـ ٣٥.

(٣) ليس في ج.

(٤) ليس في د.

(٥) كما يدلّ عليه قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) [النبأ (٧٨) / ٩] و (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [القصص (٢٨) / ٧٣].

(٦) ليس في أ.

(٧) ج : من دون.

(٨) تفسير الطبري ٧ / ٩٣ وسائل الشّيعة مجاهد.

٢٦٤

قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : قضى أجل الدّنيا. «وأجل مسمّى عنده» هو أجل الآخرة ؛ أي : وقتها (١).

وقال مقاتل : «الأجل المسمّى عنده» أجل البعث ؛ أي : وقته (٢).

وقيل : «الأجل الأوّل» أجل الحياة [إلى الموت] (٣) و «الأجل المسمّى» أجل الموت إلى البعث من القبور (٤).

وقيل : «الأجل الأوّل» النّوم الّذي يقبض الله فيه الأرواح ، ثمّ يرجع حال اليقظة. و «الأجل المسمّى عنده» أجل موت الإنسان (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (٢) ؛ أي : تشكّون في البعث والنّشور.

وقال بعض المفسّرين : لا يمتنع أن يكون (٦) للإنسان أجلان : أحدهما يحفظه الله فيه إلى بلوغه وكمال عقله ، والآخر يخلّي فيه بينه وبين الحوادث المصطلمة (٧).

ألا ترى إلى ما ورد به الخبر في الكتاب العزيز ، وفي الآثار عن النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بزيادة العمر؟ ويشهد بذلك وبصحّته ما ذكر في قصّة قوم يونس ـ عليه السّلام ـ.

وما ورد في الخبر عنه ـ عليه السّلام ـ : أنّ صلة الرّحم تزيد في العمر (٨) ، وقطيعتها

__________________

(١) تفسير الطبري ٧ / ٩٤.

(٢) تفسير الطبري ٧ / ٩٤ نقلا عن عكرمة.

(٣) من ب.

(٤) تفسير الطبري ٧ / ٩٤.

(٥) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٨٥ نقلا عن ابن عبّاس.

(٦) ليس في د.

(٧) الاصطلام : الاستئصال. واصطلم القوم : أبيدوا. لسان العرب ١٢ / ٣٤٠ مادّة «صلم».

(٨) بحار الأنوار ٧٤ / ١٠٣ وعوالي اللئالي ١ / ٤٦ و ٢٥٦.

٢٦٥

تنقص من العمر (١). إلى غير ذلك من الآيات والأخبار (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ. يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ [وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) (٣)] معناه : الله المعبود فيهما والمتفرّد (٣) بخلقهما وتدبيرهما ، يعلم ما تفعلون سرّا وجهرا (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : ([أَلَمْ يَرَوْا] كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) ؛ يعني : قبل أهل مكّة.

قال الكلبيّ : «القرن» سبعون سنة (٥).

وقال مقاتل : «القرن» أربعون سنة (٦).

وقال أبو عبيدة : «القرن» أمّة (٧).

وقال آخر : «القرن» ثلاثون سنة (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) ، يا أهل مكّة.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً) ؛ يعني : المطر.

(وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) ؛ يعني : العيون ، والأنهار العظام الّتي

__________________

(١) ورد مؤداه في تفسير العيّاشي ٢ / ٢٢٠ ، ح ٧٥ وعنه بحار الأنوار ٤ / ١٢١ وج ٥ / ١٤١ والبرهان ٢ / ٣٠١.

(٢) التبيان ٤ / ٧٧.

(٣) ب : المنفرد.

(٤) سقطت الآيتان (٤) و (٥)

(٥) التبيان ٤ / ٨١ نقلا عن قوم.

(٦) التبيان ٤ / ٨١ نقلا عن إبراهيم.

(٧) التبيان ٤ / ٨١ من دون نقل عن أحد.

(٨) الصحاح ٦ / ٢١٨٠ مادّة «قرن».

٢٦٦

تأخذ منها الصّغار.

وقوله ـ تعالى ـ : (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ، وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (٦) :

يقول ـ سبحانه ـ : فاعتبروا بهم ، يا أهل مكّة.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) :

وذلك ، أنّ أهل مكّة وجبابرتها اقترحوا على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ كتابا ينزل عليه من السّماء إلى الأرض منشورا يقرؤونه. وهو قوله : (فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ، لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) ؛ أي : بيّن (١).

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) ؛ أي : هلّا أنزل عليه ملك نشاهده (٢).

(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً ، لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) ؛ أي (٣) : في صورة رجل ، و (٤) لكذّبوه (٥). علم الله ـ سبحانه ـ منهم أنّه لو فعل ذلك لم يؤمنوا ، و (٦) لقضي الأمر.

قال السدّي : فيه إضمار ؛ أي : لكانوا يكذّبونه ، وكنّا نهلكهم ، وتقوم السّاعة (٧).

(وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٩) ؛ أي : لأضللناهم وأهلكناهم (٨) بما

__________________

(١) أ ، يبين.

(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) (٨)

(٣) ليس في أ.

(٤) من ب.

(٥) ليس في ب.

(٦) ليس في ب.

(٧) مجمع البيان ٤ / ٤٢٩ : أي : لأهلكوا بعذاب الاستئصال عن الحسن وقتادة والسدّي.+ في جميع النسخ فقرة زائدة وهي : قوله تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) أي : في صورة رجل.

(٨) ج : أهلكنا.

٢٦٧

ضلّوا (١) به قبل أن يبعث (٢) الملك. قال ذلك القتيبيّ (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ. فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ، ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (١٠) ؛ أي : وقع بهم ؛ يعني : أهل مكّة.

وفيه تسلية له ـ عليه السّلام ـ ووعيد لأهل مكّة (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٥) ؛ أي : تحت ملكه وسلطانه وقدرته (٦).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) ؛ أي : يرزق ولا يرزق (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ ، لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) : إليه القرآن ـ أيضا. وفيه (٨) دليل على عموم دعوته وشريعته ـ عليه السّلام ـ (٩).

[وقوله ـ تعالى ـ : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) : أي : ما ضيّعنا

__________________

(١) ب : فعلوا.

(٢) م : نبعث.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) سقط من هنا الآيتان (١١) و (١٢)

(٥) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١٣)

(٦) سقط من هنا قوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٤) والآيات (١٥) ـ (١٨) وقوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ).

(٨) ب : وهو.

(٩) سقط من هنا قوله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (١٩) والآيات (٢٠) ـ (٢٤). وقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ويأتي قوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً).

٢٦٨

ولا (١) تركنا شيئا ممّا يحتاج المكلّفون إليه ، إلّا ذكرناه في القرآن العزيز (٢)] (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ ، لا يُؤْمِنُوا بِها. حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ ، يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٥) ؛ أي : أحاديثهم وأباطيلهم الّتي سطّروها.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) :

نزلت هذا الآية في أبي لهب ؛ عمّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ. كان ينهي (٤) عن أذى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ.

و «ينأى عنه» ؛ أي : يبعد بقلبه ودينه عن اتّباعه.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ، أَنْ يَفْقَهُوهُ. وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) ؛ أي : حكمنا بذلك عند إعراضهم عن القرآن واستماعه.

و «الوقر» بفتح الواو : الصّمم (٥) في الأذن. وبكسر الواو : الحمل المعروف ، تحمله الدّابّة (٦).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) ؛ [أي : عظم عليك

__________________

(١) ب : وما.

(٢) ليس في ب.

(٣) ما بين المعقوفتين في غير محلّه على ترتيب الآيات.

(٤) أ ، ج ، د ، ب : نهى.

(٥) ب : الصّمّ.

(٦) سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٢٦) والآيات (٢٧) ـ (٣٢) وتأتي الآية (٣٣) وسقطت أيضا الآية (٣٤)

٢٦٩

إعراضهم] (١) عنك ، وتكذيبهم لك.

(فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) ؛ أي : مدخلا تدخل فيه.

(أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ) تصعد فيه إلى السّماء (٢).

(فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) ؛ أي : بعذاب من عندنا.

وهذه معاتبة له ـ عليه السّلام ـ حيث استبطأ ما وعده الله ـ تعالى ـ به (٣) من هلاكهم.

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) ؛ أي : لو شاء مشيئة قهر وإجبار. ولو فعل ذلك ، لبطل التّكليف. لأنّه [على سبيل الاختيار ، لا] (٤) على سبيل الاضطرار.

قوله ـ تعالى ـ : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٥) ؛ [أي : من الجاهلين] (٥) بعاقبة أمرهم. لأنّ مصيرهم إلى الهلاك ، والعذاب في الدّنيا والآخرة (٦).

[وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ؛ يريد : من العذاب. وكانوا قد قالوا له (٧) : فأتنا بعذاب.

__________________

(١) ليس في ج ، د ، م.

(٢) ب : إليها.

(٣) ليس في ب.

(٤) ليس في ج.

(٥) ليس في ج ، م.

(٦) سقط من هنا الآيتان (٣٧) و (٣٩)

(٧) ليس في م.

٢٧٠

قوله ـ تعالى ـ : (لَقُضِيَ الْأَمْرُ (١) بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) (٢) فاسترحنا من القتال والجدال. ولكنّه إلى الله ـ تعالى ـ وهو واقع بكم في الدّنيا والآخرة ، فلا يغرّكم تأخيره] (٣)

وقوله ـ تعالى ـ : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ ، إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) :

وفي هذه الآية (٤) دليل على كثرة مخلوقات الله ـ تعالى ـ من الحيوانات ، الدّابّة والدّارجة والطّائرة والصّافّة.

وقوله ـ تعالى ـ : «بجناحيه» قيل : هذا تأكيد (٥).

وقيل : إنّما قال : «بجناحيه» ، لأنّ الطّيران قد يستعمل لغير الطّائر مجازا (٦).

قال الشّاعر :

قوم إذا الشّرّ أبدى ناجذيه لهم

طاروا إليه زرافات ووحدانا (٧)

وقال بعض المفسّرين : إنّما قال : «بجناحيه» ، لأنّ السّمك عند أهل الطّبائع طائر في الماء ، ولا أجنحة (٨) له (٩).

__________________

(١) م ، ب ، د زيادة : يعني.

(٢) أ زيادة : أي.

(٣) ما بين المعقوفتين في غير محلّه على ترتيب الآيات.

(٤) ليس في ج ، د.

(٥) التبيان ٤ / ١٢٨.

(٦) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٢٣.

(٧) للعنبري. مجمع البيان ٤ / ٤٦٠ ، لسان العرب ٤ / ٥١٠ مادّة «طير».

(٨) ب : جناح.

(٩) التبيان ٤ / ١٢٨.+ تقدّم قوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ).

٢٧١

قوله ـ تعالى ـ : (١) (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٣٨) ؛ أي : يموتون ويبعثون.

و «الحشر» البعث. وذلك إنّهم أنكروا البعث بعد الموت ، «وقالوا : إن هي إلّا حياتنا الدّنيا ، وما نحن بمبعوثين» (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ؛ أي : أوجبها للمؤمن التّائب ، الّذي اقترف (٣) المعاصي وتاب (٤) منها وندم.

وقيل : «الرّحمة» هاهنا : الحلم عنهم ، والسّتر عليهم ، ولم يعجّل عقابهم (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) :

قيل : السّبب في هذه (٦) ، أنّ جبابرة قريش قالوا للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : اطرد عنك هؤلاء الفقراء الّذين حولك ؛ كعمّار وسلمان وأبي ذرّ والمقداد وصهيب الرّوميّ وأمثالهم ، حتّى نتّبعك ، لأنّك تريد أن (٧) تساوينا بهم. فأنزل الله الآية فلم يجبهم إلى ذلك ، ونزل قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (٨).

__________________

(١). ٩٩ من هنا إلى الموضع الّذي نذكره ليس في ب.

(٢) سقط من هنا الآيات (٣٩) ـ (٤٦) وتأتي الآية (٤٧) وسقطت أيضا الآيات (٤٨) ـ (٥١) ويأتي شطر من الآية (٥٢) وسقطت أيضا الآية (٥٣) وقوله تعالى : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ).

(٣) ج ، د ، م : أوجبها للمؤمنين التائبين الّذين اقترفوا.

(٤) ج ، د ، م : وتابوا.

(٥) البحر المحيط ٤ / ٨١ نقلا عن الزجاج.

(٦) ج ، د ، م : هذه الآية.

(٧) من ج.

(٨) أسباب النزول / ١٦٣ ، تفسير الطبري ٧ / ١٢٧ نقلا عن ابن مسعود.+ الآية في المائدة (٥) / ٤٩. سقط من هنا قوله تعالى : (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥٤) والآيات (٥٥) ـ (٥٧) وتقدّم الآية (٥٨)

٢٧٢

قوله ـ تعالى ـ : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ. لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) ؛ يعني ـ سبحانه ـ : ما عنده من الأمطار والأرزاق والأعمار والآجال ، وما يفعله ويحدثه في المستقبل.

(وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ؛ يريد : ما غاب علمه عن النّاس من ذلك.

قوله ـ تعالى ـ : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ ، إِلَّا يَعْلَمُها) :

قيل : ما يسقط من الورق المعروف من الشّجر (١).

روي عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّ الورقة ، هاهنا ، هي (٢) السّقط (٣).

(وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) :

قيل : الحبّ المعروف (٤).

وقيل : «الحبّة» هاهنا : هي الحبّة في الرّحم. و «الأرض» هاهنا : النّساء. روي ذلك عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٥).

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٤٨١.+ روى الصدوق خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وفيها : وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبّة في ظلمة الأرض إلّا يعلمها. الفقيه ١ / ٥١٥ ، ح ١٤٨٢ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٤٤ ونور الثقلين ١ / ٧٢٣ ، ح ١٠٢.

(٢) ليس في م.

(٣) التبيان ٤ / ١٥٦.

(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٨١.

(٥) روى الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الله بن مسكان ، عن زيد بن الوليد الخثعميّ ، عن أبي الربيع الشّامي : قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ). قال : فقال : «الورقة» السقط. و «الحبّة» الولد. و «ظلمات الأرض» الأرحام. الكافي ٨ / ٢٤٨ ، ح ٣٤٩ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٤٣ ونور الثقلين ١ / ٧٢٢ ، ح ١٠٠ والبرهان ١ / ٥٢٨. وورد نحوه في معانى الأخبار / ٢١٥ ، ح ١ وتفسير العيّاشي ١ / ٣٦١ ، ح ٢٩ وعنهما كنز الدقائق ٤ / ٣٤٣ و ٣٤٤ ونور الثقلين ١ / ٧٢٢ و ٧٢٣ والبرهان ١ / ٥٢٨.

٢٧٣

(وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) قيل : «الرطب» الماء «والنبات» (١). [و «اليابس» ما يبس من الشّجر والنّبات.] (٢) وقيل : «اليابس» الحجر (٣).

(إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٥٩) ؛ يعني : في اللّوح المحفوظ ، الّذي يحتوي على كلّ معلوم.

قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ، وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) :

«يتوفّى باللّيل» ؛ يريد (٤) : قبض الأرواح بالنّوم.

«وما جرحتم بالنّهار» ؛ أي : ما اكتسبتم من الأفعال. ومنه سمّيت الجوارح :

الكلاب الكواسب. ومنه : فلان جارحه أهله ؛ أي : كاسب لهم.

__________________

(١) ليس في د.

(٢) ليس في ج.+ تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٤٣.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) أ زيادة : يعني.

٢٧٤

وقال البلخيّ : «يتوفّاكم باللّيل» ؛ أي : يحصينّكم (١). واستشهد على ذلك بقول الشّاعر :

إنّ بني دارم ليسوا من أحد

ليسوا إلى (٢) قيس وليسوا من أسد

ولا توفّاهم قريش في العدد (٣)

أي : لا (٤) تحصيهم في عددهم (٥).

قوله ـ تعالى ـ : ([قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ] فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) بالتّشديد ؛ أي (٦) : لا ينسبونك إلى الكذب.

ومن قرأ ، بالتّخفيف ، أراد : لا يجدونك كذّابا. عن القتيبيّ (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً) :

قال الحسن : «بغتة» ليلا. و [جهرة] نهارا (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً ، مِنْ فَوْقِكُمْ

__________________

(١) ج : يحصيكم.+ التبيان ٤ / ١٥٧.

(٢) أ : على.

(٣) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٤٦ ، التبيان ٤ / ١٥٧ وفيه إنّ بني الادرم ، لسان العرب ١٥ / ٤٠٠ مادّة «وفي» وفيه إنّ بني الأدرد ، تفسير الطبري ٧ / ١٣٧ وفيه انّ بني الأدم.

(٤) ليس في ج ، د ، م.

(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٦٠) والآيات (٦١) ـ (٦٤)

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤١٧ نقلا عن بعض.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٣٣)

(٨) التبيان ٤ / ١٤٠.+ سقط قوله تعالى : (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) (٤٧)

٢٧٥

[أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ]) :

قال الكلبيّ : «من فوقكم» الغرق. و «من تحت أرجلكم» الخسف (١).

وقال القتيبيّ : «من فوقكم» الحجارة والطّوفان. و «من تحت أرجلكم» الخسف (٢).

وقال غيره : «من فوقكم» الصّاعقة. و «من تحت أرجلكم» [الخسف (٣).

وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : «عذابا من فوقكم» السلطان الجائر و «من تحت أرجلكم»] (٤) السفلة ومن لا خير فيه (٥).

والمراد بذلك : التّخلية ورفع الحيلولة ، دون أن يفعل ذلك أو يأمره (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) :

قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : العصبيّة (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ.) :

__________________

(١) أنظر : تفسير الطبري ٧ / ١٤١ نقلا عن مجاهد والسدّي وابن زيد والتبيان ٤ / ١٦٢ ولا يخفى أنّه لا فرق ظاهرا بين هذا وبين الذين بعده.

(٢) أنظر : الهامش المتقدّم.

(٣) أنظر : الهامش المتقدّم.+ روى القميّ عن أبي الجارود عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) : هو الدخان والصيحة. (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) هو الخسف. تفسير القميّ ١ / ٢٠٤ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٤٨ ونور الثقلين ١ / ٧٢٤ ، ح ١٠٩ والبرهان ١ / ٥٢٩.

(٤) ليس في أ.

(٥) التبيان ٤ / ١٦٣.

(٦) م ، د : يأمر به.+ ج : يأمره به.

(٧) التبيان ٤ / ١٦٣.

٢٧٦

قال : هو (١) سوء الجوار (٢).

وقال القتيبيّ : ذلك في القتال والحرب (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (٧٣)] :

قال أكثر المفسّرين : «الصّور» على هيئة البوق. من شفرة [إلى شفرة] (٤) مسيرة خمسمائة عام. ينفخ فيه إسرافيل نفختين : نفخة للصّعق ، ونفخة للبعث والنّشور (٥).

وقال بعض المفسّرين : ينفخ ثلاث نفخات : نفخة للفزع ، ونفخة للصّعق ، ونفخة للبعث والنّشور (٦).

[والثاني أنّه جمع صورة مثل قولهم سورة وسور اختاره أبو عبيدة] (٧).

__________________

(١) ليس في م.

(٢) عنه البرهان ١ / ٥٢٩.+ التبيان ٤ / ١٦٣.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٨٧ من دون نقل عن أحد.+ سقط من هنا قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٦٥) والآيات (٦٦) ـ (٧٠) ويأتي شطر من الآية (٧١) وسقطت أيضا الآية (٧٢) قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ).

(٤) ليس في د ، م.

(٥) التبيان ٤ / ١٧٤ وفيه : هو الّذي اختاره البلخي والجبائي والزجاج والطبري واكثر المفسّرين.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٧) ما أثبتناه في المتن من التبيان ٤ / ١٧٤ وهو الصواب ، ولكن في جميع النسخ هكذا : وقال الجبّائي والبلخي والطبري والزّجاج : (الصُّورِ) جمع صورة ؛ كسورة وسور والأوّل اختيار أبو عبيدة وعليه الأكثر.

٢٧٧

قوله ـ تعالى ـ : ([قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ] كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) ؛ يعني : شياطين الإنس.

وقيل : شياطين الجنّ (١).

«استهوته» ذهبت بعقله ، فأصرّ على الكفر.

وقيل : نزلت هذه الآية في عبد الرّحمن بن أبي بكر (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ ؛ آزَرَ : أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً. إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٧٤).

قيل : إنّ «آزر» كلمة ذمّ عندهم ؛ ومعناه : يا مخطى (٣).

وقيل : إنّ (٤) «آزر» كان عمّه (٥).

وقيل : كان جدّه لأمّه (٦).

[ولا خلاف بين النّسّابين ، أنّ اسم أبي إبراهيم : تارخ] (٧).

ولا خلاف بين أصحابنا الإماميّة ، أنّ آباء النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٥٥.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٧١)

(٣) التبيان ٤ / ١٧٥.

(٤) ليس في د ، م.+ ج : إنّه.

(٥) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٦٠.

(٦) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٦٠.

(٧) ليس في م.

٢٧٨

إلى إسماعيل وإبراهيم ونوح إلى آدم ، كانوا مؤمنين موحّدين. بدليل ما روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : نقلني الله من أصلاب الطّاهرين إلى أرحام الطّاهرات ، لم تدنّسني الجاهليّة بعهرها (١).

واستدلّ قوم من أصحابنا ـ أيضا ـ : أنّ آباء النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لم يسجد أحد منهم لصنم. بدليل قوله (٢) ـ تعالى ـ : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٣) ؛ يعني : المصلّين السّاجدين لله ـ تعالى ـ. ويعضد ذلك ، الخبر الّذي قدّمناه عنه ـ عليه السّلام ـ (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ، رَأى كَوْكَباً) ؛ يعني : إبراهيم ـ عليه السّلام ـ.

قيل : «الكوكب» الزّهرة (٥).

وقيل : المشتري (٦).

(قالَ : هذا رَبِّي) : فذكّر على قول من قال : المشتريّ.

(فَلَمَّا أَفَلَ) ؛ [أي : غاب] (٧).

__________________

(١) التبيان ٤ / ١٧٥ ، تفسير أبي الفتوح ٤ / ٤٦١. وورد مؤدّاه مفصّلا في بحار الأنوار ١٥ / و ١٧٤١ والكافي ١ / ٤٤٢٤٤١ ، ح ٩ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٥٩.

(٢) ج ، د ، م : بقوله بدل بدليل قوله.

(٣) الشعراء (٢٦) / ٢١٩.

(٤) سقط من هنا الآية (٧٥)

(٥) التبيان ٤ / ١٨٣. وقد وردت به رواية عن الرضا ـ عليه السّلام ـ ستأتي آنفا.

(٦) مجمع البيان ٤ / ٥٠٠.

(٧) ليس في ج.

٢٧٩

(قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦). فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) ؛ أي : طالعا.

(قالَ : هذا رَبِّي. فَلَمَّا أَفَلَ قالَ : لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي ، لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (٧٧) ؛ [أي : في القوم الضّالّين] (١).

وحروف الصّفات تبدّل بعضها من بعض.

(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً) ؛ أي : طالعة.

(قالَ : هذا رَبِّي) : فذكّر ، فذهب بذلك إلى نورها ، فقال : (هذا أَكْبَرُ) ؛ أي : أعظم.

(فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ : يا قَوْمِ! إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨). إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٧٩) ؛ أي (٢) : من الّذين يعبدون الكواكب ، وكانوا يعبدونها.

وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ وعن أكثر المفسّرين : أنّ قول إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : «هذا ربّي» على وجه التّنبيه والتّوبيخ والإنكار على قومه (٣). وهو تفهيم لا استفهام ، لأنّ ما يغيب ويعدم لا يكون إلها.

__________________

(١) ليس في م.

(٢) ج ، د ، م : يعني.

(٣) روى الصدوق عن تميم بن عبد الله بن تميم القرشي ـ رضى الله عنه ـ قال : حدّثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيشابوريّ ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرّضا ـ عليه السّلام ـ فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون؟ قال : بلى. قال : فأخبرني عن قول الله ـ تعالى ـ في حقّ إبراهيم : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : إنّ إبراهيم ـ صلّى الله عليه ـ وقع على ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس. وذلك حين خرج من السّرب الّذي أخفي فيه (فَلَمَّا جَنَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) رأى ـ عليه السّلام ـ الزهرة (قالَ هذا رَبِّي) على الإنكار والاستخبار. العيون ١ / ١٩٧ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٣٧١ ونور الثقلين ١ / ٧٣٥ والبرهان ١ / ٥٣١.

٢٨٠